x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
خصائص التربية البيئية وسماتها واشكالها
المؤلف: د. صبحي عزيز البيات
المصدر: التربية البيئية
الجزء والصفحة: ص 25 ــ 31
2023-09-12
1807
تتسم خصائص التربية البيئية بجملة من السمات يوجز رشيد الحمد ومحمد صباريني أبرزها بالتالي:
ـ التربية البيئية تتجه عادة الى حل مشكلات محدودة للبيئة البشرية عن طريق مساعدة الناس على إدراك هذه المشكلات.
ـ التربية البيئية تسعى لتوضيح المشكلات البيئية المعقدة وتؤمن تظافر أنواع المعرفة اللازمة لتفسيرها.
ـ التربية البيئية تأخذ بمنهج جامع لعدة فروع علمية في تناول مشكلات البيئة.
ـ التربية البيئية تحرص على ان تنفتح على المجتمع المحلي إيماناً منها بأن الأفراد لا يولون إهتمامهم لنوعية البيئة ولا يتحركون لصيانتها أو لتحسينها بجدية وإصرار إلا في غمار الحياة اليومية لمجتمعهم.
ـ التربية البيئية تسعى بحكم طبيعتها ووظيفتها لتوجه شتى قطاعات المجتمع الى بذل جهودها بما تملك من وسائل لفهم البيئة وترشيد إدارتها وتحسينها، وهي بذلك تأخذ بفكرة التربية الشاملة المستديمة والمتاحة لجميع فئات الناس.
ـ التربية البيئية تتميز بطابع الإستمرارية والتطلع الى المستقبل (1).
إن التربية البيئية تعد إستجابة للأزمة البيئية التي تواجه البشرية. وهي تتناول حالات واقعية، توجب المشاركة في دراستها. وتأخذ أهداف التربية البيئية المعرفية بالمنحى التداخلي. والتربية البيئية ذات طابع كلي في توجهاتها. وتضمن الفعل في تعاملها مع المشكلات البيئية. وتستخدم، بشقيها الطبيعي الصناعي، وسطاً للتعلم. وتبحث عن البدائل في دراسة الحالات البيئية. وتسعى الى تبني المدخل القيمي الذي يعني تلازم بناء أنماط سلوكية تساعد بالمحافظة على البيئة. وتهتم بأسس الاختيار بين بدائل الحالات البيئية. وتهدف التربية البيئية الى تطوير مهارات حل المشكلات البيئية.
وهي جهد لا ينبغي ان يترك للتربويين لوحدهم، بل هو جهد مجتمعي تشترك في تحقيقه كافة الجهود، الرسمية منها والأهلية. والتربية البيئية ليست فكراً نظرياً، ولا وجهات نظر، بل هي علم تطبيقي يتجلى بالفعل والممارسة (2).
وكان ميثاق بلغراد في عام 1975 قد اشار الى ان السعي الى تحقيق الغايات والأهداف التي عرضناها يضفي على عملية التعلم خصائص معينة، ويتطلب توافر شروط معينة فيها، سواء في ما يتعلق بتصميم مضمون التربية وتنظيمه، أو بأساليب التعليم والتعلم وطريقة تنظيم هذه العملية. وقد تكون أهم سمة لهذه التربية هي كونها تتجه الى حل مشكلات محدودة للبيئة الإنسانية، فهدفها معاونة الناس أياً كانت الفئة التي ينتمون اليها، وأياً كان مستواهم، على إدراك المشكلات التي تقف حائلا دونما فيه خيرهم كأفراد وجماعات، وتحليل أسبابها، وتقييم الطرق والوسائل الكفيلة بحلها. وهي تهدف كذلك الى إشراك الفرد في وضع تحديد إجتماعي للأستراتيجيات والأنشطة الرامية الى حل المشكلات التي تؤثر على نوعية البيئة. وإذا كانت توجد اليوم مشكلات بيئية كثيرة، فمرد ذلك، في جانب منه، الى أن قلة ضئيلة من الناس كانوا قد أعدوا لتبني مشكلات تتسم بالتحديد والتعقيد، فضلا عن إيجاد حلول فاعلة لها. وقد اساء التعليم التقليدي، بإفراطه في التجريد وعدم التناسق، إعداد الأفراد لمواجهة ما يطرأ على واقعهم من تعقيدات متغيرة، في حين ان التربية، التي تتخذ من مشكلات بيئية محدودة محوراً لها، تتطلب، على العكس، تظافر المعارف بشتى جوانبها لتفسير الظواهر الواقعة المعقدة. ومع ذلك تبرز سمة أخرى من سماتها الأساسية، وهي كونها تأخذ بمنهج جامع لعدة فروع علمية في تناول مشكلات البيئة.
