أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-03-03
![]()
التاريخ: 2025-03-08
![]() ![]() ![]()
التاريخ: 2025-03-23
![]()
التاريخ: 2025-04-01
![]() |
النَّوْعُ الثَّانِي والثَّلاَثُونَ.
مَعْرِفَةُ غَرِيْبِ الْحَدِيْثِ.
وهوَ عِبارةٌ عَمَّا وَقَعَ في مُتُونِ الأحاديثِ مِنَ الألفاظِ الغامِضَةِ البَعيدةِ مِنَ الفَهْمِ لِقِلَّةِ اسْتِعْمالِها.
هذا فَنٌّ مُهِمٌّ يَقْبُحُ جَهْلُهُ بأهلِ الحديثِ خاصَّةً ثُمَّ بأهلِ العِلْمِ عامَّةً، والخوضُ فيهِ ليسَ بالْهَيِّنِ، والخائِضُ فيهِ حَقِيْقٌ بالتَّحَرِّي جديرٌ بالتَّوَقِّي. رُوِّيْنا عَنِ الميْمُونِيِّ، قالَ: سُئِلَ أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْ حَرْفٍ مِنْ غريبِ الحديثِ، فقالَ: ((سَلُوا أصْحابَ الغريبِ، فإنِّي أكرَهُ أنْ أتَكَلَّمَ في قَوْلِ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ بالظَّنِّ فأُخْطِئَ(1)))(2).
وبَلَغَنا عَنِ التَّارِيخِيِّ مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الملكِ، قالَ: حَدَّثَني أبو قِلابةَ عبدُ الملكِ بنُ مُحَمَّدٍ، قالَ: قُلْتُ للأصْمَعِيِّ: ((يا أبا سَعِيْدٍ مَا مَعْنَى قَولِ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ : ((الجارُ أحَقُّ بِسَقَبِهِ)) (3)، فقالَ: أنا لا أُفَسِّرُ حديثَ رسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ ولَكِنَّ العَرَبَ تَزعُمُ أنَّ السَّقَبَ: اللَّزِيقُ)) (4). ثُمَّ إنَّ غيرَ واحدٍ مِنَ العلماءِ صَنَّفُوا في ذَلِكَ فأحْسَنوا.
ورُوِّيْنا (5) عَنِ الحاكِمِ أبي عبدِ اللهِ الحافِظِ قالَ: ((أوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الغريبَ في الإسلامِ النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ)) (6). ومِنْهُم مَنْ خالَفَهُ فقالَ: ((أوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فيهِ أبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ المثَنَّى))، وكتابَاهُما صَغِيرانِ (7). وصَنَّفَ بعدَ ذَلِكَ أبو عُبَيْدٍ القاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ كِتابَهُ المشهورَ فَجَمَعَ وأجادَ واسْتَقْصَى فَوَقَعَ مِنْ أهلِ العِلْمِ بِمَوْقِعٍ جَلِيلٍ، وصَارَ قُدْوَةً في هذا الشَّأْنِ. ثُمَّ تَتَبَّعَ القُتَبِيُّ (8) ما فاتَ أبا عُبَيدٍ فوضَعَ فيهِ كِتابَهُ المشهورَ ثُمَّ تَتَبَّعَ أبو سُلَيْمانَ الخطَّابِيُّ ما فاتَهُما فوضَعَ في ذَلِكَ كِتابَهُ المشهورَ.
فهذهِ الكُتُبُ الثلاثَةُ أُمَّهاتُ الكُتُبِ المؤَلَّفَةِ في ذَلِكَ (9). وورَاءها مَجامِعُ تَشتملُ من ذَلِكَ عَلَى زوائدَ وفوائدَ كثيرةٍ ولا يَنبغي أنْ يُقَلِّدَ منها إلاَّ ما كانَ مُصَنِّفُوها أئِمَّةً جِلَّةً.
