المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

The diphthongs NEAR
2024-05-22
Float’ symbols
21-6-2022
((رُسته)) بن أبي الأبيض الأصبهاني
25-06-2015
قلة عقد ثمار الكرز
18-2-2020
وكالة اسيوشيد برس AP
13-12-2020
Functional shift
2024-08-13


المبادئ التي تحكم اختيار العقوبة الانضباطية  
  
667   01:01 صباحاً   التاريخ: 2024-07-06
المؤلف : رفقة عبدالناصر نعمة زيدان
الكتاب أو المصدر : حدود سلطة الإدارة في فرض وإلغاء العقوبة الانضباطية
الجزء والصفحة : ص 10-21
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القانون الاداري /

يستمد القانون الانضباطي جزء من مبادئه القانونية العامة المطبقة في مجال العقاب الانضباطي من المبادئ الأساسية المستقرة في مجال العقاب الجنائي والتي ظهرت للوجود بصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمواطن في 1789/8/26م (1).
وفي الوقت ذاته تعد هذه المبادئ ضمانات للموظف فهي بمثابة سياج تحميه من تعسف الإدارة وتطرفها نظراً للسلطة التقديرية الواسعة الممنوحة لها فقد كان لابد من وجود ضوابط وقيود تحكم توقيع العقوبة الانضباطية ومن اهم هذه المبادئ ما يأتي:
أولاً: مبدأ شرعية العقوبة الانضباطية
ويعني هذا المبدأ انه لا يجوز للسلطة الانضباطية ان توقع على الموظف المخالف جزاءاً لم يقر تشريعياً، اي يجب أن يكون الجزاء الموقع على الموظف المخالف من الجزاءات التي اوردها المشرع على سبيل الحصر (2), ويتمثل هذا المبدأ في ضرورة توقيع العقوبة في الحدود والنطاق الذي يحدده المشرع فلا تستطيع السلطات الانضباطية أن تستبدل العقوبات التي أوردها المشرع بعقوبات اخرى تختلف عنها بالنوع والمقدار وإلا كان قرارها مخالفاً لمبدأ المشروعية، فلا يجوز توقيع عقوبة انضباطية لم ينص عليها المشرع ولو كانت اخف من العقوبات المقررة حتى لو كان توقيعها بناء على رضا الموظف المخالف ، لان هذا الرضا لا ينفي بطلان العقوبة وذلك لان مركز الموظف والعقوبات الانضباطية التي يجوز توقيعها عليه من الامور التي يحددها القانون ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها.
واذا كان مبدأ الشرعية في القانون الجنائي يشمل الجريمة والعقوبة (لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ) إلا ان هذا المبدأ في التأديب يقتصر على العقوبات دون الجرائم ، فالمشرع لم يحدد على سبيل الحصر كل المخالفات الانضباطية بل ذكر قاعدة عامة هي اعتبار كل خروج على واجبات الوظيفة ومقتضياتها مخالفة انضباطية ومنح جهة الادارة سلطة تقديرية تحت رقابة القضاء الاداري لتحديد ما يعد خروجاً على واجبات الوظيفة مالم يوجد نص صريح بهذا التحديد (3) .
وتطبيقاً لقاعدة (لا عقوبة الا بنص )لا يجوز للسلطة الانضباطية اللجوء للقياس لخلق عقوبة جديدة لم ينص عليها المشرع صراحة (4).
واذا وجد بالنص الجزائي الانضباطي ما يستوجب التفسير وجب اعمال التفسير الضيق الذي لا توسع فيه ولا قياس عليه (5) .
وقد عرفت الشريعة الاسلامية مبدأ الشرعية كما جاء في قوله تعالى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (6) ويعد هذا مبدأ دستورياً ايضاً (7).
وقد طبق القضاء الاداري مفهوم الشرعية في العديد من احكامه تأكيدا على مبدأ شرعية العقوبة الانضباطية، حيث قضى مجلس الدولة الفرنسي بان الفعل اذا كان غير مجرم قانوناً فانه لا يمكن للإدارة معاقبة الشخص على ارتكابه ، فوفقاً لمبدأ الشرعية لا يجوز فرض عقوبة لم تقرر بنص ، وبالتالي لا يمكن معاقبة شخص عن فعل غير مجرم قانوناً (8) .
