أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-03
1126
التاريخ: 24-6-2019
1383
التاريخ: 2023-12-11
1025
التاريخ: 12-11-2016
815
|
ان ظهور الحياة السياسية في اليمن – دول الجنوب – ارتبط بالاستقرار واعتمد هذا الاستقرار على الزراعة والمياه(1) فقد قامت دولة معين بين (الألف الثالث والثاني ق.م وقيل الألف الأول ق.م)(2) وكان لها تأثير حضاري تمثل في تطور الزراعة لما كانت تتمتع به من مناخ وتربة كما توسعت تجارتهم فضلاً عن تطور الخط عندهم فذكر العلي " ومن المحتمل انهم أول من اخترع الألف باء ثم انتقلت منهم إلى أهل سيناء(3) "ونظام الحكم فيها ملكياً وراثياً، وملكها يدعى (مزود)(4) يساعده مجلس الشورى في إدارة أمور الدولة وكان لهذا المجلس صلاحيات تحدد من سلطته وكانت المدن التابعة لها تتمتع باستقلال ذاتي ويحكمها زعماء ينتخبون لمدة سنة قابلة للتجديد ، ويعاونهم مجلس المشايخ(5) وأحاطت بهذه المملكة الظروف القاسية في آخر عهد ملوكها (اليفع يشر الثاني) مما مهدّ للدولة السبئية بالظهور واسقاط المملكة المعينية ، وسيطرتها على بلاد معين(6) .
وقد مرّ (نظام الحكم)(7) فيها بمراحل عدة الأول: حكم كهنة من (950-650 ق.م) ويلقب الحاكم بـ (مكرب سبأ) (8)، – وتعني المقدس – وكان الملك يجمع بيده السلطة الدينية والسياسية وكانت عاصمتها (صرواح)(9) وأشهر ملوكها يدعى (ذمر علي ذرح) الذي اشتهر ببناء سد مأرب(10) وذكر الحميري ، أن (سبأ)(11) هو الذي بنى السد بعد أن رجع إلى اليمن من غزواته(12) وذكر العلي ، ان (ضريح) اشتهر ببناء معبد للمقه في صرواح وبناء معبد آخر للمقه لعثر في مأرب(13) وقال تعالى : (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ)(14) أما المرحلة الثانية فتبدأ من (650-115 ق.م وقيل إلى 119 ق.م) وقد لقب ملكهم (ملك سبأ) وكان نظام الحكم فيها ملكياً واتخذ من (مأرب) عاصمةً له وكان أول ملوكهم هو (كرب ايل وتر) واستطاع التوسع على حساب الدول المجاورة مثل – دولة أوسان – وسيطر على طرق التجارة فبلغت المملكة أوج عظمتها في مدة حكمه(15) .
أما المرحلة الثالثة فهي حكم ملوك سبأ وذي ريدان والذي بدأ قرابة سنة (115-30 ق.م) ومن أهم ملوكهم (الشرح يحضب الثاني) وقد كثرت في هذه المدة الحروب والاضطرابات(16) التي كانت السبب في اضعاف الدولة كما توالى ملوك ضعاف فضلاً عن تمرد عدد من القبائل مثل (بنوا تبع والهمدانيون ومرثدم وغيرهم) والعوامل الخارجية – روما – والمتمثلة في حملة (اليوس كاليوس)(17) والتي حاولت نقل التجارة اليها وكسر احتكار اليمن للتجارة وهناك عوامل داخلية مثل انهيار السد وتدهور الزراعة كما جاء ذكرها في القرآن الكريم(18) كل هذه الأسباب أدت إلى اضعاف الدول أما الدولة الحميرية فكانت من دول اليمن المهمة والتي أدت دوراً مهماً في السياسة العربية إذ ساعدت دولة كندة في حكم شمال ووسط الجزيرة العربية(19).
وتشكلت هذه المملكة من القبائل العربية قرابة (115 ق.م) وسمى المؤرخون ملوكهم بـ (التبابعة)(20) وقد ذكرهم القرآن الكريم وقال تعالى : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)(21) وقال تعالى : (وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)(22) وأول ملوكهم هو (شمر يرعش)(23) الذي استطاع بسياسته اقامة دولة قوية وفرض سيطرته على الدول المجاورة بما تملكه من امكانيات اقتصادية سهلت عليها التوسع والسيطرة(24) .
