أهمية تسجيل الناخبين
المؤلف:
سعد مظلوم عبدالله العبدلي
المصدر:
ضمانات حرية ونزاهة الانتخابات
الجزء والصفحة:
ص 129-131
2025-12-04
29
إن عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية تعد أساسية لاستبعاد الأشخاص الذين ليس لديهم الأهلية المطلوبة للعملية الانتخابية وتحديد المواطنين ذوي الأهلية ليتسنى لهم المشاركة في التصويت ، كما ان دقة عملية التسجيل ووجود سجل انتخابي كامل وشامل تعد عنصرا حاسما في إرساء الممارسة الكاملة لحق الاقتراع(1) .
أن هذه الجداول يجب ان يتم تحريرها بطريقة منظمة ودقيقة لضمان المساواة والديمقراطية ، وقد يبدو الأمر بسيطا من الناحية النظرية ، ولكن هذا الأمر ـ من الناحية العملية ـ يستلزم جهدا كبيرا ، سواء من الناخب الذي يريد قيد اسمه ، أو من جهة الإدارة التي تتولى عمليات الحذف وإعادة هيكلة هذه الجداول .
ففي فرنسا يوجد حوالي 6٪ من الناخبين ، أي ما يوازي ثلاثة ملايين لا يتم قيدهم بسبب إهمالهم التوجه إلى مكاتب التسجيل(2) .
أما في مصر فأن نسبة الذين يمتلكون بطاقات انتخابية لا يزيدون عن 25% من عدد المواطنين الذين لهم حق التصويت ، كما أن 80٪ من طلاب الجامعات لا يحملون بطاقة انتخابية(3) ، وهذا يوضح بجلاء مدى الخلل الموجود في هذه الجداول ، الأمر الذي يؤدي لأن تصبح الممارسة الفعلية لحق التصويت مجرد شكل خالٍ من المضمون(4) .
آخذين بنظر الاعتبار انه ليس من اليسير ضمان وجود نظام تسجيل للناخبين جدير بالثقة ، فقلة من الدول يكون بوسعها تحديث سجلات الناخبين لديها باستمرار وتلقائياً ، ويبقى العمل الحكومي الإيجابي جوهرياً في هذا المجال ، مع التركيز على برامج مكثفة في التربية المدنية ( الوطنية ) ، بما في ذلك تدريب المسؤولين عن الانتخابات وتعريف الجمهور بالهدف من التصويت(5) .
وفي حالة غياب عملية تسجيل للناخبين ، يتعين عندها تحديد الأهلية الانتخابية في يوم الاقتراع في مكاتب التصويت ، وفي هذه الحالة ، إذا ما أعتبر بعض الأشخاص أن إقصائهم من حق التصويت لا أساس له ، يكون من الصعب التحرك لاسترداد هذا الحق ، كما يصعب منع الأشخاص الذين تم خطأ اعتبارهم مؤهلين للتصويت من ممارسة ذلك ، وتؤدي مثل هذه المشاكل إلى إحداث تأخيرات وفوضى ، وإلى احتمال اندلاع نزاعات بمكاتب التصويت(6) .
وبشكل عام فان عملية تسجيل الناخبين تستجيب لعدد من الأهداف هي :
1: يُعد الجدول أداة عملية لتحديد أعضاء هيئة المشاركة والتأكد وقت التصويت ممن يتمتعون بممارسة هذا الحق .
2 : منع الأشخاص غير المؤهلين من التصويت .
3 : منع الناخب من التصويت أكثر من مرة واحدة(7) .
4 : يُسّهل من الإجراءات الانتخابية ، ويوفر الكثير من المعلومات الضرورية ، حيث تسهم المعطيات الممكن أخذها من الجدول في تحديد إعداد هيئة المشاركة ، القاسم الانتخابي ، النسبة المئوية المطلوب تحقيقها للفوز بالمقعد ، ... الخ(8) .
5 : يُعد وسيلة مهمة في توزيع الناخبين على مراكز اقتراع محددة(9) .