وبدوره قد أكدت محكمة قضاء الموظفين مبدأ الشرعية في الكثير من قراراتها على ان تلتزم السلطات الانضباطية في المادة (8) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 التي حددت العقوبات الانضباطية على سبيل الحصر التي توقع على الموظف المخالف، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة قضاء الموظفين بأن ..... معاقبة الموظف بجزاء انقاص الراتب بنسبة 20% من راتبه الشهري غير جائز، وذلك لتجاوزه النصاب القانوني وهو 10% من الراتب)(9) وقد اكد القضاء الاداري في مصر ايضاً على مبدا شرعية الجزاء الانضباطي (التأديبي)،حيث قضت المحكمة الادارية العليا المصرية في بعض أحكامها بأن السلطة التأديبية وهي في سبيل مؤاخذة الموظف المتهم عما يثبت في حقه من اتهام ينبغي ان تجازيه بأحدى العقوبات التي حددها المشرع على سبيل الحصر، ولا يجوز لهذه السلطات سواء كانت رئاسية ام قضائية ان تضفي على اجراء وصف الجزاء مالم يكن ذلك الاجراء موصوفاً صراحة بانه عقوبة تأديبية بنص القانون ، وإلا كان القرار او الحكم التأديبي مخالفاً للقانون...) (10). نستخلص مما سبق ان مبدأ شرعية العقوبة الانضباطية بمعنى لا عقوبة إلا بنص ان المشرع قد حصر العقوبات الانضباطية ولم يورد المخالفات الانضباطية على سبيل الحصر كما فعل بقانون العقوبات حيث ان مبدأ الشرعية في قانون العقوبات قائم على الجرائم والعقوبات على حد السواء "لا" جريمة ولا عقوبة إلا بنص" كما نص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 النافذ في المادة (1) منه .
ولكن على الرغم من ان المشرع العراقي لم يحصر المخالفات الانضباطية لكنه قام بذكر اهم واجبات ومحظورات الوظيفة في المواد (45) من قانون الانضباط العراقي رقم 4 1 لسنة 1991 وذلك لكي لا تتعسف الادارة في استعمال سلطتها وتقوم بمعاقبة الموظف عن افعال غير ملزمة له اصلاً بحجة ان المشرع لم يورد المخالفات على سبيل الحصر ، ونحن نؤيد المشرع العراقي في عدم حصر المخالفات الانضباطية وذلك لتعدد هذه المخالفات وصعوبة حصرها وكذلك ان نشاط الادارة واسع وفي تطور مستمر فقد تظهر مخالفات جديدة لم تكن موجودة من قبل وذلك بسبب التطور المستمر والعولمة فلو حصرنا هذه المخالفات لما استطعنا مواكبة مثل هذه التطورات .
ثانياً: مبدأ شخصية العقوبة الانضباطية
يعد هذا المبدأ من القواعد العامة المنصوص عليها في جميع انواع التشريعات العقابية، سواء كانت تشريعات جنائية أم انضباطية، ويقضي هذا المبدأ بأن العقوبة الانضباطية تلزم الشخص مرتكب المخالفة ولا تتعداه الى غيره ، بحيث يتعين إنزال العقوبة على من تثبت إدانته وحده وأن الموظف المخالف يتحمل خطأه من دون غيره من الأشخاص على اعتبار أن شخصية العقوبة هي الوجه المقابل لشخصية المسؤولية (11) .
، وان هذا المبدأ ما هو إلا نتيجة حتمية مترتبة على تطبيق مبدأ شرعية العقوبة الانضباطية اذ لا يمكن التقرير بمسؤولية شخص إلا عن خطاه الذاتي (12) ، والاصل الشرعي لهذا المبدأ في قوله تعالى " وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى "(13)
ونظراً لأهمية هذا المبدأ فقد نصت عليه دساتير وقوانين عديدة (14).
ومن جانبه أكد القضاء هذا المبدأ حيث قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر بما يلي ... ومن حيث ان من المقرر كذلك ان الاصل في الجريمة ان عقوبتها لا يتحمل بها إلا من أدين كمسؤول عنها، وهي عقوبة يجب ان تتوازن وطأتها مع طبيعة الجريمة وموضوعها ، بما مؤداه ان الشخص لا يزر غير سوء عمله وان جريرة الجريمة لا يؤخذ بها إلا جناتها، ولا ينال عقابها إلا من قارفها وان (شخصية العقوبة وتناسبها مع الجريمة) محلها مرتبطان بمن يعد قانوناً مسؤولاً عن ارتكابها ...)(15) .
وفي القضاء العراقي قضت محكمة قضاء الموظفين في أحد قرارتها بأنه لا يجوز معاقبة الموظف مالم يثبت ارتكابه فعل يعاقب عليه القانون او تقصير في اداء الواجب وفي حالة ارتكابه يكون نفسه هو المسؤول ويستحق العقوبة اذا اهمل القيام بواجباته (16)
اما الاستثناء الحقيقي الوارد على هذا المبدأ في القوانين الوظيفية المختلفة هو عدم مسؤولية الموظف عن الخطأ المترتب في حال تنفيذ الامر الصادر اليه من رؤسائه الذين يجب على الموظف طاعتهم عند توافر شروط معينة حددها القانون في هذه الحالة يعفى الموظف من المسؤولية ويتم تحميلها لمصدر القرار او الامر ، ونص على هذه الحالة المشرع المصري في قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 النافذ، ونص عليها ايضاً قانون انضباط موظفي الدولة رقم 14لسنة 1991النافذ (17).
ورغم أهمية هذا المبدأ لكنه تعرض للانتقاد كونه يرتب اثاراً غير مباشرة على اسرة الموظف في حال فرض عقوبة مالية كانقاص الراتب وقطع الراتب عليه باعتبار ان الراتب المورد الرئيسي لأسرة الموظف. (18) ولكن نحن لا نؤيد هذا الراي الذي يطالب بإلغاء العقوبات المالية كونها تؤثر على اسرة الموظف مما يجعل الموظف المخالف يتهاون بالعقوبات الانضباطية كونها يسيرة وذات اثار بسيطة مما يسهم في تماديه واقدامه على ارتكاب مخالفات جسيمة، فحتى لو كانت العقوبات المالية توثر على اسرة الموظف المخالف لكن لا نؤيد الذين يطالبون بإلغائها للأسباب التي ذكرناها.
ثالثاً : مبدأ عدم جواز تعدد العقوبات الانضباطية في المخالفة الواحدة (وحدة الجزاء الانضباطي)
من المبادئ القانونية العامة المستقر عليها قضاءً في مجال النظام الانضباطي، انه لا يجوز توقيع أكثر من عقوبة واحدة على مخالفة واحدة ، ومن ناحية اخرى فانه إذا استنفذت السلطة الانضباطية اختصاصها بمعاقبة الموظف عن الخطأ المرتكب فانه لا يجوز لها أن تعيد ممارسة هذه السلطة ثانية أتجاه ذات الخطأ، مالم تكن المخالفة الانضباطية من النوع المستمر أو المتجدد، إذ ليس للموظف في هذه الحالة ان يتمسك في هذا المبدأ للإفلات من توقيع عقوبة جديدة عليه مع استمراره في تكرار مخالفته الانضباطية (19).
كذلك يرتبط بنفس المبدأ انه لا يجوز انزال العقوبة الانضباطية عن الفعل الواحد اكثر من مرة بل ان الموظف المخالف اذا ارتكب فعلاً يكون عدة مخالفات او جملة افعال مرتبطة بعضها ببعض من اجل غرض واحد لا يعاقب عن كل فعل على حدا بعقوبة مستقلة بل يعاقب بعقوبة واحدة على الفعل المكون للمخالفة الاشد (20).
وقد ورد النص على هذا المبدأ في اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية المصري رقم 81لسنة2016،ونص عليه ايضاً قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991(21).
وطبقت فرنسا هذا المبدأ حيث جاءت في قرار لها في 2/مايس /2013 ان الموظف العمومي لا يمكن معاقبته مرتين لأجل الخطأ نفسه" (22).
وتؤكد المحكمة الادارية العليا في مصر ذات المبدأ حيث قضت بما يلي اذا وقع جزاء على الموظف عن فعل
ارتكبه، فلا وجه بعد ذلك لتكرار الجزاء عليه عن السلوك ذاته، مادام هو عين الجريمة التأديبية"(23).
