أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2019
2335
التاريخ: 19-4-2019
2309
التاريخ: 7-5-2019
1733
التاريخ: 14-5-2020
1972
|
التاريخ:
هو حركةُ الشيء في محيطه خلال الزمان.
وبعبارةٍ أخرى، التاريخ:
هو عمليةُ التحوّل والتغيّر والانتقال (الصيرورة) من حالةٍ إلى حالة، التي تعتري الشيء أو يُنجزها الشّيء من خلال علاقته بعناصر محيطة عبرَ الزّمان.
وقد كان الشيءُ في النظرة السائدة قديماً يعني الإنسان فقط، ويعني - بصورة محدّدة - الفعاليات الإنسانية: المجتمع والمؤسسات السياسيّة والعسكريّة والاجتماعية والثقافيّة.
لقد كان التاريخ علم حركة الإنسان من خلال محيطه في الزمان، ولكن العصر الحديث شهد تطوّراً في مدلول هذا المصطلح فاتّسع ليشمل كلّ شيء في الطبيعة والحضارة: الأرض، والمعادن، والنباتات، والحيوان، والأفكار، والعلوم.. وغير ذلك إِلى جانب الفعاليات الإنسانيّة، وغدا في وُسْع المؤرِّخ ذي النظرة الشاملة أنْ يدّعي أنّ التاريخ كالفلسفة ذو موضوع شامل لكلّ ما يمكن أنْ يدخل في الوعي البشري.
ولعلّ بعض المؤرِّخين المسلمين العظام كانوا قد انتهوا في تفكيرهم إِلى حافّة هذه النظرة التي تُعطي التاريخ مفهوماً شاملاً يتجاوز الفعالياتِ الإنسانيّة، فنلاحظ أنَّهم أدخلوا في كتاباتهم التاريخيّة معلوماتٍ جغرافيّة أو فلسفيّة، والمسعوديُّ في كتابه (مروج الذهب ومعادن الجوهر) مثال بارز على ذلك.
ولكن هذه النظرة الشمولية لا تعنينا هنا. إنَّ عِنايتنا موجّهة نحو تاريخ الإنسان. وربّما أمكن ردّ كلّ فروع التاريخ الأخرى - في النظرة الشموليّة الحديثة - إلى تاريخ الإنسان، من حيث إنّها تؤرِّخ لبعض نشاطاته: (تاريخ العلوم، الفنون والآداب، الفلسفة) أو تؤرّخ لبيئته: (النبات، الحيوان، طبقات الأرض) .
وإذن، فالتاريخ:
هو حركة الإنسان في محيطه خلال الزمان، وقد يعالج التاريخ حركةَ الإنسان في مجتمع معيّن أو في إِطار ثقافة معيّنة، وقد يتّسع ليعالج حركة الإنسان على صعيدٍ عالمي.
ولا شكَّ في أن فكرة (العالميّة) لدى المؤرّخين المسلمين قد جاءتْهم من القرآن الكريم، حيث صَوّر حركة الإنسانيّة من خلال عرضه لحركة النُبُوّات في الأمم والشعوب، كما أنّهم استفادوا في تعزيز نظرتهم العالميّة من (علم الأنساب) الذي تحدّر إِليهم من التقليد الجاهلي القديم، ثمّ دخل - كغيره من المعارف العربيّة والإسلاميّة - عصر التّدوين. وليس المهمُّ هنا جانب الصّدق التاريخي في علم الأنساب، وهو أمر مشكوك فيه، وإِنّما المهمّ ما تُعطيه المعرفة النِسْبِيّة من إِدراكٍ لترابط الشعوب والقبائل وعلاقاتها الداخليّة، هذا الإدراكُ الذي يتجاوز بالمؤرِّخ حدود الجغرافيا والقبليّة أو القوميّة ليفتح بصيرته على مدى أرحب.
على هذا المدى الرحب كان الإمامُ عليُّ بنُ أبي طالب (عليه السّلام) يتعامل مع التاريخ، لا كمؤرّخ وإِنّما باعتبارهِ رجل عقيدة ورسالة، ورجل دولة وحاكماً، ولم يكن يستخدم التاريخ كمادّة وَعْظيّة فقط، وإِنّما كان يستهدف أيضاً منه النقد السياسي والتربية السياسية لمجتمعه والتوجيه الحضاري لهذا المجتمع.
ونحاول في هذا الكتاب أنْ نجلوَ نظرةَ الإمامِ عليّ (عليه السّلام) إِلى حركة التاريخ، ونكتشف أساليب تعامله مع التاريخ في حياته العامّة الفكريّة والسياسيّة.
والمصدر الأساس لهذه الدراسات هو كتاب نهج البلاغة، وربّما استعنّا بنصوص أُخرى لم يضمِّنْها الشريفُ الرّضي في كتاب نهج البلاغة:
للتعرّفِ على مزيد من التفاصيل بالنسبة إِلى نظرة الإمام التاريخيّة.
- أو لإكمال نصوص أوردها الشّريف الرّضي في نهج البلاغة مبتورة.
