أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-05-2015
5241
التاريخ: 26-09-2014
5162
التاريخ: 2-12-2015
4779
التاريخ: 28-09-2014
5071
|
إِمتاز المسلمون الأوائل الذين تربّوا على يد النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بروح مُقاومة عظيمة أمام أعدائهم، وسجل لنا التأريخ صوراً فريدة للصمود والتحدي، وها هو «ياسر» لم يلن ولم يدخل حتى الغبطة الكاذبة على شفاه الأعداء، وما تلفظ حتى بعبارة خالية من أيّ أثر على قلبه ممّا يطمح الأعداء أن يسمعوها منه، مع أنّ قلبه مملوءاً ولاءً وإِيماناً بالله تعالى وحبّاً وإِخلاصاً للنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصبر على حاله رغم مرارتها فنال شرف الشهادة، ورحلت روحه الطاهرة إِلى بارئها صابرة محتسبة تشكو إليه ظلم وجور أعداء دين اللّه.
وها هو ولدة «عمّار» الذي خرجت منه كلمةً بين صفير الأسواط وشدّة الآلام تنم عن حالة الضعف ظاهراً، وبالرغم من اطمئنانه بإِيمانه وتصديقه لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، إِلاّ أنّه اغتمّ كثيراً وارتعدت فرائصه حتى طمأنه النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بحلِّيّة ما فعل به حفظاً للنفس، فهدأ. ويطالعنا تأريخ (بلال) عندما اعتنق الإِسلام راح يدعو له ويدافع عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فشدَّ عليه المشركون حتى أنّهم طرحوه أرضاً تحت لهيب الشمس الحارقة، وما اكتفوا بذلك حتى وضعوا صخرةً كبيرة على صدره وهو بتلك الحال، وطلبوا منه أنْ يكفر بالله ولكنّه أبى أنْ يستجيب لطلبهم وبقي يردد: أحدٌ أحد، ثمّ قال: أُقسم بالله لو علمتُ قولا أشد عليكم من هذا لقلته (1).
ونقرأ في تاريخ (حبيب بن زيد) أنّه لما أسره مسيلمة الكذاب فقد سأله: هل تشهد أنّ محمّداً رسول اللّه؟
قال: نعم.
ثمّ سأله: أتشهد أنّي رسول اللّه؟
فأجابه ساخراً: إِنّي لا أسمع ما تقول! فقطعوه إِرباً إِرباً (2).
والتأريخ الإِسلامي حافل بصور كهذه، خصوصاً تأريخ المسلمين الأوائل وتأريخ أصحاب الأئمّة (عليهم السلام).
ولهذا قال المحققون: إِنّ ترك التقية وعدم التسليم للأعداء في حالات كهذه، عملٌ جائز حتى لو أدى الأمر إِلى الشهادة، فالهدف سام وهو رفع لواء التوحيد وإِعلاء كملة الإِسلام، وخاصة في بداية دعوة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث كان لهذا الأمر أهمية خاصّة.
ومع هذا، فالتقية جائزة في موارد، وواجبة في موارد أُخرى، وخلافاً لما يعتقده البعض فإِنّ التقية (في مكانها المناسب) ليست علامة للضعف، ولا هي مؤشر للخوف من تسلط الأعداء، ولا هي تسليم لهم، بقدر ما هي نوع من المراوغة المحسوبة لحفظ الطاقات الإِنسانية وعدم التفريط بالأفراد المؤمنين مقابل موضوعات صغيرة وقليلة الأهمية.
وممّا تعارف عليه عند كل الشعوب أنْ تلجأ الأقليات المجاهدة والمحاربة إِلى أُسلوب العمل السرّي غالباً، وذلك لحفظ حياة الأفراد وتهيئة الظروف لإِكثارهم، فتشكّل مجموعات سرّية وتضع لأنفسها برامجاً غير معلنة على غيرهم، حتى أنّ البعض من أفرادهم يحاول أن يتنكر حتى في زيه، وإِذا ما تمَّ اعتقالهم من قبل السلطة المعادية لمبادئهم فيحاولون جهد الإِمكان إِخفاء حقيقة أمرهم كي لا تخسر المجموعة كل طاقاتها، ولتكون قادرة على مواصلة الطريق بالبقية المتبقية منهم.
والعقل لا يجيز في ظروف كهذه أن تعلن المجموعة المجاهدة قليلة العدد عن نفسها، لكي لا يعرفها العدو بسهولة وهو القادر على القضاء عليها بما يملك من بطش وتسلط.
فالتقية قبل أنْ تكون برنامجاً إِسلامياً هي أسلوب عقلاني ومنطقي، ينفذه ويعمل به مَن يعيش صراعاً مع عدو قوّي متمكن منه.
ولذا فقد ورد تعبير (الترس) عن التقية في الأحاديث الشريفة، فعن الإِمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال: «التقية ترس المؤمن، والتقية حرز المؤمن» (3).
(لاحظوا أنّ التقية هنا شبّهت بالترس، والترس إِنّما يستعمل في ميادين الحرب والقتال مع الأعداء لحفظ القوى الثائرة).
وإِذا رأينا أنّ الأحاديث الشريفة تعتبر التقية علامةً للدين والإِيمان وتقدرها بتسعة أعشار الدين، فإِنّما هو للسبب المذكور.
والمجال ـ في هذا الكتاب ـ لا يسع للخوض في تفصيل موضوع التقية، وكل
ما أردنا بيانه هو أنّ مَنْ يستنكر التقية ويذمها إِنّما هو جاهل بشروطها وفلسفتها.
وثمة حالات تحرم فيها التقية، حينما يكون حفظ النفس فيها سبباً لزوال الدين نفسه، أو قد تؤدي التقية لحدوث فساد عظيم، فيجب والحال هذه كسر طوق التقية واستقبال كل خطر يترتب على ذلك (4)..
_______________________
1. تفسير في ظلال القران ,ج5,ص284.
2. المصدر السابق .
3. وسائل الشيعة ,ج11,ص460,ح6.
4. لأجل المزيد من الايضاح في مسألة التقية وأحكامها وفلسفتها وأدلتها ,راجعوا القواعد الفقهية ,ج3.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|