أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-26
![]()
التاريخ: 2025-02-24
![]()
التاريخ: 2025-02-24
![]()
التاريخ: 2025-02-25
![]() |
لَمْ تعد أهميّة كتاب ابن الصلاح أمراً خافياً أو شيئاً غامضاً يحتاج إلى إيضاح وتفصيل، ولنا أن نجزم بأنّ كتابه هو المحور الذي دارت في فلكه تصانيف كل مَنْ أتى بعده، وأنّه واسطةُ عقدِها، ومصدر ما تفرّع عنها. ولم يكن لمن بعده سوى إعادة الترتيب في بعض الأحيان، أو التسهيل عن طريق الاختصار أو النظم، أو إيضاح بعض مقاصده التي قد تخفى عَلَى بعض المطالعين عن طريق التنكيت.
وقد رزق الله تَعَالَى كتاب ابن الصلاح القبول بَيْنَ الناس، حَتَّى صار مدرّس مَنْ يروم الدخول في هذا الشأن، ولا يتوصّل إليه إلاَّ عن طريقه، فهو الفاتح لما أغلق من معانيه والشارح بما أجمل من مبانيه.
ولم تقتصر قيمة الكتاب العلمية عَلَى جانب تفرّده في مصطلح الحديث وبيان مبادئه، وإنّما عُدَّت من بدايات الكتابات في علمٍ نعتقد أنّه ظهر عند الغرب في وقت متأخّر، ألاَ وهو علم تحقيق النصوص وتوثيق المرويّات، ولعلّنا لا نبالغ إذا قلنا: إنّه لا يزال متفرّداً بخصائصه التي تتصل بهذا الموضوع. وما دام تخصّصه قد امتدَّ إلى هذا الباب فليس غريباً أن تكون له مباحثات فيما يتّصل بعلم التاريخ.
ولعلَّ المؤلف ابن الصلاح عنى ذلك بقوله: ((فحينَ كادَ الباحثُ عنْ مُشْكلِهِ لا يُلْفِي لهُ كاشفاً، والسائلُ عنْ علمِهِ لا يَلْقى بهِ عارفاً، مَنَّ اللهُ الكريمُ - تباركَ وتعالى - عليَّ - ولَهُ الحمدُ - أجمعُ بكتابٍ "معرفة أنواعِ علمِ الحديثِ"، هذا الذي باحَ بأسرارهِ الخفيَّةِ، وكشفَ عَنْ مشكلاتِهِ الأبيَّةِ، وأحكمَ معاقدَهُ، وقعَّدَ قواعدَهُ، وأنارَ معالِمَهُ، وبيَّنَ أحكامَهُ، وفصَّلَ أقسامَهُ، وأوضحَ أصولَهُ، وشرحَ فروعَهُ وفصولَهُ، وجمعَ شتاتَ علومِهِ وفوائدَهُ، وقنصَ شواردَ نُكتِهِ وفرائدَهُ)) (1).
وممّا يُجلِّي الأمر أكثر ويجعلنا أمام صورة واضحة عن أهميّة هذا التصنيف أن ننقل جملة من أقوال العلماء فيه:
1. فقد قال الإمام النووي (ت676هـ): ((هو كتاب كثير الفوائد، عظيم العوائد، قد نبَّه المصنِّف - رَحِمَهُ اللهُ - في مواضع من الكتاب وغيره، عَلَى عظم شأنه، وزيادة حسنه وبيانه، وكفى بالمشاهدة دليلاً قاطعاً، وبرهاناً صادعاً)) (2).
2. وقال الخوييّ (3) (ت 693 هـ) في منظومته (4):
وخير ما صنّف فيها واشتهر ... كتاب شيخنا الإمام المعتبر
وهو الذي بابن الصلاح يعرف ... فليس من مثله مصنّف (5).
3. وقال ابن رشيد (ت 721 هـ): ((الذي وقفت عليه وتحصّل عندي من تصانيف هذا الإمام الأوحد أبي عمرو ابن الصلاح - رحمه الله - كتابه البارع في معرفة أنواع علم الحديث وإنّه كلّما كتبت عليه متمثّلاً:
لكلّ أناس جوهر متنافس ... وأنت طراز الآنسات الملائح)) (6).
