أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2014
8291
التاريخ: 6-12-2015
8885
التاريخ: 2-12-2015
4954
التاريخ: 1-10-2014
5100
|
إنّ هذا الأمر يمكن أن يكون بشكل أمر تكويني، يعني أن يجعلهم جميعاً في مكان واحد، أو يكون شبيهاً بأمر تشريعي يصدر إليهم يسمعونه بآذانهم، ويكونون مجبورين على إطاعته.
وعندما يدخل الجميع في النّار تبدأ مصادماتهم مع زملائهم وأشباههم في المسلك، وهي مصادمات عجيبة، فكلّما دخلت جماعة منهم في النّار لعنت الأُخرى واعتبرتها سبباً لشقائها ومسؤولة عن بلائها ومحنتها (كلّما دخلت أُمّة لعنت أختها).
ولعلنا قلنا مراراً: إنّ ساحة القيامة وما يجري فيها انعكاس واسع وكبير لمجريات هذه الدنيا. فلطالما رأينا في هذا العالم الجماعات والفرق والأحزاب المنحرفة تلعن إحداها الأُخرى، وتبدي تنفرها منها. على العكس من أنبياء الله، والمؤمنين الصالحين، والمصلحين الخيّرين، فإنّ كل واحد منهم يؤيّد برنامج الآخر، ويعلن عن ارتباطه به واتحاده معه في الأهداف والغايات.
إلاّ أنّ الأمر لا ينتهي إلى هذا الحدّ، بل عندما يستقر الجميع ـ بمنتهى الذلّة والصغار ـ في الجحيم والعذاب الأليم، تبدأ كل واحدة منها برفع شكايتها إلى الله من الأُخرى.
فقي البداية يبدأ المخدوعون المغرّر بهم بعرض شكايتهم، وحيث أنّهم لا يجدون مناصاً ممّا هم فيه يقولون: ربّنا إنّ هؤلاء المغوين هم الذين أضلونا وخدعونا، فضاعف يا ربّ عذابهم، عذاباً لضلالهم وعذاباً لإضلالهم إيّاناً. وهذا هو ما يتضمّنه قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ } [الأعراف: 38].
ولا شك أنّ هذا الطلب منطقي ومعقول جدّاً، بل إنّ المضلين سينالون ضعفاً من العذاب حتى من دون هذا الطلب، لأنّهم يتحملون مسؤولية انحراف من أضلوا أيضاً دون أن ينقص من عذابهم شيء، ولكن العجيب هو أن يقال لهم في معرض الإجابة على طلبهم: سيكون لكلتا الطائفتين ضعفان من العذاب وليس للمضلين فقط {قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ}.
ومع الإمعان والدقة يتّضح لماذا ينال المخدوعون المضللون ضعفاً من العذاب أيضاً، لأنّه لا يستطيع أئمّة الظلم والجور ورؤوس الإنحراف والضلال أن ينفذوا لوحدهم برامجهم، بل هؤلاء الأتباع المعاندُون المتعصبون لأسيادهم هم الذين يمدون قادة الضلال ورؤوس الإنحراف بالقوّة والمدّد الذي يوصلهم إلى أهدافهم الشريرة، وعلى هذا الأتباع يجب أن ينالوا ضعفاً من العذاب أيضاً، عذاباً لضلالهم هم، وعذاباً لمساعدتهم للظالمين وإعانتهم قادة الإنحراف.
ولهذا نقرأ في حديث معروف عن الإمام الكاظم(عليه السلام) حول أحد شيعته يدعى صفوان، حيث نهاه عن التعاون مع هارون الرشيد قائلا: «يا صفوان كلّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً».
قلت: جعلت فداك أي شيءً؟
قال(عليه السلام): إكراؤك جمالك من هذا الرجل (هارون الرشيد العباسي).
قلت: والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو، ولكنّي أكريته لهذا الطريق (يعني طريق مكّة)...
فقال لي (عليه السلام): يا صفوان أيقع كراؤك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك.
فقال لي: أتحبّ بقاءهم حتى يخرج كراؤك. قلت: نعم.
قال (عليه السلام): «من أحبّ بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان ورد النّار». (1)
وفي الآية اللاحقة ينقل القرآن الكريم جواب قادة الضلال والإنحراف بأنّه ليس بيننا وبينكم أي تفاوت، فإذا قلنا فقد أيدتم، وإذا خطونا فقد ساعدتم، وإذا ظلمنا فقد عاونتم، وإذن فذوقوا بإزاء أعمالكم عذاب اللّه الأليم، {وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الأعراف: 39].
والمقصود من «الأُولى» الطائفة الأُولى أي القادة (قادة الضلال الإنحراف) والمقصود من «الأُخرى» الأتباع، والأنصار.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|