والواقع أنه يحسن لفهم هذه المشكلات على نحو سليم ان نكون على البيئة، من وجوه الترابط القائمة بين الظواهر والأوضاع السائدة، والتي كان أتباع نهج يعتم على فرع واحد من فروع العلوم، سينحو الى تجزأتها. فالنهج الجامع لعدة فروع علمية يتجاهل الحدود الفاصلة بين العلوم التخصصية، ويعنى بأعطاء نظرة أكثر شمولاً وابعد عن التبسيط للمشكلات الماثلة، إذ انه لا يتمثل في البدء بوضع العلوم المختلفة جنباً الى جنب، ولكن في فهم العملية فهماً شاملاً قبل التطرق الى تحليل إحدى المشكلات الخاصة وحلها.. على ان التوصل الى تربية جامعة لعدة فروع علمية بصورة حقة يشكل مطلباً صعباً، ينبغي ان نسعى الى تحقيقه تدريجياً.. ويفترض لذلك ان تقوم إتصالات ميسرة بين المعلمين بفضل ما يتلقاه المختصون من تدريب جديد ووضع نظام ملائم للتعليم يأخذ في اعتباره الروابط الفكرية والمنهجية بين فروع العلم على اختلافها. وتدعو الحاجة الى وضع تعليم يستجيب للإحتياجات الإجتماعية إستجابة فاعلة للتنويه بإحدى الخصائص الرئيسية الأخرى للتربية البيئية وهي انفتاحها على المجتمع المحلي المعين. فليس يفترض في التربية، التي تهدف الى حل مشكلات بيئية محددة، ان تعمل على تنمية المعارف والمهارات وحسب، بل وان تعمل أيضاً، وبوجه أخص، على تطوير عرف محلي يمارس في بيئات محددة، ومن التحقق ان الأفراد والجماعات لا يولون إهتمامهم لنوعية البيئة، ولا يتحركون لحمايتها او تحسينها بعزم وإصرار إلا في غمار الحياة اليومية لمجتمعهم المحلي، وحين يواجهون ما يعترض سبيلهم من مشكلاتها.. ولهذا النهج الجماعي أهمية لأنه من الجلي ان كثيراً ما يسمى بالمشكلات الوطنية لا يعدو كونه حصيلة مشكلات فردية وان كانت مشتركة بين عدة مجتمعات محلية في وقت واحد.. وإذا أمكن حل مشكلات معينة تخص أحد المجتمعات المحلية فأننا نكون قد قطعنا بذلك، في الوقت نفسه، شوطاً صوب تحسين البيئة لصالح مجتمع أوسع نطاقاً مثل القطر او المنطقة. ويتطلب تحسي نوعية البيئة من ناحية أخرى، توفر الإدارة السياسية اللازمة، ونهوض شتى قطاعات المجتمع ببذل جهود لدعمها بكفاياتها وبما تملكه من وسائل متعددة. ذلك ان التظافر الحقيقي بين قدرات المعرفة وغيرها من العناصر، مثل القيم، والنظرة الجمالية، والمهارات العملية في إطار الجهود المنسقة، ومشاركة الأفراد داخل مختلف الجماعات والمرافق التي يتكون منها المجتمع المحلي، سيؤدي الى فهم البيئة وترشيد إدارتها وتحسينها.
وهناك، في النهاية، جانب آخر، من الجوانب الأساسية للتربية البيئية، وهو ما تتميز به طابع الاستمرارية والتطلع الى المستقبل. فحتى وقت قريب من تأريخ الإنسانية كان التغيير في الإطار الإجتماعي والثقافي والطبيعي للحياة يحدث ببطء، وكان من الميسور في ظروف كهذه ان يتعلم أبناء الأجيال الجديدة قيم آباءهم ومعارفهم، وان ينقلوها الى أبنائهم، وهم على يقين من ان هذا التراث الثقافي سيكون كافياً لضمان تلاءمهم مع المجتمع.. ومنذ الثورة الصناعية وخلال النصف الثاني من القرن العشرين بوجه أخص تعرض هذا الإطار لهزة عنيفة، فقد أدى التقدم الباهر، الذي أحرزته المعارف العلمية وتطبيقاتها التكنولوجية، الى مضاعفة سيطرة الإنسان على بيئته، وتزايد سرعة التغيرات التي تعرضت لها. وفي يومنا هذا، تتغير البيئة الطبيعية والمبنية، في مختلف جوانبها، بسرعة بالغة، ما يسفر عن ظهور نظم اقتصادية واجتماعية وثقافية جديدة، ومن تولد مشكلات جديدة دون إنقطاع. وأصبحت المعارف والتقنيات تتغير للمرة الأولى في تأريخ الإنسان خلال فترة تقل عن عمر الفرد إذاً لا مناص لتربية تهدف الى حل مشكلات البيئة من ان تتسم في هذا السياق بطابع الإستمرار، ولكي لا تتخلف المعارف التي يكتسبها الناس ضماناً لاستمرار فاعلية الأنشطة الجارية يتعين على التربية البيئية ان تحرص دائماً على إعادة صياغة توجهاتها ومضمونها وأساليبها، وان تعنى في ذات الوقت بان ان تكون المعارف المتاحة لمختلف الفئات مستوفية بصورة دائمة مع تطويعها للأوضاع الجديدة بإستمرار.. وهي تتدرج بهذه الصفة في إطار التربية المستديمة (3).
أشكال التربية البيئية وبرامجها
يعتبر الأستاذ راتب السعود أن واحدة من أهم الأسس التي ترتكز إليها التربية البيئية هي الإستمرارية، بمعنى ان تكون التربية البيئية عملية مستمرة مدى الحياة، تبدأ من بواكير الطفولة، من خلال برامج التربية النظامية، وغير النظامية. وعليه فليس ثمة جمهور محدد مستهدف في التربية البيئية، بل على العكس فان هذا الجمهور يشمل الناس كافة، بغض النظر عن العمر او الجنس او العرق او اللغة او غير ذلك. إنه جمهور متنوع متغير على الدوام. ومن أجل ذلك كان لابد من مواجهة مشكلة إتساع الجمهور المستهدف وتنوعه، ليس بشكل واحد من أشكال التعليم، ولا من خلال مؤسسة واحدة من مؤسسات المجتمع، بل بشكلي التعليم الرئيسيين: التعليم النظامي (الرسمي) والتعليم غير النظامي (غير الرسمي)، وعبر مؤسسات المجتمع كافة.
تبدأ التربية البيئية اليوم من مستوى رياض الأطفال، وتسير قدماً حتى تغطي باقي مراحل التعليم. ولما كانت التربية البيئية في مفهومها الأساسي، وفي تطبيقها، تجمع بين شتى فروع العلم، فأنها تدمج البرامج الدراسية المختلفة على كل مستوى من مستويات التدريس. ففي مراحل التعليم العام تتضمن المناهج الدراسية، فيما تتضمنه، مواد تثير عند الناشئة ملكات الفضول، والملاحظة، والتفسير، وتتضمن أيضاً المعارف الأساسية عن ترابط جميع عناصر البيئة، ووقع هذا الترابط على حياة الإنسان الاجتماعية والثقافية.. وتتضمن المناهج الدراسية أيضاً الإدراك العلمي للبيئة الطبيعية ولما لها من وقائع ووظائف. كما تتضمن المناهج تبصيراً بالمنهج السليم في الاغتراف من الموارد الطبيعية سواء فيها ما يتجدد وما لا يتجدد.. والموارد التي تتجدد يكون لها، بلا شك، أهمية خاصة (4).
لقد بدأ التعليم النظامي (المدرسي) يلتفت الى مشكلات البيئة ويستوعبها في القرارات الدراسية المختلفة. على أساس الاقتناع بأن التربية البيئية في إطار الأنظمة التربوية المدرسية تساعد على فهم أفضل للجوانب الإنسانية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية للحياة..
يقسم السعود برامج التربية البيئية النظامية (التعليم النظامي) الى 4 مؤسسات رئيسية، وهي: رياض الأطفال والمدارس (مؤسسات التعليم العام)، والجامعات، وكليات المجتمع (مؤسسات التعليم العالي). على ان المدارس والجامعات مثل العمود الفقري في التعليم النظامي، بسبب ضخامة جمهورها، وطول فترتها الزمنية، قياساً برياض الأطفال ومؤسسات التعليم المتوسط.
أما برامج التربية البيئية غير النظامية (التعليم غير النظامي)، والبعض يطلق على التربية البيئية في التعليم غير النظامي (غير الرسمي): (الاعلام البيئي) أو (الثقافة البيئية) أو التوعية البيئية (5)، فأنها تتم من خلال مؤسسات المجتمع كافة، كالأسر، والنوادي، والجمعيات، والهيئات، والمتاحف، والمعارض، ودور العبادة، ووسائل الإعلام، والمنظمات غير الحكومية، وغيرها. ونظراً لشدة تأثرها وخطورة برامجها وطول مدة تأثيرها الزمنية، فان الأسرة، ودور العبادة، ووسائل الإعلام، تشكل هي الأخرى العمود الفقري لمؤسسات التعليم البيئي غير النظامي (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ رشيد الحمد ومحمد سعيد صباريني، البيئة ومشكلاتها، عالم المعرفة.
2ـ د. بشير محمد عربيات و د. آين سليمان مزاهرة، التربية البيئية.
3ـ - الغايات والأهداف المذكورة مأخوذة عن ميثاق بلغراد، الذي ورد كملحق في كتاب:ـ البيئة ومشكلاتها ـ للأستاذين رشيد الحمد ومحمد سعيد صباريني، عالم المعرفة، الكويت، 1979.
4- رشيد الحمد ومحمد سعيد صباريني، البيئة ومشكلاتها، ص 190.
5ـ المصدر السابق، ص 191.
6ـ د. راتب السعود، الانسان والبيئة (دراسة في التربية البيئية).