علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
أصلٌ في مَن تُقبَل روايته
المؤلف: الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي
المصدر: وصول الأخيار إلى أصول الأخبار
الجزء والصفحة: ص 187 ـ 191
2025-01-08
101
أجمع جماهير الفقهاء والمحدّثين على اشتراط كونه مسلماً بالغاً وقت الأداء دون وقت التحمّل، فيقبل روايته ما تحمّله كافراً أو صغيراً.
وكذا يشترط كونه: عاقلاً عدلاً، أي سليماً من الفسق وخوارم المروة.
ضابطاً، أي متيّقظاً إن حدّثَ من حفظه، ضابطاً لكتابه إن حدّث منه.
عالماً بما يحيل المعنى إن روى به.
سالماً من الشك وقت التحمّل والأداء.
ولا يشترط الذكورة ولا الحرية ولا البصر ولا فقهه؛ لأنّ المقصود الرواية لا الدراية، ولا عربيّته ولا العدد.
المشهور بين أصحابنا اشتراط إيمانه؛ لأنّ مَن عدا المؤمن فاسق.
وما عملوا به من أخبار غيره إمّا لانجباره بالشهرة وقد تقدّم الكلام فيها، وإمّا لاعتضاده ببعض المرجّحات.
وحينئذٍ المناسب اشتراط أحد الأمرين من الإيمان والعدالة أو الانجبار بمرجّح.
ويعرف ضبطه بموافقته الثقات المتقنين غالباً، فلا يضر النادر من المخالفة ولو كثر لم يحتجّ به.
هذا إن رواها من حفظه أو من غير الطرق المذكورة في المصنّفات، وأمّا الأصول المشهورة فلا يعتبر فيها ذلك.
ويقبل التعديل من غير ذكر سببه على الصحيح، ولا يقبل الجرح الا مبيّن السبب (1). وكتب الجرح التي لم يُبيّن فيها السبب فائدتها التوقّف ليبحث عنه ويعمل بما يظهر.
والصحيح أنّ الجرح والتعديل يثبتان بواحد؛ لأنّه من قبيل الإخبار لا الشهادة كما في أصل الرواية، فكما لا يعتبر في الأصل كذا في الفرع. وقيل: لا بُدَّ من اثنين.
ويثبتان أيضاً بالاستفاضة، باشتهار عدالته بين أهل النقل وغيرهم من أهل العلم، كمشائخنا من عهد شيخنا محمد بن يعقوب إلى يومنا هذا، فإنّه لا يحتاج في هؤلاء إلى تنصيص على تزكية لاشتهار ثقتهم وضبطهم. وإنّما نتوقّف فيمن فوقهم ممّن لم يشتهر. ويقبل تعديل وجرح من يقبل روايته.
وإذا اجتمع الجرح والتعديل قدّم الجارح، وقيل: إن زاد المعدّلون قدّم التعديل.
والاول أصح؛ لإخبار المعدّل عن ظاهر الحال والجارح عن الباطل الخفيّ.
وأيضاً الجارح مثبت والمعدّل نافٍ.
نعم، إن وقع التعارض المحض (2) رجعا إلى الترجيح بالكثرة ونحوها، فإن لم يثبت المرجّح وجب التوقّف.
ولو قال الراوي الثقة (حدّثني الثقة) أو (العدل) ونحوهما لم يكفِ عند بعضهم لجواز كون غيره قد اطّلع على جرحه.
وأصالة عدم الجارح غير كافٍ إذ لا بُدَّ من البحث.
وإضرابه عن تسميته مريب، والاحتمال آتٍ، والأصحّ الاكتفاء إذا كان القائل عالماً بطرق الجرح والتعديل.
ولو قال: (كل من رويت عنه فهو ثقة وإن لم أسّمه) فكذلك.
وقول العالم: (هذه الرواية صحيحة) تعديل لراويها إذا كان لها طريق واحد.
وإذا روى العدل عمّن سمّاه لم يكن تعديلاً عند الأكثرين. وهو الصحيح.
وعمل العالم وفتياه على وفق حديث ليس حكماً بصحّته وإن كان لا يعمل إلا بخبر العدل.
وقال بعض العامّة: هو حكم بصحّته إذا لم يكن له شاهد ولا متابع، ولم يكن عمله به للاحتياط.
وليس بشيء، لجواز أن يكون عمله لدليل آخر، وكذا ليس مخالفة عمله للحديث قدحاً في صحّته ولا في روايته.
فروع :
(الأول) لا تقبل رواية مجهول العدالة عند الجماهير منّا ومن العامّة.
وأمّا المستور ـ وهو عدل الظاهر خفي الباطن كالممدوح غير المنصوص على ثقته ـ فقد تقدّم أنّه يحتج بها بعضهم، وذلك كما اتّفق في جماعة من الرواة تقادم العهد وتعذّرت خبرتهم باطناً.
