أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2022
1759
التاريخ: 17-5-2022
1958
التاريخ: 2024-03-18
770
التاريخ: 2024-07-24
398
|
قال تعالى :{ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة : 224-225].
بعد أن ذكر سبحانه وتعالى بعض الأحكام الشرعية التي تهدي الإنسان إلى الكمال وتوجب له الطهارة ، وحذره جل شأنه عن المخالفة والمعصية.
وأمره بالتقى ، ذكر هنا بعض الأحكام العامة في الإيمان ، وبين أن من التقوى الاجتناب عن الحلف باسم الله تعالى في كل شيء ، فإنه مانع عن البر والتقوى والإصلاح، التي لا بد أن يبتغيها المؤمن في كل أعماله ، ثم بين سبحانه أنه لا يؤاخذكم بالأيمان اللاغية ، التي لا يعقد العزم عليها ، فإنه لا كفارة فيها ولا عقاب ، وإنما يؤاخذ الله تعالى الإنسان بالنبات التي يعقد عليها ثم بشره بالغفران .
قال تعالى : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [البقرة : 224].
مادة (عرض) تأتي بمعنى الإظهار للغير لمصلحة فيه ، ولهذه المادة استعمالات كثيرة في القرآن الكريم قال تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأحزاب : 72]
وقال تعالى : {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ} [الأحقاف : 34]
وقال تعالى : {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف : 100] ، ولم تستعمل هيئة { عرضة } إلا في المقام فقط.
والأيمان : جمع يمين، وهي بمعنى الحلف والقسم ، تذكر وتؤئث ، وهي فعيل من اليمن بمعنى البركة ، لأنها تحفظ الحقوق ، أو لأجل أن العرب كانت تضرب اليمين على اليمين عند الحلف فسمي الحلف يميناً.
وقد وردت جميع مشتقات اليمين والحلف في القرآن الكريم .
ومن عادة الناس الحلف بالعظماء والأكابر، وما هو محترم لديهم على اختلاف مذاهبهم ومللهم.
وفي القرآن الكريم حلف الخالق بالمخلوق ، والمخلوق بالخالق ، ولعل أحلى قسمه تعالى قوله عز وجل : {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر : 72] ، ومن أشده وأعظمه قوله جل جلاله : " وعزتي وجلالي وعلو قدري وارتفاع مقامي ، لأقطعن أمل كل مؤمل أمل غيري ".
والمعنى : لا تجعلوا الله تعالى في معرض حلفكم إذا أردتم أن تحلفوا ، وهذا يشمل المرة الواحدة فضلا عن الزائد ، لأن عظمته تعالى غير متناهية ولا يمكن دركها بالعقول مطلقاً فكيف يحلف بما لا يدرك إلا مفهوم لفظه.
قال تعالى : { أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ } [البقرة : 224].
بيان لأيمانكم ، أي : لا تجعلوا الله في معرض الحلف به في هذه الأمور الثلاثة هي التي مرضية له تعالى ، فضلا عما لا يكون مرضياً له ، أو شككتم في أنه مرضي له تعالى ، فتشمل الآية الحلف على ترك البر والتقوى والإصلاح بين الناس بالأولى.
وإنما ذكر سبحانه هذه الأمور لأن سائرها يرجع إليها ، أو لأنها أهم الأمور النظامية الاجتماعية ، أو لأنها مورد النذور والأيمان بين الناس غالباً ، فتشمل الآية غيرها بالأولى ، ويؤيد هذا المعنى بعض الروايات كما يأتي.
وللمفسرين في تفسير هذه الآية الشريفة أقوال :
منها : أن هذه الآية غاية الحكم ، أي النهي في { لا تجعلوا} ، أي :
لا تحلفوا بالله لأن تبروا وتتقوا وتصلحوا ، فتكون تعليلا لما تقدم.