ونحن نرى أنّ كتاب نهج البلاغة وثيقة عظيمة القيمة في الحضارة الإسلاميّة من الناحية الفكريّة والسياسيّة. ولا ينقضي أسفُنا على أنّ الشريف الرضي رحِمه اللّهُ قد جمع النصوص لغاية جماليّة تحكّمتْ في اختياره فجعلتْه يُؤْثِر النصوص الممتازة من النواحي البلاغيّة الفنِّيّة ويهمل ما عداها، وقد يجزّئ - لهذا السبب - من النصّ بَعْضُه الذي تتوفّر فيه هذه الخاصّة ويهمل سائره، وهذا ما دعاه إِلى أنْ يُعطي كتابه اسماً يلخّص الغاية مِن جَمْعه له والمنهاج الذي اتّبعه في عمليّة الجمع، فضاع على الحضارة الإسلاميّة بذلك علم كثير وفكر عظيم.
ولعلّ اللّه تعالى يُقيّض من العلماء والباحثين مَن يتقصّى - في كتب السيرة والتاريخ والحديث والأدب - جميع ما رُوِيَ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ويخضعه لدراسة نقديّة صارمة، تميّز الأصيل فيه من المنحول الموضوع، ويصنّف ما يثبت للنقد منه مع ما ورد في نهج البلاغة للشريف الرضي رحِمه اللّهُ تعالى تصنيفاً علميّاً حسب موضوعات النصوص (في السّياسة، والفكر، والوعظ، والحرب، والفقه، والإلهيات وسائر العقائد... وغير ذلك من الموضوعات) فذلك يجعل نهج البلاغة ومستدركه مصدراً ميسّراً للدراسات العلميّة، عظيم القيمة جليل الفائدة.
وقد قام المرحوم الشيخ هادي كاشف الغطاء بتأليف كتاب (مستدرك نهج البلاغة) ورتّبه على نحو ما رتّب الشريف الرّضي كتاب نهج البلاغة: (الخطب، والكتب، والحكم) ، ولكن هذا العمل دون ما نطمح إِليه لسببين:
الأوّل: ما نُقَدّر من أنّ هذا الكتاب لم يستوعب كلّ ما أهمله الشريف أو شذّ عنه، ولذا فإنّ الحاجة إِلى عمل أكثر شمولاً لا تزال قائمة.
الثاني: ما يبدو لنا من أنّ كاشف الغطاء أثبت في كتابه كلّ ما وجده منسوباً إِلى الإمام، ولم يُخضع النصوص للنّقد، وهذا ما جعله يثبت في كتابه نصوصاً منسوبة إِلى الإمام نُقدِّر أنّها موضوعة.
وهنا نجد من المناسب الإشارة إِلى أنّ اللَغَط الذي أُثير حول صِحَّة نسبة ما جَمَعَهُ السيّد الشريف في نهج البلاغة إِلى الإمام (عليه السّلام) بوجه عام منذ (ابن خلدون) إِلى (زكي مبارك وأحمد أمين) ، من التشكيك في صِحّة النسبة أو الجزم بعدم صِحّة النسبة، هذا اللَغَط الذي أثاره التعصّب في بعض الأحيان والجهل في أحيان كثيرة قد انتهى، أو يجب أنْ ينتهي إِلى التسليم بصحّة النسبة التاريخيّة لِمَا ورد في نهج البلاغة بوجهٍ عام إِلى الإمام (عليه السّلام)، فإنّ الدّراسات والأبحاث التوثيقيّة الّتي عُقدتْ حول نهج البلاغة - منذ شارح نهج البلاغة (عزّ الدين بن أبي الحديد) (٥٨٦ - ٦٥٥ هجري) إلى أيّامنا - قدّمت أجوبةً مقنعة على جميع التّساؤلات الّتي أُثيرت، وأَغلقت منافذ الشّك في صحّة نسبة ما اشتمل عليه نهج البلاغة إِلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، بالقدر الّذي يكفي لتصحيح النّسبة التّاريخيّة لأيّ نصّ من نصوص الفكر الإسلامي.
* وهذه الأبحاث والدّراسات على قسمَين:
١- منها ما اتّبع منهاج النّقد الدّاخلي: حيث أُخضعت النّصوص لدراسة تكوين الجُمَل فيها والعلاقات بين جملة وأخرى، وأنواع المفردات والمجازات وما إلى ذلك من مكوّنات النّصّ. وهذا ما صنعه (ابن أبي الحديد) في عِدّة مواضع من شرحه، وبعض مَن تأخّر عنه من الشُّرّاح والباحثين. وهذا النّوع من الأبحاث قليل ومقصور على بعض نصوص النّهج؛ ولذا فإنّ الحاجة ماسّة إلى دراسة شاملة لجميع نصوص نهج البلاغة تتّبع هذا المنهاج.
٢- ومنها ما اتّبع منهاج النّقد الخارجي: حيث بُحث عن مصادر متقدّمة في الزّمن على الشّريف الرّضي تضمّنت نصوصاً من نهج البلاغة.
وقد كانت نتائج هذه الدّراسات وتلك في مصلحة صحّة نسبة نهج البلاغة بوجه عام إلى الإمام (عليه السّلام).
ولعلّ آخر دراسة توثيقيّة هامّة وشاملة اتُّبع فيها منهاج النّقد الخارجي هي دراسة الأستاذ السّيد (عبد الزّهراء الخطيب) الّتي نشرها في كتابهِ (مصادر نهج البلاغة وأسانيده - ٤ مجلدات / دار الأعلمي للمطبوعات - بيروت) .
ومن المؤكَّد أنّ هذه الدّراسة لن تكون الأخيرة، فإنّ دراسات أخرى ستُضاف إلى ما تمّ إنجازه في هذا الحقل كلّما تنامتْ حركة نشر كتب الفكر الإسلامي، الّتي لا تزال مخطوطة وموزّعة في مكتبات العالَم.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|