أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-4-2017
14133
التاريخ: 11-4-2017
6861
التاريخ: 9-6-2016
21872
التاريخ: 7-6-2016
6576
|
وتعد هذه الحالة من اخطر حالات الانحراف باستعمال سلطة الضبط الاداري, ذلك ان مصدر القرار انما يسعى الى تحقيق اغراض شخصية بعيدة عن المصلحة العامة(1), حيث ان مصدر القرار قد يستهدف تحقيق نفع شخصي له او لغيره, وقد يسعى الى الانتقام من شخص اخر, وقد يكون الغرض من اصدار القرار هو تحقيق هدف سياسي, وذلك ما يقتضي تفصيل تلك الحالات كل على انفراد.
اولاً: استخدام سلطة الضبط لتحقيق نفع شخصي لمصدر القرار او لغيره:
رغم ان السلطات الممنوحة لجهة الادارة المختصة بالمحافظة على النظام العام, هي وسائل قانونية يفترض ان تستخدم لتحقيق الصالح العام, الا ان مصدر القرار الاداري قد يسعى لتحقيق نفع شخصي له او لغيره. وقد استقرت احكام القضاء الاداري على الاقرار بعدم مشروعية قرارات الضبط الإداري الصادرة لتحقيق نفع شخصي, كونه مشوباً يعيب الانحراف, فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي بالغاء القرار الاداري الذي اصدره احد العمد والمتضمن منع احدى الفرق الموسيقية من ممارسة نشاطها في احد الطرق العامة, بعدما تبين ان الغاية من اصدار القرار الاداري لم تكن المحافظة على النظام العام, بل كان لغرض محاباة فرقة موسيقية اخرى منافسة لها.(2) كما قضى ايضاً بالغاء القرار الاداري الصادر من احد العمد المتضمن تحديد ساعات فتح المراقص في البلدة, بعد ما تبين ان الغاية من القرار المذكور لم تكن المحافظة على النظام العام, بل لتحقيق مصلحة شخصية للعمدة, كونه يملك احدى المقاهي التي انصرف عنها روادها الى دور الرقص القريبة(3). ومن الاحكام الحديثة لمجلس الدولة الفرنسي, قراره المؤرخ 15/مارس/1996, والذي ألغى بموجبه القرار الاداري الذي اصدره احد العمد, ومنع بموجبه ممارسة النشاط من قبل عدد من التجار المتجولين الا على بعد مسافة 150 متر من المحلات التي تبيع تجارة متشابهة بادعاء المحافظة على النظام العام, بعد ما تبين للمجلس ان الغاية الحقيقية لاصدار القرار هي تحقيق مصلحة شخصية للتجار اصحاب المحلات القريبة(4) وقد سارت احكام القضاء الاداري المصري, على ذات النهج السابق بالغاء قرارات الضبط الاداري المشوبة بعيب الانحراف عندما تكون الغاية الحقيقية هي تحقيق منفعة شخصية لمصدر القرار, فقد قضت محكمة القضاء الاداري بانه ((... ليس امعن في الانحراف بالسلطة من ان تتخذ الادارة سلطتها وسيلة لتحقيق اغراض خاصة دون مبرر من المصلحة العامة مما يجعل هذا القرار باطلاً, حقيقياً بالالغاء...)),(5) كما قضت المحكمة الادارية العليا في مصر, بالغاء القرار الاداري الذي اصدرته سلطة الضبط الاداري المتضمن الغاء تراخيص ممنوحة لبعض الاشخاص دون البعض الاخر, بعد ما تبين للمحكمة ان الغاية الحقيقية من القرار لم تكن المحافظة على النظام العام, بل هنالك تمييزاً واضحاً فيه بين الاشخاص الذي ثم منحهم تلك التراخيص.(6) اما في احكام القضاء العراقي, فقد قضت محكمة القضاء الاداري بالغاء القرار الاداري الصادر بحرمان بعض الاشخاص من الدخول في مزايدة علنية باعتبار ان ((... قيام المدعين باستغلال الحضور للمزايدة والتاثير على نزاهة المزايدة باستخدام الضغوط المنافية للنظام وقواعد القانون وابتزاز عدد من المزايدين... وحيث لم يثبت للمحكمة قيام المدعين بالتاثير على المزايدات ونزاهتها... وحيث ان هذه المحكمة تجد ان من حق المواطن ممارسة العمل التجاري بكل السبل القانونية المتاحة والمشروعة, وان هذا الحق من الحقوق الاساسية المقررة بموجب القانون والدستور, ولا يمكن لاية جهة ادارية حجبه عن المواطن الا بموجب الطرق التي رسمها القانون, لذا فان قيام دائرة المدعي عليه اضافه لوظيفته بمنع المدعين من الاشتراك في المزايدة فانها تعتبر متعسفة فيه, ويكون امرها مشوباً بعيب التعسف الامر الذي يوجب الغاؤه...))(7).
ثانياً: استخدام سلطة الضبط لغرض الانتقام:
قد تنحرف سلطة الضبط الاداري عن الغاية المحددة لها الى غاية اخرى بعيدة عن المصلحة العامة, وهي الرغبة في الانتقام والحاق الاذى باشخاص اخرين, وفي ذلك انحراف واضح بالوسائل القانونية الممنوحة لسلطة الضبط الاداري(8). فعلى سبيل المثال ان يقوم احد رجال الضبط الاداري بالقبض على احد المتظاهرين وتقييد حريته الشخصية لا بقصد الحفاظ على النظام العام, بل لغرض الانتقام منه بسبب خلافات شخصية سابقة بين الطرفين.(9) وقد درجت احكام القضاء الاداري على الغاء قرارات الضبط الاداري المشوبة بعيب الانحراف لغرض الانتقام, فقد قضى مجلس الدولة الفرنسي بالغاء القرار الاداري الذي اصدره احد العمد المتضمن ايقاف احد رجال الشرطة عن عمله كونه قام باجبار احد اصحاب المحال العامة بالتقيد بالاوقات المحددة لغلق المحلات, بعدما تبين للمجلس ان الغاية الحقيقية للقرار هو الانتقام الشخصي من رجل الشرطة بسبب ان صاحب المحل كان صديقاً للعمدة, وبالتالي يكون القرار مشوباً بعيب الانحراف.(10) كما قضى ايضاً بالغاء القرار الاداري الذي اصدره احد العمد والذي علق فيه منح ترخيص لاقامة احتفال باحد الاعياد على شرط عدم تعين احد خصومه اميناً عاماً لصندوق اللجنة المنظمة للاحتفال(11). كما ذهبت محكمة القضاء الاداري في مصر الى ان ((... القرار الاداري متى شف عن بواعث تخرج به عن استهداف الصالح العام المجرد الى شفاء غلة او ارضاء هوى في النفس, فانه يكون منحرفاً عن الجادة, مشوباً باساءة استعمال السلطة...))(12).
ثالثاً: استخدام سلطة الضبط لتحقيق اغراض سياسية:
قد تكون الغاية الحقيقية لاصدار قرارات الضبط الاداري هي غاية سياسية تنصب في مصلحة مصدر القرار, الامر الذي يجعل من تلك القرارات غير مشروعة وجديرة بالالغاء, ذلك ان اصدار قرارات الضبط الاداري لتحقيق غاية سياسية يعد خروجاً عن مقتضيات العمل الوظيفي, والتي توجب على سلطة الضبط ان تتخذ موقفاً حيادياً تجاه كافة الاحزاب السياسية داخل المجتمع, وعدم محاباة احداها دون الاخر, حتى وان كان ميل سلطة الضبط الاداري ينصب في صالح الحزب الحاكم داخل الدولة, او كان مصدر القرار ينتسب لاحد الاحزاب السياسية, اذ يفترض ان يتصف العمل الاداري بالثبات والاستقرار لتحقيق الصالح العام, بخلاف الحال بالنسبة للانتماء للاحزاب السياسية والتي تتغير من وقت لاخر, وفقاً لارادة افراد المجتمع.(13) فعلى سبيل المثال يكون قرار سلطة الضبط الاداري مشوباً بعيب الانحراف عندما يصدر بتفريق مظاهرة ما بادعاء الحفاظ على الامن العام, اذا ما تبين ان الغاية الحقيقية للقرار هي منع المظاهرة كونها مقامة من احد الاحزاب السياسية غير الحزب الذي ينتمي اليه مصدر القرار. وقد استقرت احكام القضاء الاداري على الغاء القرارات الادارية الصادرة لتحقيق غاية سياسية, فقد الغى مجلس الدولة الفرنسي القرار الاداري, الصادر بمنع عقد احد الاجتماعات العامة المنظم من قبل احد احزاب المعارضة بادعاء المحافظة على النظام العام, بعد ان تبين ان الغاية من اصدار القرار كانت لبواعث سياسية.(14) كما الغى ايضاً القرار الاداري الصادر بمنع فرقة موسيقية من اداء بعض المقاطع الموسيقية في احدى الطرق العامة, كون الغاية من القرار لم تكن المحافظة على النظام العام, بل كان لمنع جذب الاصوات لمصلحة احد الاحزاب السياسية(15). ومن الاحكام الحديثة لمجلس الدولة الفرنسي من الغاء القرار الاداري الذي اصدره احد العمد والذي رفض فيه وضع احدى القاعات المحلية تحت تصرف احد الاحزاب السياسية لعقد اجتماع للحزب فيها, كون القرار الاداري قد صدر لبواعث سياسية لا بدواعي المحافظة على النظام العام(16) . اما في احكام القضاء الاداري المصري, فقد قضت محكمة القضاء الاداري بالغاء قرار الضبط الاداري المتخذ بمنع عقد احد الاجتماعات العامة, باعتبار انه ((...وان كان لجهة الادارة منع الاجتماع اذا رات ان من شانه ان يترتب عليه اضطراب في النظام او الامن العام حسبما نصت على ذلك المادة الرابعة من القانون رقم 14 لسنة 1923, الا انه في خصوص ركن الجدية في الدعوى الراهنة, فان جهة الادارة قد افصحت عن ارادتها في ذلك, فصرحت بالاجتماع ولم تقدم للمحكمة اي دليل او قرينة على قيام سبب من الاسباب التي اوردها القانون لمنع الاجتماع...))(17). وقدر تعلق الامر باحكام القضاء العراقي, فقد قضت محكمة التمييز الى الغاء القرار الاداري الصادر من وزارة الداخلية برفض الموافقة على تاسيس احد النوادي الخاصة بالموظفين, باعتبار ان ((... الرفض استند الى كتاب معاونية امن الفلوجة الذي بين ان مقدمي الطلب من ذوي الاخلاق الحسنة ولم يكن مسجلاً ضدهم اي شيء وانه خوفاً من حدوث اختلافا بين المعلمين بالنظر لاختلاف مبادئهم السياسية,... فانه يقترح رفض الطلب للسبب المذكور وهذا لا يمكن ان يفسر بانه ينطبق واحكام الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من القانون رقم 1 لسنة1960, اذ لم يكن غرض النادي مجهولاً او سرياً مستوراً تحت اغراض ظاهرية لذلك كله يعتبر رفض الطلب بتاسيس النادي مخالفاً للقانون...)).(18) كما قضت محكمة القضاء الاداري بالغاء القرار الاداري الصادر من المدعي عليه اضافة لوظيفته والمتضمن وضع الحجز على اموال المدعي المنقولة وغير المنقولة بعد ان تبين للمحكمة ان قرار الحجز قد وضع لاسباب سياسية, ذلك ان ((قرار الحجز كان لاسباب سياسية وان موكليه غير مدينين لاية جهة وانهما يقيمان في المملكة المتحدة (لندن) ولفترة طويلة ولم يعودا الى العراق ومعلوم ان من يقيم خارج القطر لفترة طويلة وبصورة دائمة كان النظام السابق يعتبره من المعارضة وان جهاز المخابرات لا يضع اشارة الحجز الا لاسباب سياسية وان وكيل المدعي عليها افاد انه لا يعلم سبب ايقاع الحجز, وما اذا كان المدعيان مدينين من عدمه...)).(19) ورغم قلة الاحكام الصادرة عن القضاء الاداري العراقي بهذا الموضوع, الا ان ما تضمنه الحكم السابق من مبادئ قانونية وتطبيق سليم لأحكام القانون, يعد حسنة جديرة بالثناء والتقدير في الاحكام المذكورة, التي توجب على القضاء الاداري تكرارها في الدعاوي المشابهة لها, كي يكون الحارس الامين لحقوق الافراد وحرياتهم العامة.
__________
1- د. سليمان محمد الطماوي: نظرية التعسف في استعمال السلطة, ط3, مطبعة جامعة عين شمس, 1978,ص338.
2- قراره المؤرخ 22/ يوليو/ 1933 اورده د. مصطفى ممدوح محمد: الضبط الاداري, الوظيفة الادارية للشرطة, ط2, مطبعة كلية الشرطة, القاهرة, 1997, ص102.
3- قراره المؤرخ 11/ مارس/ 1934, اورده عاشور سليمان صالح: مسؤولية الادارة عن اعمال وقرارات الضبط الاداري, ط1, منشورات جامعة قاريوس, بنغازي, 1997, ص332.
4- قراره المؤرخ 15/ مارس/ 1996, اورده د. عبد العليم عبد المجيد مشرف: دور سلطات الضبط الاداري في تحقيق النظام العام واثره على الحريات العامة, دار النهضة العربية, 1998, ص325.
5- قرارها المرقم 1422/ س6. ق في 19/ 4/ 1954, اورده د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة: الانحراف بالسلطة كسبب لالغاء القرار الاداري, دار الفكر الجامعي, الاسكندرية, 2001, ص163.
6- قرارها المرقم 1362/ س10. ق في 26/ 12/ 1996, اورده د. محمد الوكيل: حالة الطوارئ وسلطات الضبط الاداري, دراسة مقارنة, دار النهضة العربية, القاهرة, 2003, ص394.
7- قرارها المرقم 81/ قضاء اداري/ 91 في 30/ 12/ 1991, اورده حبيب ابراهيم حمادة: الطعن بالالغاء ضد القرارات الادارية القابلة للانفصال في مجال العقد الاداري, دراسة مقارنة, رسالة ماجستير, جامعة بغداد, كلية القانون, 1994, ص78.
8- محمد ميرغني خيري ادريس نظرية التعسف باستعمال الحقوق الادارية, رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق, جامعة القاهرة, 1972, ص103.
9- د. ماجد راغب الحلو: القضاء الاداري, منشأة المعارف بالاسكندرية, 2004, ص393.
10- قراره المؤرخ 26/ 11/ 1900 اورده ممدوح عبد الحميد عبد المطلب السيد: سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية, رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الدراسات العليا, اكاديمية الشرطة المصرية, 1991, ص382.
11- قراره المؤرخ 14/ يناير/ 1910 اورده د. عادل ابو الخير: الضبط الاداري وحدوده, الهيئة المصرية العامة للكتاب, 1995, ص365.
12- قرارها المرقم 1150/ س6. ق في 19/ 5/ 1954 اورده د. حمدي ياسين عكاشة: القرار الاداري في قضاء مجلس الدولة, منشاة المعارف بالاسكندرية, 1981, ص562.
13- د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة: الانحراف بالسلطة, المصدر السابق, ص137.
14- قراره المؤرخ 23/ 11/ 1951 اورده د. حلمي الدقوقي: رقابة القضاء على المشروعية الداخلية لاعمال الضبط الاداري, دراسة مقارنة, دار المطبوعات الجامعية, الاسكندرية, 1989, ص328.
15- قراره المؤرخ 11/ يناير/ 1957, اورده د. مصطفى ممدوح محمد: الضبط الاداري, الوظيفة الادارية للشرطة, ط2, مطبعة كلية الشرطة, القاهرة, 1997 ص103.
16- قراره المؤرخ 17/مارس /1992، اورده د. مجدي احمد فتح الله حسن: فاعلية الاداء الضبطي لرجال الشرطة, دار النهضة العربية, القاهرة, 2002،ص360.
17- قرارها المرقم 1883/ س29. ق في 23/ اغسطس/ 1975 اورده د. عمر احمد حسبو: حرية الاجتماع, دراسة مقارنة, دار النهضة العربية, القاهرة, 1999ص174.
18- قرارها المرقم 4/ ج/ 65 في 29/ 5/ 1965, منشور في مجلة ديوان التدوين القانوني, ع1, س5, حزيران, 1966, ص211-212.
19- قرارها المرقم 133/ قضاء اداري/ 2006 في 10/ 5/ 2006, المصدق بقرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم 19/ اتحادية/ تمييز/ 2006 في 19/ 7/ 2006, غير منشورين .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|