ومنها : أن قوله تعالى : { ان تبروا } تقدير ( أن لا تبروا ) ، أي: لا تكثروا الحلف بالله فإنه يؤدي إلى أن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا بين الناس ، فإن من أكثر الحلف بشيء أدى إلى استصغار ما أقسم به ، فلا يبالي الكذب ولا الحنث.
ومنها : لا تجعلوا الله بواسطة الحلف به مانعاً وحاجزاً عما حلفتم على تركه ، فإنه لا يرضى أن يكون اسمه حاجباً عن الخير .
وغير ذلك من الوجوه ، ولكن الوجه الذي ذكرنا أنسب وأشمل ، وإن أمكن إرجاع بعض الوجوه المتقدمة إلى ما قلناه.
قال تعالى : { والله سميع عليم}.
أي : أن الله سميع لأيمانكم وجميع أقوالكم ، عليم بنياتكم وأحوالكم ، ولا يخفى عليه شيء في السموات والأرض ، وفي الآية نوع من التهديد ، وفيها إرشاد إلى مراقبة الإنسان لأقواله ونياته.
قال تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم}.
مادة (لغو) تأتي بمعنى ما لا فائدة فيه ولا نفع ، ويطلق اللفظ على صوت الطير والعصافير من هذه الجهة .
والمراد به في المقام : الحلف الخالي عن القصد الاستعمالي الجدي ، الذي تدور عليه المحاورات المتعارفة بين الناس ، فإنه إذا لم يحرز ذلك لا يترتب الأثر على الكلام ، بلا فرق بين الإخباريات والإنشائيات والوضعيات والأحكام مطلقا.
فيكون الأصل في بيان المراد والظهور هو القصد الاستعمالي الجدي ، وعليه يبتني التفهيم والتفهم والمؤاخذات ، والكلام بدونه تكون لغواً بالنسبة إلى المعنى المطلوب لا فائدة فيه ، ولا يترتب عليه الأثر المقصود.
والآية المباركة تبين أن الأيمان الخالية عن القصد الاستعمالي الجدي تكون لغواً لا يترتب عليها الأثر ، فلا يؤاخذ الله تعالى الناس عليها.
وتقع مثل هذه الأيمان في حشو الكلام وتجري على اللسان كثيراً من دون أن يعقد صاحبها على انها يمين ، ويدل على ما ذكرنا قوله تعالى : {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة : 89] .
والمراد بعدم المؤاخذة ، عدم الكفارة وعدم العقاب.
قال تعالى : { ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}.
المراد من كسب القلب في المقام : القصد الجدي والنية والعزم ، أي : ولكن يؤاخذكم بما نوت قلوبكم في الأيمان من المخالفة العمدية والكذب والحنث ، وما يكسبه الإنسان من الإثم فيما عقد قلبه بالأيمان. والآية تدل على أن قسماً خاصاً من اليمين يكون مورد المؤاخذة ، وهو ما تصلح النية فيه ، وفي غيره لا مؤاخذة فيه ، للقاعدة العقلية من انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع .
ويستفاد من الآية الكريمة كمال الأهمية للنيات ، فإذ عليها يدور صلاح الأعمال وفسادها والثواب والعقاب ، وظاهر اللفظ إنما يكون معتبرا لأجل كونه كاشفاً عن النيات.
قال تعالى : { والله غفور رحيم} .
الغفور والحليم من أسماء الله تعالى الحسنى، والأول مبالغة في التجاوز والغفران عن الذنب بالشرائط المقررة في الشريعة ، والثاني عبارة عن الإمهال وترك التعجيل في العقوبة.
وتعقيب هذه الآيات المباركة بهذين الاسمين الشريفين للإشارة والترغيب إلى عدم اليأس من رحمة الله تعالى ، لو تحققت المخالفة لبعض تلك الأحكام أحياناً لإغواء الشيطان ، فيتوب إليه تعالى ويرغم أنف الشيطان ، فذكر جل شأنه هذين الاسمين للإعلام بزيادة التوجه والتنبيه ، والمبالغة في عدم حصول اليأس عند صدور المعصية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|