أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-2-2016
2123
التاريخ: 27-7-2022
1803
التاريخ: 2-2-2016
3562
التاريخ: 11-5-2017
7133
|
سنبحث في هذا الموضوع مدلول الصفة في فرعٍ أوّل ، والجهات التي لها الصفة في تحريك الدعوى الجزائية في فرع ثانٍ ، واتصال الدفع بانعدام الصفة بالنظام العام في فرع ثالث .
الفرع الأول
مدلول الصفة
يقصد بالصفة بوجه عام كشرط من شروط الدعوى أن تُنسب الدعوى إيجاباً لصاحب الحق في رفعها وسلباً لمن يوجد الحق في مواجهته ، فهي تمييز للجانب الشخصي في الدعوى . وفي الغالب وبمجرد إثبات الحق او المركز القانوني وحدوث الاعتداء تثبت الصفة في الدعوى ، بحيث لو لم تحرك من صاحب الحق فيها فيمكن الدفع بعدم قبولها لانعدام الصفة ، وإذا لم توجه الى من يوجد الحق في مواجهته فيمكن الدفع ممن رُفعت عليه برفعها على غير ذي صفة (1).
وكما أبانت الدراسة ، أن هناك اتجاه يؤيد إدراج الصفة ضمن شروط المصلحة ويُعبر عنها بأن تكون المصلحة " شخصية ومباشرة .. لكن الرأي الذي رجحناه يرى أن الصفة شرط مستقل عن المصلحة، لأن شخصية المصلحة تعني الفائدة العملية التي تعود للمدعي من رفع دعواه ، أما الصفة في الدعوى فهي صلة أطراف الدعوى بموضوعها الحق) او (المركز القانوني) أي أن يدعي المدعي بأنه صاحب الحق او المركز او المستفيد منه في مواجهة من يكون ملزماً بالحق او المركز او مسؤولاً عنه المدعى عليه، فوصف المصلحة بأن تكون شخصية ومباشرة يتعلق بموضوع الدعوى ، في حين أن الصفة في الدعوى هي صلة أطرافها بهذا الموضوع .
أما عن الصفة في الدعوى الجزائية فهي لا تختلف عن معناها العام ، فهي تتمثل فيمن له الحق في تحريك الدعوى الجزائية أمام القضاء . وتحريك الدعوى الجزائية هو اتخاذ أوّل إجراء من إجراءاتها، وفي تعبير آخر هو الإجراء الذي ينقل الدعوى من حال السكون الذي كانت عليه عند نشأتها الى الحركة بأن يدخلها في حوزة السلطات المختصة باتخاذ الإجراءات التالية(2). فحق التقاضي مكفول للجميع ، ولكن يجب ألا يُفهم من ذلك أن لكل شخص تحريك الدعوى الجزائية ، فحق التحريك مقصور على فئة معينة بحيث لا يقبل القضاء النظر في الدعوى إذا رفعت من سواهم ، بعبارة اخرى أن الشخص يصبح ذا صفة في رفع دعوى معينة إذا كانت وقائع تلك الدعوى تمثل اعتداء أو تهديداً بالاعتداء على حقه او مصلحته المحميين قانوناً.
الفرع الثاني
الجهات التي لها صفة في تحريك الدعوى الجزائية
سنتعرض في هذا الفرع الى الجهات التي لها صفة في تحريك الدعوى الجزائية في كل من القانون العراقي والمصري والفرنسي .
أولاً: القانون العراقي .
وفقاً للمادة (1/أ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية ، فإن الجهات التي تملك هذه الصفة هم كل من المتضرر من الجريمة او من يقوم مقامه قانوناً ، وكل شخص علم بوقوعها ، فضلاً عن الادعاء العام وهو ما أكدته المادة (2 / أوّلاً) من قانون الادعاء العام رقم (159) لسنة 1979 والتي منحت المدعي العام الحق في إقامة الدعوى الجزائية مالم يتطلب تحريكها شكوى أو إذن من مرجع مختص . كما أن المادة (159) من قانون اصول المحاكمات الجزائية أجازت للمحكمة الجزائية تحريك الدعوى بالنسبة للجرائم التي ترتكب أثناء الجلسات ، ولو توقف تحريكها على شكوى . هذا وتملك محكمة الموضوع وفقاً للمادة (155/ب) من القانون الأخير أن تحرّك الدعوى بحق الأشخاص اللذين يظهر لها أن لهم صلة بالجريمة المحالة إليها ولم يتم اتخاذ الإجراءات ضدهم قبل ذلك .
