أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-09-2015
1622
التاريخ: 12-10-2014
1741
التاريخ: 29-09-2015
1760
التاريخ: 30-01-2015
1852
|
شهد التاريخ البشري أُناساً ادّعوا النبوة كذباً ودجلاً ، واتَّخذوا ميل الإنسان الفطري نحو قضايا الدين ذريعة للوصول إلى مآربهم ، وجعلوا سذاجة بعض الأمم والجماعات ، وسيلة لتغطية دجلهم وكذبهم.
لا شك أنّ تمييز الحق من الباطل والصادق من الكاذب ، وتشخيص النبي الحقيقي عن المتنبئ والمنتحل للنبوة كذباً ودجلاً ، يحتاج إلى ضوابط ودلائل ومعايير.
وقد كان هناك طرق ووسائل ظلت البشرية تتوسل بها لمعرفة الحقيقة واستجلاء الصواب ، وكان الإتيان بالمعجزة في طليعة تلكم الطرق ، حيث كانت إحدى الطرق التي تثبت بها صحة دعوى النبوة وإن لم تكن الطريق الوحيد.
والمعجزة هي : العمل الخارق للعادة ، الذي يعجز عن الإتيان به البشر حتى النوابغ والعباقرة.
وهناك تعاريف أُخر ربّما تكون أكمل من هذا التعريف ، ولسنا بصدد تحديدها على وجه الدقة ، والمهم هو أن نعرف أنّ المعجزة كان أوّل ما يطالب بها مَن يدّعي النبوة كوثيقة تثبت صدق مدّعاه ، وصحّة انتسابه إلى الله ، إذا قام بها ، دون تهرّب وتملّص ، فها هو القرآن يحدثنا أنّ صالحاً عندما حذر قومه من سخط الله ، وأخبرهم بأنّه رسوله إليهم ، طالبوه بالمعجزة قائلين : {مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الشعراء : 154].
وقد وردت آيات أُخرى بهذا المضمون في سور شتّى.
ولأجل ذلك كان الأنبياء لا يتأخرون عن تلبية هذا الطلب الطبيعي والمنطقي ، بل يبادرون إلى إظهار معاجز حسبما تقتضيه الظروف مبرهنين بذلك على صحّة دعواتهم وصدق أقوالهم ، بينما ينكص الكذابون ومنتحلو النبوة ، وتخيب مساعيهم.
وقد جرت سيرة الناس مع النبي الأكرم محمد (عليه السلام) على ذلك ، حيث طالبوه بالمعاجز في بدء دعوته ، وكان الرسول العظيم يلبي طلبهم ، ويأتي بمعاجز عديدة يشهدها الناس ويرونها بأعينهم.
وبالرغم من كثرة هذه المعاجز ـ التي وقعت على يد رسول الإسلام (عليه السلام)في موارد كثيرة ـ أبى بعض من ناوأ الإسلام إلاّ إنكار هذه المعجزات ، وادّعاء أنّ نبي الإسلام لم يأت بمعجزة سوى القرآن فقط.
إنّ هذه الشبهة حول معاجز الرسول الكريم طرحت من جانب الكتّاب المسيحيين ، تقليلاً من أهمية الدعوة المحمدية ، وحطاً من شأن الرسول ومكانته وعظمته ، فإذا بهم يزعمون أنّ معاجز النبي كانت تنحصر في القرآن دون سواه ، وانّه كلما طالبه قومه بأن يأتي لهم بمعجزة ، أحالهم على القرآن ولم يظهر أيّة معجزة سواه.
فها هو « فندر » القسيس الألماني المعروف يقول في كتابه ميزان الحق ص 277 ـ وهو كتاب حول حياة الرسول ـ : إنّ من شروط النبوة أن يأتي مدّعيها بمعجزة لإثبات مدّعاه ، ولكن محمداً لم يأت بأيّة معجزة قط.
ثم استشهد بآيات في سورة العنكبوت والإسراء والأنعام وغيرها ، ممّا سنفرد لدراستها فصلاً خاصاً بعد هذا الفصل.
على أنّ « فندر » لم ينفرد بطرح هذه الشبهة ، بل طرحها قساوسة آخرون قبله وبعده.
وقد ذكر فخر الإسلام : أنّ المسيو « جورج دوروي » رسم في ص 157 من كتابه صورة خيالية عن النبي الأكرم بيده ورقة من القرآن الكريم ، وكتب تحت الصورة هكذا : كان محمد كلّما طالبه قومه بمعجزة ردّهم قائلاً : ليس لي أن آتيكم بمعجزة إلاّ بإذن الله ، ولكن الله لم يمن عليّ بهذه النعمة ، أي نعمة إظهار المعاجز (1).
وبهذه الكيفية حاول المسيو « جورج دوروي » المسيحي أن ينفي معاجز النبي محمد (عليه السلام) ، ولكن ما نقله عن رسول الله (عليه السلام)يتألف من صحيح وسقيم.
أمّا الصحيح : فهو قوله في جواب قومه : إنّه ليس لي أن آتيكم بمعجزة إلاّ بإذن الله. وذلك أمر يؤيده القرآن حيث يقول سبحانه : { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [الرعد : 38]
وأمّا السقيم : فهو ما ألحقه بكلام الرسول افتراءً عليه ، وهو قوله : ولكن الله لم يمنّ عليّ بهذه النعمة ولم يعطني أية معجزة.
فإنّ هذا الكلام المنقول عن لسان النبي تقوّل على رسول الله ، وقد دلّت شواهد كثيرة على أنّه أتى بمعاجز كثيرة لقومه يوم طلبوا منه ذلك ، ولم يكن شأنه إلاّ شأن سائر الأنبياء والرسل.
ثم إنّ القسيس « أنار كلي » مؤلف كتاب « مشكاة الصدق » الذي طبع في لاهور سنة 1901م قد بسط الكلام في هذا الباب ، فهو ـ بعد أن طرح الشبهة في كتابه واستشهد بآيات من القرآن على مزعومه ـ قال : إنّ محمداً كلّما طالبه قومه بأن يأتي لهم بمعجزة لاذ بالصمت ، أو تهرّب من ذلك الطلب ، مكتفياً بقوله : « إنّما أنا بشر مثلكم » و « إنّما إنا منذر » إلى غير ذلك من العبارات.
وسوف نقوم بتحليل هذه الآيات التي استند إليها « انار كلي » في مزعومه.
أجل هكذا سعى الكتّاب المسيحيون إلى إنكار معاجز الرسول ، ونفوا أن تكون له معجزة أُخرى سوى القرآن ، فهل هم على حق فيما يزعمون ؟ بكل تأكيد لا ، لأنّ المحاسبة العقلية ـ قبل أي دليل ـ تفنّد هذه المزعمة ، وتثبت نفس المحاسبة أنّ الرسول الأعظم كان صاحب معاجز أُخرى عدا القرآن الكريم ( معجزته الخالدة ) ... .
__________________
(1) أنيس الأعلام : 5 / 351 لفخر الإسلام وهو قس مسيحي أسلم وكتب حول النصرانية ، وما فيها من تناقضات وخرافات ، كتابه القيم « أنيس الأعلام » وغيره من الكتب القيمة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|