أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-18
![]()
التاريخ: 28-7-2020
![]()
التاريخ: 22-4-2019
![]()
التاريخ: 19-7-2016
![]() |
[قال النراقي :] لا مستحق للحب غير اللّه سبحانه ، و لا محبوب بالحقيقة عند ذوي البصائر الا هو، و لو كان غيره تعالى قابلا للحب و موضعا له فانما هو من حيث نسبته إليه تعالى فمن أحب غيره تعالى لا من حيث نسبته اليه ، فذلك لجهله و قصوره في معرفة اللّه ، و كيف يكون غيره سبحانه من حيث هو، لا من جهة انتسابه إليه، مستحقا للحب ، و هو في نفسه مع قطع النظر عنه تعالى و عن انتسابه إليه ليس الا العدم ، و العدم كيف يصلح للحب ، فينبغي ان يكون حبه لعموم الخلق بعموم النسبة ، اي من حيث أنها منه تعالى و آثاره ، و معلولاته واضوائه و اظلاله ، و لخصوص بعض الخواص الذين لهم خصوصية نسبة إليه تعالى كالحب و الانس ، و المعرفة ، و الاطاعة لخصوص النسبة أيضا.
ومما يوضح المطلوب : ان جميع أسباب الحب مجتمعة في حق اللّه تعالى ، و لا توجد في غيره حقيقة ، و وجودها في حق غيره و هم و تخيل و مجاز محض لا حقيقة له.
اما السبب الأول - اعني محبة النفس : فمعلوم ان وجود كل أحد فرع لوجود ربه و ظل له ، و لا وجود له من ذاته ، بل هو من حيث ذاته ليس محض و عدم صرف ، فوجوده و دوام وجوده و كمال وجوده من اللّه و باللّه و إلى اللّه ، فهو الموجد المخترع له ، و هو المبقى له ، و هو المكمل لوجوده بايجاد صفات الكمال فيه ، فهو صرف العدم لولا فضل اللّه عليه بالايجاد ، و هالك بعد وجوده لو لا فضله عليه بالابقاء ، و ناقص بعد بقائه لولا فضله عليه بالتكميل ، فليس في الوجود شيء له قوام بنفسه الا القيوم المطلق الذي هو قائم بذاته و مقوم لغيره.
وحينئذ ، فمحبة كل شيء لنفسه ترجع إلى محبة ربه ، و ان لم يشعر المحب به ، و كيف يتصور ان يحب الإنسان نفسه و لا يحب ربه الذي به قوام نفسه؟ , مع ان من أحب الظل أحب بالضرورة الأشجار التي بها قوام الظل ، و من أحب النور أحب لا محالة الشمس التي بها قوام النور، و كل ما في الوجود بالإضافة إلى قدرة اللّه تعالى كالظل بالإضافة إلى الشجر و النور بالإضافة إلى الشمس ، اذ الكل من آثار قدرته ، و وجوده تابع لوجوده ، كما ان وجود الظل تابع لوجود الشخص ، و وجود النور تابع لوجود الشمس ، بل هذا المثال انما هو للتفهم ، و بالإضافة إلى اوهام العوام ، حيث يتوهمون ان الظل و النور تابعان للشخص والشمس و فايضان عنهما ، و عند التحقيق ليس الظل و النور أثرين للشخص و الشمس و موجودين بهما بل هما فائضان من اللّه تعالى ، موجودان به بعد حصول الشرائط ، كما ان أصل الشخص و الشمس وشكلهما وصورتهما وسائر صفاتهما منه تعالى و اما السبب الثاني ، و الثالث اعني الالتذاذ و الإحسان ، سواء كان متعديا إلى المحب أم لا : فمعلوم انه لا لذة و لا إحسان الا من اللّه تعالى ، و لا محسن سوى اللّه ، فانه خالق الإحسان و ذويه ، و فاعل أسبابه و دواعيه و كل محسن فهو حسنة من حسنات قدرته و حسن فعاله ، و قدرة من بحار كماله و أفضاله.
واما الرابع - اعني الحسن و الجمال و الكمال : فلا ريب في انه تعالى هو الجميل بذاته و الكامل بذاته ، و هو الجمال الخالص ، و الكمال المطلق ، و حقيقتهما منحصرة به تعالى ، و ما يوجد في غيره تعالى من الجمال و الكمال لا يخلو عن شوائب الخلل و النقصان ، اذ النقص شامل لجميع الممكنات وانما تتفاوت في درجات النقص.
