أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2014
5031
التاريخ: 26-09-2014
5170
التاريخ: 2023-10-21
828
التاريخ: 25-6-2022
1302
|
كما إنَّ «الإرادة التكوينية» هي غير «الإرادة التشريعية» وأن «الأمر التكويني» هو غير «الأمر التشريعي» فإنَّ «الكلمة التكوينية» هي غير «الكلمة الاعتبارية». فما هو مطروح في قضية: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] هو الإرادة والأمر والكلمة التكوينية وليست الكلمة الاعتبارية والأدبية.
فالمعهود في كلمة «كون» هو أنها تستخدم لبيان الربط بين الاسم والخبر؛ أي إن لها معنى حرفياً، وإن وردت في العلوم الأدبية على أنها فعل (فعل ناقص) وهي أحياناً تستعمل بالمعنى الاسمي (الفعل التام) أيضاً، لكنه في العلوم العقلية فإن هذه الكلمة تأتي بعنوان كونها حرفاً، لا إسماً ولا فعلاً، إلا في المواطن التي تخبر فيها عن التحقق النفسي لشيء حيث تطر بمعنى الاسم، وليس بمعنى الحرف.
أما في الحكمة المتعالية فمن حيث أن «الكون» النفسي مختص بالله (سبحانه وتعالى) وأنّ ما سوى الله له وجود رابط وليس رابطياً، ناهيك عن الوجود النفسي، فإنه اذا استخدمت هذه الكلمة بحق الله سبحانه وتعالى ، كما في عبارة: {كَانَ اللَّهُ} [البقرة: 143] فستكون بالمعنى الاسمي والنفسي، وإذا استعملت فيما يخص غير الله تعالى فستكون بالمعنى الحرفي والربطي وليس الرابطي.
وعلى أي تقدير فإن المقصود من «كن» في مثل هذه الموارد هو الإيجاد، والمراد من «يكون» هو الوجود وإن الفرق بين الوجود والإيجاد هو باعتبار الملاحظة؛ فإذا أسندت إلى الفاعل فهي «كن» وبمعنى الإيجاد وإذا أسندت إلى القابل فهي «يكون» وبمعنى الوجود.
المهم هو أن الإنسان الكامل، الذي هو خليفة الله والذي تظهر فيه آثار المستخلف عنه، ينال مقام «کن» حيث يكون باستطاعته إيجاد شيء بإرادته التكوينية التي هي مظهر للإرادة التكوينية لله عز وجل. إنَّ تحقق هذا المقام ممكن ثبوتاً، وإن كان إثباته في الخارج يحتاج إلى دليل موثوق يُعتمد عليه. وقد ذكر بعض المفسرين (ابن عربي) دليلاً على ذلك من حادثة حرب تبوك ومشاهدة شخص من بعيد وصدور الأمر: «كن أبا ذر» [1] من قبل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):
قال جبـريـل له: لا تفعلن فلك السلطة من ذا الأمر «كن» [2]
فالمفسر المذكور (ابن عربي) يرى أن كلمة «كون» ـ التي هي حرف وجودي عند الآخرين ـ هي حرف ثبوتي وهو يميز بين الكلمتين عبر إشارته إلى الفرق بين «العين الثابتة» و«العين الخارجية» [3].
على أي تقدير فإن مما يظهره هذا التعبير هو بيان سرعة الإجابة التكوينية للمخاطب وعدم تأخره وتراخيه في الامتثال؛ أي إنَّ اليهود اللدودين قد تحولوا بسرعة إلى قردة: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [النساء: 47] ولا ينبغي ـ حسب قول أبي جعفر الطبري - تجويز التمييز بين مطاعن بني إسرائيل؛ بحيث نعد سائر مثالبهم حقيقية وحادثة التحول إلى قردة تمثيلاً [4].
أما شبهة مجاهد ـ التي دفعته تارة إلى حمل قصة يوم السبت على التمثيل، نظير عبارة: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ} [الجمعة: 5]، وحيناً إلى إلزامه بحملها على مسخ القلوب فقط، نظير: {وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 87]، {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 7] ـ فهي لا وجه لها؛ وذلك لأنه (مجاهد) يفهم من حقيقة الإنسان أنه ذلك الهيكل المحسوس، ويعتبر المسخ الكامل مستلزماً لإعدام الهوية الإنسانية وإيجاد هوية حيوانية، كما أنه يتصور أن الإنسان إذا تحول إلى قرد حقيقة فسيسلب الأمان العلمي؟ لأنه يحتمل في كل مورد أن هذا الحيوان المشهود كان إنساناً فيما مضى. ولسنا بحاجة إلى التفصيل في حل مثل هذه الشبهات؛ إذ قد مر الجواب المتقن عليها في أثناء التفسير وثنايا الإشارات؛ هذا وإنَّ بعض التفاسير الموسعة قد تولت بيان هذا الموضوع [5].
[1] تفسير القمي، ج 1، ص 294؛ وبحار الأنوار، ج21، ص 214.
[2] مثنوي معنوي (المثنوي" المعنوي)، ص 857، الرقم 3536 (وهو بالفارسية)؛ وشرح مثنوي سبزواري (شرح المثنوي للسبزواري، وهو بالفارسية)، ج3، ص 214. وفيه إشارة إلى بيت شعر للشاعر الإيراني جلال الدين مولوي يقول فيه: تا بگفتی جبرئیلش هين مکن که تو را بس دولت است از امر کن
[3] تفسير رحمة من الرحمن، ج 1، ص143، في هامش.
[4] راجع جامع البيان، مج 1، ج 1، ص 437.
[5] . راجع التفسير الكبير، مج2، ج3، ص117؛ وتفسير صدر المتألهين، ج3، ص468.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يختتم مسابقة دعاء كميل
|
|
|