أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2016
9966
التاريخ: 22-3-2016
4187
التاريخ: 29-3-2016
2681
التاريخ: 30-6-2019
2480
|
قبل ظهور المدونات القانونية الإصلاحية، كان ينظر إلى الجرائم على انها أفعال تثير حنق الآلهة وغضبهم، فألقى هذا التفكير بظلاله على طبيعة المعاملة التي كان يلقاها المتهم، فكان القاتل يقتل سواء ارتكب الجريمة بصورة عمدية أو عن طريق الخطأ(1). إنما كان بعد ذلك لليونان نصيب وافر في مجال إرساء فلسفة القانون والفكر القانوني، حيث أدى نظام دولة المدينة الذي كان متبعاً في الحكم عند "اليونان"، إلى ظهور فلاسفة تنادي بمفاهيم العدالة والحرية والحكومة الدستورية والقوانين، من ذلك ما قاله "هيراقليثوس": ( إذا كانت الأسوار المنيعة المرتفعة تحمي المدينة من هجمات الأعداء الخارجية، فإن القانون يرعى النظام الداخلي، وينبغي على الشعب أن يكافح من أجل الدفاع عن كل منهما)، وقال "أرسطو": ( أن مضمون القانون ومحتواه هو العدالة، وأساس العدل المساواة)(2). على أثر ذلك ظهرت القوانين التي تنادي بتلك الأفكار مثل ( قانون دراكون، وقانون صولون ) وتدريجياً عرفت اليونان ديمقراطية حقيقية، حيث كانت السيادة فيها للشعب، وأن الالتزام بالقانون ناتج عن قبول المجتمع له – حسب ارسطو – وليس لأنه مفروض من سلطة عليا، وهذه هي فكرة ديمقراطية القانون كما انها تأكيد لمبدأ سيادة القانون(3). وقد انعكست روح الديمقراطية والرغبة في المساواة والعدالة التي كانت سائدة آنذاك على النظام الإجرائي للمحاكمة الجنائية، حيث اعتبر القانون الإغريقي حق الاتهام حقاً مقرراً للأفراد كافة، فكان من حق أي فرد إقامة الدعوى العامة في الجرائم التي تمس أمن المجتمع وسلامته، أي انه أخذ بالنظام ألاتهامي. إلا أن إجراءات المحاكمة كانت تختلف بحسب طبيعة الدعوى، فإذا كان موضوع الدعوى الجنائية جريمة عامة كان لكل مواطن الحق في مباشرة الاتهام نيابة عن الجماعة، أما إذا كانت الجريمة أقل خطورة – بأن كان ضررها يصيب في غالبه الفرد أكثر من الجماعة – أي جريمة خاصة، فإن الحق في مباشرة الاتهام عنها يصبح مقصوراً على من أضرت به الجريمة فحسب(4). رغم ذلك فقد عرفت الدعوى الجنائية في القانون اليوناني الكثير من القواعد والإجراءات التي تحد من سلطة الاتهام، فتحمي من خلالها حقوق وحريات المتهم. فقد كانت الإجراءات شفوية وعلنية وحضورية، وحقوق الدفاع مكفولة، حيث يقدم كل طرف أدلته، وله أن يناقش أدلة الطرف الآخر، كما كان يسمح للمتهم الذي يشعر بالعجز عن إعداد دفاعه بنفسه، أن يطلب الاستعانة بأحد المحترفين. كما عرف القانون اليوناني في أحد عهوده نظام المحلفين، في صورته البدائية، وهو نظام يعتبر في نظر مؤيديه ضمانة هامة للمحاكمة العادلة، وكان القاضي في النهاية يقضي وفقاً لاقتناعه الشخصي(5).أما المتهم فقد حظي – في ظل هذا القانون – بمعاملة إنسانية(6). فلم يسمح بالتعذيب – إلا بالنسبة للعبيد – فضلاً عن إن المحاكمة كانت تجرى على مرحلتين، حيث كان يتحدد في المرحلة الأولى، إدانة المتهم، بينما تخصص الثانية لتقدير العقوبة، بحكم يصدر بأغلبية أعضاء المحكمة، ولمن باشر الاتهام وكذلك للمتهم أن يقترح تقديراً معيناً لها، ومن ثم يدور اقتراع القضاة حول التقديرين، وليس لهم الحق في اقتراح تقدير وسط(7). وعلى ذلك يمكن القول أن القانون اليوناني القديم – ونتيجة للديمقراطية التي سادت أثينا آنذاك – قد عرف قرينة البراءة، بدليل أن عبء الإثبات كان يقع على عاتق المدعى، فهو المكلف بتقديم الأدلة على صدق اتهامه، بل أن القانون كان يعاقب المدعي في حال فشله في إثبات دعواه ضد المتهم، بالإضافة إلى شفوية وعلنية الإجراءات، وطبيعة معاملة المتهم، كلها تؤكد تلك النتيجة، وتتسق مع نتائج تطبيق قرينة البراءة.
__________________
1- صوفي حسن ابو طالب، المرجع السابق، ص139.
2- انظر في ذلك:
- حسن علي الذنون، "فلسفة القانون"، مطبعة العاني، بغداد، 1975، ص33.
3- انظر في هذا المعنى:
- عبدالمجيد الحفناوي، "تاريخ النظم الاجتماعية والقانونية"، مؤسسة الثقافة الجامعية، القاهرة، 1972، ص359.
4- انظر في هذا المعنى:
- غسان جميل الوسواسي، "الادعاء العام"، مركز البحوث القانونية/ وزارة العدل، بغداد، 1988، ص11.
5- انظر في هذا المعنى:
- سعد حماد القبائلي، المرجع السابق، ص47 – 48.
- هلالي عبداللاه أحمد، المرجع السابق، ص42 – 43.
جدير بالذكر في هذا الخصوص أن "سقراط" فيلسوف اليونان الأول تمت محاكمته جنائياً عن جريمة الكفر بالإله ومحاولة افساد الشباب، وذلك من خلال محكمة تشكلت من خمسمائة من المحلفين، اختيروا بالقرعة معظمهم جاهل غير متعلم، رفض خلالها سقراط أن يدافع عنه المحامي (لوسياس) الذي تقدم للدفاع عنه. في النهاية صدر حكم بالاعدام بموافقة 280 عضواً، ورفضه 220 آخرين، كان ذلك في عام 399 ق.م.
انظر في تفصيل ذلك: فايز فرح، "عباقرة هزموا اليأس"، دار الثقافة، القاهرة، 1988، ص15-18.
6- وفقاً لذلك الزمن، إذ لم يكن للعبيد أي اعتبارات إنسانية.
7- انظر في ذلك: عبدالستار الكبيسي، "ضمانات المتهم قبل واثناء المحاكمة"، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1981، ص30.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|