4. وقال ابن جماعة (ت733 هـ): ((واقتفى آثارهم الشَّيْخ الإمام الحافظ تقي الدين أبو عمرو بن الصلاح بكتابه الذي أوعى فيه الفوائد وجمع، وأتقن في حسن تأليفه ما صنع)) (7).
5. قال ابن كثير (ت 774 هـ): ((ولمّا كان الكتاب الذي اعتنى بتهذيبه الشَّيْخ الإمام العلاَّمة أبو عمرو بن الصلاح - تغمَّده الله برحمته - من مشاهير المصنّفات في ذلك بَيْنَ الطلبة لهذا الشأن وربَّما عني بحفظه بعض المهرة من الشبَّان، سلكت وراءه واحتذيت حذاءه)) (8).
6. وقال الزركشي (ت 794 هـ): ((وجاء بعدهم الإمام أبو عَمْرو بن الصَّلاَح فجمع مفرّقهم، وحقّق طرقهم، وأجلب بكتابه بدائع العجب، وأتى بالنكت والنخب، حَتَّى استوجب أن يكتب بذوب الذهب)) (9).
7. وقال الأبناسي (ت 802 هـ): ((وأحسن تصنيف فِيْهِ وأبدع، وأكثر فائدة وأنفع: "علوم الْحَدِيْث" للشيخ العلاّمة الحافظ تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح فإنَّه فتح مغلق كنوزه، وحلّ مشكل رموزه)) (10).
8. وقال ابن الملقّن (ت 804 هـ): ((ومن أجمعها: كتاب العلّامة الحافظ تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح - سقى الله ثراه، وجعل الجنّة مأواه - فإنّه جامع لعيونها ومستوعب لفنونها)) (11).
9. وقال العراقي (ت 806 هـ): ((أحسن ما صنّف أهل الْحَدِيْث في مَعْرِفَة الاصطلاح كتاب "علوم الْحَدِيْث" لابن الصَّلاَح، جمع فِيْهِ غرر الفوائد فأوعى، ودعا لَهُ زمر الشوارد فأجابت طوعًا)) (12).
10. وقال ابن حجر (ت 852 هـ): ((فجمع شتات مقاصدها، وضمَّ إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرّق في غيره، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر)) (13).
11. وقال السيوطي (ت 911 هـ): ((عكف الناس عليه، واتّخذوه أصلاً يرجع إليه)) (14).
وبهذا نكاد أن ننقل إجماع الأئمّة، منذ أن رأى كتاب "معرفة أنواع علم الحديث" النور إلى يوم النّاس هذا، دليلاً على مكانته، وغزارة علمه وفوائده شاهداً على علوِّ كعبه ونصرة حزبه، فرحم الله مؤلّفه وجامعه، وأسبل عليه نعمه وفضائله، إنّه سميع مجيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: ص 74 من طبعتنا هذه.
(2) إرشاد طلاب الحقائق 1/ 108.
(3) نسبة إلى خوي، بلدة من بلاد أذربيجان. انظر: الأنساب 2/ 479، والمراصد 1/ 493.
(4) انظر: مقدّمتنا لشرح التبصرة والتذكرة 1/ 21.
(5) نقلاً عن مقدّمة محاسن الاصطلاح: 33.
(6) ملء العيبة 3/ 211.
(7) المنهل الروي: 26.
(8) اختصار علوم الحديث 1/ 95 - 96.
(9) النكت على مقدّمة ابن الصلاح 1/ 9 - 10.
(10) الشذا الفيّاح 1/ 63.
(11) المقنع في علوم الحديث 1/ 39.
(12) التقييد والإيضاح: 11.
(13) نزهة النظر: 51.
(14) البحر الذي زخر 1/ 235.
|
|
النوم 7 ساعات ليلا يساعد في الوقاية من نزلات البرد
|
|
|
|
|
اكتشاف مذهل.. ثقب أسود ضخم بحجم 36 مليار شمس
|
|
|
|
|
العتبة العلوية المقدسة تعقد اجتماعها السنوي لمناقشة الخطة التشغيلية وتحديثها لعام 2025
|
|
|