x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
البيئة
المؤلف: الشيخ خليل رزق
المصدر: الاسلام والبيئة
الجزء والصفحة: ص15-20
21-1-2016
2455
البيئة : لفظة شاع استخدامها في السنوات الاخيرة، حيث اصبحت تجري على السنة العامة والخاصة، وقد افرط الكثيرون في استعمالها. فنحن نسمع من يقول : البيئة الاجتماعية او البيئة الحضرية، او البيئة الثقافية، او البيئة المشيدة، وغير ذلك حتى يخيل للمرء ان هذه الكلمة باتت ترتبط بجميع مجالات الحياة. ورغم ذلك، فان المفهوم الدقيق لكلمة البيئة ما يزال غامضا للكثيرين، لا سيما وانه ليس هناك تعريف واحد محدد، يبين ماهية البيئة، ويحدد مجالاتها المتعددة (1).
ومما يمكن اعتماده كدليل على عدم وضوح الرؤية في تحديد المفهوم الدقيق لهذا المصطلح – وان كان الموضوع على مستوى التعريف اللفظي او اللغوي ليس مدار كلامنا – هو عدم القدرة إلى الوقت الحاضر على تحديد الاطار العام للبيئة، ولا على تحديد العلوم البيئية، او المساحة التي تشغلها علوم البيئة. ولعل السبب في ذلك هو تطور هذا المفهوم مع تطور العلوم، اذ ان مجال علم البيئة واسع جدا مقارنة بعلوم الحياة الاخرى.
فقد كان مفهوم البيئة في البداية، يفسر بمعناه المحدود الدال على المأوى، غير ان العالم الالماني (ارسنت هايكل)، الذي اقترح كلمة (ايكولوجيا) سنة 1866 م استطاع ان يضفي على هذه اللفظة معنى يتسم بالحداثة.
فقد رأى ان الايكولوجيا هي:(مجموع العلاقات الودية او العدائية التي تربط الحيوان او النبات ببيئته العضوية او غير العضوية بما في ذلك سائر الكائنات الحية).
والبيئة هي الوسط الطبيعي الذي يتهيأ للإنسان، فيؤثر بها، وهو جزء لا يتجزأ منها، لا يمكنه ان يحيا بدون هوائها او مائها، او يابسها، مثل كل الكائنات الحية. لكنه خلافا لسائر هذه الكائنات، لا يخضع للطبيعة والبيئة المحيطة بها بل ساعدته عقليته على فهمها فسخرها له، واختار حاجته منها وانتقل من مجاراتها إلى محاولة السيطرة عليها.
وبمعادلته تلك الحق اضرارا بالبيئة وتخريبا يحاول الان التخلص منها (2).
فتطور مفهوم البيئة من معناه الضّيق المحدود إلى هذه التوسعة والشمولية التي وضعها ارسنت هايكل دليل على عدم توقف حدود المفهوم بل من الضروري السعي إلى تطويره مع تطور علوم الانسان.
ويعتبر علم البيئة احد فروع علم الاحياء الهامة وهو يبحث في الكائنات الحية ومواطنها البيئية ويعرف على انه العلم الذي يبحث في علاقة العوامل الحية (من حيوانات ونباتات دقيقة) مع بعضها البعض ومع العوامل غير الحية المحيطة بها.
ولو تحدثنا عن بيئة شجرة الصنوبر كمثال، سنجد انها تتأثر بعوامل البيئة المحيطة من تربة ومناخ وعناصر فيزيائية كالجاذبية والضوء (عوامل غير حية) ومن ناحية اخرى فهي على علاقة مع كثير من الكائنات الحية والتي قد تكون دقيقة كالطحالب والفطريات..، وقد تكون كبيرة (كالطيور الزواحف والثدييات) فكلاهما يؤثر في الاخر سلبا وايجابا، ومحصلة هذه التأثيرات هي شجرة الصنوبر (3).
وعلى ضوء ما تقدم نستنتج ان لفظة (البيئة) تعني المكان الذي يعيش فيه الانسان من اضيق
حلقاته، المنزل، والى اوسعها، موقع الكرة الارضية من الكون، وعندما نقول بيئة، فان القصد من هذا القول هو وصف كل عناصر المكان الذي يعيش فيه الانسان، ويتفاعل معه، ويحس بوجوده فيه إلى جانب من يتفاعلون معه في هذا المكان، ويحس بنوع من الراحة النفسية والجسدية لوجوده فيه.
وتتدرج هذه البيئة في اهميتها من البيت، كبيئة اولى، يحس الطفل بانتمائه اليه، مرورا بالبيئة الاوسع التي تسمح للطفل بالتعرف إلى الاقران، ومشاركتهم اللعب والمعرفة، وصولا إلى المجتمع الاوسع – البيئة – التي تنفتح على مدارك الطفل وفي وعيه يتناسب طردي مع بلوغه، وينمو في الوقت نفسه الاحساس بالانتماء اليها.
ولا شك ان ثمة تمييزا بين معطيات البيئة الطبيعية التي وجدت كإمكانيات يستغلها الانسان من اجل تقدمه وارتقائه، وبين البيئة الاجتماعية التي صنعها الانسان كرد فعل على ما قدمته الطبيعة من امكانيات، او استجابة لتحدياتها برد يثبت قدرته، وليس فقط على الرد، بل على الفعل ايضا في البيئة، من اجل زيادة استغلالها لمصلحة، ولارتقائه وتطوره (4).
غير اننا لا يمكن ان نتجاوز بعض التحديات الموضوعة لمفهوم البيئة والتي استطاع من خلالها البعض تحديد مفهوم البيئة ووضعه في اطار يستوعب كل المفاهيم الموضوعة للبيئة.