وأَقْوَى ما يُعْتَمدُ عليهِ في تفسيرِ غريبِ الحديثِ: أنْ يُظْفَرَ بهِ مُفَسَّراً في بعضِ رِواياتِ الحديثِ، نحوُ ما رُوِيَ في حديثِ ابنِ صَيَّادٍ (10) أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لهُ: ((قَدْ خَبَأْتُ لكَ (11) خَبِيئاً، فما هوَ؟ قالَ: الدُّخُّ)) (12). فهذا خَفِيَ مَعْناهُ وأعضَلَ. وفَسَّرَهُ قومٌ بِمَا لا يَصِحُّ. وفي "معرفةِ علومِ الحديثِ" للحاكِمِ أنَّهُ الدُّخُّ بمعنى الزَّخِّ (13) الَّذِي هوَ الجِماعُ (14)، وهذا تَخْلِيطٌ فاحِشٌ يُغِيْظُ العَالِمَ والمؤمِنَ (15) وإنَّما مَعْنى الحديثِ أنَّ النبيَّ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قالَ لهُ: قدْ أضْمَرْتُ لكَ ضَمِيراً، فما هوَ؟ فقالَ الدُّخُّ - بضمِّ الدالِ (16) - يَعْنِي: الدُّخَانَ، والدُّخُّ: هوَ الدُّخَانُ في لُغَةٍ(17)، إذْ في بعضِ رواياتِ الحديثِ ما نَصُّهُ: ثُمَّ قالَ رسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ: ((إنِّي قَدْ خَبَأْتُ لكَ خَبِيئاً، وخَبَأَ لهُ: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِيْنٍ}(18). فقالَ ابن صَيَّادٍ: هوَ الدُّخُّ، فقالَ رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ :((اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ)). وهذا ثابتٌ صحيحٌ خَرَّجَهُ التِّرمِذِيُّ (19) وغيرُهُ (20)، فَأَدْرَكَ ابنُ صَيَّادٍ مِنْ ذَلِكَ هذهِ الكَلِمَةَ فَحَسْبُ، عَلَى عادةِ الكُهَّانِ في اخْتِطافِ بعضِ الشيءِ مِنَ الشَّيَاطِينِ مِنْ غيرِ وُقُوفٍ عَلَى تمامِ البيانِ. ولهذا قالَ لهُ: ((اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ))، أي: فلا مَزِيدَ لكَ عَلَى قَدْرِ إدْراكِ الكُهَّانِ (21)، واللهُ أعلمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: العلل للإمام أحمد برواية المروذي: 217 رقم (413).
(2) في (جـ) و(م): ((فسأخطئ)).
(3) أخرجه الحميدي (552)، وأحمد 6/ 10 و 390، والبخاري 3/ 115 و 9/ 35 و 36 و 37، وأبو داود (3516)، وابن ماجه (2495)، والنسائي 7/ 320 والبغوي 8/ 242 من حديث أبي رافع. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 168، وأحمد 4/ 389 و 390، وابن ماجه (2496)، والنسائي 7/ 320، والطحاوي 4/ 324، والدارقطني 4/ 224، وابن الجارود (645)، والبيهقي 6/ 105 من حديث الشريد بن سويد.
وجاء في بعض ألفاظ الحديث: ((بصقبه)) بالصاد وهما بمعنىً؛ قَالَ ابن الأثير في النهاية 2/ 377: ((السقب بالسين والصاد في الاصل: القرب، يقال: سقبت الدار وأسقبت، أي: قربت)).
(4) انظر: شرح السنة 8/ 242.
(5) في (م): ((روينا)) بلا واو.
(6) معرفة علوم الحديث: 88.
(7) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 396 - 397.
(8) في (أ) و(ب) و(م) والشذا والتقييد: ((القتيبي)). وقُتَيْبَةُ: هِيَ تصغير قِتيبة - بكسر القاف - وَهِيَ واحدة الأقتاب، والأقتاب: الأمعاء، وبها سمّي الرجل، والنِّسبة إليه قُتَبِيّ - بضم القاف وفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وكسر الباء المنقوطة بواحدة - والمراد به أبو أحمد، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدِّينوري. انظر: الأنساب 4/ 431، ووفيات الأعيان 3/ 44، وسير أعلام النبلاء 13/ 296.
(9) وهذه الأمهات مطبوعة متداولة.
(10) ويقال له: ((ابن صائد)) أيضاً. انظر: الإصابة 3/ 133.
(11) في (م): ((خبيئاً لك)).
(12) صحيح البخاري 8/ 49 (1354) و (1355)، وصحيح مسلم 8/ 189 (2930) من حديث ابن عمر.
(13) في (م): ((الذخ)) بالذال المعجمة.
(14) هو في مخطوطة معرفة علوم الحديث للحاكم (الورقة: 82) من نسختنا الخطيّة الخاصّة، وقد سقط من موضعه في المطبوعة: 91. وكثرة هذه السقوطات في هذا الكتاب جعلتنا نأخذ عَلَى عاتقنا إعادة طبعه محقّقاً تحقيقاً علميّاً رصيناً رضياً - يسّر الله إتمامه وطبعه -.
(15) انظر: تعقّب الحافظ العراقي عَلَى الحاكم في شرح التبصرة 2/ 404، وانظر: تاج العروس 7/ 249.
(16) وبفتحهما أيضاً. انظر: النهاية 2/ 107، واللسان 3/ 14، والتاج 7/ 248.
(17) انظر: الصحاح 1/ 420، والمقاييس 2/ 266.
(18) الدخان: 10.
(19) جامع الترمذي (2249)، وقال في (2235): ((حسن صحيح)).
(20) أخرجه عبد الرزاق (20817)، وأحمد 2/ 148 و 149، والبخاري 2/ 117 (1354) و 4/ 85 (3055) و 8/ 49 (6173) و 157 (6618)، وفي الأدب المفرد (958) ومسلم 8/ 192 (2930) و 193 (2930) (96) (97)، وأبو داود (4329)، وابن حبان (6794)، والطبراني في الأوسط (9276)، وابن منده في الإيمان (1040)، والبغوي (4270).
(21) راجع: محاسن الاصطلاح 400.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|