أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-10-2014
1706
التاريخ: 12-10-2014
1829
التاريخ: 11-10-2014
3042
التاريخ: 18-11-2014
1795
|
قال تعالى : {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ * أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ * أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ * وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ * أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } [المؤمنون : 68 - 74] .
شرحت هذه الآيات الدوافع الحقيقيّة لإعراض المشركين عن القرآن والرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويمكن تلخيصها في خمس مراحل :
الاُول : (أفلم يدبّروا القول).
فأوّل سبب لتعاستهم هو تعطيل التفكّر في مضمون دعوة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولو تفكّروا مليّاً لما بقيت مشكلة لديهم.
وفي المرحلة الثّانية تقول الآية : (أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين). سألت الآية مستنكرةً : أكانت الدعوة إلى التوحيد والمعاد ، والهدى إلى الأعمال الصالحة مختصّة بهم دون آبائهم الأوّلين ، ليحتجّوا بأنّها بدعةً ، ويقولوا : لماذا لم يبعثه الله للأوّلين ، وهو لطيف بعباده؟
ليس لهم ذلك ، لأنّ الإسلام من حيث المبادىء له مضمون سائر الرسالات التي حملها الأنبياء (عليهم السلام) فهذا التبرير غير منطقي ولا معنى له!
وفي المرحلة الثّالثة تقول الآية : (أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون).
أي إذا كانت هذه الدعوة صادرة من شخص مجهول ومشكوك ، فيحتمل أن يقولوا بأنّ كلامه حقّ ، إلاّ أنّ هذا الرجل مشكوك وغير معروف لدينا ، نُخدع بكلامه. ولكنّهم يعرفون ماضيك جيداً ، وكانوا يدعونك محمّداً الأمين ، ويعترفون بعقلك وعلمك وأمانك ، ويعرفون جيداً والديك وقبيلتك ، فلا حجّة لهم!
وفي المرحلة الرّابعة تقول الآية : (أم يقولون به جنّة) أي انّه مجنون ، فبعد إعترافهم بأنّك لست مجهولا بالنسبة لهم ، إلاّ أنّهم يشكّكون في سلامة عقلك وينسبونك إلى الجنون ، لأنّ ما تدعو إليه لا ينسجم مع عقائدهم ، فلذلك اتّخذوا هذا دليلا على جنونك.
يقول القرآن المجيد لنفي هذه الحجّة : (بل جاءهم بالحقّ) وكلامه شاهد على هذه الحقيقة ، ويضيف (وأكثرهم للحقّ كارهون).
أجل ، إنّ كلمات الرّسول راشدة حكيمة ، إلاّ أنّهم ينكرونها لعدم إنسجامها مع أهوائهم النفسيّة. فألصقوا به تهمة الجنون! في الوقت الذي لا ضرورة في توافق الحقّ مع رغبات الناس (ولو اتّبع الحقّ أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهنّ).
لأنّه لا يوجد مقياس يحدّد أهواء الناس ، مضافاً إلى أنّها تميل إلى الشرّ والفساد غالباً ، ولو اتّبعتها قوانين الوجود لعمّت الفوضى في الكون ولفسد العالم.
وتأكيداً لذلك تقول الآية : (بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون) (1)أي منحناهم القرآن الذي هو أساس للذكر والتوجّه إلى الله ، وسبب لرفعتهم وشرفهم ، إلاّ أنّهم أعرضوا عن هذا المنار الذي يُضيء لهم درب السعادة والشرف.
وفي المرحلة الخامسة تقول الآية : هل أنّ عذرهم في فرارهم من الحقّ هو أنّك تريد منهم أجراً على دعوتك : (أم تسألهم خرجاً فخراج ربّك خير وهو خير الرازقين) (2).
فلو طلب قائد ديني أجراً من الناس مقابل وعظهم ودعوتهم إلى الحقّ لأعطى المتعذّرين ذريعةً للإعراض عنه والطعن عليه ، فيعرضون عنه بحجّة عدم قدرتهم المالية ، ويتّهمونه بأنّه ما دعاهم إلاّ ابتغاء منافع خاصّة به.
مضافاً إلى أنّ البشر ما يملك من شيء ليمنحه؟ أليس الله سبحانه وتعالى رزّاق العباد؟
والقرآن الكريم بإيضاحه هذه المراحل الخمس برهن على أنّ هؤلاء الحمقى (المشركين) لا يرضخون للحقّ ، وأنّ أعذارهم في إنكار الحقّ أعذار واهية.
وجاءت الآية التالية باستنتاج عام لكلّ ما مضى : (وإنّك لتدعوهم إلى صراط مستقيم) صراط مستقيم دلائله واضحة وإستقامته معلومة ، فالطريق المستقيم أقصر الطرق بين نقطتين ، وهو طريق واحد ، والطريق الملتوية على يساره ويمينه غير متناهية.
ورغم أنّ الرّوايات الإسلامية تفسّر الصراط المستقيم بولاية علي (عليه السلام) (3) إلاّ أنّها تكشف ـ كما قلنا مراراً ـ عن المصداق الأكمل لذلك ، ولا تتنافى مع المصاديق الاُخرى كالقرآن والإيمان بالمبدأ والمعاد والتقوى والجهاد والعدل.
وتستعرض الآية التالية النتيجة الطبيعيّة لهذا الموضوع ، فتقول : (وإنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون).
كلمة «ناكب» مشتقّة من «النكب» و «النكوب» أي الإنحراف عن الطريق. و «نكبت الدنيا» تقع في مقابل إقبال الدنيا ، وتعني إدبار الدنيا وإعراضها عن المرء.
ومن الواضح أنّ الصراط يقصد به هنا ما في الآية السابقة ، وبديهي أنّ الذي ينحرف عنه في الآخرة فمكانه النّار وبئس المصير ، لأنّ المرء يثاب في الآخرة على أعماله في هذه الدنيا.
وعدم إيمان المرء بالآخرة مرتبط بانحرافه عن طريق الحقّ الناجم عن عدم شعوره بالمسؤولية ، فقد روي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : «إنّ الله جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه ، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا فإنّهم عن الصراط لناكبون»(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ يمكن أن تفسّر عبارة «ذكرهم» بمعنى تذكّرهم وتوقظهم ، ويمكن أن تفسّر بمعنى شرفهم وحيثيّتهم في المجتمع البشري ، وفي الوقت ذاته لا تناقض بين هذين المفهومين ، وقد استفدنا من كليهما في تفسير الآية.
2ـ الخرج و الخراج مشتق من الخروج ، ويعني الشيء الذي يستخرج من المال أو من حاصل الأرض الزراعية. إلاّ أنّ الخرج ذو معنى أوسع من الخراج. وكما يقول الراغب الاصفهاني في مفرداته : الخرج أعمّ من الخراج ، وجعل الخرج بإزاء الدخل ، وقال تعالى : (فهل نجعل لك خرجاً) والخرج مختّص في الغالب بالضريبة على الأرض أو اُجرتها.
3ـ تفسير نور الثقلين ، المجلّد الثّالث صفحة 548.
4- أصول الكافي - الكليني /ج1/ص 273 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|