المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



آثار الملل وأضراره  
  
3275   12:57 مساءً   التاريخ: 12-2-2017
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : تربية الأطفال واليافعين وإعادة تأهيلهم
الجزء والصفحة : ص329ـ330
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية النفسية والعاطفية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-4-2022 2294
التاريخ: 2023-12-06 1134
التاريخ: 12-4-2017 1922
التاريخ: 26-6-2019 1843

يعيش المصاب بالملل العزلة دوماً ولا يستطيع انتزاع نفسه من هذا الوضع بل لا يأنس مع الآخرين ولا يمكن لأي شيء أن يعيده الى وضعه الطبيعي، كما انه لا يشعر باللذة والسرور في مقابل ما هو جميل ولا تؤنسه لطائف الحياة ولا تبدر منه اي بادرة وكأنه لا شيء لديه ليعطيه.

إن الإنسان الملول لا شيء فيه يتظاهر به ولا يطمع في استفادة، لا فيه نزعة التمحيص والبحث ولا الرغبة في شيء، لا هو ممن يحمل رأياً مستقلاً ولا يجد في نفسه اي تمسك بطريق السعادة الوحيد في تصرفاته.. ضعيف البنية، مكتئب، مريض بالأعصاب، يعاني من ضعف نفسي، هارب من نفسه، ويريد الفرار من الآخرين، مضطرب الحال كما ان خياله غير مستقر، لا اعتماد على قوله وعمله، يرى نفسه وحيداً بين الآخرين، وهمه متزايد في كل لحظة وآن، روحه مريضة ويشعر بألم داخلي.

يعد الملل بمثابة المبرد للروح حيث يبرد الإنسان من الداخل ويقضي عليه بالتدريج.. إن الملل يسلب من الإنسان الجد والاجتهاد ويأخذ منه الدليل على العيش؛ يعاني الإنسان من فراغ روحي ويشعر بانعدام الحافز للحياة فإنه يكون على شفير الموت.

يجعل الشعور بالملل الإنسان مهموماً غاضباً خاملاً، وإن لم يتخلص من هذه الحالات قادته الى الاسوأ الذي قد يكون الجنون علماً ان الأمراض والعوارض الناجمة عن هذه الحالات كثيرة ومنها فقدان الذاكرة والقدرة على الحركة.

وربما قادة الوضع الى استخدام المخدرات والتلوث بالمفاسد أملاً بالتنعم بنوع من الهدوء والسكينة، فقد يلجأ الى ارتكاب الجريمة والفحشاء والإدمان والانتحار.. مثل هؤلاء الأشخاص قلما تجد لهم أصدقاء وقلما يظهرون شيئاً من الحنان والحب للآخرين بل ولا يبادرون حتى لتكوين علاقات صداقة.

 

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.