خلاصة شمال بلاد العرب من ابتداء القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن السابع بعده الذي هو زمن البعثة وعلى مملكة الحيرة والأنبار والغسانيين. |
820
11:43 صباحاً
التاريخ: 2023-08-28
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-08
792
التاريخ: 2024-03-25
773
التاريخ: 2024-04-05
849
التاريخ: 2024-02-19
833
|
كانت البلاد المجاورة لبحيث جزيرة العرب منذ وفاة الإسكندر الأكبر إلى زمن الرومانيين والبرطيين خالية عن حكومة قاسرة؛ فإن المملكة السلجوقية نُهكت بالفتن الداخلية، فلم تستطع أن تمنع نشأة الممالك المستقلة في الأناضول، ولا أن تُنقذ ملوك اليهود من إتلافات العرب المتعودين إذ ذاك العدوان على ممالك أكبر الملوك ، وكانوا لا يتمكنون من الإغارة على المملكة السلجوقية من جهة الفرات لقرب مدينة هؤلاء السلجوقية، وأخذوا يرتقبون كل سنة اشتغال جيوش السلجوقية بالحروب في البلاد القاصية فيسيرون من جهة الشام شاهرين السيوف، ثم يعودون بالغنائم الجسيمة بلا انتقام ولا قصاص، وما زالوا على ذلك حتى عدمت سلطنة السلجوقية، فاجتهد الرومانيون والبرطيون في إزالة ذلك التعدي بتشييد القلاع والحصون بحدود البلاد وترتيب عساكر لملاحظة حركات هؤلاء، بل استمال الرومانيون جمعًا من مشايخ العرب بالعطايا وتلقيبهم بأمراء العرب فكفوهم عدوان تلك القبائل. وانضم إلى البرطيين من مشايخ العرب جمع منهم «أريامنس Ariamnes» الذي أظهر للقائد «كراسوس Crassus الروماني أنه مُحِبُّ ومنتصر لهم، حتى حول ذلك القائد جيوشه من البلاد الجبلية التي يَوَدُّ التمنع بها إلى سهول واسعة خالية من الشجر والماء، فحمل إذ ذاك البرطيون بخيلهم ورجلهم وظفروا بهذا القائد كل الظُّفَر. وليس ذلك بأول وآخر دخول للعرب بين فريقين؛ فقد فعلوا مثل ذلك فيما اتَّقَدَ من الفشل في مدينة رومية التي بالمدائن مع بعد المسافة بينهما، وانضموا إلى الملكة الزباء المتسلطنة بعد زوجها أذينة زمن محاربتها الرومانيين من سنة 267 بعد الميلاد إلى سنة ،272، وتعدوا على سكان آسيا الصغرى، وتولى منهم فيليبش القيصرية سنة 642 بعد الميلاد لابسًا ملابس القيصر الأرجوانية (1)، فنسي وطنه ولم ينفعه بشيء وأتى إليهم «أوريليان Aurelien» بالجيوش الرومانية سنة 271 بعد الميلاد، فدمر مدينة تدمر وحل بالعرب من المصائب ما لم يقم لهم بعده جاه ولا سطوة. ومن أمراء العرب الذين ملكوا الجهة الشرقية من الشام وجزاً من جزيرة دجلة والفرات الملوك الأذينية المعاصرون لأوائل ملوك الحيرة والأنبار ، وزعم بعض الفرنج أن آخرهم أذينة زوج الزباء الذي قُتِلَ سنة 267 بعد الميلاد في معركة بينه وبين جذيمة بن الأبرش، أحد ملوك الحيرة التنوخيين، فخلفته الزباء في السلطنة وقتلت جذيمة الذي خلفه عمرو بن عدي أول العائلة الملوكية اللخمية أو النصرية، فبعث إلى الزباء قصير بن سعد المعروف عند الفرنج بزبير الثاني، فهجم عليها في قصرها فهَمَّت بالفرار وعبرت سردابًا صنعته