ثانياً : القانون المصري .
رغم أن الأصل في هذا القانون أن تختص النيابة العامة دون غيرها برفع ومباشرة الدعوى الجزائية ، إلا أن المشرع المصري خرج عن هذا الأصل في حالات محددة ، فقد أجاز الدستور المصري النافذ لأعضاء مجلس الشعب وذلك بناءً على اقتراح مقدّم من ثلث الأعضاء على الأقل بتحريك الدعوى الجزائية على رئيس الجمهورية في حالة اتهامه بجريمة الخيانة العظمى أو بجريمة جنائية ، وبذلك فإن صاحب الصفة في هذه الحالة هو السلطة التشريعية (مجلس الشعب ).
كما وأعطى المشرع المصري الحق لمحكمة الجنايات بتحريك الدعوى الجزائية بإدخال متهمين جدد في الجريمة المعروضة عليها ، أو في حالة الارتباط بين جناية أو جنحة والتهمة المعروضة على المحكمة ، استنادا الى حقها في التصدّي والذي يُعد استثناء من مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة ، وتملك محكمة النقض بدورها هذا الحق أيضاً في حالة الطعن بالنقض للمرة الثانية باعتبار أن محكمة النقض تكون في هذه الحالة محكمة موضوع ، كما ومنحت محكمتي الجنايات والنقض سلطة تحريك الدعوى عن المتهمين في الجرائم التي يكون من شأنها الإخلال بأوامر أحداهما أو بالاحترام الواجب لهما، أو التأثير في قضائهما أو في الشهود (3). وعلّة إقرار هذا الحق هو عدم جواز اقتصار دور المحكمة الجزائية في هذه الأحوال عند حد المشاهدة والتسجيل ، وهو تتمة للدور الإيجابي للمحكمة في الدعوى الجزائية (4). كما منح المشرع المصري للمحكمة – سواء أكانت مدنية أم جزائية - سلطة تحريك الدعوى عن جرائم الجلسات (5).
هذا وللمدعي بالحق المدني الحق في الادعاء المباشر وذلك بموجب المادتين (232) و (233) من قانون الإجراءات الجنائية ، وقد رتب القانون أثراً حتمياً على ذلك هو أن تتحرك - تلقائياً - الدعوى الجزائية ، غير أن هذا الحق يقتصر على جرائم الجنح والمخالفات ، إذ استبعدت الجنايات من نطاقه كما وخص المشرع المصري بعض أعضاء النيابة العامة ، وهم كل من النائب العام والمحامي العام ورئيس النيابة ، بصفة تحريك الدعوى الجزائية بالنسبة لجرائم الموظف العام التي تقع منه أثناء تأدية وظيفته (6). كما لم يُجز المشرع رفع الدعوى الجزائية في الجرائم المنصوص عليها في المادة (116) مكرر (أ) من قانون العقوبات ، إلا من النائب العام او المحامي العام .
ثالثاً : القانون الفرنسي .
إن الجهات التي تملك الصفة في تحريك الدعوى الجزائية هم كل من المجنى عليه ، الادعاء العام ، جهة الإدارة في بعض الجرائم كالجرائم الكمركية، المدعي المدني عن طريق الادعاء المباشر، كما وتحرّك الدعوى الجزائية بإخبار يُقدّم الى الجهات المختصة ، ومن قبل القضاة في جرائم الجلسات والجرائم المشهودة . وتملك الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ مجتمعين أن يقرروا ، وبمقتضى المادة (68) من الدستور الفرنسي لعام 1958 النافذ ، تحريك الدعوى الجزائية ضد رئيس الجمهورية المتهم بالخيانة العظمى أو إحالته على المحكمة العليا ، وكذلك الحال بالنسبة لأعضاء الحكومة في الجنايات والجنح المرتكبة خلال ممارستهم لوظائفهم أو مشاركتهم في جرائم ضد أمن الدولة (7).
