1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المجتمع و قضاياه : البيئة :

علم البيئة وكيفية نشأته

المؤلف:  الشيخ خليل رزق

المصدر:  الاسلام والبيئة

الجزء والصفحة:  ص35-42

21-1-2016

11516

... إن هذا المفهوم واسع وشامل لجميع المؤثرات والاطر التي تحيط بالإنسان والتي تتضمن العوامل الطبيعية والاجتماعية والثقافية... التي تؤثر على افراد وجماعات الكائنات الحية.

ولما كانت كلمة البيئة تدل على جميع الاشياء او العوامل المنظورة وغير المنظورة التي تحيط بالكائنات الحية في هذا العالم، وحيث ان هذه العوامل من الكثرة بمكان، فقد بات من المسلم به انه لا يمكن وضع حصر شامل لها ودقيق، ونظرا لأهمية هذه العوامل وتأثيراتها المختلفة على الاحياء جميعا، وفي مقدمتها الانسان، فقد اصبحت الحاجة ماسة إلى دراستها، او بعبارة ادق دراسة تلك العوامل الرئيسة منها، والتي تقع تحت حس الانسان ومشاهدته، والتي يرجع اليها النصيب الاكبر في احداث تلك التأثيرات، كالضوء والحرارة والرطوبة، ومن هنا نشا لذلك ما يعرف بعلم البيئة (Ecology)، ويعد هذا العلم احد اقسام العلوم الاحيائية الرئيسة، حيث يختص بدراسة العلاقات والتفاعلات المشتركة التي تحدث بين الكائنات الحية بعضها ببعض، وبينها وبين مختلف ظروف البيئة المحيطة بها (1).

فالحاجة التي دعت إلى نشأة هذا العلم هو وضع او رسم اطار عام لتحديد العلاقة والتفاعل والتأثير والتأثر بين الانسان وكل المخلوقات الحية مع محيطها الذي تعيش فيه، وتنظيم عملية استفادة هذه الكائنات الحية في محيطها في سبيل نموها وتطويرها، ولما كانت هذه العوامل والمؤثرات متعددة ومتجددة ومتنوعة دعت الحاجة إلى دراستها وهذا ما اصطلح عليه بعلم البيئة.

وقد نشا هذا العلم – كغيره من العلوم- نشأة متواضعة، تمثلت في تلك الملاحظات الدقيقة التي تمكن رواد التاريخ الطبيعي من التوصل اليها بالنسبة لسلوك الحيوان وتصرفاته تجاه عوامل البيئة التي يقطنها، وقد مر هذا العلم بسلسلة من التغيرات والتطورات، لم تقتصر فقط على اسسه ومبادئه، بل تعدت ذلك إلى اسمه الاصطلاحي(2).

وذهب البعض من الباحثين إلى ان علم البيئة وان لم يكن له هذه البحوث والتعاريف في القرون الماضية لكن لا بد من القول بان الاهتمام بالبيئة المحيطة بالبشر قديم قدم الانسان نفسه. فالإنسان لا ينفك عن الاحتياج إلى بيئته والتفاعل معها.

هذا فضلا عن ان الانشغال المتخصص بالبيئة والحفاظ على توازنها بالأستخلاف والعمارة وميزان المقاصد الشرعية من الشواغل المهمة في الفقه الاسلامي، ولهذا الغرض فصلت الاحكام الشرعية ..... تقييدا لسلطة الانسان وحركته باطار الخلافة له وامانة الاصلاح في الارض وعمارتها، وهكذا دخلت علاقة الانسان بالبيئة في مراتب الضروريات والحاجيات والتحسينات في مقاصد الشرع من حفظ للدين والنفس والعقل والمال والعرض، وفي هذا الباب كلام كثير مبثوث في امهات الكتب بل والمؤلفات الادبية. ووفقا لما ذكره الباحثون والمحققون في هذا العلم فان الدراسة الاولى في علم البيئة ارتبطت مع انسان ما قبل التاريخ الذي حاول ان يفهم البيئة المحيطة في البحث عن الغذاء وصيد الحيوانات الصالحة للأكل وايجاد مأوى ضد العوامل غير الحية التي تفرضها الطبيعة. ومن الصعب جدا ان يفصل الكائن الحي عن بيئته المحيطة، فبيئة الكائن الحي هي حالته التي يعيشها في موطنه البيئي. ومع تطور حياة الانسان تزايدت اهمية الظروف البيئية وتزايد تأثير الانسان بها في جميع مجالات حياته...