تحت أخدود الفرات فقتلها، فولت الرومانيون سنة 272 على عرب الشام تنوخية، ثم صالحية، أزال حكمهم الغسانيون سنة 292 بعد الميلاد. وكان الفرع الأصلي من بني قضاعة ــ الذين هم ملوك الحيرة التنوخية – متوطنا بتهامة والبحرين، ملكوا الحيرة وأغاروا على العراق سنة 192بعد الميلاد ثم على بلاد الأنبار وكان رئيسهم سنة 228 جذيمة بن الأبرش المعترف بتبعيته لأردشير بن ساسان ملك الفرس، خلفه في الملك كما سبق عمرو بن عدي أول العائلة الملوكية اللخمية أو النصرية التي امتد حكمها إلى سنة 605 بعد الميلاد، الذي لم يساعد عرب مدينة حضر المؤسسة بين دجلة والفرات بصحراء سنجار ، قاوم أهلها القيصرين «تراجان Trajane» سنة 116 و« سیویر .Severe» سنة 201 والملوك الساسانية سنة 221 بعد الميلاد، وأخذها من ملوك الفرس سابور الأول سنة 240 بعد الميلاد. وكان بين الفرس واليونان في حكم الفرات تنازع أدَّى إلى اتقاد نار الحرب بينهما كما كان بين البرطيين والرومانيين، مع عناد شديد اغتنم به ملوك الحيرة اتساع مملكتهم بسواحل الفرات، وكانوا لجيوش الفرس طلائع تغلبوا سنة 272 بعد الميلاد على جزيرة دجلة والفرات، وتوغلوا في التغلُّب حتى بلغوا مدينة أنطاكية، لكن تَعَذَّرَ عليهم إدارة الحكومة فيما فتحوه من البلاد، فلزموا المقاتلة للنهب والسلب، وكانوا مدبرين في الحروب يطمعون العدو بفرار يعود منه في الغالب الظفر بسبب رخاوة اليونان، واستقلوا بمحاربتهم حتى حولوا جميع خزائن الأناضول إلى تخت ملوك الحيرة، فساغ لهم أن ينافسوا بالزينة والزخرفة ملوك المدائن وقياصرة القسطنطينية الذين نقموا منهم هذه الغزوات، حتى انتقموا من العرب سكان شمال بحيث الجزيرة المُسَمَّوْنَ عندهم بالشرقيين؛ فقد قاتلوهم بعد الميلاد في سني 289 و 353 و 363 التي أخذوا فيها الأنبار 373 و411، وهزموا سنة 421 الملك المنذر الأول هزيمة سفكت فيها دماء كثيرة؛ لمساعدته الملك بهرام جور في عوده إلى الجلوس على سرير سلطنة الفرس، وأغرقوا - على ما قال المؤرخ سقراط مائة ألف من العرب في الفرات سنة 448 ، لكن القيصر «أنسطاس Anastase» انهزم سنة 498، وجدد العداوة والحرب مع الفرس، فكادت جزيرة دجلة والفرات تذهب منه بأسرها سنة 502. وشارك النعمان الثالث الفرس في محاربة الرومانيين، وصد عنهم من وسط بلاد العرب سنة 503 القبائل التغلبية أو البكرية مع رئيسهم الحارث بن عمرو المقصور على ملك الحيرة المتظاهرة بنصرة ديانة مزدك المانوي، الذي عزل المنذر الثالث من السلطنة سنة 518، ثم قتله كسرى بعد خمس سنين وأعاد المنذر الثالث إلى سلطنته وسائر حقوقه الملوكية. ونقل إن هذا المنذر مكث سلطانًا من سنة 513 إلى سنة 562 بعد الميلاد نافذ الكلمة على العرب التابعين للفرس، يشن الغارات من سائر الجهات على اليونان، فلا يستطيعون رده، فظهر رونق المملكة الحيرية حتى كان ذلك العصر أزهر أعصرها، وما زالت كذلك حتى ملك النعمان الخامس من سنة 583 إلى سنة 605 بعد الميلاد، فكان آخر ملوك