تربية الأبل في الوطن العربي
المؤلف:
د. كاظم عبادي حمادي
المصدر:
الثروة الحيوانية في الوطن العربي
الجزء والصفحة:
ص 113 ـ 118
2025-11-17
33
الجمل حيوان أليف استخدمه الإنسان منذ آلاف السنين، وقد حباه الله سبحانه وتعالى بقدرات عظيمة تمكنه من تحمل السير لمسافات طويلة فوق تلال الرمال الناعمة والكثبان المتحركة ، وسط صحراء قاحلة يندر فيها الزرع والماء وتكثر فيها الرياح والعواصف الرملية الشديدة ، لذا أطلق عليه (سفينة الصحراء) . تعدد ذكر الجمل سواء في العهد القديم أم الجديد بالإضافة الى القرآن الكريم ، والأحاديث النبوية، وكذلك في الأمثال العربية، ويذكر العهد القديم أيضا أن للنبي ايوب عليه السلام نعماً كثيرة من ضمنها نحو 3000 جمل قبل البلاء، وأيضا أن عددا من عشائر بني إسرائيل كانوا يمتلكون نعما كثيرة منها الجمال ورد ذكر وبر الجمل في إنجيل متى، وأطلق على الجمل العربي في التلمود اسم ( الجمل الطائر).
للجمل جسم قوي كبير الحجم، ويتراوح وزن الجمل ما بين (450 - 650) كيلو غراما، وقد يزيد على ذلك، ويصل ارتفاعه إلى نحو المترين أو أكثر بقليل، ويحمل هذا الجسم الكبير أربع أرجل طويلة وقوية ترفع جسم الجمل بعيدا عن حرارة الرمال الشديدة، كما تساعده على اتساع خطواته وخفة حركته، وتنتهى كل رجل بوسادة عريضة من الدهن والألياف المرنة والتي يغلفها طبقة سميكة من الجلد، وهي تشبه نعل الحذاء وتسمى ( الخف) ، وبواسطته يستطيع الجمل أن يسير بسهولة فوق الرمال الناعمة دون أن تغوص أرجله فيها ، لأنه يتفلطح (أي يتسع) بصورة مدهشة أثناء السير، كما يستطيع الجمل أن يسير فوق الصخور الصلبة الشديدة الحرارة، دون أن يشعر بأي تعب أو ألم بواسطة هذا الخف السميك، الذي يكاد يكون الإحساس منعدم فيه تماما.
ونظرا لضخامة الجمل وارتفاع قامته عن الأرض فقد خلق الله له رقبة طويلة، تمكنه من الوصول بسهولة إلى النباتات القصيرة التي تنتشر على الأرض، أو قضم أوراق الأشجار العالية.
ويغطي جسم الجمل جلد سميك مكسو بالوبر يحفظه كثيرا من حرارة الشمس، وقذائف الرمال اللاسعة وسنام الجمل هو أكثر ما يميز شكله عن باقي الحيوانات، وهو عبارة عن مخزن كبير للدهون يتكون فوق ظهره على شكل هرمي، وهو مفيد جدا له ، فعندما يتعرض الجمل للجوع أو العطش الشديد يقوم بتحويل ما يحتاج إليه من هذا الدهن إلى غذاء وماء، وبذلك يمكنه أن يصبر على الجوع والعطش لعدة أيام، كما يحمي السنام جسم الجمل من أشعة الشمس؛ حيث يعمل كحاجز يمنع وصول تلك الأشعة إلى بقية أجزاء جسم الجمل مباشرة ويتغذى الجمل كسائر الحيوانات العشبية على الحشائش، وأوراق الشجر، والأغصان الليئة، والحبوب والثمار، وغيرها من النباتات إلا أنه يستطيع أن يأكل النباتات الشوكية، والأعشاب الجافة التي لا تستطيع كثير من الحيوانات تناولها، فقد أعطاه الله أسنانا قوية خاصة فكه السفلي ، وفما مبطنا من الداخل يتحمل تلك الأشواك الجافة أثناء مضغها، وشفتين غليظتين قويتين خاصة شفته العليا المشقوقة، والتي تمكنه من جمع الأشواك الجافة بكفاءة عالية، والجمل من الحيوانات المجترة ، أي التي تقوم بترجيع بعض الطعام الذي تناولته من قبل من معدتها إلى فمها ، لتمضغه جيدا مرة أخرى، ثم تبتلعه في معدتها ثانية فيسهل بذلك هضمه وللجمل قدرة عجيبة على تحمل العطش بل إنه يضرب به المثل في ذلك ، ففي فصلي الشتاء والربيع يمكن للجمل أن يعيش مدة طويلة تتراوح ما بين شهرين إلى أربعة أشهر دون أن يشرب الماء ، ويكتفي بما يأكله من نباتات خضراء غنية بالماء ، أما في فصل الصيف الحار فيمكنه أن يتحمل العطش مدة تتراوح ما بين ستة أيام إلى عشرة ، وقد تزيد على ذلك فتصل إلى أسبوعين أو أكثر، ويرجع ذلك إلى عدة أشياء يتمتع بها الجمل دون سائر الحيوانات، فهو يستطيع أن يحافظ على ماء جسمه بكفاءة عالية فلا يفقد منه إلا القليل، إذ إنه لا يتنفس من فمه، ولا يلهث أبدًا مهما اشتد الحر، وهو بذلك يتجنب تبخر كميات كبيرة من ماء جسمه عن طريق الفم، كما تقوم الكليتان بدور كبير في اقتصاد الماء الموجود داخل الجسم بصورة مذهلة، ولا تخرجان إلا كمية بول قليلة جدًّا إلى حد ما، ولكن أعجب ما في الجمل هو قلة عرقه إلى أدنى حد ممكن؛ إذ إنه لا يعرق إلا إذا تجاوزت درجة حرارة جسمه نحو (41) م تقريبا ، وهذه ميزة عظيمة تمكن الجمل من الاحتفاظ بالماء داخل جسمه أطول فترة ممكنة.
ويستطيع الجمل العطشان أن يشرب أكثر من (100) لتر من الماء دفعة واحدة دون أن يحدث له أي ضرر، ولا تبقى هذه المياه في أمعائه، ولكنها تنساب داخل أنسجة جسمه فوزا ، فهو شديد الاقتصاد جدًّا في الماء ، ولا يفقد منه إلا أقل من لتر واحد في اليوم أو يزيد وبالإضافة الى ذلك فان الجمل إذا ما هبت العواصف فإن له ستارة على قزحية العين تحميه وتساعده على اتقاء العواصف والأتربة ، أما خياشيمه المشقوقة فتجعله قادراً على إغلاقها أثناء العواصف الرملية وتساعده على أكل الشوك ، أما تحمله لحرارة الصحراء فراجع إلى أن درجة حرارته (40) درجة فيقل عرقه ويحتفظ بماء جسمه ، أما قدرته على حمل الأثقال فلا ينافسه فيها منافس ، إذ يستطيع أن يحمل ما يعادل (300) كيلو غرام، ويستطيع أن يقطع المسافات الطويلة بسرعة تزيد على ثلاثة أمثال السرعة التي يقطعها بها الحصان.
والجمال نوعان هما :-
أ- النوع العربي : ويعيش في شبه الجزيرة العربية وشمال قارة إفريقيا، كما نقلت اعداد كبيرة منه لتعيش في الهند ،وأستراليا وأمريكا الشمالية وغيرها من الدول ويتميز هذا النوع بأن له سنامًا واحدًا فقط على ظهره، ويسمى (Dromedary).
ب- النوع الآسيوي : ويعيش في وسط قارة آسيا"، خاصة في "منغوليا"، وشمال الصين وأفغانستان، وجنوب روسيا وغيرها ، ويتميز هذا النوع بأن له سنامين بدلاً من سنام واحد، ويسمى ( Bactrian) كما أنه أكبر وزنا وأشد قوة، لكن أرجله أقصر، وسرعته في الجري أقل ، ويغطى معظم جسمه وبر كثيف أكثر مما في الجمل العربي، خاصة على الذقن والكتفين والسنامين ، وهنالك انواع اخرى من الجمال تتصف بخصائص مختلفة حسب البيئة التي تعيش فيها الجمل حيوان عظيم النفع للإنسان فهو يستخدمه في أداء كثير من الأعمال الشاقة، فهو يقوم بحمل الركاب، ونقل الأمتعة من مكان إلى آخر، ويمكن للإبل التي تستخدم للركوب أن تقطع مسافة قدرها نحو (10) كيلومترات في الساعة تقريبا، وأن تمشى في اليوم الواحد نحو (100) كيلومتر دون تعب أو كلل، أما الإبل المستخدمة في حمل الأمتعة فيمكنها حمل نحو (150- 300) كيلو غرام، ومازالت الإبل تستخدم في بعض فرق الجيش والشرطة، وهو ما يعرف باسم فرق الهجانة، كما تستخدم بعض أنواع الإبل المعروفة بسرعتها وخفة حركتها في مسابقات الجري والتي تعرف باسم سباق الهجن". وتعتبر الجمال من أهم الحيوانات التي يستفيد الإنسان من لحمها ولبنها ووبرها وجلودها، ويتميز لبن الإبل بجودته العالية ، وحلاوة طعمه، وسهولة هضمه فهو قليل الدهون ، خفيف على المعدة ، غني بالفيتامينات والبروتينات والمعادن خاصة الكالسيوم، كما يحتوى على مواد تقاوم السموم والبكتيريا، وبه مواد تقوى جهاز المناعة، ويستخدم في علاج كثير من الأمراض خاصة أمراض البطن والكبد وغيرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) روبرت ايروين - الجمل ، التاريخ الطبيعي والثقافي - ابو ظبي -2012 – ص 65.
(1) شيرين يونس الإبل في بلاد الشرق الأدنى القديم وشبه الجزيرة العربية – مقالة منشورة يوم الأربعاء الموافق 2011/12/28.
الاكثر قراءة في جغرافية الحيوان
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة