أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2016
![]()
التاريخ: 19-7-2016
![]()
التاريخ: 9-5-2021
![]()
التاريخ: 19-7-2016
![]() |
أفضل مراتب الشوق هو الشوق إلى اللّه سبحانه و إلى لقائه ، وهي المظنة إلى الوصول إليه وإلى حبه و انسه و التقرب لديه ، و هو رأس مال السالكين ، و مفتاح ابواب السعادة للطالبين والوجهان الموجبان للشوق متصوران في حق اللّه ، بل هما ثابتان و ملازمان لجميع العارفين فلا يخلو عارف من الشوق إلى اللّه :
أما الوجه الأول ، فلأن ما اتضح للعارفين من الأمور الإلهية و إن بلغ غاية الوضوح ، فكأنه من وراء ستر رقيق ، فلا يكون متضحا غاية الاتضاح ، بل يكون مشوبا بشوائب التخيلات المكدرة للمعلومات و المانعة عن ظهورها اليقيني ، لاسيما إذا انضاف إليها شواغل الدنيا فكمال الوضوح في الأمور الإلهية إنما هو بالمشاهدة و اشراق التجلي ، و لا يكون ذلك في هذا العالم ، بل يكون في الآخرة ، فهذا أحد الموجبين لشوق العارفين إلى اللّه سبحانه.
وهو الشوق إلى استكمال الوضوح فيما اتضح اتضاحا ما.
وأما الثاني ، فلأن الأمور الإلهية لا نهاية لها ، و إنما ينكشف لكل عارف بعضها ، و تبقى أمور غير متناهية خفية عنه ، و العارف إجمالا وجودها ، و كونها معلومة للّه- تعالى-، و يعلم أن ما غاب من علمه من المعلومات أكثر مما حضر، فلا يزال متشوقا إلى أن يحصل له من المعلومات المتعلقة بعظمة اللّه و جلاله و صفاته و أفعاله بما لا يعرفها أصلا ، لا مع الوضوح ولا مع الإبهام و الاجمال ، و الشوق الأول ربما انتهى في الاخرة إذا حصل الشهود و اللقاء المعنوي لأجل استخلاص النفس من موانع الطبيعة و قشوراتها و حصول التجرد التام لها ، و أما الشوق الثاني فلا يمكن أن ينتهي في الدنيا و لا في الآخرة ، إذ نهاية ذلك أن ينكشف للعبد في الآخرة من عظمة اللّه و كبريائه و جلاله و صفاته و احكامه و افعاله ما هو معلوم للّه تعالى وهو محال ، إذ معلومات اللّه المتعلقة بذاته و صفاته و افعاله غير متناهية قوة و شدة و عدة فتمتنع إحاطة الإنسان بها ، فلا يزال العبد عالما بأنه قد بقى من جلال اللّه و عظمته و من صفته وفعله ما لم يتضح له ، فلا يسكن قط شوقه ، و ما من عبد إلا و يرى فوق درجته درجات كثيرة لانهاية لها ، فيشتاق إليها البتة ، و إذا كان أصل الوصال و اللذة حاصلا ، فربما كان الشوق إلى المراتب التي فوق مرتبتها شوقا لذيذا لا يظهر فيه ألم ، و ربما كانت لطائف الكشف و البهجة و درجاتهما متوالية إلى غير النهاية ، و تحصل للعبد هذه الدرجات في الآخرة على التدريج ، فلا يزال العبد يتصاعد و يترقى إليها ، و لا يزال النعيم و اللذة تتزايد له أبد الآباد من غير انقطاع له ، و تكون لذة ما يتجدد من لطائف النعيم شاغلا له عن الإحساس بالشوق إلى ما لم يحصل له المه ، فان امكن في الآخرة حصول الكشف فيما لم يحصل فيه كشف في الدنيا لكان حصول المعارف و الابتهاجات و الأنوار و تجددها في الآخرة ممكنا ، و إن لم يكتسب اصلها في الدنيا فيتجدد و يتوارد على العبد في الآخرة على الدوام و الاستمرار من دون أن ينتهى إلى حد.
و ربما كان قوله تعالى : {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } [التحريم : 8] .
إشارة إلى هذا المعنى ، و يكون المراد به إتمام النور في عين ما استنار في الآخرة استنارة محتاجه إلى الظهور، ثم إلى زيادة الاستكمال و الإشراق ، و إن اختص حصول نعم الآخرة و أَنوارها و ابتهاجاتها على النعم التي تزود من أصلها و لم يحصل للعبد ما لم يكتسب في الدنيا أصله من الأنوار و الابتهاجات فيكون ترقي العبد في الآخرة في ازدياد الابتهاج و الإشراق فيما حصل له اصله ، و على هذا ، فربما انتهى إلى حد و وقف هناك و لا يتضاعف ، و قوله تعالى : {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [التحريم : 8] , يحتمل لهذا المعنى أيضا ، بأن يكون المراد طلب إتمام نور تزود من الدنيا أصله.
قيل : و قوله تعالى : {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد : 13].
يدل على أن الأنوار لا بد من أن يتزود أصلها في الدنيا ، ثم يزداد في الآخرة اشراقا ، فاما أن يتجدد نور لم يكتسب أصله في الدنيا فلا.
ثم لا يخفى أن تعيين الأصل و الفرع للانوار و الابتهاجات و مراتب الآخرة عندنا مشكل ، و ليس لنا طريق إلى القطع بأن أي شيء أصل لاي نور و بهجة ، و ربما كان المظنون عندنا : أن أصل كل نور و سعادة و بهجة هو اليقين القطعي الاجمالي بان الواجب - سبحانه- في غاية العظمة و الجلال و القدرة و الكمال ، و أنه تام فوق التمام ، و كل ما سواه من المهيات الموجودة صادرة عنه على أشرف أنحاء الصدور و أقواها و أدلها على العظمة ، و أنه لا موجود و لا شيء إلا الواجب و صفاته و أفعاله ، و أن ذاته الاقدس ذات لا يمكن أن يكون لذهن من الاذهان العالية ، و لا لمدرك من المدارك المتعالية عقلا كان أو نفسا أو غيرهما ، لو أمكن أن يكون مدركا ، أن يدرك في لحاظ التعقل ذاتا يمكن أن تكون فوقه أو مثله ، بل كلما تصور إجمالا فهو فوقه ، و كذا صفاته الكمالية و افعاله ، و أن صفاته الكمالية : من عظمته و جلاله ، و قدرته ، و جماله ، و علمه ، و حكمته ، و غير ذلك غير متناهية ، و ليس لها حدّ و غاية ، و ما تعلق به علمه من مخلوقاته لا نهاية له كثرة و قوة و كمالا ، و أن له من المراتب الغير المتناهية من العظمة و الجلال ما لا يطيق أشرف الموجودات و اقواها لادراك أولها فمن عرف ذلك و تيقن به ، و علم ان هذا العالم و ما فيه لا نسبة له إلى عالم الآخرة و ما فيه ، و أن الطافه و مزاياه إلى عباده الذين عرفوا نسبتهم إليه ، و تيقنوا بأن لاشرافة ولا كمال للنفوس و العقول فوق معرفة ربهم و التقرب إليه و الوصول إلى حبه و انسه ، فقد وصل إلى أصل كل سعادة و نور و بهجة ، لا سيما إذا دفع عن نفسه ذمائم الأخلاق و اتصف بفضائلها , و قد ظهر مما ذكر : أنه لا ريب في ثبوت الشوق للعباد إلى اللّه - سبحانه-.
والعجب ممن أنكر حقيقة الشوق إلى اللّه - سبحانه- لانكاره المحبة له - كما يأتي-، إذ لا يتصور الشوق إلا إلى محبوب ، و قد عرفت ثبوته من حيث النظر و الاعتبار , و لا ريب في ثبوته أيضا من الآيات و الاخبار: قال اللّه سبحانه : {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف : 110] , فان الرجاء لا ينفك عن الشوق.
وقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله) في دعائه :
«اللهم إنى أسألك الرضاء بعد القضاء ، و برد العيش بعد الموت ، و لذة النظر الى وجهك الكريم ، و شوقا إلى لقائك».
وفي بعض الكتب السماوية : «طال شوق الأبرار إلى لقائي , و أنا إلى لقائهم لأشد شوقا».
وفي أخبار داود (عليه السلام): «إنى خلقت قلوب المشتاقين من نوري ، و نعمتها بجلالي».
وفيها أيضا : «أنه تعالى أوحى إلى داود : يا داود! إلى كم تذكر الجنة و لا تسألني الشوق إلى؟ قال : يا رب! من المشتاقون إليك؟ , قال : إن المشتاقين إلي الذين صفيتهم من كل كدر، و نبهتهم بالحذر، و خرقت من قلوبهم إلى خرقا ينظرون إلى ، و إنى لأحمل قلوبهم بيدي فأضعها على سمائى ، ثم ادعو بملائكتي ، فإذا اجتمعوا سجدوني، فأقول : انى لم اجمعكم لتسجدونى ، و لكن دعوتكم لا عرض عليكم قلوب المشتاقين إلى ، و أباهي بهم إياكم ، فان قلوبهم لتضيء في سمائى لملائكتي كما تضيء الشمس لاهل الأرض ، يا داود! انى خلقت قلوب المشتاقين من رضوانى ، و نعمتها بنور وجهي ، فاتخذتهم لنفسي محدثين ، و جعلت أبدانهم موضع نظرى إلى الأرض ، و قطعت من قلوبهم طريقا ينظرون به إلى ، يزدادون في كل يوم شوقا».