العائلة اللخمية، وتَوَلَّى سائر المملكة بعده الملوك الساسانية، فلم يكتفوا بأخذ جزيرة منها ولا بعلامات تفيد تبعيتها لهم، ونصرت القبيلة البكرية السابقة سنة 116 بعد الميلاد على الفرس في واقعة ذي قار، فاستقلت بالبحرين، وولي مملكة الحيرة من حينئذٍ عمال من قبل ملوك الفرس، وفي ذلك الزمن ظهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بما جاء به من الجهاد وتأسيس الدين. وقد اعترف عرب العراق وجزيرة دجلة والفرات بحكم ملوك الحيرة والأنبار عليهم منذ سنة 272 بعد الميلاد، وانقاد عرب الشام في ذلك الزمن لملوك بني غسان، وأما الأزد اليمنيون فرحلوا من اليمن ونزلوا سنة ثماني عشرة ومائة بعد الميلاد ببطن مر(2) قرب مكة، ثم تَمَزَّقَ شملهم بعد مائة سنة، وسكنت عدة قبائل منهم قرب عين ماء تسمى بركة غسان فسُمُّوا الغسانية، ثم توالت عليهم نصرات اتسع بها حكمهم، فَتَوَطَّنُوا في برة، وتقلد منهم ثعلبة الإمارة على عرب تلك الجهة من قبل الرومانيين، وخلفه في الحكم جفنة الأول أصل العائلة الغسانية التي آخرها جبلة السادس الذي امتد حكمه إلى سنة 637 ميلادية وأسلم في ذلك العصر، ومن الغسانية ملكتان شهيرتان «ماوية Mawia» التي نصرت زوجة القيصر (ولنس Valnes)بعد موته حين حاصرها في تخت ملكها قوم «الويزيغوط Wisigoths»، و«مارية Maria) الملقبة بذات القرطين؛ لإهدائها إلى الكعبة حين تنصرت لؤلؤتين لا تعرف قيمتهما، وكان الغسانيون في تلك المدة مساعدين لقياصر القسطنطينية على الفرس، وبعد تنصرهم في نصف القرن الرابع محاربين لملوك الحيرة، تلقب منهم الحارث الخامس الأعرج بن أبي شمر بلقبي البطريق والملك من طرف القيصر «بوستینان Justinien»، وشهد سنة 531 واقعة قالينيقة التي انهزم فيها القائد «بليزير Bélisair»الروماني أمهر قواد بوستينان الثاني، وكذا انهزم من المنذر الثالث سنة 539، إلا أنه عوض خسائره في سنين قلائل، وغزا بعد ذلك بلاد العرب غزوة انتصر فيها على يهود خيبر، وسافر إلى القسطنطينية سنة 562 ومات سنة 572، وساعد الغسانيون أيضًا القيصر «موريق Maurice» المتعاهد معهم من سنة 584 إلى سنة 588، والقيصر هرقل المتعاهد معهم من سنة 610 إلى سنة 641، وقاتلوا في واقعة مؤتة سنة 629، وانهزموا فيمن انهزم في واقعة اليرموك سنة 634 ، وانقادوا للخلفاء الراشدين بعد ذلك بثلاث سنين. وكان شمال بلاد العرب منحصرًا - في ابتداء القرن السابع بعد الميلاد – بين ممالك الفرس واليونان المتغلبين على مصر وفلسطين وبحيث جزيرة طور سينا، وبين مملكتين تدفع إحداهما الجزية إلى الرومانيين بالقسطنطينية، والأخرى إلى ملوك المدائن. وكان لهاتين المدينتين تغلُّب كلي على صحاري الشام والعراق وجزيرة دجلة والفرات.
..........................................
1- الحمراء؛ نسبة إلى الأرجوان بضم فسكون، وهو الأحمر. ا.هـ. مصححه.
2- هو المعروف بمر الظهران على مرحلة من مكة. ا.هـ. مصححه.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|