x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
القرآن الكريم وعمارة البيئة والبناء فيها
المؤلف: الشيخ خليل رزق
المصدر: الاسلام والبيئة
الجزء والصفحة: ص216-220
20-1-2016
15930
اذا تأملنا سور القرآن الكريم يلفت نظرنا ان الله سبحانه وتعالى قد اختار اسماء بعض منها ارتباط بالعمارة والتعمير كسورة (الكهف) و(الحجرات) و(البلد)، كما جاء ذكر العمارة بلفظها او اشتقاقها في آيات عديدة منها قوله تعالى:{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ}[الطور: 4] ، وقول تعالى:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[الروم: 9].
كما جاء ذكر اسماء بعض المدن والقرى مثل بكة (مكة) في قوله تعالى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ}[آل عمران: 96].
كما جاء ذكر المدينة المنورة في قوله تعالى:{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ}[التوبة: 101] .
كما جاء ذكر بعض المدن من الحضارات التي سبقت الاسلام كمدينة (ارم) بالأحقاف وذلك في قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ}[الفجر: 6، 7].
ومدينة (سبأ) باليمن في قوله تعالى:{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}[النمل: 22].
ولم يكتف القرآن الكريم بذلك بل قص علينا من خلال بعض آياته بعضا من جوانب الحضارات المعمارية للأمم السابقة وما كانت تحويه من تقدم عمراني وحضاري كبير (1).
ومن أهم الاشارات القرآنية إلى الرفاهية العمرانية والبيئية ما جاء ذكره عن حضارة (ثمود) قوم سيدنا صالح، وهم قبيلة مشهورة وكانوا عربا من العاربة يسكنون (الحجر) الذي بين الحجاز وتبوك وجاءوا في المرحلة الزمنية بعد قوم (عاد) وكانوا يعبدون الاصنام كذلك.
كما أشار القرآن الكريم إلى ظروف البيئة كعامل مؤثر في اختيار مواقع المدن ونلمح ذلك في قوله سبحانه وتعالى:{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ}[سبأ: 15].
قال عبدالرحمن بن زيد (كما في تفسير القرطبي):(ان الآية التي كانت لأهل سبأ في مساكنهم انهم لا يروا فيها بعوضة قط ولا ذبابا ولا برغوثا ولا قملة ولا عقربا ولا غيرها من الخوام، واذا جاءهم الركب في ثيابهم القمل والدواب فاذا نظروا إلى بيوتها ماتت الدواب)(2).
فالآية الكريمة تلفت النظر إلى تأثير مواقع المدن والقرى واماكن السكن فيها من حيث المناخ الجيد والهواء الطيب وانتشار الجنات والحدائق بها مما يكون له اكبر الاثر على حياة ساكنيها وتمتعهم بالصحة والحياة الهانئة.
كما تلفت احدى آيات القرآن الكريم النظر إلى اهمية دراسة المواقع واختيار افضل الاتجاهات بالنسبة للشمس والرياح حيث يقول سبحانه وتعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا}[مريم: 16].
يقول الطبري في تفسير هذه الآية : (أي اتخذت مكانا من جانب الشرق وهو المكان الذي تشرق فيه الشمس، وانما خص المكان بالشرق لانهم كانوا يعظمون جهة المشرق من حيث تطلع
الانوار ، وكانت الجهات الشرقية في كل شيء افضل من سواها)(3).
ولما كانت بلاد العرب شديدة الحرب وحاجتهم إلى الظل كثيرة، فقد اوضح الله سبحانه وتعالى ان الظلال احدى نعمه التي من بها على بني البشر حيث يقول سبحانه وتعالى:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ}[النحل: 81].
فالله سبحانه وتعالى قد خلق للبشر الاشجار التي توفر الظلال كما جعل من الجبال مواضع للسكن كالكهوف يلجأ اليها الانسان طلبا للظل والحماية، كما الهمهم اتخاذ الابنية حماية لهم من الحر والبرد وطلبا للظل، فمعنى الاكنان التي وردت في الآية، ومفردها (كن)، هو ما يرد الحر والبرد من الابنية والمساكن(4)، وقد ادخل الله في معناها ايضا الجبال كأحد اشكال المأوى الطبيعية.
واوضحت لنا احدى الآيات الكريمة اهمية توفير الظلال بالمأوى من خلال استعراض علاقة توجيه فتحة الكهف، بجبل الرقيم، الذي اوى اليه الذين وردت قصتهم في سورة الكهف بحركة الشمس حيث يقول سبحانه وتعالى:{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا}[الكهف: 17].
واذا كانت الجنة تمثل في الرؤية الاسلامية البيئة المثالية ومنتهى امال المؤمنين الموحدين لله، فقد أشارت بعض الآيات التي وردت في وصف ما اعده الله لعباده الصالحين في الجنة من نعيم مقيم إلى وجود الظلال ايضا، وعدها الله سبحانه وتعالى من متع الجنة، حيث يقول المولى سبحانه وتعالى:{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ *وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ}[الواقعة: 27 - 31].
والشاهد في الآيات الكريمة هو وصف الظل بانه ممدود أي باق لا يزول ولا تنسخه الشمس، وهذا تنبيه من القرآن الكريم للمصممين على اهمية توفير الظلال في المنازل والمساكن. الى غيرها من الآيات الكريمة التي تضمنت تعاليم وارشادات في مجال البناء والاعمار(5).
___________________
1ـ وزيري، يحيى، التعمير في القرآن الكريم والسنة، ص15، القاهرة، 1992م.
2ـ انظر تفسير الآية 15 من سورة سبا في (الجامع لأحكام القران) للقرطبي.
3ـ انظر تفسير الآية 16 من سورة مريم في الجامع لإحكام القران، للقرطبي.
4ـ غالب، عبدالرحيم، موسوعة العمارة الاسلامية، ص327، جروس برس، بيروت، 1998م.
5- للتوسع، انظر مجلة عالم المعرفة، العمارة الاسلامية والبيئة، العدد 304-2004م. مقالة تحت عنوان : عمارة البيئة في الاسلام.