أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2020
9079
التاريخ: 9-9-2020
9926
التاريخ: 11-9-2020
2334
التاريخ: 6-9-2020
8875
|
قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) وَلَو أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى } [طه: 133 - 135]
{وقالوا} يعني الكفار { لَوْلَا يَأْتِينَا } محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) { بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ} اقترحناها عليه كما أتى به الأنبياء ، نحوالناقة {أ ولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى} أي أ ولم يأتهم في القرآن بيان ما في الكتب الأولى من أنباء الأمم التي أهلكناهم لما اقترحوا الآيات ثم كفروا بها فما ذا يؤمنهم أن يكون حالهم في سؤال الآية كحال أولئك {ولوأنا أهلكناهم} يعني كفار قريش {بعذاب من قبله} أي: من قبل بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ونزول القرآن {لقالوا} يوم القيامة { رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا} أي: هلا أرسلت {رسولا} يدعونا إلى طاعتك ويرشدنا إلى دينك {فنتبع آياتك} أي: نعمل بما فيها {من قبل أن نذل} بالعذاب {ونخزى} في جهنم وقيل من قبل أن نذل في الدنيا بالقتل والأسر ونخزى في الآخرة بالعذاب فقطعنا عذرهم بإرسال الرسول فلم يبق لهم متعلق.
ثم قال سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) {قل} يا محمد {كل متربص} أي: كل واحد منا ومنكم منتظر فنحن ننتظر وعد الله لنا فيكم وأنتم تتربصون بنا الدوائر {فتربصوا} أنتم أي: انتظروا وهذا على وجه التهديد {فستعلمون} أي: فسوف تعلمون فيما بعد { مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ} أي: أهل الدين المستقيم {ومن اهتدى} إلى طريق الحق أي أنحن أم أنتم وفي قوله سبحانه { وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ} الآية دلالة على وجوب اللطف لأنه سبحانه بين أنه إنما بعث الرسول إليهم لطفا لهم وأنه لولم يبعثه لكان لهم الحجة عليه فكان في البعثة قطع العذر وإزاحة العلة وبالله التوفيق .
_____________
1- تفسير مجمع البيان،الطبرسي،ج7،ص68-69.
{ وقالُوا لَولا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ } . تقدم مثله مع التفسير في الآية 118 من سورة البقرة ج 1 ص 189 والآية 73 من سورة الأنعام ج 3 ص 184 والآية 20 من سورة يونس ج 4 ص 144 { أَولَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الأُولى }.
إذا كنتم تطلبون المعجزة حقا أيها المشركون ، لا عنادا وتعنتا فهذا القرآن بين أيديكم . . فإنه معجزة المعجزات من عدة جهات ، ومنها انه بيان لما جاءت به الرسل ، ونزلت به الكتب السماوية على حقيقته . . كلا ، لستم من طلاب الحقيقة والهداية ، ولا من أهل الصدق والخير ، وما طلبتم ما طلبتم إلا للمراوغة والتحايل ، والمكابرة والعناد .
{ ولَوأَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَولا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ ونَخْزى }. ضمير أهلكناهم يعود إلى مشركي قريش ، وضمير من قبله إلى النبي أوالقرآن ، والمعنى لوعذبنا المشركين في الدنيا أوالآخرة دون ان نقطع حجتهم بإرسال محمد ونزول القرآن لاحتجوا وقالوا للَّه :
أتعاقبنا قبل ان ترسل إلينا من يخرجنا من الجهل ، وينبهنا من الغفلة ، فيأمرنا بما تحب ، وينهانا عما تكره ؟ ولكن اللَّه سبحانه قطع جميع أعذارهم بعد ان أرسل إليهم محمدا ( صلى الله عليه واله وسلم ) بآيات مسفرة ظاهرة .
{ قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ ومَنِ اهْتَدى }.
هذا إنذار بأنهم يسلكون طريق الضلالة والهلاك ، وتهديد ووعيد لما ينتظرهم من العذاب المحتوم . . ولكن ما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون إلا بمكاسبهم ومنافعهم .
__________________
1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 257.
وكيف كان فقولهم:{ لَولا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ } تحضيض بداعي إهانة القرآن وتعجيز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باقتراح آية معجزة أخرى، وقوله:{ أَولَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ } إلخ، جواب عنه ومعناه على الوجه الأول من معنيي البينة أ ولم تأتهم بينة وشاهد يشهد على ما في الصحف الأولى - وهي التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماوية - من حقائق المعارف والشرائع ويبينها وهو القرآن وقد أتى به رجل لا عهد له بمعلم يعلمه ولا ملقن يلقنه ذلك.
وعلى الوجه الثاني: أولم يأتهم بيان ما في الصحف الأولى من أخبار الأمم الماضين الذين اقترحوا على أنبيائهم الآيات المعجزة فأتوا بها وكان إتيانها سببا لهلاكهم واستئصالهم لما لم يؤمنوا بها بعد إذ جاءتهم فلم لا ينتهون عن اقتراح آية بعد القرآن؟ ولكل من المعنيين نظير في كلامه تعالى.
قوله تعالى:{ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} الظاهر أن ضمير{من قبله} للبينة - في الآية السابقة - باعتبار أنها القرآن، والمعنى: ولو أنا أهلكناهم لإسرافهم وكفرهم بعذاب من قبل أن تأتيهم البينة لم تتم عليهم الحجة ولكانت الحجة لهم علينا ولقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك وهي التي تدل عليها البينة من قبل أن نذل بعذاب الاستئصال ونخزى.
وقيل الضمير للرسول المعلوم من مضمون الآية السابقة بشهادة قولهم:{ لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا} وهو قريب من جهة اللفظ والمعنى الأول من جهة المعنى ويؤيده قوله:{فنتبع آياتك} ولم يقل فنتبع رسولك.
قوله تعالى:{ قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى} التربص الانتظار، والصراط السوي الطريق المستقيم، وقوله:{كل متربص} أي كل منا ومنكم متربص منتظر فنحن ننتظر ما وعده الله لنا فيكم وفي تقدم دينه وتمام نوره وأنتم تنتظرون بنا الدوائر لتبطلوا الدعوة الحقة وكل منا ومنكم يسلك سبيلا إلى مطلوبه فتربصوا وانتظروا وفيه تهديد فستعلمون أي طائفة منا ومنكم أصحاب الطريق المستقيم الذي يوصله إلى مطلوبه ومن الذين اهتدوا إلى المطلوب وفيه ملحمة وإخبار بالفتح.
______________
1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج14،ص194-195.
ثمّ أشارت الآية التالية إلى واحدة من حجج الكفّار الواهية فقالت: { وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ } واجابتهم مباشرة: { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى }حيث كانوا يشكّكون ويطلبون الأعذار بصورة متلاحقة من أجل الإتيان بالمعجزات، وبعد رؤية ومشاهدة تلك المعاجز إستمرّوا في كفرهم وإنكارهم، فحاق بهم العذاب الإلهي، أفلا يعلمون بأنّهم إذا ساروا في نفس الطريق فسينتظرهم المصير نفسه؟
ويحتمل أيضاً في تفسير هذه الآية أنّ المراد من «البيّنة» نفس القرآن الذي يبيّن حقائق الكتب السماوية السابقة على مستوى أعلى، فالآية تقول: لماذا يطلب هؤلاء معجزة، ويتذرّعون بالأعذار الواهية؟ أليس هذا القرآن مع هذه الإمتيازات الكبيرة التي تحتوي على حقائق الكتب السماوية السابقة كافياً لهؤلاء؟
وقد ذكر تفسير آخر لهذه الآية، وهو: إنّ الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ مع أنّه لم يكن قد درس وتعلّم ـ فقد جاء بكتاب واضح جلي ينسجم مع ما كان في متون الكتب السماوية، وهذا بنفسه دليل على الإعجاز. إضافةً إلى أنّ صفات النّبي وصفات كتابه تنطبق تماماً على العلامات التي جاءت في الكتب السماوية السابقة، وهذا دليل أحقّيته(2).
وعلى كلّ حال، فإنّ هؤلاء المتذّرعين ليسوا اُناساً طلاّب حقّ، بل إنّهم دائماً في صدد إيجاد أعذار وتبريرات جديدة، فحتّى { وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} إلاّ أنّهم الآن وقد جاءهم هذا النّبي الكريم بهذا الكتاب العظيم، يقولون كلّ يوم كلاماً، ويختلفون الأعذار للفرار من الحقّ.
وقالت الآية التالية: أنذر هؤلاء و { قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ } فنحن بإنتظار الوعود الإلهيّة في حقّكم، وأنتم بإنتظار أن تحيط بنا المشاكل والمصائب { فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى} وبهذه الجملة الحاسمة العميقة المعنى تنتهي المحاورة مع هؤلاء المنكرين العنودين المتذّرعين.
وخلاصة القول: فإنّ هذه السورة لمّا كانت قد نزلت في مكّة، وكان النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)والمسلمون تحت ضغط شديد من قبل الأعداء، فإنّ الله قد واساهم وسرّى عن نفوسهم في نهاية هذه السورة، فتارةً ينهاهم عن أن تأخذهم وتبهرهم أموال المنكرين الزائلة وثرواتهم، إذ هي للإمتحان والإبتلاء، وتارةً يأمرهم بالصلاة والإستقامة لتقوى قواهم المعنوية أمام كثرة الأعداء. وأخيراً يبشّر المسلمين بأنّ هؤلاء إن لم يؤمنوا فإنّ لهم مصيراً أسود مشؤوماً يجب أن يكونوا في إنتظاره.
______________
1- تفسير الامثل،ناصر مكارم الشيرازي،ج8،ص222-223.
2- التّفسير الأوّل في مجمع البيان، والثّاني في الظلال، والثّالث ذكره الفخر الرازي في التّفسير الكبير، وهذه التفاسير وإن إختلفت إلاّ أنّها لا تتضارب فيما بينها، وخاصّة التّفسير الثّاني والثّالث.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|