ومن هذه التحديدات الواضحة لمفهوم البيئة بشكل يحدد معالم هذا المفهوم :
البيئة او الوسط (Environmct)؛ هي عبارة عن حيز (مجال) مكاني له خصائصه الطبيعية والحياتية المميزة. واذا كان من الممكن النظر إلى سطح الارض برمته على انه بيئة متميزة عن غيرها من بيئات الكواكب الاخرى في المجموعة الشمسية، الا ان بيئة اليابس الارض تختلف عن بيئة البحار والمحيطات وغيرهما من المصطلحات المائية.
وقد يوحي للوهلة الاولى ان هذا التعريف يتوافق مع مفهوم الاقليم، ولكن ذلك بحدود، ولكن مفهوم البيئة اكثر اتساعا وشمولا.
غير انه لما تجد الاشارة اليه، ان البيئة تستخدم بمعناها الواسع للدلالة إلى أي حيز مكاني على سطح اليابس، ام في الماء وعلى سطحه، ام في الجو، توجد في احياء تتفاعل مع هذا الحيز، ويضفي تفاعلها معه صفات مميزة له. حيث تتألف البيئة من عناصر حية (الاحياء كافة من نباتات وحيوانات وانسان( ومن عناصر غير حية (الماء والهواء والصخر والتربة).
واذا كان هناك بيئات حيوية، فهناك ايضا بيئات غير حيوية يصعب، بل يستحيل، وجود كائنات حية فيها، ومثال على ذلك الاعماق البحرية الكبيرة، والمناطق شاهقة الارتفاع عن سطح البحر، والاجواء العليا، ومناطق البرودة الشديدة، وبعض مناطق الصحاري ، وهكذا يمكن القول : ان البيئة كلمة لا تستخدم دون صفة تميزها، سواء اكانت هذه الصفة احيائية (بيئة نباتية، حيوانية، بشرية، ام غير احيائية صخرية، مائية، هوائية)(5).
وكما نلاحظ فان هذا المفهوم وسّع اطار البحث في البيئة ليتناول الكثير من المفردات والتفاصيل التي جعلها البعض ضمن العناوين العامة للبحث البيئي.
وهذا ما اكدت عليه المؤتمرات العلمية للبيئة حيث حددت مفهوم البيئة بمعناه الواسع المشتمل على الطبيعة، وبمائها، وهوائها وتربتها، ومعادنها، ومصادر الطاقة، والنباتات الطبيعية والحيوانات المتوافرة.
وكذلك الانسان الذي يستثمر ويستغل الموارد المتاحة في الطبيعة ليلبي حاجاته ويشبع تطلعاته.
وبذا يمكن التمييز بين نظامين في البيئة:
الاول : نظام طبيعي، تتمثل عناصره في الماء والهواء والتربة والمعادن ومصادر الطاقة والنباتات والحيوانات البرية، وهي التي تشكل الموارد المتاحة للإنسان ليحصل منها على مقومات حياته الاساسية.
الثاني : نظام ثقافي (حضاري) يتألف من البيئة المادية الاساسية التي اشادها الانسان وما تتضمنه من انظمة اجتماعية وضعها، ومؤسسات اشادها.
وبناء على ذلك فأننا في ما سنورده لاحقا حول التقسيمات او التفريعات الكثيرة الموضوعة لعلم البيئة اخترنا تقسيما رأيناه الافضل وهو المبني على هذين النظمين وقلنا بان مورد بحثنا يرتكز على اساس وجود تقسيمين لعلم البيئة هما : البيئة الطبيعية والبيئة المصطنعة او المشيدة.
فالبيئة اذن ليست مجرد موارد يتجه اليها الانسان ليستمد منها مقومات حياته، وانما تشمل ايضا علاقة الانسان بمجتمعه التي تنظمها المؤسسات الاجتماعية والعادات والتقاليد ... الخ.
وهكذا يمكن ان تتوسع دائرة تعريف البيئة إلى انها :الاطار (الحيز) الذي يعيش فيه الانسان مستمدا منه متطلباته الحياتية الاساسية، متفاعلا معه بقدر امكانياته، ومتفاعلا مع غيره من بني البشر الذين يشاركونه الحياة في هذا الاطار.
وهذا التعريف يتوافق إلى درجة كبيرة مع ما يعرف باسم البيئة البشرية. غير انه ينظر بشكل عام إلى البيئة، كوسط طبيعي بعلاقاته المتعددة المتداخلة بين مكوناته الحية (نبات وحيوان) وغير الحية، وما الانسان سوى عنصر التغيير في الطبيعة، ويعد من خارجها، لقدرته على التحويل والتغيير من خصائصها(6).
_________________
1ـ السايح، د. احمد عبدالرحيم. وعوض، د. احمد عبده – قضايا البيئة من منظور اسلامي ص15، مركز الكتاب للنشر – مصر القاهرة. ط1 – 1425 هـ-2004م.
2ـ العطار، علي – الانسان والبيئة مشكلات وحلول ص9، دار العلوم العربية. بيروت – لبنان – ط1 _ 1422هـ_ 2002م.
3ـ حاتوغ، د. علياء وابو دية، محمد حمدان – علم البيئة – ص9 –دار الشروق- الاردن ط2.
4ـ د. عطية، عاطف – د. عماد، عبدالغني – البيئة والانسان دراسات في جغرافية الانسان – ص67 – نشر مختارات- بيروت- لبنان-ط2-2002م.
5ـ موسى، د. علي حسين، التلوث البيئي، دار الفكر المعاصر، بيروت، ودار الفكر، دمشق ص17، ط1، 1421 هـ-2000م.
6ـ نفس المصدر، ص18.