وكذلك قضت الهيئة العامة لمجلس الدولة العراقي في احد قرارتها بإلغاء قرار النقل من وظيفة معاون مدير عام الى وظيفة مدير مدرسة المفروض من قبل المدعي عليه وزير التربية اضافة لوظيفته، فيعد ذلك تنزيلاً لدرجته الوظيفية وان المدعي عليه سبق وان وجه له عقوبة الانذار عن ذات الفعل الذي استند اليه عند نقله من الوظيفة، وهو بهذا قد الحق ضرراً بالمدعي دون ان يستند الى تحقيق اصولي، ولم يحقق النقل المصلحة العامة، وانما كان عقوبة مقنعة"(24).
مما تقدم نلاحظ ان الهيئة العامة لمجلس الدولة قد اقرت في حكمها اعلاه مبدأ انه لا يجوز للإدارة معاقبة الموظف بعقوبتين انضباطيتين عن فعل واحد وفقاً لما قررته المادة (20) من قانون الانضباط، لأنها عدت عقوبة النقل مقنعة، فهي تضمنت تنزيل الدرجة الوظيفية وسببت للموظف اضراراً مادية وبذلك لم يكن تحقيقاً للمصلحة العامة، وكذلك سبق ان عوقب بعقوبة الانذار على المخالفة نفسها ومن السلطة الانضباطية ذاتها وكلاهما يخضعان لنظام قانوني واحد ، وبذلك فان السلطة الانضباطية قد خالفت فيما ورد في المادة (20) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم 14 لسنة 1991 المعدل.
رابعاً: مبدأ عدم رجعية العقوبات الانضباطية على الماضي
يقصد بهذا المبدأ عدم جواز تطبيق الاثار المترتبة على توقيع الجزاء الانضباطي إلا اعتباراً من تاريخ توقيع الجزاء دون امتدادها الى تاريخ ارتكاب المخالفة الانضباطية او الى اي تاريخ اخر سابق على تاريخ توقيع الجزاء (25).
وقد حرص القضاء الاداري على تطبيق هذا المبدأ حيث قضى مجلس الدولة الفرنسي بان(الوزير لا يملك في ظل غياب النص القانوني الصريح الذي يجيزه ان يعطي قراره بفصل الموظف بأثر رجعي )(26). وقد تبنت المحكمة الإدارية العليا في مصر في قضائها مبدأ عدم رجعية العقوبة الانضباطية حيث جاء في حكمها في 2001/3/11 الذي قضت فيه العبرة في توقيع الجزاء يكون بلائحة الجزاءات المطبقة وقت صدور قرار الجزاء وليس باللائحة السابقة على صدور قرار الجزاء ولو أن المخالفات قد وقعت في تاريخ سابق على صدور لائحة الجزاءات الموقعة (27).
كما نصت على هذا المبدأ المادة 9/19من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ" ليس للقوانين اثر رجعي مالم ينص على خلاف ذلك".
لكن هناك استثناءات ترد على هذا المبدأ ومنها (في حالة توقيف الموظف العام عن العمل بسبب ارتكابه مخالفة ادارية جسيمة فان اثار فصل الموظف تمتد الى تاريخ توقيفه وليس من تاريخ توقيع جزاء الفصل عليه، ويسمح بالأثر الرجعي ايضاً في حالات التي يكون فيها مصلحة للموظف العام)(28).
نستخلص مما سبق ان هذا المبدأ يعد ضمانة للموظف حتى لا يفاجئ بعقوبة متخذة في حقه عن سلوك وظيفي كان مباحاً وقت ارتكابه وفي الوقت ذاته يعد هذا المبدأ قيداً على المشرع حتى لا يقنن أي عقوبة جديدة على اخطاء انضباطية تمت قبل نفاد النص القانوني المحدد لها .
خامساً: مبدأ تناسب العقوبة الانضباطية مع جسامة المخالفة الانضباطية :
تعددت تعريفات الفقه الاداري لمبدأ التناسب كمبدأ هام يحكم اختيار الجزاء الانضباطي حيث قيل بان التناسب: يعني تقدير العقوبة الانضباطية نوعاً ومقداراً، بما يتوافق مع جسامة وخطورة الجريمة المرتكبة، الامر الذي يؤدي بالنتيجة الى تحقيق ملائمة مقبولة أو ظاهرة بينهما (29).
