علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
بيان معنى (العادل) لغةً واصطلاحًا
المؤلف: السيد علي حسن مطر الهاشمي
المصدر: منهج نقد السند في تصحيح الروايات وتضعيفها
الجزء والصفحة: ص 18 ـ 24
2024-11-23
195
العادل في اللغة: اسم فاعل من الفعل (عدل) يقال: عدل يعدل عدلاً فهو عادل، وله في اللغة معانٍ متعدّدة أوفقها بالمعنى الاصطلاحيّ: المرضيّ فعله وقوله(1).
ويستعمل المصدر (عدل) بمعنى العادل وهو أبلغ منه لأنّه جعل المسمّى نفسه عدلاً.
وأمّا في الاصطلاح فقد اختلفوا في تحديد معنى العادل على أقوال:
القول الأول: ما طرحه ابن حجر وهو: (مَن له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة) (2).
ويلاحظ: أنّ ابن حجر تابع في هذا التعريف لأبي حامد الغزاليّ (ت: 505هـ) الذي قال في تعريف العدالة: (ويرجع حاصلها الى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعًا حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه)(3).
ولا بد هنا من التعرّض لبيان معنى كل من (التقوى) و(المروءة) المأخوذتين في تعريف العادل.
أمّا التقوى فقد عرّفها ابن حجر بأنّها: (اجتناب الاعمال السيئّة من شرك أو فسق أو بدعة) (4).
ولوحظ عليه: (أنّه تفسير ناقص؛ فالتقوى هي: الاتيان بالواجبات واجتناب المحرّمات فاقتصر في التعريف على الفقرة الأخيرة من حقيقة التقوى مع أنّ الجزء الأول من التعريف لا غنى عنه) (5).
ومعنى الفسق لغة هو: (الخروج يُقال: فسقت الرطبة: خرجت عن قشرها وفسق عن أمر ربّه أي: خرج) (6).
وأمّا معناه في اصطلاح المتشرّعة فهو: (ارتكاب الكبيرة أو الاصرار على الصغيرة) (7)؛ ذلك أنّ الاصرار على الصغائر هو كبيرة من الكبائر.
وأمّا البدعة، فهي في اللغة: الشيء المخترع على غير مثال سابق يقال أبدع الشيء اخترعه لا على مثال والله بديع السماوات والأرض أي: مبدعهما (8). وأمّا معناها في الشرع، فهو: (إدخال ما ليس من الدين فيه) وهو المستفاد من أحاديث كثيرة منها:
1 ـ قول النبي (صلى الله عليه وآله): ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) (9).
2 ـ قوله (صلى الله عليه وآله) أيضًا: ((ألا وكلّ بدعة ضلالة ألا وكلّ ضلالة في النار)) (10).
ومنه يتضح: أنّ البدعة بمعناه اللغوي تشمل كل ما أحدث على غير مثال سابق سواء أكان محمودًا أو مذمومًا تبعًا لما يترتّب عليه من نفع أو ضرر، وأمّا البدعة بمعناها الشرعيّ فلا تكون إلا مذمومة ومحرّمة، قال السخاوي: (ولكنّها خصّت شرعًا بالمذموم ممّا هو خلاف المعروف عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ) (11).
وأمّا المروءة، فمن معانيها أنّها آداب نفسانيّة تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند مكارم الأخلاق وجميل العادات (12).
وقال المحدّثون والفقهاء: إنّها أمر نسبيّ يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال والأشخاص.
(وقد اعترض بعض العلماء على إدخال منافيات المروءة في تعريف العدالة؛ لأنّ جلّها يرجع الى مراعاة العادات الجارية بين الناس وهي مختلفة باختلاف الأزمنة والأمكنة والأجناس وقد يدخل في المروءة عرفًا ما لا يستحسن في الشرع ولا يقتضيه الطبع على أنّ المروءة من الأمور التي يعسر معرفة حدّها على وجه لا يخفى)(13).
القول الثاني: للصنعانيّ وهو: أنّ العادل (من قارب وسدّد وغلب خيره على شره) (14).
وقد اعترض الصنعانيّ على ما ذهب اليه ابن حجر من أنّ العدالة (ملكة) بقوله: (إنّ تفسير العدالة بالملكة ليس هو معناها لغة ولا أتى في ذلك عن الشارع حرف واحد، وتفسيرها بالملكة تشديد لا يتمّ وجوده إلا في المعصومين وأفراد من خلّص المؤمنين، ولا يخفى أنّ حصول هذه الملكة لكل راوٍ من رواة الحديث معلوم أنّه لا يكاد يقع ومن راجع تراجمهم علم ذلك يقينًا) (15).
القول الثالث: ما ذهب إليه الباقلانيّ قال: (العدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر (16) هي العدالة الراجعة الى استقامة دينه وسلامة مذهبه وسلامته من الفسق وما يجري مجراه ممّا اتقف على أنّه مبطل العدالة من أفعال الجوارح والقلوب المنهي عنها ... فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنّه عدل في دينه) (17).
القول الرابع: هو ما ذهب اليه عدد من علمائنا الذين تطوّر مفهوم العادل لديهم فأصبح شاملاً لمن نقطع بتحرّزه من الكذب وإن كان فاسقًا.
قال الشيخ الطوسي: (فأمّا مَن كان مخطئًا في بعض الأفعال أو كان فاسقًا بأفعال الجوارح وكان ثقة في روايته متحرّزًا فيها فإنّ ذلك لا يوجب رد خبره، ويجوز العمل به؛ لأنّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه، وإنّما الفسق بأعمال الجوارح يمنع من قبول شهادته، وليس بمانع من قبول خبره)(18).
فعلى هذا يكون المراد بـ(العدالة) هو: التحرّز من الكذب.
وقال الشهيد الصدر: (إنّ مدرك الحجيّة إذا كان مفهوم آية النبأ فهو يقتضي حجيّة خبر العادل، ولا يشمل خبر الفاسق الثقة وإن كان المدرك هو السنّة على أساس الروايات والسيرة، فلا شكَّ في أنّ موضوعها خبر الثقة ولو لم يكن عادلاً من غير جهة الإخبار) (19).
وقد اعترض المحقّق الحلي على هذا القول [أي: قول الشيخ (قده)] في تحديد معنى العادل وقال: (عدالة الراوي شرط في العمل بخبره وقال الشيخ (رحمه الله): يكفي كونه ثقة متحرّزًا عن الكذب في الرواية وان كان فاسقًا بجوارحه وادّعى عمل الطائفة على أخبار جماعة هذه صفتهم. ونحن نمنع هذه الدعوى ونطالب بدليلها... ودعوى التحرّز عن الكذب مع ظهور الفسق مستبعدة إذ الذي يظهر فسوقه لا يُوثَق بما يظهر من تحرّزه عن الكذب) (20).
_______________
(1) لسان العرب، ابن منظور، مادة (عدل).
(2) نزهة النظر شرح نخبة الفكر، ابن حجر، ص 8؛ فتح المغيث، السخاوي، 1/24.
(3) المستصفى، الغزالي 1/155.
(4) نزهة النظر شرح نخبة الفكر، ابن حجر، ص8؛ فتح المغيث، السخاوي، 2/158.
(5) عدالة الشهود والرواة، المرتضى بن زيد المحطوري، ص31.
(6) مختار الصحاح، الرازي، مادة (فسق).
(7) فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، السخاوي، 2/159.
(8) مختار الصحاح، الرازي، مادة (بدع).
(9) كنز العمّال، المتّقي الهندي، 1/ 219 الحديث 1101.
(10) الكافي، الكليني، 1/16؛ كتاب العقل والجهل، الحديث 12.
(11) فتح المغيث، السخاوي، 1/186.
(12) المصباح المنير، الفيومي، مادة (مرأ).
(13) توجيه النظر إلى أصول الأثر، الجزائري، ص28.
(14) توضيح الأفكار، الصنعاني، 2/285.
(15) توضيح الأفكار، الصنعاني، 2/284-285.
(16) هذه هي الصفة المشتركة بين الشاهد والمخبر (الراوي)، وللشاهد صفات أخرى تخصّه لا تشترط في الراوي كالحرية والإبصار.
(17) الكفاية في علم الرواية، الخطيب البغدادي، ص139.
(18) العدّة في أصول الفقه، الشيخ الطوسي، 1/152.
(19) دروس في علم الأصول، الشهيد الصدر، الحلقة الثانية، ص172.
(20) معارج الأصول، المحقّق الحليّ، ص149.