علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
فوائد متفرّقة / اقتباس الشيخ من الكافي.
المؤلف: أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
المصدر: قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة: ج3، ص 643 ـ 646.
2024-08-10
375
اقتباس الشيخ من الكافي (1):
روى الكليني (2) عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الكريم عن أبي بصير عن أحدهما (عليه السلام) قال: سألته عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي حتّى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال: ((بل يصوم فإنّ أيام الذبح قد مضت)). ورواه الشيخ (3) بلفظه مبتدئًا باسم أحمد بن محمد بن أبي نصر.
وروى الشيخ (4) بإسناده عن الحسن بن علي بن فضال عن عبيس عن كرام وهو عبد الكريم عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل تمتّع ولم يجد ما يهدي ولم يصم الثلاثة أيّام حتّى إذا كان بعد النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال: ((لا، بل يصوم فإنّ أيام الذبح قد مضت)) وتختلف الروايتان في اشتمال الثانية دون الأولى على قوله: (ولم يصم الثلاثة أيام).
وأشار السيّد الأستاذ (قده) في بعض كلماته (5) إلى أنّ الرواية الأولى معتبرة بسند الشيخ دون سند الكليني ولكن الصحيح أنّها غير معتبرة بسند الشيخ أيضًا.
بيان ذلك: إنّ الشيخ قد ابتدأ سند الرواية الأولى كما تقدّم باسم أحمد بن محمد بن أبي نصر ولا يبعد أنّه اقتبسها من الكافي فإنّها توجد فيه كذلك ولكن معلّقًّا على سند الرواية السابقة عليها المشتمل على سهل بن زياد الذي لم تثبت وثاقته، ويبدو أنّ الشيخ (قده) لم يلتفت إلى التعليق في سندها أو أنّه لم يعتنِ بذكر تمام السند كما لوحظ نظيره منه في بعض الروايات التي اقتبسها من الفقيه حيث ابتدأها بأسماء من ابتدأها الصدوق بأسمائهم ولم يرجع الى المشيخة لاستخراج طرق الصدوق اليه وإيرادها في كتابه.
وبالجملة: من القريب جدًّا كون رواية أبي بصير الأولى الخالية من الزيادة المرويّة في الموضع الآخر من التهذيب مقتبسة ممّا ورد في الكافي وعلى ذلك فهي أيضا مخدوشة السند من حيث الاشتمال على سهل بن زياد.
ولو غض النظر عن هذا وأقر بأنّه لا اطمئنان بأنّ الشيخ (قده) قد اقتبس هذه الرواية من كتاب الكافي فإنّها لا تزيد على كونها رواية مرسلة لا اعتبار لها؛ لأنّ الشيخ لم يذكر طريقه الى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي في المشيخة.
نعم، هناك روايات متعدّدة في التهذيب مماثلة لهذه الرواية أي ممّا ابتدأها الشيخ باسم أحمد بن محمد بن أبي نصر (6)، وقد بنى جمع من الأعلام على تماميتها سندًا وعبّروا عنها بالصحاح، والظاهر أنّ منشأ ذلك هو البناء على كونها مقتبسة من أحد كتابَي البزنطي ذكرهما في الفهرست ـ وهما الجامع والنوادر ـ وسنده الى الجامع صحيح بلا إشكال، وأمّا سنده الى النوادر ففيه أحمد بن محمد بن موسى وهو ابن الصلت الأهوازيّ الذي لم يوثّق في كتب الرجال ولكن بنى السيّد الأستاذ على وثاقته من حيث كونه من مشايخ النجاشي.
وعلى ذلك يمكن أن يُقال: إنّ مقتضى ما ذكره الشيخ في مقدّمة المشيخة من أنّه ابتدأ في كل خبر باسم من أخذه من أصله أو كتابه هو أنّه قد أخذ الروايات المشار إليها من أحد كتابَي البزنطي وذلك تكون معتبرة سندًا.
والظاهر أنّ هذا هو الوجه في عدِّ السيد الأستاذ الرواية المبحوث عنها معتبرة بسند الشيخ في التهذيب أي من حيث صحة طريقه الى كتابَي البزنطي في الفهرست. ولكن يمكن أن يُقال (7): إنّ من البعيد جدًّا كون أيٍّ من كتابَي البزنطي من مصادر الشيخ في تأليف التهذيب ولذلك اعتمد في إيراد المئات من رواياته على مصادر أخرى ككتب الحسين بن سعيد وسعد بن عبد الله ومحمد بن أحمد بن يحيى وأحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن الحسن بن فضّال ومحمد بن علي بن محبوب ومحمد بن الحسن الصفّار وغيرهم ولو كان جامع البزنطي أو نوادره موجودًا عند الشيخ لما اقتصر في النقل عنه على روايات محدودة لا تزيد على عدد أصابع اليدين إلا قليلا، فالظاهر أنّه أورد هذه الروايات عن مصادر أخرى، ولكن لمّا كان السند فيها معلّقًا على سندٍ آخر لم يذكره بتمامه أو أنّه غفل عن التعليق فيه أو أنّ صاحب الكتاب أورده مرسلاً ونحو ذلك.
وبالجملة: إنّ احتمال أن يكون الشيخ (قده) قد اعتمد فيما ابتدأ فيه باسم أحمد بن محمد بن أبي نصر على ما كان لديه من نسخة كتاب الجامع أو النادر ضعيف جدًّا، وعلى ذلك فلا يجدي وجود طريق معتبر إلى هذين الكتابين في الفهرست على أنّ طريقه الى النوادر لا يخلو من إشكال؛ لعدم ثبوت وثاقة أحمد بن محمد بن موسى كما مرّ في بحث آخر (8).
هذا، مضافًا إلى أنّه يمكن أن يُقال كما مرّ غير مرّة: إنّ الاستعانة بأسانيد الفهرست لتصحيح ما ورد في التهذيب إنّما يتيسّر فيما إذا كان الطريق الى من ابتدأ الشيخ باسمه في التهذيب مذكورًا في المشيخة ولكن كان لا يخلو من خدش فإنّ في مثله يمكن الرجوع الى السند المذكور الى كتابه في الفهرست إن كان معتبرًا؛ لأنّ الشيخ قد أرجع في خاتمة المشيخة في التعرّف على بقيّة طرقه إلى المذكورين فيها إلى كتاب الفهرست.
وأمّا من لم يذكر الشيخ طريقه إليه في المشيخة فلا وجه للرجوع الى الفهرست لتصحيح الرواية المذكورة له في التهذيب ولا سيما بملاحظة أنّ معظم الطرق المذكورة في الفهرست إنّما هي مقتبسة من الفهارس والإجازات أي أنّها طرق الى عناوين الكتب المذكورة فيه دون نسخ معيّنة منها، فوجود طريق صحيح للشيخ الى جامع البزنطي في الفهرست لا يقتضي أنّ النسخة التي فرض وجودها من هذا الكتاب لدى الشيخ عند تأليف التهذيب كانت مرويّة له بذلك الطريق فإنّه يحتمل كونها مرويّة بطريق آخر لم يذكره في الفهرست فليتأمّل.
والمتحصّل ممّا سبق: أنّ رواية أبي بصير الخالية من قوله (عليه السلام): ((ولم يصم الثلاثة أيام)) غير نقيّة السند سواء بطريق الكليني أم بطريق الشيخ فلا سبيل الى التعويل عليها، فليتأمّل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحوث في شرح مناسك الحج ج20 ص 119.
(2) الكافي ج4 ص 509.
(3) تهذيب الأحكام ج5 ص 37.
(4) تهذيب الأحكام ج5 ص 483.
(5) مستند الناسك في شرح المناسك ج2 ص 190.
(6) لاحظ: تهذيب الأحكام ج3 ص 305؛ ج5 ص 468؛ ج7 ص 108، 259، 269، 283؛ ج8 ص 139، 185؛ ج9 ص 29، 48، 353، 358؛ ج10 ص 178، 211.
(7) لاحظ: ج2 ص 250.
(8) لاحظ: بحوث في شرح مناسك الحج ج10 ص 256 ط: 2.