أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-25
![]()
التاريخ: 2025-02-26
![]()
التاريخ: 2025-02-26
![]()
التاريخ: 2025-02-24
![]() |
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
((ونشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه وسفيره بينه وبين عباده، المبعوث بالدين القويم، والمنهج المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين، وإماماً للمتقين، وحجّةً على الخلائق أجمعين)) (1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].
أمّا بعد:
فقد اصطفى الله تعالى هذه الأمّة، وشرّفها إذ اختار لها هذا الدين القويم، وجعل أساسها المشيد وركنها الركين ((كتابه العزيز))، وهيَّأ هذه الأمّة لتضطلع بتلك المهمّة، ألا وهي حفظ هذا الكتاب الذي تعهّد الله تبارك وتعالى سلفاً بحفظه، فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] فرزقها جودة الفهم وقوة الحافظة، ووفور الذهن، فلم يتمكّن أحد - بحمد الله - من أن يجرأ فيزيد أو ينقص حرفاً أو حركةً منه.
ولمّا تعهَّد الله تعالى بحفظ القرآن الكريم، كان ممّا احتواه هذا العهد ضمناً حفظ سنّة رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -، ومن ذلك حفظ أحاديث المصطفى - صلى الله عليه [وآله] وسلّم - بأسانيدها فكان الإسناد أحد الخصائص التي اختصَّ الله تعالى بها أمّة صفيِّهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -.
ولقد أدرك الصدر الأوّل أهميّة ذلك، فروى الإمام مسلم (2) وغيره عن محمد ابن سيرين أنَّه قَالَ: ((إنَّ هذا العلم دين، فانظروا عمّن تأخذون دينكم)).
وروى (3) عنه أنَّه قال: ((لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلمّا وقعت الفتنة، قالوا: سمّوا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنّة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم)).
ومن ثَمَّ افتقر الأمر إلى معرفة ضبط الراوي وصدقه، فكانت الحاجة ماسّة إلى استكمال هذا الأمر، فكان نشوء ((علم الجرح والتعديل)) أو ((علم الرجال)).
وعلى الرغم من أنَّ هذا العلم لم يكن فجائيّ الظهور، إلا أنّه لا مناصَ من القول بأنّه كان مبكّر الظهور جداً، وينجلي ذلك ممّا نقلناه سالفاً عن ابن سيرين، وقد كان المسلمون مطمئنين إلى أنّ الله تعالى يهيّئ لهذا الأمر من يقوم به ويتحمّل أعباء هذه المهمّة الجسيمة، فقد أسند ابن عدي في مقدّمة "الكامل" (4)، وابن الجوزي في مقدّمة "الموضوعات" (5) أنّه قيل لعبد الله بن المبارك: هذه الأحاديث المصنوعة؟ فَقَالَ: تعيش لها الجهابذة، {إنَّا نَحْنُ نَزَّلنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}.
وعلم الحديث دراية ورواية من أشرف العلوم وأجلِّها، بل هو أجلّها عَلَى الإطلاق بعد العلم بالقرآن الكريم الذي هو أصل الدين ومنبع الطريق المستقيم، فالحديث هو المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعضه يستقل بالتشريع، وكثير منه شارح لكتاب الله تَعَالَى مبيّن له، قال تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].
وعلم الحديث تتفرّع تحته علوم كثيرة ومن تلك العلوم: علم مصطلح الحديث وهو العلم الذي يكشف عن مصطلحات المحدِّثين التي يتداولونها في مصنّفاتهم ودروسهم، وكتاب ابن الصلاح هذا كان واحداً من أحسن الكُتُب التي أُلِّفَتْ في علم مصطلح الحديث. قال الحافظ العراقيّ: ((أحسن ما صنَّفَ أهل الحديث في معرفة الاصطلاح كتاب علوم الحديث لابن الصلاح)) (6)، وربّما كان ذَلِكَ لما حبا الله به ابن الصلاح من فطنة عالية، وجودة ذهن، وحسن قريحة، وسلاسة أسلوب، واستفادته مِن لَمِّ شتات كتب من سبقه بهذا الباب، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: ((من أوّل من صنّف في ذَلِكَ (7) القاضي أبو مُحَمَّد الرامهرمزي كتابه "الْمُحَدِّث الفاصل" لكنَّه لَمْ يستوعب، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري، لكنَّه لَمْ يهذِّب ولم يرتِّب، وتلاه أبو نعيم الأصبهانيّ، فعمل عَلَى كتابه مستخرجاً وأبقى أشياء للمتعقّب.
ثُمَّ جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغداديّ، فصنّف في قوانين الرواية كتاباً سمّاه "الجامع لآداب الشَّيْخ والسامع" ...، ثُمَّ جاء بعدهم بعض من تأخّر عن الخطيب فأخذ من هذا العلم بنصيب: فجمع القاضي عياضٌ كتاباً لطيفاً سمّاه "الإلماع" وأبو حفص الميانجي جزءًا سمّاه "ما لا يسع الْمُحَدِّث جهله" وأمثال ذَلِكَ من التصانيف التي اشتهرت وبسطت ليتوفر علمها واختصرت ليتيسّر فهمها إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق - فجمع لمّا ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفيّة - كتابه المشهور، فهذَّب فنونه وأملاه شيئاً بعد شيء؛ فلهذا لَمْ يحصل ترتيبه عَلَى الوضع المتناسب، واعتنى بتصانيف الخطيب المتفرّقة فجمع شتات مقاصدها وضمَّ إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرَّقَ في غيره، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض له ومنتصر)) (8).
ونحن نكتفي بقول الحافظ ابن حجر عن سوق أقوال أئمّة آخرين في بيان أهميّة وجودة هذا الكتاب، وعَلَى الرغم من نفاسة هذا الكتاب وأهميته البالغة فإنّه لم يطبع طبعة علميّة محقّقة تتجلّى من خلالها نصوص الكتاب، وتضبط بالشكل، ويتكلّم في إيضاح مسائله وغوامضه والتنكيت والتعقيب على بعض ما انتقد عَلَى المصنّف. من هنا شمَّرنا عن ساعد الجدِّ في تحقيق نصِّ الكتاب وضبطه وضبط نصِّ الكتاب عَلَى ثلاث نسخ خطيّة مع الإفادة من الطبعات المتداولة، وكان من أفضل الطبعات السابقة لهذا الكتاب:
أولاً: طبعة الدكتور الفاضل نور الدين عتر: سنة 1966، نشر المكتبة العلميّة بالمدينة المنورة، وهي طبعة جيدة قياساً عَلَى سوابقها، لكن مع الجهد الذي قام به الدكتور الفاضل إلاَّ أنَّهُ حصل في نشرته بعض سقط وزيادات وتصحيفات وراجع عَلَى سبيل المثال تعليقنا على الصفحات الآتية:
71، 73، 74، 76، 95، 232، 244، 250، 263، 264، 271، 286، 290، 297، 298، 306، 309، 313، 319، 320، 321، 323، 325، 326، 329، 331، 333، 334، 335، 337، 339، 340، 347، 351، 353، 354، 355، 367، 384، 392، 395، 401.
ثانياً: طبعة الدكتورة الفاضلة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ): فقد حقّقت الدكتورة الفاضلة عائشة كتاب "محاسن الاصطلاح" للبلقيني سنة 1974 م، وطبعت معه كتاب "معرفة أنواع علم الحديث" لابن الصلاح، وجعلته متناً في الأعلى وجعلت المحاسن في الحاشية، وهذه الطبعة دون الطبعة السابقة، وقد حصل فيها كسابقتها بعض سقط وتصحيف وزيادات، راجع على سبيل المثال الصفحات الآتية: 71، 73، 74، 75، 76، 77، 78، 82، 85، 87، 97، 242، 246، 253، 256، 258، 262، 265، 266، 267، 268، 271، 274، 275، 278، 279، 281، 282، 283، 284، 287، 288، 293، 294، 297، 303، 304، 305، 307، 309، 311، 312، 314، 316، 317، 318، 322، 324، 326، 329، 332، 334، 336، 345، 348، 352، 362، 365، 367، 369، 372، 373، 375، 377، 382، 385، 389، 391، 392، 395، 398، 401، 409.
كان هذا وأمثاله هو الدافع الوحيد الذي جعلنا نعيد تحقيق الكتاب عَلَى أحسن الطرق العصريّة في تحقيق النصِّ وضبطه مزداناً بالشكل التامِّ للكلمات مع التخريج الوافر والتعليق النافع مع تتبّع مَن عقَّب ونكَّت على ابن الصلاح، بالإضافة إلى تحلية الكتاب بالفهارس المتنوّعة المتقنة.
وقد رأينا أن نُقدَّم لهذا الكتاب بدراسة متوسِّطة دالّة على سيرة ابن الصلاح ومنهجه في هذا الكتاب، وقد جعلناها في أربعةِ فصول:
تكلّمنا في الفصلِ الأول عن سيرته، وتناولنا في الفصل الثاني ثقافته، وذكرنا في الفصل الثالث دراسة وافية عن الكتاب، وختمناه بالفصل الرابع الذي تكلّمنا فيه عن تحقيق الكتاب والمنهج الذي سرنا عليه.
وبعد:
فهذا كتاب "معرفة أنواع علم الحديث" لابن الصلاح، نقدّمه لمحبّي المصطفى - صلّى الله عليه وسلم - السائرين على هديه الراجين شفاعته يوم القيامة، قد خدمناه الخدمة التي توازي تعلّقنا بسيّدنا المصطفى - صلى الله عليه [وآله] وسلّم -، بذلنا فيه ما وسعنا من جهد ومال ووقت، ولم نبخل عليه بشيء، وكان الوقت الذي قضّيناه فيه كلّه مباركاً.
وآخِر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
المحقّقان
1/ 9 / 2001
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من مقدمة زاد المعاد 1/ 34 ابن القيّم.
(2) مقدّمة صحيح مسلم 1/ 14 طبعة عبد الباقي.
(3) المصدر السابق 1/ 15.
(4) 1/ 192.
(5) 1/ 46.
(6) التقييد والإيضاح: 11.
(7) يعني: المصطلح.
(8) نزهة النظر: 46 - 51، تحقيق: علي الحلبي.
|
|
النوم 7 ساعات ليلا يساعد في الوقاية من نزلات البرد
|
|
|
|
|
اكتشاف مذهل.. ثقب أسود ضخم بحجم 36 مليار شمس
|
|
|
|
|
العتبة العلوية المقدسة تعقد اجتماعها السنوي لمناقشة الخطة التشغيلية وتحديثها لعام 2025
|
|
|