حيث اتخذ من (ريدان) مقراً وعاصمة لدولته وذكرت الروايات العربية انه استطاع السيطرة على العراق وفارس وخراسان والتوسع إلى مدينة (الصغد) (25) وتخريبها(26) الا " ان تواريخ الدول المعاصرة لا تذكر شيئاً عن هذه الفتوحات مما يدل على كونها أساطير "(27) وآخر ملوكهم هو (ذو نؤاس) الذي اشتهر باضطهاده للمسيحيين فأراد أن يرجعهم عن دينهم فرفضوا فحفر لهم في الأرض أخدوداً وأشعلوا فيه ناراً وطلب منهم مرة أخرى ترك دينهم واعتناق الديانة اليهودية فلما رفضوا قذفهم في النار(28) وأشار القرآن الكريم إلى هذه الحادثة قال تعالى : (قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ، وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ، وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)(29) وأشار الطبري في تفسيره أن أهل الاخدود كانوا من النصارى وقد حاول (ذو نؤاس) ردهم عن دينهم وارجاعهم إلى الديانة اليهودية فلم يرتد أحد من هؤلاء عن دينه فحفر هذا الاخدود رجال من بني اسرائيل في أرض (نجران) ليقذفوا به المؤمنين فقالوا تكفرون أو نقذفكم في النار(30) .
وقد بلغ الامبراطور (يوسطين الأول) هذه الحادثة عن طريق (دوس ذو ثعلبان)(31) الذي أرسله النجاشي للإمبراطور فأرسل الامبراطور معه كتاباً إلى ملك الحبشة (النجاشي) يحثه فيه على نصرة هذا الرجل وأهله ودينه فأرسل النجاشي جيشاً بقيادة (أرياط)(32) فهزموا (ذو نؤاس)(33) فأخذ الامبراطور من هذه الحادثة ذريعة للتوسع في المنطقة(34).
________________________
(1) الملاح، المرجع نفسه، ص65.
(2) الملاح، المرجع نفسه، ص69.
(3) محاضرات في تاريخ العرب / 1 /ص 20 0
(4) (مزود) : ومعناها المقدس، وكانوا ملوكا كهنة وذكر اخرون إن لفظة مزود تعني :الدور أي إن رؤساء القبائل كانوا يبنون دورا يتجمعون فيها ويتخذونها مجالس لهم ويقضون الوقت فيها ويسجلون ايام تأسيسها وبنائها، جواد علي، المفصل/ج2/ص108،الملاح،المرجع السابق،ص70.
(5) جواد علي المفصل /ج2/ص108-109وص126، الملاح، المرجع السابق،ص70،الراوي محاضرات في تاريخ العرب، ص18 0
(6) الصالح، صبحي ،النظم الاسلامية،ص40،شلبي،المرجع السابق/1/ص96 0
(7) (نظام الحكم) :اختلف المؤرخون في ضبط فترات الحكم فمنهم من قال مرحلتين ومنهم قال ثلاث مراحل واخرون قالوا اربع مراحل0شلبي ،المرجع نفسه/1/ص97،الملاح ، المرجع السابق،ص82 0
(8) (مكرب): وهو المقرب إلى الآله والشفيع اليها والواسطة بينها وبين الانسان، وهو يحكم باسم الآله0جواد علي، المرجع السابق/2/ص289 0
(9) (صرواح) : حصن في اليمن ، ومكانها اليوم مدينة خريبة الحديثة إلى الشرق من صنعاء وغرب (مأرب) أي أنها تقع بين صنعاء ومأرب ، البكري ، عبد الله بن عبد العزيز ، معجم ما استعجم : 3/ص831، جواد علي ،تاريخ العرب : 2/ص269 و ص304-305 .
(10) العلي ، محاضرات في تاريخ العرب ، ج1/ص21-23 ، الملاح ، الوسيط ، ص81-84
(11) (سبأ) : سمي سبأ لأنه عندما يغزو أمة يسبي ذراريهم ، الحموي ، قصيدة نشوان ابن سعيد ، ملوك حمير وأقيال اليمن ، ص33 .
(12) الحموي، المصدر نفسه، ص34.
(13) العلي ،المرجع السابق ، ج1/ص21 .
