x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
قبسات بيئية من القرآن الكريم
المؤلف: الشيخ خليل رزق
المصدر: الاسلام والبيئة
الجزء والصفحة: ص59-69
21-1-2016
2111
يحفل القرآن الكريم بالإشارات العلمية الكونية التي تناولها علم البيئة واعتبرها العناصر الاساسية المكونة له، ولعل اكثر الناس ادراكا لها المتخصصون في الكونيات وعلوم الطبيعة، ويأتي عظيم مدلول الآيات الكريمة، انها تتناول الجانب العلمي الفيزيائي على لسان نبي اميّ، والعلم الحديث لم يصل إلى بعض الاعجازات العلمية الا مؤخرا.
ونورد فيما يلي قبسات من القرآن الكريم حول بعض الاشارات العلمية للبيئة بشكل عام ولعناصرها ومكوناتها بشكل خاص، اشار اليها الدكتور عدنان الشريف، ونورد منها ملخصا يفيدنا في اعطاء صورة واضحة عن هذه المسألة.
اولا : الاشارة الى علم البيئة بشكل عام.
أ- القرآن الكريم وتوازن البيئة :
وفي قوله تعالى:{وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}[الحجر: 19] ،وبقوله تعالى:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر: 49] وقوله تعالى:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}[الفرقان: 2].
فالبيئة الارضية، أي المحيط الذي نعيش فيه، من الارض وغلافها الجوي وما عليها وما في داخلها من جماد ونبات وحيوان، وكل ذلك يشكل حلقات مترابطة يتأثر بعضها ببعضها الاخر بحيث ان الاخلال بنظام أي خلق من مخلوقات الله يؤثر سلبا على البقية، وهذا ما بينته مؤخراً علوم البيئة.
ب- القرآن الكريم وتوازن الغلاف الجوي : فقد بينت علوم الغلاف الجوي المحيط بالأرض، ان الطبقات السبع المؤلفة منها، قائمة على ميزان دقيق بديع محكم، والى ذلك اشار قوله تعالى :{وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ}[الرحمن: 7]. ومن وظائف هذا النظام (الميزان) حماية الارض وما عليها من مخلوقات. وبفضل:{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ}[الطور: 5] ،فوقنا امكن للحياة ان توجد على الارض دون بقية كواكب النظام الشمسي.
ج - القرآن الكريم وتلوث الغلاف الجوي :
فقد اشار القرآن الكريم في ضمن قوله تعالى:{أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ}[الرحمن: 8] ،الى ان (طغيان الانسان في الميزان) الذي وضعه المولى تعالى في الغلاف الجوي الارضي تبدو اثاره في عملية التخريب التي يمارسها الانسان ضد النظام الكوني الطبيعي، ومؤشرات هذا التخريب تبدو في الثقب الذي حدث في طبقة الاوزون فوق المحيط المتجمد الجنوبي والناتج عن المواد الكيميائية الصناعية التي ينتجها الانسان بملايين الاطنان ويستعملها كمبردات في الثلاجات واجهزة تكييف الهواء – وكذلك إلى الامطار الحمضية التي تدمر الثروة النباتية والحيوانية في مختلف البلاد الصناعية.
وايضا إلى تغير المناخ الحاصل من التغيير في الميزان الدقيق الذي وضعه المولى في تركيب الهواء.
د- القرآن وتلوث اليابسة والبحار :
لم يكتف الانسان، وخاصة انسان حضارة القرن العشرين وهو الظلوم الجهول، بتلويث اليابسة واستنزاف خيراتها والاخلال بالميزان الدقيق في تركيب الغلاف الجوي الحافظ للأرض، بل جعل ايضا من انهار العالم وبحيراته وبحاره ومحيطاته مكبا لنفاياته ونفايات معامله وبواخره، ومستودعا لبقايا معامله الذرية، ومسرحا لتجارب اسلحته الفتاكة.
والى هذا الخطر الناجم عن عبث الانسان بالطبيعة اشار القرآن الكريم بقوله تعالى:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: 41] وبقوله تعالى:{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[البقرة: 205].
هـ - القرآن الكريم والظواهر الكونية :
وردت في القرآن الكريم مجموعة كبيرة من الآيات التي تشير إلى حقائق حول الظواهر الكونية منها. ما ورد حول قصة الكون في قوله تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا *وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا * وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا}[النبأ:6-16].
