الإعلان عن النتائج تعبير عن الإرادة السياسية للناخبين وغير خاضع للرقابة
المؤلف:
سعد مظلوم عبدالله العبدلي
المصدر:
ضمانات حرية ونزاهة الانتخابات
الجزء والصفحة:
ص219-221
2025-12-03
22
يذهب هذا الاتجاه إلى ان الإعلان عن النتائج لا ينطبق عليه وصف القرار الإداري ، وإنما هو تعبير عن الآراء التي ثبتها الناخبون في اقتراعهم .
ففي مصر وفي ظل الإجماع الفقهي والقضائي الذي يؤكد على ضرورة خضوع قرار وزير الداخلية بإعلان نتائج الاقتراع لرقابة القضاء ظهر رأي فقهي(1) ، أكده اتجاه قضائي جديد(2) ، يرى ان قرار وزير الداخلية لا يعد قرارا إداريا ولا يخضع لرقابة القضاء ، بل هو كاشفا عما اتجهت إليه الإرادة العامة للناخبين(3) ، ويستند هذا الرأي على مجموعة من الحجج هي :
1: لا يشفع صريح نص المادة (37) من قانون مباشرة تنظيم الحقوق السياسية بأن إعلان نتيجة الانتخاب يتم من خلال ـ قرار ـ وزير الداخلية , بأن ذلك يعني انه من القرارات الإدارية ، حيث لا يُقبل ان يكون تشكيل وتكوين السلطة التشريعية رهنا بإرادة وزير الداخلية وهو أحد أعضاء السلطة التنفيذية ومن خلال قرار وزاري يصدر تعبيرا عن إرادته , وكل ما في الأمر ان تتولى إحدى هذه السلطات العامة مهمة ( الكشف ) عن إرادة الناخبين الذين يمثلون السلطة التأسيسية في الدولة , وبالنتيجة فان الطعون التي تثار ضد مشروعية قرار إعلان النتائج تعد في حقيقتها فحصا لصحة عضوية من أعلن انتخابهم من الأعضاء(4) .
2: صدور العديد من الأحكام القضائية التي تؤكد هذا الاتجاه ، على أساس ان فحص مشروعية قرار الإعلان عن النتائج يعني في حقيقة الأمر فحص عضوية من فاز في الانتخابات , الأمر الذي أسنده الدستور لمجلس الشعب نفسه(5) ، وسايرت المحكمة الإدارية العليا هذا الاتجاه في بعض أحكامها ، ومنها حكمها الصادر بتاريخ 5 ديسمبر 1990 , حيث جاء في حيثيات هذا الحكم "..... ومن حيث ان نص المادتين (93) من الدستور و(20) من القانون رقم (38) لسنة 1974 في شان مجلس الشعب أناطا بهذا المجلس الاختصاص بالفصل في الطعون المقدمة في صحة عضوية أعضائه ، ومن حيث ان مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يعتبر صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي ، إلا انه متى تضمن الدستور , أو القانون في الحالات التي يجوز فيها ذلك ما يجعل الاختصاص بنظر نوع معين من هذه المنازعات لجهة أخرى , فانه يتعين على محاكم مجلس الدولة عدم التغول على هذا الاختصاص بذات قدر وجوب حرصها على إعمال اختصاصها المقرر لها طبقا لأحكام الدستور والقانون , وعلى هذه المحاكم اداء رسالتها في إنزال رقابة المشروعية المقررة لها في حدود هذه الولاية وهذا الاختصاص ، ومن حيث ان مفاد حكم المادة (93) من الدستور ان الطعون التي تختص محكمة النقض بتحقيقها , وهي تلك التي تنصب أساسا على بطلان عملية الانتخاب ذاتها والتي تتمثل في معناها الدقيق في عمليات التصويت والفرز وإعلان النتائج ، ومن ثم يكون الطعن على أية مرحلة من تلك المراحل التي قررتها العملية الانتخابية بالمعنى الدستوري والقانوني الفني الدقيق من اختصاص مجلس الشعب وحده يباشره إعمالا لصريح حكم المادة (93) من الدستور "(6) .
3: نص المادة (20) من قانون مجلس الشعب التي تنص على انه " يجب تقديم الطعن بإبطال الانتخاب خلال الخمسة عشر يوما التالية لإعلان نتيجة الانتخاب ... " ، وهو الأمر الذي يستدل منه ان المشرع قد اعتد بثبوت صفة العضوية منذ إعلان النتيجة(7) .
وبعد استعراض الرأيين السابقين ، فان الرأي الذي يذهب إلى اعتبار قرار الإعلان عن النتائج هو قرار إداري يخضع للرقابة القضائية هو الرأي الأكثر قبولا والأكثر انسجاما مع النصوص القانونية ، وذلك استنادا إلى صريح نص المادة (37) من قانون مباشرة الحقوق السياسية ، بان نتيجة الانتخاب تعلن بـ ـ قرار ـ من وزير الداخلية ، وهذا الوزير يقوم على رأس جهة إدارية عامة , وصدور القرار من جهة إدارية عامة هو عنصرا جوهريا من عناصر القرار الإداري ، والقضاء المصري يأخذ بالمعيار الشكلي في تعريف القرار الإداري فيعتد بمصدر القرار لا بموضوعه ، كما ان هذا القرار يعد قرارا منشئا لمراكز قانونية جديدة لم تكن موجودة قبل صدوره , متمثلة بثبوت صفة العضوية للفائزين , كما يترتب فضلا عن ذلك تأثر بقية المرشحين بضرر يتمثل في عدم فوزهم(8).
لذلك يصعب القول بان قرار الإعلان عن النتائج هو تعبير خالص عن إرادة الناخبين , ما دام انه يمكن ان تشوبه أحد عيوب القرارات الإدارية ( كالانحراف بالسلطة ) فيكون آنذاك مصابا بالعوار ولا يمكن اعتباره عندها تعبير عن الإرادة العامة للناخبين ، ومقتضى ذلك ان هذا القرار يخضع لرقابة مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري لمراقبة مشروعيته وصحته(9) .
____________________
1- د. سامي جمال الدين ، دور القضاء في تكوين مجلس الشعب والرقابة على صحة عضويته ، بحث منشور في مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية ، كلية الحقوق ـ جامعة الإسكندرية , العدد الثالث والرابع ، 1990 , ص 148 .
2- منها حكم للمحكمة الإدارية العليا صدر جلسة 17/11/ 1996, الطعن رقم (550) , السنة 42 .
3- د. داود الباز ، حق المشاركة في الحياة السياسية ـ دراسة تحليلية للمادة (62) من الدستور المصري مقارنة مع النظام في فرنسا ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2002, ص 707 .
4- د. رأفت فودة ، دراسة تحليلية لقضاء مجلس الدولة المصري في مجال الطعون الانتخابية ، دار النهضة العربية ، 2001 ، ص104 .
5- د. أمين مصطفى محمد ، الجرائم الانتخابية ومدى خصوصية دور القضاء في مواجهة الغش الانتخابي ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الإسكندرية ، 2000 ، ص 129 .
6- حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم (206) لسنة 37 بتاريخ 5/12/1990 .
7- المستشار هشام البسطويسي ، الإصلاح السياسي هو الوجه الآخر للإصلاح الدستوري ، الموقع الالكتروني : مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ، 2006 ، الرابط الالكتروني : www.eicds.org
8- د. أمين مصطفى محمد ، مصدر سابق ، ص 130 .
9- د. داود الباز ، حق المشاركة في الحياة السياسية ، مصدر سابق ، ص 712 .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة