المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24

الطريقة العراقية لمعالجة العقم في الدجاج
11-9-2021
الطفرات الراجعة Reverse Mutants
4-12-2019
نظريات تخطيط المدن - المدن التوابع ل Raymond UNWIN
2023-03-18
Frank Featherstone Bonsall
20-1-2018
يونس عليه السلام
18-11-2014
{فاسر باهلك بقطع من الليل}
2024-07-30


نماذج من الاسلوب التربوي الاسلامي في التكريم  
  
3908   11:05 صباحاً   التاريخ: 4-3-2018
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص402-413
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2021 2459
التاريخ: 8-11-2018 1909
التاريخ: 15-4-2016 3103
التاريخ: 2024-03-20 916

نحن نعلم ان الله عز وجل كرم نبيه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وادبه بأحسن التأديب، وامتدحه في قرآنه المجيد بقوله تعالى : (وانك لعلى خلق عظيم) وان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه يقول : (أدبني ربي فأحسن تأديبي).

فالرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو القدوة والأسوة لا في التربية والتأديب فقط وإنما في كل مجال من مجالات الحياة. وقد أدب الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بدوره أهل بيته الأطهار سلام الله عليهم أجمعين أحسن التأديب متبعاً في ذلك أفضل الاساليب التربوية حتى تخرج اهل بيته الاكرمين من مدرسته (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم النموذج الاعلى في التربية والقدوة والاسوة، لا للمسلمين وحدهم وإنما للبشرية جمعاء.

فهذا علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قد تربى منذ نعومة اظفاره وبداية طفولته في حجر النبي العطوف والرؤوم، واستوعب جميع الصفات الفاضلة والسجايا الحميدة من رسول الانسانية وقائد الاسلام العظيم، ولا غرو في ذلك لان حياته المشرقة وسلوكه المستقيم العظيم الاعظم احسن شاهد وابرز دليل على حسن تربيته في دور الطفولة.

ان الاشراف المباشر والتكريم الدائم من لدُّن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لوصيه وخليفته من بعده، منحه سمات بارزة، وصفات يندر وجود نظيرها الا في الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل رصانة الشخصية، واستقلال الارادة والحكمة والنبل والنبوغ في كل شيء.

أجل، إن علياً (عليه السلام) لم يكن طفلاً عادياً من حيث الروح والجسد، بل كان كيانه يحتوي على طاقات ومواهب وقابليات قل نظيرها ولكن اهتمام الرسول (صلى الله عليه واله) به، واشرافه المباشر عليه (عليه السلام) كان له الاثر البالغ في ابراز تلك المواهب والقابليات والطاقات.

إن علياً (عليه السلام) حين البعثة النبوية المباركة ابن ثمان سنوات ـ كما قيل ـ او انه لا يتجاوز العاشرة وهو صاحب تلك المواهب الجبارة والشخصية النادرة والكفاءة الفائقة وقد عرض عليه الاسلام فاعتنقه دونما تردد، فأكد بذلك على عظمة شخصيته وقوة ارادته وعمق ايمانه ووعيه وبصيرته.

وقد تأكد أكثر ان علياً (عليه السلام) لم يسبقه ولم يلحقه لاحق الا معلمه ومربيه الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد انتصر (عليه السلام) في سوح البيان والجهاد والعلم والفضيلة ولم تهزه الشدائد والاهواء والملاحم والفتن التي هددت كيان الاسلام في فترة ما قبل الهجرة في مكة المكرمة، ولم تستطع ان تؤثر فيه قيد شعرة، او تزحزح من عزمه شيئاً رغم انها بعثت في نفوس المسلمين الذعر والقلق.

وهذا كله تحقق نتيجة للأسلوب الامثل والتربية النوعية والتكريم المناسب الذي تلقاه من نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قوى شخصيته، وغذاه من عمله، ومنحه الكثير من حكمته وسيرته ومآثره العظيمة.

إن هذه التربية الفذة، وهذا الثبات، وهذه الاستقامة والمزايا النادرة قد تلقاها ايضا كل من الحسن والحسين (عليهما السلام) فنالا جميع الكمالات منذ الصغر على يد جدهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبيهما امير المؤمنين (عليه السلام) وأمهما الزهراء (عليها السلام) بضعة الرسول محمد

(صلى الله عليه وآله وسلم) سيدة نساء العالمين التي فاقت كل النساء كمالاً وتكاملاً واشراقاً ونوراً... حتى ان المأمون العباسي لقد قال في حقهما أمام ملأ من رجاله :

(وبايع الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما ابنا دون الست سنين، ولم يبايع صبيا غيرهما)(1).

فمبايعة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسنين (عليهما السلام) وهما يبلغا الست سنين دليل على انهما حازا على مواهب عالية، وتربية نادرة، فاستطاعا بذلك ان يبلغا هذه المرتبة الرفيعة.

جاء عن زيد بن علي، عن أبيه:

(ان الحسين بن علي (عليه السلام) أتى عمر بن الخطاب وهو على المنبر يوم الجمعة، فقال : انزل عن منبر أبي، فبكى عمر ثم قال : صدقت يا بني منبر ابيك لا منبر ابي، وقام علي (عليه السلام) وقال : ما هو والله عن رأيي قال : صدقت، والله ما اتهمتك يا ابا الحسن)(2).

وهذا دليل صارخ على قوة شخصية الامام الحسين (عليه السلام) وصلابة استقلال ارادته وعمر يعرف ذلك جيدا وهو في الوقت ذاته ينم عن تلك التربية التي بلغت بالإمام الحسين (عليه السلام) ان يصل إلى هذا المستوى من الوعي وقوة الشخصية ومعرفة الحقيقة، والنطق بالحق ولا يهمه في ذلك لوم لائم على الرغم من صغر سنه.

اضف إلى ذلك ان الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) كان يسأل اولاده بحضور من الناس بعض الاسئلة العلمية، كما ويطلب منهم الاجوبة على مسائل الناس فيجيبوا بكل سرور واقتدار وهذا دليل قوي على تكريم الاولاد واحترامهم واحياء قوة الشخصية فيهم.

وفي يوم من الايام سال الامام علي (عليه السلام) الحسن والحسين بعض الاسئلة فأجاب كل منهما اجوبة حكيمة بعبارات قصيرة... ثم التفت إلى الحارث الأعور فقال:

(يا حارث علموا هذه الحكم اولادكم فإنها زيادة في العقل والحزم والرأي)(3).

وقطعا ان الاب الذي يربي ابناءه هكذا تربية، ويسلك معهم هكذا سلوك، قد احترمهم واحسن تكريمهم واحيى فيهم قوة الشخصية والشجاعة الادبية، وهذا نمط نادر من انماط التربية الصحيحة الناجحة.

وكذلك بقية الائمة المعصومين (عليهم السلام) قد سلكوا مع ابنائهم افضل السلوك، وربوهم بأرقى انواع التربية، وكرموهم بأحسن التكريم، واحترموا رأيهم حتى تخرجوا واثقين من انفسهم مؤمنين بالله العظيم يقولون الحق ولا يأخذهم في ذلك لومة لائم ولا يهابون احد من الناس حتى ولو كان السلطان وبهرجته وجلاوزته تعال اخي القارئ الكريم لنقرأ معاً هذا الحوار الذي جرى بين الامام محمد الجواد (عليه السلام) وهو ابن احدى عشرة سنة والمأمون العباسي عندما جاء إلى بغداد لنقف على صدق ما قلناه انفاً وهذا هو الحوار :

ان المأمون قصد بغداد بعد وفاة الامام الرضا (عليه السلام) وخرج يوما للصيد، فمرّ في اثناء الطريق برهط من الاطفال يلعبون، ومحمد بن علي (عليه السلام) واقف معهم، وكان عمره يومئذ احدى عشرة سنة فما حولها... فلما رآه الاطفال فروا، بينما وقف الجواد (عليه السلام) في مكانه ولم يفر هذا الامر اثار تعجب المأمون فسأله:

لماذا لم تلحق بالأطفال حين هربوا ؟

فقال له : يا امير المؤمنين، لم يكن بالطريق ضيق لأوسعه عليك بذهابي، ولم يكن لي جريمة فأخشاها وظني بك حسن انك لا تضرُّ من لا ذنب له، فوقفت.

لقد تعجب المأمون من هذه الكلمات الحكيمة والمنطق الموزون، والنبرات المتزنة للطفل فساله ما اسمك؟

قال: محمد

قال: محمد بن مَن؟

قال: ابن علي الرضا... عند ذلك ترحم المأمون على الرضا (عليه السلام) ثم ذهب لشأنه (4).

هذا نموذج من نماذج تربية الامام الرضا (عليه السلام) الفذة التي صاغت هذا النمط المثالي من الشخصية الكاملة المتكاملة وقطعا لولا التكريم واحترام الرأي واساليب التربية العالية واللطف الالهي لكما كان مثل كل هذا.

اين نحن من هذه الاساليب التربوية الفذة؟

اين نحن من هذا التكريم واحترام الرأي للأطفال؟

اين البشرية من هذه الاساليب التربوية الاسلامية الصادرة من محمد صاحب الخلق الكريم ومن اهل بيته الغر الميامين وصحبه النجباء الاكرمين؟

ألا يجدر بالإنسانية جمعاء ان تحذوا حذوهم، وتتبع مناهجهم ودينهم واخلاقهم وتسلك سلوكهم في تربية الابناء وتكريمهم اما ان الاوان ان تستيقظ البشرية من سباتها وتلجا إلى بارئها وتتبع مبادئ ربّها واسلامها، وتحث الخطى على هدى قادتها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته الطاهرين، وتتبع أساليبهم لا في التربية والتكريم وحدهما وانما في كل مفردة من مفردات الحياة لتنعم بحياة هانئة مستقرة وجيل سوي صالح كفوء يشعر بالمسؤولية ويتحمل اعباءها ويحقق اهداف الامة وكرامة الانسان ؟

هذا هو الإسلام

اجل، هذا هو الاسلام الحقيقي الواقعي، في تربيته واساليبه واهدافه وصياغته للطفل وتكريمه فهو يسعى دوما وابدا إلى اشباع الحاجات الفطرية للطفل والاستجابة لميوله الطبيعية وانه يهدف من وراء ذلك ان ينال الطفل حظا وافرا من التكريم والتقدير والعطف والحنان حتى يصبح ذا روح مشرقة ونفس مطمئنة وسلوك سوي طبيعي ايجابي ومتفاعل مع الحياة الباسم ثغرها.

لان الطفل الذي يُحرم من التكريم والحنان ينشأ ذا روح ملؤها اليأس والتشاؤم وعدم الانسجام ويكون على شفا جرف هار من الانحراف وربما الانتحار او الامراض العصبية والنفسية المهلكة.

والواقع، فان الاسلام كما يقول التاريخ وسيرة المؤمنين ـ أشاع في الاسرة نور الحب والعطف والتكريم، والتفاهم والتسامح وبذلك حمى القلوب المندحرة وعالج الحرمان الذي اصاب اصحابها وساعد على علاج الكثير من الآلام الروحية والاضرار الاجتماعية.

نعم، ان الاسلام دعا بقوة إلى حب الاطفال وتكريمهم واحترام مشاعرهم مقتدين بقول الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) : (اكرموا اولادكم واحسنوا آدابكم) وقد دعا إلى حب كل الناس وتمنى الخير لهم لان في ذلك اشاعة للسلام العالمي، وتحقيقا للسعادة البشرية والتكامل الروحي.

يقول ابو الحسن (عليه السلام):

(ان اهل الارض لمرحومون ما تحابوا وادوا الامانة، وعملوا الحق).

نعم، تتحقق الرحمة في الارض وينعم الناس بالخير، ويسود السلام والوئام على الجميع، إذا تحابوا فيما بينهم وادوا الامانة وتمسكوا بالحق وعملوا به وهذا ما انتهجه الاسلام في تربيته واساليبه التربوية والاصلاحية والتقويمية.

وعلى كل حال، فان الاسلام يتلقى في ظل الاسلام الحقيقي دروس الفضيلة وحب الخير للجميع منذ الصغر ويوجب على الوالدين ان يبذلا كل ألوان الحب والعطف والحنان لطفلهما، ويفهماه كيف يحب الناس كل الناس، الا المجرمين وشانئي البشر، وآكلي لحومهم وهاضمي حقوقهم. وطبيعي ان الطفل الذي لم يَر عطفاً من أحد أبداً، ولم يذق طعم الحنان، فانه لا يفهم معنى للحب والحنان، ولا يدرك هذه الحقيقة الروحية أصلاً. لذلك فهو يتعامل مع الناس على ضوء ما تلقاه من برودة الحياة، وجفاء الاخرين، وتزمتهم وعقابهم، فبالحقيقة انه فرد لا نتأمل منه ان يكون محباً للآخرين البتة.

اجل، ان أساس التنمية الصحيحة لعواطف الاطفال، هو التكريم والحب والعطف والحنان لهم ففي ظلها فقط تكمن هدايتهم إلى الصراط المستقيم والحياة الطبيعية الهانئة والكريمة وعند عدمها فان مشاعرهم ستسير لا محالة نحو جادة الانحراف، ويشعرون بالتشاؤم والتعقيد والاستياء، وتشب في نفوسهم نيران العداوة والحقد والبغضاء وما اشبه. وعلى ضوء ذلك كله كرم الاسلام الاطفال واهتم بتربيتهم واشبع حاجاتهم بصورة متوازنة وحكيمة.

والواقع ان الاسلام وقادته الاكرمين قد بالغوا في اهتماماتهم التربوية والتكريمية لأطفالهم واطفال الامة الاسلامية والانسانية حرصا منهم على سلامتهم الفكرية والعاطفية والجسدية والروحية وانتشالهم من الحضيض إلى سماء المجد والرقي والتكامل.

فهذا الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ولعظم اهتمامه بهذا الموضوع الهام وعلى الخصوص التربية الدينية نراه (صلى الله عليه وآله وسلم) يصل إلى درجة انه يتبرأ من الآباء الذين يهملون القيام بذلك الواجب، ولم يقبل بانتسابهم له (صلى الله عليه وآله وسلم) وحديثه الشريف هذا يؤكد ذلك :

(روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه نظر إلى بعض الاطفال فقال: ويل لأولاد اخر الزمان من ابائهم !

فقيل يا رسول الله من ابائهم المشركين؟

فقال : لا ، من ابائهم المؤمنين لا يعلمونهم شيئا من الفرائض واذا تعلم اولادهم منعوهم ورضوا عنهم بعرض يسير من الدنيا، فأنا منهم برئ وهم مني برآء).

وقد كان الامام الحسين (عليه السلام) يملأ فم المعلم دراً ويمنحه نقودا لأنه علم احد ابنائه سورة كاملة من القرآن الكريم وهي سورة الحمد المباركة كان عبد الرحمن السلمي يعلم ولدا للأمام الحسين (عليه السلام) سورة الحمد، فعندما قرأ الطفل السورة كاملة امام والده، ملأ الحسين (عليه السلام) فم معلمه دراً بعد ان اعطاه نقودا وهدايا اخرى فقيل له في ذلك:

فقال (عليه السلام) : (واين يقع هذا من عطائه)؟، يقصد تعليمه ان اهتمام النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الاطهار (عليهم السلام) كبير جداً في عموم التربية وخصوصا الدينية منها لضمان سلامة وسعادة الاطفال وحسن تربيتهم ورقيهم وكمالهم.

وقد أكد علماء الغرب على اهمية التربية الدينية لآثارها الايجابية يقول (ريمو نديج) ما يلي :

(لاشك في ان المهمة الاخلاقية والدينية تقع على عاتق الاسرة قبل سائر المسائل ذلك ان التربية الفاقدة للأخلاق لا تعطينا سوى مجرمين حاذقين من جهة اخرى، فإن قلب الانسان لا يمكن ان يعتنق الاخلاق من دون وجود دافع ديني، لو حاول شخص ان يتفهم الاصول الخلقية بمعزل عن الدين فكانه يقصد تكوين موجود حي لكنه لا يتنفس).

وللإنصاف نقول:

هل توجد تربية كتربية الاسلام؟

او هل يوجد قادة مربون ومرشدون وموجهون ومهتمون كالرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل البيت الاكرمين الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين؟

وهل توجد أساليب تربوية ومناهج تهذيبية وتعليمات اخلاقية وروحية كالتي دعا اليها الاسلام، وجسدها على ارض الواقع وقد جنت البشرية جمعاء ثمارها واكلها؟

وهل يستطيع العالم اليوم، ان يخلق ويربي جيلا كالذي رباه الاسلام واخذ دوره في نشر النور والهداية في معظم اصقاع الدنيا في فترة وجيزة لا تتجاوز الربع قرن من السنين، وضرب اروع الامثلة في القيم الانسانية العليا والايثار والتضحية والجهاد وحب الفضيلة وانصاف المظلوم من الظالم، وانقاذ المستضعفين من براثن العبودية وايادي الطغاة والعتاة والجلادين وناهبي الثروات؟!

اذن، فحري بالعالم اليوم ان ينظر بجدية إلى الاسلام الحقيقي ويؤمن ما حققه الاولون من ضروب الخير، وألوان المنفعة والاستقرار النفسي، والكمال الروحي والاعتدال والسعادة في الحياة. والحياة الاخرى.

____________

1ـ بحار الانوار: ج12، ص119.

2ـ مجموعة ورام :ج2، ص88.

3- بحار الانوار :ج17، ص144.

4- المصدر السابق ج12، ص122.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.