وقال جل جلاله:{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}[الانبياء:30].
والاشارة هنا واضحة إلى ان السماء والارض كانتا في اول الامر ملتصقتين مع داخل السديم الذي يكتنفهما ثم انفصلتا.
وقال تعالى في كروية الارض:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ}[الزمر:5]. والمستفاد من الآية الكريمة ؛ ان التكوير هو لف الشيء على الشيء، وهذا التكوير دليل قوي على كروية الارض، وعلى دورانها على نفسها.
وهناك العديد من الآيات التي اشارت إلى المشاهد الكونية الطبيعية مثل الحديث عن الليل والنهار والظواهر البحرية.
وكذلك إلى انواع الجبال والوانها، والى جوانب علمية متعددة ومتنوعة عن الماء، عالجها القرآن الكريم...إلخ.
ثانيا : الاشارة إلى الجبال وعلومها :
أ- القرآن الكريم وكيفية ارتفاع الجبال :
تشير الآية الكريمة في قوله تعالى:{وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ}[الغاشية: 19] ، إلى كيفية تكون الالواح او القطع الارضية المؤلفة من قشرة الارض وجزء من معطفها، التي ترتكز عليها القارات والمحيطات اليوم، وذلك بفعل الضغط الهائل وعوامل جيولوجية اخرى داخل الارض وخارجها، وهذه الألواح الأرضية هي بالنسبة لما تحتها من اجزاء الارض مثل قطع من الخشب تطفو على سطح الماء، بعضها يتباعد عن بعضها الاخر بصورة بطيئة جدا، وهكذا نشأت القارات والبحار والمحيطات وتمددت الارض وتوسعت ولا تزال، وبعض الالواح الارضية يتقارب من بعضه البعض ثم يتصادم فتغوص القطعة الاثقل تدريجيا تحت الاقل ثقلا فترفعها كما ترفع العتلة الصخرة الثقيلة، وهكذا ارتفعت الجبال ونصبت الجبال تدريجيا بصورة بطيئة جدا على مر ملايين السنين.
ب- القرآن الكريم وكيفية تكون الجبال:
تكونت الجبال الكلسيّة بفعل الالقاء أي بما تجرفه مياه الامطار والانهار من موارد كلسية
وغيرها من الارض والصخور وتلقيه في البحار والمحيطات اضافة إلى الموارد الكلسية التي تبنيها شعاب المرجان.
فجميع الجبال سواء كانت بركانية ام كلسية او مختلطة، تكونت تحت سطح الماء في قعر المحيطات والبحار بفعل الالقاء من اعلى الارض او من باطن الارض؛ نلاحظ هنا الاعجاز العلمي الكافي في كلمة القى التي تشير بصورة مذهلة إلى عملية تكون الجبال كما كشفها علم الجيولوجيا مؤخرا والتي اشار اليها القرآن الكريم بقوله تعالى:{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}[الحجر: 19] ،وقوله تعالى:{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[النحل: 15].
ج ـ القرآن الكريم وتوازن الارض بالجبال :
بفعل دوران الارض حول نفسها تنشأ القوة النابذة التي تقذف ما على سطح الارض إلى الخارج، اما قوة الجاذبية فتجذب ما على الارض نحو مركزها، وبتعادل هاتين القوتين لا تميل الارض ولا تضطرب بالرغم من دورانها. ولكي تتعادل القوة النابذة والقوة الجاذبة يجب ان تكون قشرة الارض متوازنة في جميع اجزائها. والجبال تلعب دورا كبيرا في هذا التوازن بفعل جذورها التي تغوص بعيدا في طبقات الارض، فالجبال بالنسبة للأرض كالمرساة بالنسبة إلى السفينة، والاوتاد بالنسبة إلى الخيمة. وهذا الدور الذي تلعبه الجبال في توازن الارض لم يكتشفه العلم الا في القرن التاسع عشر. اما القرآن الكريم فقد اشار إلى ذلك في العديد من آياته منها قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا}[الرعد: 3] ،وغيرها من الآيات الكثير التي تشير إلى هذا المضمون.