وقد كان للحضارة اليونانية دورا مهما في علم البيئة، فقد نشر العالم والفيلسوف اليوناني ابو قراط (ابو الطب) (460-377ق.م) كتابا بعنوان (عبر الاجواء والمياه والاماكن) وادراكا منه بتأثير هذه العوامل الثلاثة على حياة الكائنات الحية وخاصة الانسان . وقد كان لأرسطو طاليس (384-322ق.م) وتلاميذه دورا كبيرا في كتب التاريخ الطبيعي التي يتحدث فيها عن عادات الحيوانات ووصفها وبيئتها التي تعيش فيها، ولعل اشهر مؤلفاته في هذا المجال كتاب (الحيوان) وهناك العديد من العلماء اليونانيين الذين بذلوا دورا عظيما في مجال علم الحيوان والنبات(3).

وعندما برز الاسلام في الجزيرة العربية لم يكن بمنأى عن هذا الواقع اذ ان الثقافة والحضارة التي انتجها الدين الاسلامي ابرزت مجموعة من العلماء والباحثين الذين استقوا معارفهم وعلومهم من الاسلام فاستكملوا ما جاءت به الحضارة اليونانية وساهموا في علم البيئة من خلال استفادتهم من ترجمة علوم اليونان والهند والفرس وغيرهم في ميدان علم النبات والحيوان وطورا الكثير من النظريات والآراء العلمية، وكان عصر الحضارة الاسلامية مشرقا في علم الحيوان والنبات والبيئة وسائر العلوم الاخرى.

وربما كان ابن عبد ربه (4) هو اقدم من طرح المعنى الاصطلاحي للكلمة، أي الاشارة إلى الوسط الطبيعي (الجغرافي : المكاني والاحيائي) الذي يعيش فيه الكائن الحي، بما في ذلك الانسان، والاشارة إلى (المناخ الاجتماعي السياسي والاخلاقي والفكري) المحيط بالإنسان، أي ان البيئة تشمل الانسان وما يحيط به من مؤثرات في حياته.

ومن العلماء الذين برزوا في هذا المجال – على سبيل المثال لا الحصر – الاصمعي (740-840م) الذي درس بعض اصناف الحيوانات البرية والبحرية والمتوحشة.

ويعد الجاحظ اول من تحدث عن اسس المكافحة الحيوية في كتابه (الحيوان).

اما ابو حنيفة الدينوري (توفي سنة 894م) فقد صنف النباتات وشرح بيئتها واماكن وجودها وقدر قيمتها الاقتصادية في كتابه (النبات). واعتبر المجريطي (950-1008م) أول من وضع كتابا في عنوانه كلمة (البيئة) وذلك في كتابه (في الطبيعيات وتأثير النشأة والبيئة على الكائنات الحية).

ودرس ابن سينا (980-1149م) في كتابه الشفاء الحيوانات المائية والبرمائية.

اما ابن البيطار (1197-1149م) فقد اهتم في كتابه (الجامع لمفردات الادوية والاغذية) في دراسة النباتات وبيئتها.

وتحدث القزويني (1208-1283) في كتابه (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) عن تأثير البيئة على الحيوان.

هذا بالإضافة إلى الكثير من العلماء والباحثين المسلمين الذين كانت لهم اسهامات كبيرة في هذا المجال ممن لا يمكن عدهم او احصائهم.

اما الاهتمام بالبيئة وقضاياها في الغرب عبر السياسات البيئية فحديث نسبيا وقد استخدم المعنى الواسع للبيئة، كطريقة للتعامل مع المحيط الذي يعيش فيه الانسان وبدأت تأخذ شكلها الحالي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وازدهرت في القرن العشرين، وقد ظهر اصطلاح (علم البيئة) (Ecology) عام 1866م على يد عالم الحيوان الالماني (ارسنت هايكل).

وقد ذكرنا فيما تقدم ان اصطلاح (علم البيئة) (Ecology) مأخوذ من الكلمة اليونانية (Oikos) والتي تعني الموطن، وقد استخدمه (هايكل) للإشارة إلى:(البحث في مجموع علاقات الحيوان ببيئته العضوية وغير العضوية).

ومنذ اوائل القرن العشرين عرف (علم البيئة) بكونه فرعا من فروع البيولوجي (الأحياء) يبحث في علاقة الكائنات الحية ببيئتها. ولكنه اخذ يتحول إلى اصطلاح (سياسي)، خصوصا من ستينات القرن العشرين حيث استخدمته حركات (الخضر) المتصاعدة، وتثير تلك الايدولوجيا الجديدة واجندتها قدرا كبيرا من الجدل (5).

ولا نحتاج هنا إلى اثارة هذا الجدل لان وراء كل مسالة في الغرب وان كان ظاهرها وطابعها العام هو مصلحة الانسان، او كان عنوانها هو مصلحة البشر الا انها تنطوي على اهداف سياسية يسعى من ورائها الكثيرون الوصول إلى السلطة والحكم وما شابه ذلك.

وترجمت هذه الكلمة (Ecology) حديثا إلى اللغة العربية بعبارة (علم البيئة) وظهرت هذه الكلمة في اواخر القرن التاسع عشر في اللغة العلمية الانكليزية (Environment) للدلالة على مجموع الظروف الخارجية المحيطة والمؤثرة في نمو وتنمية حياة الكائنات الحية، كما تستخدم للدلالة على الوسط او المحيط او المكان، الذي به الكائن الحي ويؤثر في حياته، ويتطابق اللفظ في اللغة الفرنسية مع اللفظ في اللغة الانكليزية.

اما في التشريع الاسلامي فان الباحث يلاحظ ان الفقه الاسلامي قد احتوى على كل ما فيه مصلحة الانسان وخدمته وسعادته في هذه الحياة الدنيا، ويقف على رأس التشريعات القضايا البيئية التي تدخل في كل زاوية من زوايا الفقه الاسلامي، واكبر دليل على ذلك هو هذا الكم الهائل من العلماء المسلمين الذين ساهموا في ابحاث علم البيئة –كما ذكرنا-.

هذا كله من الناحية التاريخية لنشأة علم البيئة واهتمام العلماء والباحثين فيه، ولكن لا يمكن اغفال العوامل الاساسية التي دعت الانسان المعاصر إلى رفع الصوت عاليا مطالبا بوضع حد لكل ما يجري من كوارث ومآسي على يد الانسان بفعل التطور الصناعي الذي شهدته البشرية في القرن العشرين والذي ادى إلى تفاقم المشاكل البيئية فدعت الحاجة إلى وضع النظم والقوانين البيئية، وبهذا اخذت الدول والحكومات والأنظمة تولي قضايا البيئة اهتماما لم يشهد التاريخ البشري مثله.

ومن هنا بدا الاهتمام على المستوى العالمي بقضية حماية البيئة في دول الشمال المصنعة في الستينات، عندما اثيرت مسالة الامطار الحمضية التي سممت مصادر المياه العذبة في السويد واثرت في غاباتها، وعندما تبين من الدراسة ان مصدر هذا التلف البيئي هو الغازات المنبعثة من مداخن محطات القدرة والمصانع في امريكا الشمالية، على الجانب الاخر من المحيط الاطلسي، وبهذا اكتسبت المسالة بعدا عالميا يتجاوز الاخر من المحيط الاطلسي، وبهذا اكتسبت المسألة بعدا عالميا يتجاوز الحدود السياسية للدول والاعتبارات الجغرافية المحلية. ولقد سبقت هذا بسنوات قلائل ظواهر (محلية) لتدهور البيئة نتيجة انشطة التنمية الاقتصادية – الاجتماعية، وعلى راسها التصنيع المكثف والتجمعات الحضرية التي غزت الريف وغيرت معامله، وكان لكتاب واحد، لمؤلفة امريكية، اثر درامي في اثارة اهتمام الجماهير العريضة بقضية الحفاظ على البيئة، ونتج عن هذا الاهتمام المتزايد ان قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد مؤتمر عالمي عن البيئة في ستوكهولم في صيف عام 1972م. وفي اطار الاعداد للمؤتمر عقدت لقاءات تمهيدية في الاشهر السابقة لانعقاده، وكان من بينها اجتماع، يعد الان علامة تاريخية في تطور حركة الحفظ على البيئة، في مدينة فونية (Founex) بالقرب من جنيف في سويسرا. ففي هذا الاجتماع برزت فروق جوهرية بين موقف دول الشمال المصنعة من الموضوع وموقف الدول النامية التي ما زالت تسعى إلى تطوير مجتمعاتها وتحسين نوعية الحياة لمواطنيها : فقد كانت وجهة نظر هذه الاخيرة ان المشاكل التي وردت ليست مشاكل الدول الاخذة بالنمو، وان القضية بالصورة التي تطرح بها – ليست من بيت اولويات اهتمامات هذه الدول التي ما زالت تخطو خطوتها الاولى في التصنيع. وابرزت المناقشات وجها اخر جديدا تماما للقضية، ركز على اهمية اتساع مفهوم البيئة ليشمل البيئة الاجتماعية إلى جانب البيئة الطبيعة ... وانتهى المؤتمر إلى تأسيس (برنامج الامم المتحدة للبيئة)(6).

فتطور الحركة الصناعية يعتبر من العوامل الرئيسية التي دفعت إلى الاهتمام بعلم البيئة نحو الأمام، بل انها في هذا القرن تعتبر العامل الوحيد نحو العناية بهذا العلم، والمساهمة في وضع البرامج والقوانين والانظمة البيئية.

وفي كلام الإمام علي (عليه السلام) وهو يصف شمولية الإسلام:(فيه شفاء المستشفي، وكفاية المكتفي)(7).

(سقى من عَطِشَ من حياضِه، واتاق الحياض (8) بمواتحه(9))(10).

 وبهذا يتبين لنا بوضوح عمق العلاقة والصلة الوثيقة بين التشريع الاسلامي والقوانين البيئية، وان الاسلام بتعاليمه وتشريعاته كان له الدور الاساس في وضع المناهج والاسس لمعالجة مشاكل البيئة قبل ما يزيد على الالف واربعمائة سنة، وانه لو طبقت تعاليمه لما كان هناك مشكلة اسمها (البيئة وفسادها وسبيل معالجتها وما شاكل ذلك..).

___________________

1ـ الصعيدي. د. عبد الحكم عبداللطيف – البيئة في الفكر الانساني والواقع الايماني، ص17 – الدار المصرية اللبنانية – القاهرة – ط2.

2ـ البيئة في الفكر الانساني والواقع الايماني –م. س – ص17.

3ـ علم البيئة م.س – ص12 و13، وراجع مفهومها العلمي المعاصر، م. س، ص25.

4ـ هو ابو عمر، احمد بن عبدالله بن حبيب بن حدير بن سالم (ت328هـ-939م).

5ـ  راجع موقع (اسلام اون لاين) على الانترنت بحث : البيئة : من مركزية الانسان والطبيعة.. إلى الاستخلاف (رانيا نيل زهران- هبة رءوف عزت).

6- الخولي، د. اسامة. البيئة وقضايا التنمية والتصنيع (دراسات حول الواقع البيئي في الوطن العربي والدول النامية) ص11-12، سلسلة عالم المعرفة العدد 285-2002م.

7- نهج البلاغة: الخطبة 108 بشرح صبحي الصالح.

8- تئق الحوض – كفرح- : امتلأ. واتاقه : ملأه.

9- المواتح – جمع ماتح- : نازه الماء من الحوض.

10- نهج البلاغة : الخطبة 198 – م. س.