أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-15
351
التاريخ: 2024-09-16
266
التاريخ: 2024-03-11
1069
التاريخ: 2023-09-04
1454
|
في قبض الزكاة واعطائها للمستحق – القسم الاول
قال تعالى : {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 103-104].
اختلف فيمن نزلت الآية وما قبلها فيه ففي المجمع قال أبو حمزة الثماليّ بلغنا أنهم ثلاثة نفر من الأنصار : أبو لبابة بن عبد المنذر ، وثعلبة بن وديعة وأوس بن حذام تخلّفوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مخرجه إلى تبوك ، فلما بلغهم ما أنزل الله فيمن تخلف عن نبيّه أيقنوا بالهلاك ، فأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد.
فلم يزالوا كذلك حتّى قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأل عنهم ، فذكر له أنهم أقسموا أن لا يحلّوا أنفسهم حتّى يكون رسول الله يحلّهم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا اقسم لا أكون أوّل من حلّهم إلا أن أومر فيهم بأمر.
فلما نزل {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 102] عمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم فحلّهم فانطلقوا فجاؤا بأموالهم إلى رسول الله فقالوا هذه أموالنا التي خلّفتنا عنك ، فخذها وتصدّق بها عنّا ، قال (صلى الله عليه وآله) ما أمرت فيها بأمر فنزلت (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) الآيات.
وقيل : إنهم كانوا عشرة رهط منهم أبو لبابة عن علي بن طلحة عن ابن عباس ، وقيل : كانوا سبعة عن قتادة ، وقيل كانوا خمسة ، وروى عن أبى جعفر الباقر (عليه السلام) أنّها نزلت في أبي لبابة ولم يذكر معه غيره وسبب نزولها فيه ما جرى منه في بني قريظة حين قال إن نزلتم على حكمه فهو الذّبح ، وبه قال مجاهد وقيل نزلت فيه خاصة حين تأخّر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك فربط نفسه بسارية على ما تقدّم ذكره عن الزهري.
قال ثمّ قال أبو لبابة يا رسول الله إنّ من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذّنب وأن أنخلع من مالي كله ، فقال يجزيك يا أبا لبابة الثلث، وفي جميع الأقوال أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلث أموالهم وترك الثلثين ، لأنّ الله تعالى قال: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ) ولم يقل خذ أموالهم انتهى [1].
وفي المعالم أيضا ذكر الإنفاق على أخذ الثلث [2] وزاد في الأقوال عن سعيد بن جبير وزيد بن أسلم أنّهم كانوا ثمانية ، وقال قال الحسن وقتادة هؤلاء سوى الثلاثة الّذين خلّفوا.
وفي الكشاف : وقيل كانوا عشرة فسبعة منهم أوثقوا أنفسهم [3].
إذا عرفت ذلك فهنا أمور :
ألف ـ قيل : من للتبعيض أي بعض أموالهم فيكون «صدقة» تميزا لا مفعولا ، وهو خلاف الظاهر ، فالظاهر أنها للابتداء وتفيد التبعيض هنا ، وربما كان المراد بالتبعيض ذلك ، فليتأمل.
ب ـ قيل : أمر بأخذ الصدقة من أموال هؤلاء التائبين تشديدا للتكليف ، وليست بالصدقة المفروضة ، بل هي على سبيل الكفارة للذنوب التي أصابوها عن الحسن ، وغيره.
ويؤيده نزول الآية في هؤلاء وعموم أموالهم وشمولها للزكاة وغيرها والاتّفاق على أخذ الثلث وأنّ الحمل على الزكاة المفروضة حمل على الخصوص ، فلا يجوز بغير دليل والأصل عدمه.
وقيل أراد بها الزكاة المفروضة عن الجبائي وأكثر أهل التفسير كذا في المجمع قال : وهو الظاهر ، لأنّ حمله على الخصوص بغير دليل لا وجه له ، وفيه نظر واضح.
وفي الكنز [4] بعد ذكر سبب النزول : فنزلت فأخذ منهم الزكاة المقرّرة شرعا ، وعلى ذلك إجماع الأمة. ودعوى إجماع الأمة ، فيه ما لا يخفى بالنظر إلى قدّمنا أما إجماع الأصحاب فغير بعيد ، كما يظهر من استدلالاتهم.
وأيضا فإنهم قد رووا في الصحيح عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال أنزلت آية الزكاة: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مناديه فنادى في النّاس ، إنّ الله تعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة الحديث رواه في الصحيح محمّد بن يعقوب في الكافي والصدوق في الفقيه [5].
ووجه الجمع أنّ الآية وإن نزلت بسبب أبي لبابة أو وغيره من مخصوصين ، إلّا أنّها عامة ، وامّا أخذ الثلث منهم فلعله كان على سبيل الكفّارة وجهة الاستحباب لمبالغتهم في ذلك ، حيث قد دلّت الآية على كون الصدقة مطهّرة لما في الرواية المتقدمة أنه (عليه السلام) بعد نداء مناديه بذلك تركهم إلى تمام السنة ، ثمّ نبّههم وبعث العمّال.
أو الزائد على قدر الواجب كان كذلك أو الجميع واجبة لأنّ الآية في ذلك مجملة فلعله قد جاءه البيان بأن المطهّر لهم الثلث في ذلك الوقت ، ثمّ لهم ولغيرهم القدر المعلوم.
على أنه لم يصح عندنا أخذ الثلث ولا كونه بمقتضى الآية ، وإن كان مشهورا بين جمع من الجمهور.
ج ـ التاء في (تُطَهِّرُهُمْ) للتأنيث ، فيقدر بها وأما في (تُزَكِّيهِمْ) فليس إلّا للخطاب لوجوبها ، والتزكية مبالغة في التطهير وزيادة فيه ، أو بمعنى الإنماء والبركة في المال ، ومن الأول قيل أي تطهّرهم من الذنوب أو من حبّ المال المؤدّي إلى مثل ما تقدم منهم ، وتنمي في حسناتهم وترفعهم إلى منازل المخلصين فتأمل.
وعلى كل حال صفتان لصدقة ، ويجوز أن يكون على الاستيناف ، والأول أولى وأنسب بأخذ الثلث ، وربما نبّه على أن المأمور به ما يكون عن طيبة نفس بنيّة خالصة كما قيل في ترجيح الصّفة على الجزم ، جوابا للأمر وقد قرئ به «تطهّرهم» وحده ، قاله في الكشاف وقيل بل قرأ سلمة بن محارب بالجزم [6] فيهما ، فلعلّ مراد الكشاف أن أحدا من السبعة لم يقرأ «وتزكّهم» بالجزم والله اعلم.
د ـ فيها إشعار بأنّ الصدقة نافعة في تطهير الذنوب وتزكية النفس خصوصا على بعض الوجوه ، ودلالة على وجوب أخذ الزكاة ولا يشترط مجيء أهلها بها إليه ولا يجب عليهم ذلك أيضا نعم لا يبعد وجوب الدفع إليه أو نائبه إذا طلب ، وكان باقيا.
ه ـ (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) أي ادع لهم أو ترحّم عليهم بالدّعاء لهم بقبول صدقاتهم ونحوه ، مثل آجرك الله فيما أعطيت ، وبارك لك فيما أبقيت أو أعم.
عبد الله بن أبي أوفى قال [7] كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صلّ على آل فلان ، فأتاه أبى بصدقته فقال اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى ، أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وفي ذلك من الدلالة على جواز الصلاة على خصوص غير النبيّ (صلى الله عليه وآله) أصالة خصوصا عند أخذ الصدقة ورجحانها ما لا يخفى.
واختلف في هذا الأمر هل للوجوب لظهور مطلقة فيه على أنه قد عطف هنا على خذ الكائن للوجوب وعلّل مؤكدا بانّ عموما عند كلّ أخذ صدقة كما هو ظاهر السياق ، والمقصود اطمينان نفوسهم وطيب خواطرهم حثّا وترغيبا ويؤيده الرواية المتقدّمة ، أو في الجملة فإنّ الأمر لا يقتضي التكرار ، أو للاستحباب للأصل من عدم الوجوب ، وقيل يتعين لفظ الصلاة كما في قوله (صَلُّوا عَلَيْهِ) والأولى جواز غيرها ، لأنه معناها والأصل هنا عدم النقل.
ثمّ على الوجوب هل يجب على الإمام أو الساعي والفقيه النائب؟ قيل به لأنّ النّائب كالمنوب وقائم مقامه وقيل لا لاختصاص الأمر به (عليه السلام) كما قد يشعر به التعليل ولا نزاع في الرجحان واما المستحق فيستحبّ له بغير خلاف ، والله أعلم.
و ـ (سَكَنٌ لَهُمْ) تسكن إليه نفوسهم وتطمئن بها قلوبهم ، وقيل رحمة لهم عن ابن عباس وقيل طمأنينة لهم بأنّ الله قد قبل منهم عن قتادة والكلبي ، وقيل تثبيت لهم عن ابى عبيدة (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) دعاءك لهم ويعلم ما يكون منهم ، أو يسمع اعترافهم ودعاءهم ويعلم ندامتهم وإخلاصهم.
ز ـ (أَلَمْ يَعْلَمُوا) بالياء والتّاء ، والضمير إمّا للمتوب عليهم ، والمراد أن يمكّن في قلوبهم قبول توبتهم ، والاعتداد بصدقاتهم ، و «هو» للتخصيص والتأكيد ، وأنّ الله من شأنه قبول توبة التّائبين ، وقيل : معنى التخصيص في هو أنّ ذلك ليس إلى رسول الله إنّما الله هو الذي يقبل التوبة ويردّها ، فاقصدوه بها ، ووجّهوها إليه. في المجمع :
والسبب فيه أنّه لمّا سألوا النبيّ (صلى الله عليه وآله) أن يأخذ من أموالهم ما يكون كفارة لذنوبهم امتنع من ذلك وانتظر الاذن من الله فيه ، فبيّن الله أنه ليس قبول التوبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وأنّ ذلك إلى الله عزّ اسمه ، هذا.
والظاهر إرادة الحصر في قبول الصدقات أيضا كما لا يخفى أو لغير التّائبين ترغيبا لهم في التوبة وإيتاء الصدقات ، فقد روي أنّه لمّا تيب عليهم قال الّذين لم يتوبوا هؤلاء أي الّذين تابوا كانوا بالأمس معنا لا يكلمون ولا يجالسون فما لهم؟ فنزلت ، وأخذ الصدقات مجاز عن قبوله لها ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل [8] ، والمراد أنّه ينزّل هذا التنزيل وذلك يرجع إلى تضمّن الجزاء ، ولهذا قال الكشّاف : والمعنى أنه يتقبّلها ويضاعف عليها.
ح ـ في المجمع أنّ ذلك استفهام يراد به التنبيه على ما يجب أن يعلم ، فالمخاطب إذا رجع إلى نفسه وفكّر فيما نبّه عليه ، علم وجوبه ، وإنّما وجب أن يعلم أنّ الله يقبل التوبة ، لأنّه إذا علم ذلك كان داعيا له إلى فعل التوبة والتمسّك بها والمسارعة إليها ، وما هذه صورته يجب العلم به ليحصل به الفوز بالثواب ، والخلاص من العقاب انتهى.
وأما ما يفيد العلم بذلك فما نبّه عليه بقوله (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) شأنه قبول توبة التائبين والتفضّل عليهم ، فهو كثير القبول لتوبتهم واسع الرحمة بهم كما يقتضيه كماله وغناه وعموم قدرته وسبوغ كرمه ، مع إحاطة علمه بجميع المعلومات.
ط ـ وفيها الدلالة على قبول التوبة فيجب من الذنب في كلّ حال ، ويستحبّ من المكروهات ـ وعلى قبول الصدقات واستحبابها بين يدي التوبة ، وكذا قبول سائر العبادات لأنّ ما ينبه على أنّ الله يقبل التوبة ويأخذ الصدقات ينبّه على هذا أيضا ، ويؤيّده قوله (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) والله أعلم.
[1] المجمع ج 3 ص 67.
[2] وكذا في اللباب ج 2 ص 259.
[3] الكشاف ج 2 ص 306.
[4] انظر كنز العرفان ج 1 ص 227 والتعليق في الصحيفة المذكورة.
[5] انظر الوسائل ج 6 ص 3 الباب 1 من أبواب وجوب الزكاة المسلسل 11390 وانظر الكافي ج 1 ص 139 باب فرض الزكاة الحديث 2 والفقيه ط النجف ج 2 ص 8 الرقم 26 وأورد صاحب المعالم في المنتقى حديث الكافي ج 2 ص 75 وحديث الفقيه ص 78 وبين موارد المخالفة في الألفاظ فراجع ولا تغفل.
[6] وفي روح المعاني ج 11 ص 13 مسلمة بن محارب مكان سلمة والصحيح مسلمة انظر غاية النهاية ج 2 ص 298 الرقم 3607 مسلمة بن محارب بن دثار السدوسي الكوفي وفي شواذ القران لابن خالويه ص 55 نقل قراءة تطهرهم بالتخفيف عن الحسن.
[7] انظر سنن ابى داود ج 2 ص 142 الرقم 1590 وابن ماجة ص 572 الرقم 1796 والنسائي ج 5 ص 31 وصحيح مسلم بشرح النووي ج 7 ص 184 والبخاري بشرح فتح الباري ج 4 ص 104 وأخرجه في الدر المنثور ج 3 ص 275 عن ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابى داود والنسائي وابن ماجة وابن ابى المنذر وابن مردويه.
ولفظ الحديث هكذا عن عبد الله بن أبي أو في كان النبي (ص) إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صل على آل فلان وفي لفظ على فلان فأتاه ابى بصدقته فقال اللهم صلى على آل أبي أوفى.
واسم أبي أوفى علقمة بن الحارث الأسلمي شهد هو وابنه بيعة الرضوان تحت الشجرة وعمر عبد الله الى ان كان آخر من مات من الصحابة وذلك سنة سبع وثمانين.
[8] انظر المجمع ج 3 ص 68 والفقيه ج 2 ص 37 الرقم 156 والكافي ج 1 ص 162 والتهذيب ج 4 ص 112 الرقم 231 وغيرهما من الاخبار وانظر أيضا الباب 18 ص 283 والباب 29 ص 302 من ج 6 من أبواب الصدقة من الوسائل.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
مكتب المرجع الديني الأعلى يعزّي باستشهاد عددٍ من المؤمنين في باكستان
|
|
|