6 : يمكن للأحزاب أن تستعمل المعلومات المتعلقة بتسجيل الناخبين لتوجيه حملاتها الانتخابية وأنشطتها التعبوية(10) ، بشرط عدم التدخل في عملية التسجيل(11) ، كما يمكن لمنظمات المجتمع المدني استخدام هذه المعلومات لتوجيه أنشطتها الهادفة لتوعية الناخبين(12) .
_____________
1- ينظر : رتشارد . ل. كلاين وباتريك مرلو ، بناء الثقة في عملية تسجيل الناخبين ، المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية ، لبنان ، 2001 ، ص 1 ؛ زكريا زكريا محمد المرسي المصري ، مدى الرقابة القضائية على إجراءات الانتخاب للسلطات الإدارية والسياسية ، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق ، جامعة القاهرة ، 1998 ، ص 183 .
2- د. سعاد الشرقاوي و د. عبد الله ناصف ، نظم الانتخابات في العالم وفي مصر ، ط 2 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1994 ، ص 29 .
3- الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية ، الموقع الالكتروني : غرفة عمليات مراقبة الانتخابات البرلمانية المصرية لسنة 2005 ، الرابط الالكتروني : www.hrinfo.net .
4- د. جابر جاد نصار ، الاستفتاء الشعبي والديمقراطية ، ص 426 .
5- سبقت انتخابات يونيه 1990 في تشيكوسلوفاكيا حملة مدبرة شعارها " كل شخص لا يدلي بصوته ، يصوت لصالح النظام الشمولي " ، فشارك نحو 95% من الناخبين المؤهلين في التصويت . ينظر :
Jeffrey Fischer , Voter Registration in Emerging Democracies , Two Case studies , Haiti 1990 , Guyana 1991 , Comparative Perspective , The Center for International Affairs , Harvard University , 1991 , p.55 .
6- رتشارد . ل. كلاين وباتريك مرلو ، بناء الثقة في عملية تسجيل الناخبين ، المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية ، لبنان ، 2001 ، ص 12 .
7- د. فاروق عبد البر ، دور مجلس الدولة المصري في حماية الحقوق والحريات العامة ، ج 3 ، المجلد الأول ، النسر الذهبي للطباعة ، القاهرة ، 1988، ص 44 .
8- مثال ذلك : الانتخابات التشريعية العراقية في كانون الأول 2005 ، حيث تم اعتماد سجل الناخبين الذي تم إعداده بمناسبة انتخابات الجمعية الوطنية في كانون الثاني من نفس العام ، كأساس لاحتساب عدد المقاعد النيابية لكل محافظة ، وذلك في ظل عدم وجود أية قاعدة بيانات أخرى يمكن اعتمادها كأساس لتوزيع المقاعد .
9- المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق ، ثلاث عمليات انتخابية تاريخية في عام واحد ، بغداد ، أيلول 2006 ، ص 20 .
10- ينظر نص المادة (3-3) من القسم الثالث من النظام رقم (3) لسنة 2005 ، الصادر عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق ، والتي تنص على " الكيانات السياسية مسؤولة عن اطلاع وكلائها المعتمدين اطلاعا كاملا على إجراءات عملية تسجيل الناخبين والاستفتاء والانتخابات وأحكام قواعد السلوك قبل الشروع في نشاطاتهم " .
11- ينظر المادة (3-5) من النظام رقم (3) لسنة 2005 ، والتي تنص على " لا يجوز لوكلاء الكيانات السياسية في أي حال التدخل في عملية تحديث سجل الناخبين ... ولهم ان يلفتوا انتباه أعضاء المفوضية ... إلى قضايا حدثت أثناء تواجدهم ويريدون إثارتها ، ولا يكون أعضاء المفوضية ملزمين بالتحرك بشأنها " .
12- رتشارد . ل. كلاين وباتريك مرلو ، بناء الثقة في عملية تسجيل الناخبين ، المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية ، لبنان ، 2001 ، ص 11 .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة