مهام ووظائف الإخراج الإذاعي من حيث استغلال وتوظيف الإمكانيات

ليس كل ما تتطلبه عملية الإخراج الإذاعي يمكن إدراجه تحت مسمى "الإبداع الفني" للمخرج، ولكن هناك جانب مهم في عملية الإخراج الإذاعي يتعلق يضعف الإمكانيات البشرية والمادية المتاحة لبرامج الإذاعة، يفرض على المخرج الدراية بكيفية توظيف تلك الإمكانيات المتواضعة لإخراج عمل مميز يشعر المستمع بضخامته فعلاً.

وهذا أمر ربما يتفوق فيه الراديو على كل من التلفزيون والسينما ، فعندما نقدم معركة حربية مثلاً من خلال شاشة التلفزيون أو السينما يكون المخرج مطالباً بتجسيد تلك المعركة بشكل كامل، فيحتاج إلى مجموعات ضخمة من "الكومبارس" إلى جانب أسلحة وعتاد حربي ومساحة شاسعة من الأرض تصور عليها المعركة، فإذا قلت هذه الإمكانيات فإن المشاهد "يكشف" ضعف العمل، وبالتالي لا يستجيب له أو لا يقتنع بما يقدم، لذلك يحجم التلفزيون عن تقديم "الإنتاج" الضخم لأنه يحتاج إلى إمكانيات كبيرة ولا يمكن إقناع المشاهد إلا بوجود وتوافر تلك الإمكانيات.

فقد تسعى بعض الأعمال الدرامية مثلاً إلى عرض ومعالجة موضوعات ضخمة يتطلب تنفيذها توافر إمكانيات كبيرة، ويتم تنفيذ هذه الأعمال من خلال استديو صغير يقف فيه الممثلون أمام ميكرفون أو اثنين، ويكون مطلوباً من المخرج أن ينقل للمستمع إحساساً بأجواء معركة حربية أو مطاردة رجال الشرطة لبعض الخارجين على القانون أو غيرها من الموضوعات، مستخدماً الإمكانيات القليلة المتاحة أمامه، وتتجلى هنا قدرة المخرج وإبداعه في كيفية استخدام وتوظيف الإمكانيات المتواضعة في استديو الإذاعة لتحقيق أكبر قدر من التأثير والإقناع عبر اللعب على وتر إثارة "خيال المستمع" وجعله يصدق ما يقال، وبإمكانيات متواضعة جداً.