وقد عرفت ان الجمال المعنوي أقوى من الجمال الصوري ، و من كان من أهل البصيرة و الكمال يكون حبه للجمال الباطن المعنوي أكثر و أقوى من حبه للجمال الصوري ، وحقيقة الجمال المعنوي الذي هو وجوب الوجود ، وكمال العلم و القدرة ، و الاستيلاء على الكل ، و استناد الجميع إليه ، منحصر باللّه تعالى ، فإذا كان الجمال المشوب بالنقص محبوبا ، فكيف لا يكون الجمال الخالص البحت الذي لا يتصور جمال فوقه محبوبا ، بل المحبوب حقيقة ليس الا هو.
على ان كل جميل بالجمال الظاهر الصوري ، او بالجمال الباطن المعنوي ، رشحة من رشحات جماله ، و كل كامل فكماله فرع كماله ، فكل من أحب جميلا أحب خالقه وما أحب أحدا غير اللّه تعالى ، لكنه احتجب عنه تحت وجوه الاحباب و استار الأسباب ، هذا مع ان عمدة جمال المخلوقين انما هو علمهم باللّه و بصفاته و افعاله ، و قدرتهم على الصلاح نفوسهم بازالة الرذائل والخبائث الشهوية المانعة عن التقرب إلى اللّه تعالى ، و باتصافهم بمعالي الصفات و شرائفها المقربة إلى اللّه ، وعلى إصلاح عباد اللّه بالارشاد و السياسة ، و معلوم ان هذه الأمور اضافات إلى اللّه سبحانه ، فحبها يرجع إلى حبه تعالى.
واما الخامس - اعني المناسبة الخفية والمجانسة المعنوية : فلا ريب في ان للنفس الناطقة الإنسانية مناسبة مجهولة خفية مع باريها و موجدها ، اذ هي شعلة من شعلات جلاله ، و بارقة من بوارق جماله ، و لذا قال اللّه سبحانه : {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء : 85] , و قال : {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة : 30].
اذ لم يستحق آدم خلافة اللّه لا بتلك المناسبة ، و بهذه المناسبة ينقطع العبد إلى ربه ، و يعرفه عند ابتلائه بمصيبة و بلية ، و هذه المناسبة لا تظهر ظهورا تاما إلا بالمواظبة على النوافل بعد احكام الفرائض ، كما قال اللّه تعالى : «لا يزال العبد يتقرب الي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به ، و بصره الذي يبصر به ، و لسانه الذي ينطق به».
وهذا موضع تزل فيه الاقدام ، حتى وقع قوم في التشبيه الظاهر، و آخرون في الحلول و الاتحاد و أهل الحق الذين انكشفت لهم استحالة التشبيه و الاتحاد ، و فساد طرفي التفريط و الإفراط ، و اتضحت لهم حقيقة السر، و عرفوا تلك المناسبة و استقاموا عليها : هم الاقلون.
ثم من المناسبة الظاهرة التي بين العبد و بين ربه هو قرب العبد من اللّه في الصفات الربوبية و الأخلاق الإلهية : كالعلم ، و البر، و الإحسان ، و اللطف ، و إفاضة الخير و الحرمة على الخلق ، و إرشادهم إلى الحق الى غير ذلك من الصفات الإلهية ، و لذا قيل : تخلقوا باخلاق اللّه. ولا ريب في ان ذلك يقرب العبد إلى اللّه ، و يصيره مناسبا له.
واما العلية و المعلولية فالامر فيه ظاهر، و باقي الأسباب أسباب ضعيفة نادرة ، اعتبارها في حق اللّه نقص.
وقد ظهر مما ذكر : أن أسباب الحب بجملتها متظاهرة في حق اللّه تعالى تحقيقا لا مجازا ، و في أعلى الدرجات لا ادناها , ثم كل من يحب أحدا من الخلق بسبب من هذه الأسباب يتصور ان يحب غيره لمشاركته إياه في السبب.
والشركة نقصان في الحب ، لا يتصف أحد بوصف محبوب إلا و يوجد شريك له فيه ، و اللّه سبحانه هو الذي لا يشاركه غيره في اوصاف الكمال و الجمال ، لا وجودا و لا امكانا ، فلا جرم لا يكون في حبه شركة ، فلا يتطرق إليه نقصان ، كما لا تتطرق الشركة و النقصان إلى اوصاف كماله ، فهو المستحق لاصل المحبة و كمالها ، و لا متعلق للمحبة إلا هو، إلا انه لا يعرف ذلك إلا العارفون من أوليائه و احبائه ، كما قال سيد الشهداء (عليه السّلام) في دعاء عرفة بقوله : «و أنت الذي ازلت الاغيار عن قلوب احبائك ، حتى لم يحبوا سواك ، و لم يلجأوا إلى غيرك».
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تقدم دعوة إلى كلية مزايا الجامعة للمشاركة في حفل التخرج المركزي الخامس
|
|
|