(14) سورة سبأ، آية (15-16).
(15) الملاح ، المرجع السابق، ص82-84 ، الراوي ، محاضرات في تاريخ العرب قبل الاسلام، ص22 .
(16) الملاح، المرجع السابق، ص87-88. )
(17) (اليوس كاليوس) : وهو قائد الحملة ضد العربية السعيدة، وكان هدف الرومان من هذه الحملة هي محاولة احتلال بلاد العرب التي اشتهر أهلها بالغنى، او اكتساب صداقتهم، وقد اعتمد الرومان من هذه الحملة على حلفائهم من الانباط واشترك معهم الوزير النبطي صالح 0الملاح، المرجع نفسه، ص 88-89
(18) سورة سبأ ، الآية (15-16) ، ص8 من بحثنا ، الراوي ، محاضرات في تاريخ العرب قبل الاسلام، ص22 ، جواد علي ، المفصل : 2/ص315 و ص343 .
(19) جواد علي، المرجع نفسه، 2/ص510، الحديثي، نزار عبد اللطيف، محاضرات في التاريخ العربي، ص14-15.
(20) (التبابعة) : وهم الملوك الذين حكموا الدولة ، وسموا (تبّع) لأنهم يتبع بعضهم بعضاً ، وكل ما هلك واحد قام آخر ، ابن خلدون عبد الرحمن بن محمد ، تاريخ ابن خلدون ، ج2/ص50 .
(21) سورة الدخان، الآية (37).
(22) سورة ق، الآية (14).
(23) (شمر يهرعش) : وقيل سمي يرعش لارتعاش كان به ، ابن خلدون ، المصدر السابق : 2/ص52 .
(24) ابن خلدون ، المصدر نفسه : 2/ص52 ، جواد علي ، المرجع السابق : 3/ص154 ، البكر ، منذر ، دراسات في تاريخ العرب قبل الاسلام ، ص333 ، الراوي ، المرجع السابق ، ص23-24 ، ضيف، شوقي، العصر الجاهلي، ص28، شلبي، موسوعة التاريخ الاسلامي: 1/ص97-98 .
(25) (الصغد) : وهي مدينة تقع وراء نهر جيحون ، وبنى الملك مكانها مدينة عرفت بأسمه وتعرف الآن بسمرقند ، الحموي ، ، ملوك حمير ، ص121 ، ابن خلدون ، المقدمة : 2/ص52 ، الراوي ، المرجع السابق، ص24-25 .
(26) ابن خلدون ، المصدر السابق : 2/ص52 ، جواد علي ، المرجع السابق : 3/ص526 ، العلي ، المرجع السابق ، ج1/ص27 .
(27) العلي ، محاضرات تاريخ العرب قبل الإسلام ، ج1 ، ص27 .
(28) الطبري ، ابي جعفر محمد بن جرير ، تاريخ الرسل والملوك : 2/ص925 ، ابن كثير ، عماد الدين أبو الفداء اسماعيل ، تفسير القرآن الكريم : مج4 ، ص492 ، ابن الأثير ، ابي الحسن ابن ابي الكرم ، الكامل في التاريخ : 1/ص252-253 ، الحموي ، ملوك حمير ، ص175-176 ، ابن خلدون ، تاريخ ابن خلدون : 2/ص259 ، شلبي ، موسوعة التاريخ الإسلامي العام : 1/ص99-100 ، العلي ، المرجع نفسه ، ص29، الراوي ، محاضرات في تاريخ العرب قبل الإسلام ، ص25 .
(29) سورة البروج، الآية (4-8).
(30) الطبري ، جامع البيان في تفسير القرآن : مج12 ، ص81-87 .
(31) (دوس ذو ثعلبان) : هو الرجل الذي أفلت من قتل ذو نؤاس في حادثة الأخدود ، الطبري ، المصدر نفسه: 2/ص925 .
(32) (أرياط) : وهو قائد الجيش الذي جهزه النجاشي لنصرة النصرانية بعد حادثة الأخدود وللمزيد ينظر : الطبري ، تاريخ الرسل والملوك : 2/ص927 .
(33) (ذو نؤاس) : وقيل سمي ذو نؤاس لذؤابتين كانتا له تنوسان على رأسه ، الحموي ، المصدر السابق ، ص175 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|