وقد شرح الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) بصورة علمية مذهلة ما جاء في القرآن الكريم والحديث الشريف عن دور الجبال في توازن الارض، ففي الخطبة رقم واحد نقرأ الاتي : (ووتد الجبال مَيَدَانَ (اضطراب) أرضه)، وفي الخطبة رقم 89 : (وعدّل بالراسيات من جلاميدها)، وفي الخطبة رقم 204 : (وجعلها للأرض عمادا، وازرها اوتادا، فسكنت على حركتها).
د- القرآن الكريم وفوائد الجبال :
الجبال هي العامل الرئيسي في تخزين المياه العذبة وتثبيت التربة، ولولا الجبال لذهبت اكثر المياه المتساقطة من السماء إلى البحر دون ان تتخزن في الارض ولأنجرفت معها التربة.
هذه الحقيقة لم يعرفها العلم الا منذ مئة سنة ونيّف، اما القرآن فقد اشار إلى ذلك بقوله تعالى:{وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}[النازعات: 32، 33]ونلاحظ الربط بين الجبال العالية والمياه العذبة في قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا}[المرسلات: 27].
ثالثا: القرآن الكريم والغلاف الجوي:
الغلاف الجوي الارضي دِرْعٌ واقٍ يحيط بالأرض من جميع اجزائها، وهو مع الشمس والماء والنبات وميزات الارض الفلكية والجيولوجية احد العوامل الرئيسة التي جعلت الحياة ممكنة على سطح كوكب الارض دون بقية الكواكب التي تتبع النظام الشمسي.
والقرآن الكريم رمز إلى الغلاف الجوي في العديد من الآيات، فسماه:(والسقف المرفوع) و(سقفا محفوظا) و(السماء الدنيا) و(سبع شداد) و(سبع سموات) و(سبع طرائق) و(سبع سموات طباقا) و(والسماء ذات الرجع) و(والسماء ذات الحبك).
اما تركيب الغلاف الجوي فقد وصفه المولى تعالى بالدخان:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ}[فصلت: 11] ، وهي الكلمة التي تطلق على كل جسم غازي، فجميع طبقات الغلاف الجوي مؤلفة من غازات.
وتجدر الاشارة إلى ان مختلف طبقات الغلاف الجوي تحيط بالأرض من جميع اجزائها من دون ان يكون فيها شقوق او فروق تماما كما لو ان الكرة الارضية هي داخل سبع كرات كل كرة اكبر حجما من الأخرى، ونلاحظ هنا الاعجاز العلمي الكائن في كلمتي (فطور) و (فروج) في قوله تعالى:{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ}[الملك: 3] ،(أي شقوق وخروق)، وقوله تعالى:{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ}[ق: 6] (أي شقوق).
رابعا: القرآن الكريم والرياح والسحب:
اشار القرآن الكريم في ضمن آياته إلى مجموع حقائق حول الهواء منها ما اقسم به في قوله تعالى:{فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ}[الحاقة: 38، 39].
فقد اقسم الخالق بجميع مخلوقاته المنظورة وغير المنظورة، والمعلومات المتوفرة عن أهمية الماء والمذكورة في الكتب المختصة بذلك، تعطي فكرة عن المعاني العلمية الكامنة في الآية الكريمة اعلاه، فالهواء من نعم الخالق غير المنظورة جعله ملكا للجميع، ولو امكن للإنسان التسلط عليه لباعه واشتراه وتقاتل عليه كما فعل في اكثر الاشياء التي سخرها المولى لها وجعلهما امانة في يده.
كما اشار القرآن الكريم إلى حقيقة هامة وهي عملية تصريف الرياح في قوله تعالى:{وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[الجاثية: 5] ، حيث تنشأ الرياح بفعل حرارة الشمس التي تسخن الهواء فيقل ثقله ويرتفع في الجو ليأخذ الهواء البارد الاكثر ثقلا مكانه. والرياح لا تتوزع عشوائيا على سطح الكرة الارضية بل تتبع ككل مخلوقات الله، نظاما محكما بدا الانسان باكتشافه منذ القرن الخامس عشر ولا يزال إلى اليوم ففي المناطق الاستوائية : حيث تضرب اشعة الارض عاموديا يسخن الهواء ويرتفع في الجو ليحل مكانه هواء المناطق العالية الباردة، وهكذا تتولد قريبا من خط الاستواء الرياح المنتظمة الشمالية الشرقية في نصف الكرة الارضية الشمالي، والرياح الجنوبية الشرقية في نصف الكرة الارضية الجنوبي.
وفي المناطق المتوسطة من الكرة الارضية : تتحول الرياح الاستوائية إلى رياح غربية. وفي المناطق القطبية : حيث تصل إلى الارض اقل كمية من حرارة الشمس توجد الرياح الشرقية وهي الاعنف على سطح الارض. وهذه الرياح تتولد بفعل انتقال الهواء البارد من المناطق القطبية إلى المناطق المعتدلة والاستوائية من الكرة الارضية.
وتصريف الرياح الوارد في آيات القرآن الكريم يعني التبديد، وتصريف الرياح هو تبديلها من رياح قليلة الحركة كالنسيم إلى رياح سريعة الحركة كالعواصف، وكذلك يعني التصريف : الارسال والابعاد والتوزيع والتنويع، وهو ما يتطابق مع هذه الحقائق العلمية التي ذكرناها عن الرياح.
واشار القرآن الكريم إلى دور اساسي للرياح وهو كونها (لواقح) في اشارة إلى عملية نزول المطر من السحاب ودور الرياح في ذلك، وايضا إلى دور الرياح من الحشرات والطيور، حيث تلعب الدور الاكبر في عملية تلقيح الازهار وتكاثرها، وهذا ما اشار اليه المولى تعالى في قوله:{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}[الحجر: 22]
خامسا: القرآن الكريم والمياه:
تحدث القرآن الكريم بإسهاب عن المياه ودورها في حياة البشر، فهي من بين جميع الثروات التي وضعها المولى في كوكب الارض تعتبر مادة نادرة في الكون واساسية لكل حياة، والماء هو الأثمن والاكثر وجودا. والانسان يستطيع ان يبقى عدة اسابيع بدون غذاء وعدة ايام بدون الماء الذي يؤلف 70% من اعضائه لذلك كانت مباركة من الله تعالى:{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ}[ق: 9].
والحقائق العلمية والبيئية التي انطوت عليها آيات الكتاب العزيز يمكن اختصارها بما يلي :
أ- إن الارض هي المصدر الاولي للمياه :
وذلك خلافا لما كان المعتقد السائد إلى بداية القرن العشرين من ان المصدر الاولي للمياه هو من غير الارض، ثم ثبت علميا ما اشار اليه القرآن الكريم:{أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} [النازعات: 31]، من ان المصدر الاولي والاساسي للمياه هو الارض.
ب- مصدر الينابيع والانهار هو من السماء:
حيث كان العلماء يعتقدون إلى اواسط القرن السابع عشر ان الينابيع والانهار تتأتى من البحر الذي تتسرب مياهه إلى جوف الارض حيث تتخلص من ملوحتها وتتخزن في باطنها ثم تنفجر بعدها ينابيع وجداول وانهارا وبحيرات ما تلبث ان تعود إلى البحر.
وفي القرآن اشارة واضحة إلى ما اكتشفه العلم الحديث من ان مصدر المياه الجوفية والانهار هو من السماء كما في قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} [المؤمنون: 18] ، وفي قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ}[الزمر: 21]. وغيرها من الآيات.
ج - البرزخ بين البحرين :
فقد اشار قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا}[الفرقان: 53] ، وقوله تعالى:{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ}[فاطر: 12] ،إلى حقيقة ومعجزة علمية حول مد البحار وخلطها وكيف جعل الله بينهما حاجزا ومكانا محفوظا بحيث لا تبغي كل بحر وخصائصه على الاخر عندما يلتقيان.
هذا بالإضافة إلى كثير من الامور المتعلقة بالمياه .... ، وما ذكرناه كان عبارة عن قبسات من القرآن الكريم اردنا ان يطلع العلماء والباحثون من خلالها على هذه الكنوز والحقائق العلمية حول عناصر البيئة التي افادنا فيها كتاب الله الكريم (1).
_____________________
1ـ للتوسع في هذه الحقائق راجع ما اعتمدنا عليه في تبيان هذه الامور : كتاب من علوم الارض القرآنية (الثوابت العلمية في القرآن الكريم) للدكتور عدنان الشريف، دار العلم للملايين بيروت، ط4، 2004م.