الفرع الثالث
اتصال الدفع بانعدام الصفة بالنظام العام
من المعلوم أن من القواعد ما يتعلق بالنظام العام ، ومن ثم يكون الدفع بمخالفتها بدوره متعلقاً بالنظام العام ، كونها قواعد آمرة لا تجوز مخالفتها ، وهنالك قواعد قانونية ليست آمرة بل جوازية أو إرشادية لا يترتب على مخالفتها إهدار للنظام العام . وعليه فلما كانت الصفة إحدى شرطي قبول الدعوى ، فإن انعدامها يترتب عليه عدم قبول الدعوى، والدفع بهذا الانعدام يكون من النظام العام. ولكن هذا القول ينطبق في حالة ما إذا تطلب المشرع شرط الصفة في أشخاص معينين ولم يتم تحريك عوى من قبلهم ، فبالنسبة للجرائم المرتكبة خارج العراق فإن تحريك الدعوى عنها يقتصر على مجلس القضاء الأعلى ، بحيث إذا ما حركت الدعوى عن جهة اخرى ، جاز عندها للمتهم الدفع بانعدام الصفة فيمن حرّك الدعوى . وفي جرائم المادة (3) من قانون اصول المحاكمات الجزائية فإن الصفة في تحريك الدعوى الجزائية تكون للمجنى عليه او لممثله القانوني حصراً ، فلا تقبل عند تحريكها من غيرهما . أما في حالة الجرائم التي ترتكب في الجلسة فإن المشرع العراقي– أعطى الحق في تحريك الدعوى الجزائية للمحكمة ، غير أنه يجوز تحريكها من الادعاء العام ، وعليه فإن الدفع بانعدام الصفة في المدعي العام دفع ظاهر البطلان ، ذلك أن القانون لم يقصر حق التحريك في هذه الجرائم على المحكمة وحدها وإنما أجاز لها ذلك الى جانب المدعي العام ، وبذلك فإن الدفع في هذه الحالة لا يتعلق بالنظام العام .
وبالنسبة للدعوى المدنية الناشئة عن الجريمة والتي تُحرَّك أمام المحاكم الجزائية بالتبعية للدعوى الجزائية ، فإن صاحب الصفة في تحريكها هو المتضرر ضرراً شخصياً ومباشراً من جراء الجريمة . وعليه فإذا ما رفعت من غير المتضور شخصياً من الجريمة ، جاز الدفع بانعدام الصفة والذي يترتب عليه عدم قبول الدعوى المدنية
وبالنسبة للقانون المصري فإن الصفة في تحريك الدعوى عن جريمة الخيانة العظمى ، أو ارتكاب جناية ، تقتصر على أعضاء مجلس الشعب ، فإذا ما حُرِّكت الدعوى من جهة اخرى كالنيابة لتعلقه بإجراءات العامة مثلاً ، كان للمتهم أن يتمسك بانعدام الصفة وهو دفع من النظام العام التقاضي (8).
وبالنسبة لحالات التصدّي ، فإن النيابة العامة تستطيع تحريك الدعوى فضلاً عن المحكمة ، فهذه الأخيرة لا تستأثر بحق التحريك ، وعليه فإن تحريك الدعوى من أي منهما يكون صحيحاً ولا يستطيع المتهم عندئذ الدفع بانعدام الصفة .
أما عن انعدام صفة المدعي المدني في الدعوى المدنية ، فهي لا تختلف عما عليه الحال في التشريع العراقي ، فالدفع بانعدام تلك الصفة من النظام العام لتعلقه بشرط أصيل ولازم لتحريك الدعوى الجزائية . ولكن يُلاحظ أنه لا يُشترط أن يكون المدعي المدني هو ذاته الذي يرفع يُحرِّك الدعوى ، إذ قد تتوافر فيه الصفة ولكن لا تتوافر أهلية التقاضي فيه كأن يكون قاصراً ، ففي هذه الحالة ينوب عنه وصيه أو القيم عليه .
وأما عن تحريك الدعوى الجزائية بالنسبة للموظفين عن الجرائم المرتكبة منهم أثناء تأديتهم لوظائفهم أو بمناسبتها ، فإن المشرع العراقي لم يقصر الحق في التحريك على مجلس الانضباط العام ولجان الانضباط ، وإنما يجوز تحريك الدعوى عن تلك الجرائم من المجنى عليه أو من المضرور أو أي شخص علم بوقوعها أو من الادعاء العام ، فإذا ما تم تحريك الدعوى من إحدى هذه الجهات فلا يجوز عندئذ للمتهم (الموظف) أن يدفع بانعدام الصفة بحجة أن من يملك ذلك هو مجلس الانضباط أو لجان الانضباط ، وعليه فإن هذا الدفع لا يتعلَّق بالنظام العام لأن المشرع لم يحصر حق التحريك في المجلس أو اللجان
أما في القانون المصري فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ، يُعتبر من الدفوع التي تتعلق بالنظام العام ، ذلك أن المشرع المصري وفي المادة (63) من قانون الإجراءات الجنائية ، حدد الأشخاص أصحاب الصفة في تحريك الدعوى عن الجرائم المرتكبة من الموظفين أثناء تأديتهم لوظائفهم أو بسببها ، وهم النائب العام ، المحامي العام ، رئيس النيابة) ، فإذا ما حركت الدعوى من غيرهم ، جاز الدفع بانعدام الصفة وهو دفع من النظام العام. ولكن يُشترط في هذه الحالة أن يكون المتهم من الموظفين الخاضعين لنص المادة المذكورة ، وإلا فإن الدفع يكون ظاهر البطلان إذا لم يكن من تمسك بالدفع من أولئك الموظفين (9).
وأخيراً يترتب على اتصال الدفع بانعدام الصفة بالنظام العام عدم قبول الدعوى في حال تحريكها من غير ذي صفة أو على غير ذي صفة ، ومن ثم تكون الإجراءات باطلة في حال استمرار المحكمة بنظر الدعوى ، وهذا البطلان لا يصححه التنازل ، أي أن الدفع بانعدام الصفة لا يقبل التنازل .
___________
1- انظر: د. مدحت محمد سعد الدين, نظرية الدفوع في قانون الإجراءات الجنائية ، ط2 ، (بدون مكان طبع ) ، 2003, ، ص 316
2- انظر: المستشار إيهاب عبد المطلب, الموسوعة الجنائية الحديثة في الدفوع الجنائية, ج 1, المركز القومي للإصدارات القانونية, القاهرة, 2011 ، ص 50-51.
3- انظر المواد ،11، 12 (13) من قانون الإجراءات الجنائية المصري. وللمزيد من التفصيل حول الجهات المختصة بتحريك الدعوى الجزائية في القانون المصري ، انظر: د. رؤوف عبيد, مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري, ط7 ، مطبعة نهضة مصر ، الفجالة ، 1968 ، ص 86 وما بعدها .
4- جدير بالذكر أن سلطة التصدّي في القانون المصري تقتصر على تحريك الدعوى دون مباشرتها ، فهذا القانون يفرق بين رفع الدعوى (تحريكها) وبين مباشرتها ، فرفع الدعوى جائز - في حالات معينة – من غير النيابة العامة ، أما مباشرتها فهي مقصورة على النيابة العامة دون غيرها. انظر المادة (1) من قانون الإجراءات المصري .
5- انظر المادة (244) من قانون الإجراءات الجنائية المصري ، والمادة (128) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري
6- انظر المادة (63) من قانون الإجراءات الجنائية المصري .
7- P. Bouzat et J. Pinatel, op, cit, p 918 et S; G. Stefani et G. Levasseur,op, cit, p 96 et S. p 440.
8- انظر: د. مدحت محمد سعد الدين, نظرية الدفوع في قانون الإجراءات الجنائية ، ط2 ، (بدون مكان طبع ) ، 2003 ، ص 323
9- وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه : " لما كان الطاعن يثير بأسباب طعنه أنه يعمل سائقاً بشركة النيل للنقل بالسيارات - قطاع عام - ، فإن ما تسبغه الفقرة الثالثة من المادة 63 من حماية الموظف العام أو المستخدم العام بعدم جواز رفع الدعوى الجنائية لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها إلا من النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة لا ينطبق عليه ، لما هو مقرر من أنها لا تنطبق على العاملين بشركات القطاع العام لأنهم لا يعدون في حكم الموظفين في معنى هذه المادة ، لما كان ذلك ، فإن دفع الطاعن في هذا الصدد يعد دفعاً قانونياً ظاهر البطلان ، ولا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ". طعن 8951 لسنة 59 ق – جلسة 1992/3/29 س 43 ص 344 . أشار اليه : د. معوض عبدالتواب ، الدفوع الجنائية ، شركة الجلال للطباعة ، منشأة المعارف، الإسكندرية ، 2009، ص 458.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|