وأوحى اللّه اليه أيضا : «يا داود! لو يعلم المدبرون عنى كيف انتظارى لهم و رفقي بهم و شوقي إلى ترك معاصيهم ، لماتوا شوقا إلى، و تقطعت اوصالهم عن محبتي».
وفي بعض الاخبار القدسية : «ان لي عبادا يحبوننى و احبهم ، و يشتاقون إلى و اشتاق إليهم و يذكرونني و أذكرهم ، و اول ما اعطيتهم ان اقذف من نوري في قلوبهم ، فيخبرون عني كما أخبر عنهم ، و لو كانت السماوات و الأرض و ما فيهما في موازينهم لاستعد بها لهم ، و أقبل بوجهى عليهم ، لا يعلم أحد ما أريد أن أعطيه».
وقال الصادق (عليه السلام): «المشتاق لا يشتهى طعاما، و لا يلتذ شرابا ، و لا يستطيب رقادا ولا يأنس حميما ، و لا يأوى دارا ، و لا يسكن عمرانا ، و لا يلبس ثيابا ، و لا يقر قرارا ، و يعبد اللّه ليلا و نهارا ، و راجيا بأن يصل إلى ما يشتاق إليه ، و يناجيه بلسان الشوق معبرا عما في سريرته ، كما أخبر اللّه - تعالى- عن موسى بن عمران في ميعاد ربه بقوله : {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه : 84] ، و فسر النبي (صلى الله عليه واله) عن حاله : (أنه ما أكل و لا شرب ولا نام ، و لا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه و مجيئه أربعين يوما شوقا إلى ربه)، فإذا دخلت ميدان الشوق ، فكبر على نفسك و مرادك من الدنيا ، و ودع جميع المألوفات ، واصرفه عن سوى مشوقك ، ولب بين حياتك و موتك : لبيك اللهم لبيك! أعظم اللّه أجرك ، ومثل المشتاق مثل الغريق ، ليس له همة إلا خلاصه ، وقد نسى كل شيء دونه» ، وما ورد في الأدعية المعصومية من طلب الشوق أكثر من أن يحصى ، والظواهر الآتية المثبتة للمحبة و الانس تثبت الشوق أيضا.
وأما (الكراهة و البغض و ضدهما - اعنى الحب-) فنقول : قد عرفت أن الكراهة و البغض عبارة عن نفرة الطبع عن المؤلم المتعب ، و الحب الذي هو ضدهما عبارة عن ميل الطبع إلى الملائم الملذ.
وتوضيح ذلك : أنه لا يتصور حب إلا بعد معرفة و ادراك ، و كذلك لا يتصف بالحب جماد و لا يحب الإنسان ما لا يعرفه و لم يدركه ، فالحب من خاصية الحي الدراك ، بعد حصول الإدراك بالفعل.
ثم لما كانت المدركات منقسمة إلى ما يوافق طبع المدارك و يلذّه ، و إلى ما يخالفه و يؤلمه ، و إلى ما لا يؤثر فيه بالذاذ و ايلام ، فالقسم الأول يكون مرغوبا عند المدرك ، و يسمى رغبة ، و ميله إليه حبا ، و القسم الثاني يكون منفورا عنده ، و تسمى نفرته عنه كراهة و بغضا ، و الثالث لا يوصف بميل و كراهة ، فلا يوصف بكونه محبوبا، و لا مكروها.
ثم اللذة لما كانت عبارة عن ادراك الملائم اللذ و نيله ، فالحب الذي هو الميل و الرغبة إليه لا يخلو عن لذة محققة أو خيالية ، و على هذا فيمكن أن تعرف المحبة بأنها ابتهاج النفس بادراك الملائم و نيله ، هذا فإنك قد عرفت أن المدارك إن كان مما يستحسن حبه شرعا و عقلا ، كان كراهته و بغضه من الرذائل و حبه من الفضائل ، و إن كان مما يذم حبه ، كان بالعكس من ذلك.
|
|
4 أسباب تجعلك تضيف الزنجبيل إلى طعامك.. تعرف عليها
|
|
|
|
|
أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في بريطانيا تستعد للانطلاق
|
|
|
|
|
أصواتٌ قرآنية واعدة .. أكثر من 80 برعماً يشارك في المحفل القرآني الرمضاني بالصحن الحيدري الشريف
|
|
|