موقف قانون العقوبات العراقي من جرائم الاعتداء التي تجاوز قصد الجاني |
4711
09:17 صباحاً
التاريخ: 29-3-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2016
2588
التاريخ: 2024-10-29
137
التاريخ: 29-8-2019
14828
التاريخ: 9-7-2022
1672
|
لم يلتزم المشرع العراقي خطة واحد فيما يتعلق بمدى المسؤولية الجزائية عن الجرائم التي تجاوز قصد الجاني، فقد ساوى من حيث العقوبة بين الجريمة العمدية وبين الجريمة التي تجاوز قصد الجاني على حين قرر في نصوص أخرى عقوبة أخف للجريمة التي تجاوز قصد الجاني، فالمادة (53) من قانون العقوبات العراقي تنص بأنه (يعاقب المساهم في جريمة، فاعلاً أو شريكاً، بعقوبة الجريمة التي وقعت فعلاً ولو كانت غير التي قصد ارتكابها متى كانت الجريمة التي وقعت نتيجة محتملة للمساهمة التي حصلت). إن المادتين (422، 423) من القانون المذكور تعاقب على الخطف بالإكراه أو التعذيب بالسجن مدة لا تزيد عن خمسة عشر سنة، والمادة (424) من قانون العقوبات العراقي التي تتضمن إذا أفضى الإكراه أو التعذيب إلى موت المخطوف تكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد. أما عن الأحوال التي يعاقب القانون فيها الجرائم التي تجاوز قصد الجاني بعقوبة أخف مما يقرره لها في أحوال القصد المباشر فمنها الحالة المنصوص عليها في المادة (410) منه التي تعاقب على جريمة الضرب المفضي إلى الموت بالسجن مدة لا تزيد عن خمسة عشر سنة وهذه العقوبة أخف من عقوبة القتل(1). والمادة (412/2) من قانون العقوبات العراقي تعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات أو بالحبس إذا نشأ عن الضرب أو الجرح أو العنف أو إعطاء المادة الضارة أو بارتكاب أي فعل مخالف للقانون عاهة مستديمة دون أن يقصد الجاني إحداثها، وهذه العقوبة أخف من العقوبة المقررة لكن كان يقصد إحداثها إذ هي السجن مدة لا تزيد عن خمسة عشر سنة، والمادة (417/2) من قانون العقوبات العراقي بشأن الإجهاض المفضي إلى الموت إذا كان بناءً على رضا المرأة الحامل، فعقوبته السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات، وهذه العقوبة أخف من عقوبة القتل العمد، والمادة (418/2) منه بشأن إجهاض المرأة عمداً من دون رضاها إذا أفضى الإجهاض أو الوسيلة التي استعملت في إحداثه إلى موت المجني عليها، إذ تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة، وهذه العقوبة أخف من عقوبة القتل العمد، والمادة (419) منه تعاقب بالحبس من اعتدى عمداً على امرأة حبلى مع علمه بحملها بالضرب أو بالجرح أو بالعنف أو بإعطائها مادة ضارة أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون دون أن يقصد إجهاضها، وتسبب عن ذلك إجهاضها، والعقوبة المترتبة على ارتكاب هذه الجريمة أخف من العقوبة المقررة لمن أجهض امرأة عمداً من دون رضاها بمقتضى المادة (418/2) من قانون العقوبات العراقي. إن عملية الإجهاض سواء كانت علاجية أم جنائية هي من قبيل الأعمال الماسة بالتكامل الجسدي لاسيما عند إصابة الحامل بجروح وما يرافقها من نزيف دموي وكذلك تؤدي هذه الأعمال بطبيعة الحال إلى الانتقاص من السكينة الجسدية نتيجة للآلام التي تصاحب هذه العمليات الأمر الذي دفع إلى تجريم هذه العلميات من حيث المبدأ، إلا أن ضرورة حماية مصلحة الأم في المحافظة على صحتها(2) ودفع الخطر عنها يبيح لها استثناء إجراء هذه العملية، إذ أن المستهدف في عملية الإجهاض هو الحمل المستكن في بطن الأم ومن ثم فإن عملية الإجهاض هي بذاتها اعتداءً على حق الجنين في النمو والولادة الطبيعية إلا أن هذا الحمل لا يمكن عده جزءً من الأم لأن الجنين له حياة مستقلة عن حياة الأم وإن كان يعتمد في غذائه عليها وفي الوقت نفسه لا يمكن عد هذا الجنين لاسيما في بدء الحمل شخصاً قانونياً مستقلاً عن الأم لأن الشخصية القانونية تبدأ بتمام الولادة(3). إنّ الإجهاض ظاهرة اجتماعية عرفت منذ أقدم الشرائع، فقد عرفته وعالجته الشرائع السماوية والوضعية، فالمسيحية تعد الإجهاض في مرتبة القتل سواءً دبت الحياة في الجنين أم لم تدب وحرمت الكنيسة فعل الإجهاض حتى لو كان القيام به إنقاذاً لحياة الأم وذلك تطبيقاً لقاعدة أن ليس للرضا أثر في إباحة أفعال القتل والإيذاء الجسيم(4). وبالنسبة لموقف الشريعة الإسلامية من الإجهاض، فميز الفقهاء المسلمون بين الإجهاض الواقع بعد نفخ الروح وبين الإجهاض الواقع قبل ذلك، إن الإجهاض الواقع بعد نفخ الروح يعد محرماً وغير جائز إلا في حالة الضرورة، أما الإجهاض الواقع قبل ذلك فقد اختلف الفقهاء بين التحريم مطلقاً والإباحة لعذر، لكن الرأي الراجح هو الإباحة لعذر(5). إن الشريعة الإسلامية تحمي الجنين وهو في بطن أمه وفي الوقت نفسه تحمي سلامة الأم الحامل، وفي حالة تعارض مصلحة الأم مع مصلحة الجنين فتقدم مصلحة الأم عملاً بقاعدة ارتكاب أخف الضررين فيضحى بالجنين لأن موته أخف من موت الأم لأن حياة الأخيرة قد استقرت بينما حياة الأول لم تستقر بعد.
______________________
1- الدكتور فخري عبد الرزاق الحديثي، المصدر السابق، ص296.
2- الدكتور ضاري خليل محمود، تفاوت الحماية الجنائية بين المرأة والرجل في قانون العقوبات المقارن والشريعة الإسلامية، مطبعة الجاحظ، بغداد، 1990، ص172.
3- أنظر المادة (34/1) من القانون المدني العراقي، الإجهاض من الناحية القانونية هو إخراج الحمل من الرحم في غير موعده الطبيعي عمداً أو بلا ضرورة بأية وسيلة من الوسائل؛ أنظر الدكتور حسن صادق المرصفاوي، الإجهاض في نظر المشرع الجنائي، المجلة الجنائية القومية يصدرها المعهد القومي للبحوث الجنائية، الجمهورية العربية المتحدة، المجلد الأول، العدد الثالث، تشرين الثاني، 1958، ص90.
4- الدكتور ضاري خليل محمود، أثر رضا المجني عليه في المسؤولية الجزائية، المصدر السابق، ص160.
5- الإجهاض معناه الإبعاد أو التخلص من الجنين قبل المدة الطبيعية للولادة والتي تحدد بـ (180) يوماً على الأقل بعد الحمل، أنظر الدكتور سليم إبراهيم حربة، المصدر السابق، ص209.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|