وأكثر العامّة أو كلهم يقبله، وعليه عملهم في كتبهم المشهورة، قالوا: لأنّ أمر الإخبار مبني على حسن الظنّ بالمسلم ونشر الحديث مطلوب ومعرفة الباطن متعذّرة.
(الثاني) قال بعض العامّة: المجهول عند أهل الحديث من لم يعرفه العلماء ولا يعرف حديثه إلا من جهة واحدة. وقال بعضهم: من روى عنه اثنان ارتفعت الجهالة عنه.
وكل ذلك ليس عندنا بشيء، والمجهول عندنا من لم يوثّق ولم يضعّف ولم يمدح، ولو روى عنه الناس وعلمت نسبته واسمه.
نعم، لو علم صحّة عقيدته ارتفعت جهالته من هذه الحيثيّة وكان ذلك نوعاً من المدح فربّما دخل في قسم الحسن، وكذا إذا روى عنه الناس وله كتاب ونحو ذلك.
وبالجملة مراتب المجهول تتفاوت كتفاوت الموثق والممدوح والضعيف.
(الثالث) تقبل رواية التائب من الفسق إلا الكذب في أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) فلا تقبل أبداً وإن تاب ـ كذا قاله بعض العامّة، وهو مخالف لقواعد مذهبنا ومذهب العامّة أيضاً.
والأقوى القبول، وإنّه لا فرق بينه وبين الشهادة.
(الرابع) إذا روى حديثاً عن رجل ثم نفاه المروي عنه، فإن كان جازماً بنفيه وجب ردّه، ولا يقدح ذلك في باقي رواياته عنه ولا عن غيره، وإن كان مكذّباً لشيخه في ذلك، إذ ليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا. كذا قيل، وفيه نظر. وإن قال المروي عنه: (لا أعرفه) أو (لا أذكره) أو نحو ذلك لم يقدح.
(الخامس) من روى حديثاً ثم نسيه جاز له روايته عمّن رواه عنه والعمل به على الصحيح. وهو قول الجمهور من الطوائف كلّها؛ لأنّ الانسان عرضة النسيان والغرض أنّ الراوي عنه ثقة جازم، فلا تردّ روايته بالاحتمال.
وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها عمّن أخذها عنهم فقالوا: (حدثني فلان عنّي أنّي حدّثته بكذا).
(السادس) إذا قال الراوي: (حدّثني فلان أو فلان) وهما عدلان احتجّ به وإلا فلا، وكذا لا يحتجّ به إذا قال (فلان أو غيره).
(السابع) لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه، كمن لا يبالي بالنوم في السماع، أو يحدّث لا من أصل مصحّح، أو عرف بكثرة السهو أو كثرة الشواذ والمناكير في حديثه.
وقد بيّن نقاد الرجال من علمائنا في كتبهم كثيراً ممّن يتّصف بهذه الصفة.
(الثامن) من بيّن في حديثه غلط فأصرّ عليه سقطت روايته إن أصرّ عناداً.
(التاسع) من خلط لذهاب بصر أو لخرف أو فسق أو بدع أو كفر بغلو ونحوه، قبل ما حدّث به قبل ذلك دون ما بعده ودون ما يشكّ فيه، كما في أبي الخطّاب وأشباهه.
(العاشر) قد أعرض الفريقان من المخالف والمؤالف في زماننا هذا عن كثير من هذه الشروط، لكون الأحاديث عندنا وعندهم قد تلخّصت وهذّبت وجمعت في كتب معروفة مشهورة، وقد صار المقصود إبقاء السلسلة متّصلة الإسناد المختصّ بهذه الأمّة.
ولا يعتبر حينئذٍ إلا ما يليق بالمقصود، وهو كون الشيخ بالغاً عاقلاً عدلاً غير متساهل ولا مستخف بالأحاديث، مثبتاً أحاديثه بخط غير متّهم بروايته من أصل مصحّح موافق لأصل شيخه. وقد شرط كلّ ذلك أيضاً أهل السنة إلا العدالة، فإنّهم بنوا على أصلهم من الاكتفاء بعدم التظاهر بالفسق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لاختلاف الناس فيما يوجبه، فإنّ بعضهم يجعل الكبيرة القادحة ما توعّد الله تعالى عليها بالنار في كتابه العزيز، وبعضهم يعمّ التوعّد، أي أعمّ من أن يكون توعّد بالنار أو بغيرها من العذاب، وآخرون يعمّون المتوعّد فيه من الكبائر أو السنّة، وبعضهم يجعلون جميع الذنوب كبائر وصغر الذنب وكبره عندهم إضافي، ويشكل بأن ذلك آتٍ في بابه (منه).
(2) بأن يقول الجارح: رأيت اليوم الفلاني شغله بالفسق في المكان الفلاني، وشهد المعدّل بأنّه في ذلك اليوم كان بديار آخر في الوقت المذكور وهو مشغول بطاعة، فهذا تعارض محض (منه).