كان مجلس الدولة الفرنسي في بادئ الأمر يرفض في قضائه التقليدي الرقابة على تناسب العقوبة الانضباطية الخطأ مع المرتكب في مجال الوظيفة العامة فحتى عام 1978 كان المجلس المذكور يرفض مد نطاق رقابته على القرارات الانضباطية الى بحث التناسب في هذه القرارات على اساس ان اختيار العقوبة الانضباطية هو من اختصاص السلطة الانضباطية التي لا يجوز التعقيب عليها ، وبقى هذا الحال الى عام 1978م حيث رأى المجلس انه أن الأوان لتقييد السلطة التقديرية للإدارة في مجال الانضباط (التأديب)، ليبسط رقابته على مدى التناسب بين العقوبة الانضباطية وخطورة الاخطاء التي يرتكبها الموظف العام .
وقد طبق ذلك مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الشهير في قضية (ليبون) حيث راقب المجلس المذكور تناسب الجزاءات الانضباطية مع الوقائع المسببة لها من خلال اللجوء الى فكرة الخطأ الظاهر (30).
ومن التطبيقات الحديثة لمبدأ التناسب قرار المحكمة الادارية للاستئناف في (بوردو) بفرنسا في 9اکتوبر 2008 الذي يؤكد الغاء عقوبة العزل لموظف بسبب عدم التناسب بين خطورة الخطأ المرتكب والعقوبة الادارية (31) .
ومن تطبيقات القضاء الاداري المصري في رقابته على مبدا التناسب ما قضت به المحكمة الادارية العليا عند قضائها بإلغاء العقوبة الانضباطية لعدم التناسب الى تقدير الجزاء المناسب للمخالفة المرتكبة فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بعدم تناسب عقوبة اللوم الموقعة على الموظف ، وذلك باعتبارها بالغة الشدة بالنسبة
للمخالفة المرتكبة ومن ثم قضت بإلغاء الجزاء والاكتفاء بمجازاة الموظف الطاعن بعقوبة الإنذار (32) . ومن التطبيقات القضائية للقضاء الاداري العراقي لمبدأ التناسب حكم الهيئة العامة لمجلس الدولة العراقي الذي جاء فيه يقتضي أن تتناسب العقوبة المفروضة مع جسامة الفعل المرتكب (33)
نستنتج مما سبق ان كل من فرنسا ومصر والعراق قد تبنو مبدأ التناسب في المجال الانضباطي وذلك لاعتبارات عدة التي تصلح اساساً لرقابة التناسب في المجال الانضباطي وهي كل من مبدا التدرج في العقوبة من خلال وضع المشرع عدة عقوبات متدرجة في شدتها كي تأخذ الادارة بأكثرها تناسباً . مع المخالفة المرتكبة، كذلك اعتبارات العدالة من خلال القضاء الذي يراقب الادارة في مراعاتها لذلك التناسب وكونها عادلة في أحكامها ام لا وفقاً للظروف المحيطة بإصدار القرار .
_____________
1- يحيى قاسم علي ضمانات تأديب الموظف العام في تشريعات اليمن العراق مصر فرنسا، ط1، دار الكتب ،صنعاء، 1999 ، ص64.
2- د. نواف كنعان، النظام التأديبي في الوظيفة العامة ، ط 1 ، اثراء للنشر والتوزيع الاردن - عمان، 2008 ، ص138.
3- د. عبد العزيز محمد ابراهيم قطاطو ، ضمانات المساءلة التأديبية للموظف العام في ظل قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 ولائحته التنفيذية ، بحث منشور في مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، العدد 68 في ابريل سنة 2019 ، ص622 وما بعدها.
4- المصدر نفسه اعلاه،ص630.
5- وقد اكد القضاء الاداري على ذلك حيث قضت المحكمة الادارية العليا المصرية في حكم لها" بانه من المسلم به ان الاحكام الخاصة بالتأديب يتعين تفسيرها تفسيراً ضيقا، فلا يجوز التوسع في تفسيرها أو القياس عليها" ،حكم المحكمة الادارية العليا المصرية في الطعن رقم 3008 بتاريخ 1988/3/26، السنة 33 قضائية، اشار اليه د. نواف كنعان، النظام التأديبي في الوظيفة العامة ، مصدر سابق، ص142.
6- الآية (15) سورة الاسراء .
7- حيث نصت المادة 95 من دستور مصر النافذ لسنة 2014 على" ولا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الافعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون" ، وكذلك نصت المادة 19/ثانياً من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 على "ولا" جريمة ولا عقوبة إلا بنص.....".
8- نقلاً عن حسان عبد الله يونس الطائي، ضمانات المساءلة التأديبية المتصلة بضوابط الجزاء التأديبي، بحث منشور في مجلة وادي النيل للدراسات والبحوث ، العدد 10، سنة 2016 ،ص155 .
9- المصدر نفسه اعلاه ، ص 155 وما بعدها.
10- حكم المحكمة الادارية العليا المصرية في الطعن رقم 1558 تاريخ 1988/3/12، السنة 30 قضائية، اشار اليه د. نواف كنعان، النظام التأديبي في الوظيفة العامة ، مصدر سابق، ص138.
11- أرام غيب الله قادر، التناسب بين المخالفة والعقوبة الانضباطية ودور القضاء الإداري في الرقابة عليه، دراسة مقارنة، ط1، المركز العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020، ص 90 .
12- د. علياء غازي موسى العقوبات الانضباطية للعامل في قانون العمل العراقي (دراسة مقارنة بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للحقوق ، العدد 3 ، المجلد 2، اذار 2018، ص128.
13- الآية (164) سورة الأنعام .
14- فقد نصت المادة 95 من دستور مصر النافذ لسنة 2014 بقولها " العقوبة شخصية .. " ، تقابلها المادة 8/19 من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ التي نصت على ان "العقوبة شخصية"، وقد اكد هذا المبدأ ايضاً قانون الخدمة المدنية المصري النافذ رقم 81 لسنة 2016 المنشور في الجريدة الرسمية العدد 43 مكرر (أ) في أول نوفمبر سنة 2016 حيث نصت المادة 3/58 من هذا القانون على "لا يسأل الموظف مدنياً إلا عن خطاه الشخصي".
15- حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 7 لسنة 16.ق دستورية جلسة 1997/2/1 ، اشار اليه حسان عبدالله يونس الطائي، ضمانات المساءلة التأديبية المتصلة بضوابط الجزاء التأديبي، مصدر سابق، ص169.
16- قرار مجلس الانضباط العام رقم (101/ انضباط/تمييز/2009) في 2009/5/13 ، اشار اليه ريبه و أكرم فايق حمه رشيد ، حدود السلطة التقديرية للإدارة في مجال التحقيق الاداري، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة السليمانية ، 2022، ص 140.
17- ينظر المادة 58 من قانون الخدمة المدنية المصري رقم (81) لسنة 2016، وتقابلها المادة 3/4 من قانون الانضباط العراقي رقم (14) لسنة 1991.
18- حسان عبد الله يونس الطائي، ضمانات المساءلة التأديبية المتصلة بضوابط الجزاء التأديبي، بحث منشور في مجلة وادي النيل للدراسات والبحوث ، العدد 10، سنة 2016 ، ص 170.
19- د. سامي جمال الدين، منازعات الوظيفة العامة والطعون المتصلة بشئون الموظفين ، ط 1 ،منشاة المعارف، الاسكندرية، 2005 ، ص 331 وما بعدها .
20 - أحمد رزق رياض الجريمة والعقوبة التأديبية ، ط 1 ، مكتبة الوفاء القانونية، الاسكندرية، 2009، ص 39.
21- نصت المادة (162) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية المصري على "لا يجوز معاقبة الموظف تأديبياً عن ذات الفعل أكثر من مرة" ، ونصت المادة (20) ايضا من قانون انضباط موظفي الدولة العراقي على "لا يجوز فرض اكثر من عقوبة بموجب هذا القانون عن فعل واحد".
22- نقلاً عن سعد محمد سعيد العنبكي ، العقوبات المقنعة ورقابة قضاء الموظفين، بحث منشور في مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية، العدد (1)، المجلد (12) حزيران 2021، ص11.
23- حكم المحكمة الادارية العليا المصرية في 14 ديسمبر سنة 1957، س 3، اشار اليه د. سليمان محمد الطماوي، القضاء الأدري (قضاء التأديب) ، الجزء الثالث، دار الفكر العربي القاهرة، 2012، ص 239.
24- قرار الهيئة العامة لمجلس الدولة العراقي رقم 216/196/ انضباط تمييز /2008، في 2008/9/18، منشور في مجموعة قرارات وفتاوى مجلس الدولة لعام 2008،ص474_475.
25- يحيى قاسم علي ضمانات تأديب الموظف العام في تشريعات اليمن العراق مصر فرنسا، ط1، دار الكتب ،صنعاء، 1999 ، ص66.
26- نقلاً عن حسان عبد الله يونس الطائي، ضمانات المساءلة التأديبية المتصلة بضوابط الجزاء التأديبي، بحث منشور في مجلة وادي النيل للدراسات والبحوث ، العدد 10، سنة 2016 ، ص165.
27- حكم المحكمة الادارية العليا في مصر في الطعن رقم (2924) لسنة 40ق.ع، جلسة2001/3/11، اشار اليه حسان عبد الله يونس الطائي، ضمانات المسـاءلة التأديبية المتصلة بضوابط الجزاء التأديبي ، مصدر سابق، ص165 وما بعدها.
28- د. مصطفى رسول حسين وريزان سعيد حمه رشيد الرقابة القضائية على التناسب بين الجريمة والعقوبة التأديبية، بحث منشور في مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، العدد (40)، المجلد (11)، 2022، ص 520.
29- علي بن موسى بن علي فقيهي التناسب بين المخالفة التأديبية للموظف العام والعقوبة التأديبية، ط1، مكتبة القانون والاقتصاد، الرياض، 2013 ، ص167
30- وتتلخص وقائع هذه القضية بان السيد ليبون رفع دعواه أمام محكمة تولوز الادارية طالبا الغاء القرار الصادر في 1974/7/10 من رئيس اكاديمية تولوز بإحالته الى المعاش من دون طلب، والغاء هذا القرار منازعاً ليس في ماديات الوقائع وانما في جسامة العقوبة وقد استندت الاكاديمية في اصدار القرار المطعون فيه الى ارتكاب المدعي افعالا مخلة بالحياء مع تلميذاته في الصف الدراسي التي ثبتت من وقائع التحقيق معه، ورفضت المحكمة الادارية طلب الغاء القرار وذلك لكفاية السبب الذي قام عليه، حيث ان الوقائع التي قام بها المدعي وقام عليها قرار الفصل كافية لتبريره ، وان تقدير الادارة بشأنها لم يكن مشوباً بغلط بين ، وقد كانت هذه الوقائع ايضاً سبباً كافياً لرفض المحكمة الادارية إلغاء قرار الفصل يتبين من هذه القضية ان مجلس الدولة الفرنسي بدأ بالنظر في تناسب القرار الاداري الانضباطي مع المخالفة، اشار اليه د. أحمد محمود الحياصات العقوبات التأديبية الواقعة على الموظف العام واثر الغلو فيها على القرار التأديبي ، بدون رقم طباعة ، دار جامعة نايف للنشر، الرياض ، 2015 ، ص132 وما بعدها.
31- اشار اليه د. سعد محمد سعيد العنبكي ، العقوبات المقنعة ورقابة قضاء الموظفين، بحث منشور في مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية، العدد (1)، المجلد (12) حزيران 2021 ، ص10.
32- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر في الطعن رقم 8022، بتاريخ 10/مايو/2001 لسنة 47 قضائية عليا، اشار اليه د. عماد ملوخية ، الضمانات التأديبية للموظف العام في النظام الإداري الاسلامي والمقارن دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 2012، ص 316 .
33- قرار الهيئة العامة لمجلس الدولة العراقي رقم 82/ انضباط تمييز /2012 في 2012/4/26 ، منشور في مجموعة قرارات وفتاوى مجلس الدولة العراقي لعام 2012 ، ص239 .




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .