أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2015
1998
التاريخ: 11-12-2015
1306
التاريخ: 2024-08-08
422
التاريخ: 11-12-2015
7195
|
منزلة التوحيد الربوبي وبراهينه
إن المحور الذي دار حوله تبليغ الأنبياء ولأجله دخلوا في صراع مع الأعداء هو (التوحيد الربوبي). وبعض المعارف الدينية التي هي من مقولة النظر والرؤية إلى العالم ليس لها الا ثمرة علمية، ولكن بعضها ذو ثمرة عملية. والاعتقاد (بواجب الوجود والتوحيد في الخالقية) من القسم الأول. ولهذا فإن عبدة الأوثان في الحجاز لا يعارضون التوحيد في الخالقية، وكانوا يقولون بأن (الله) خلق العالم، ولكن بعد الخلق تركه وأهمله ولا شأن له به، كما أن الإنسان ليس مسؤولا عن شيء.
فهم على الرغم من اعتقادهم بالربوبية المطلقة الله بالنسبة إلى مجموع العالم(1)، لكنهم لم يؤمنوا بالربوبية الجزئية مثل (رب الإنسان) و(رب الأرض) ويعتقدون أنها من شأن الأصنام والكواكب والنجوم، أو من يرونهم قديسين من البشر، وكانوا ينحتون لها رموزاً وتماثيل ويعبدونها طمعاً بنيل شفاعتها.
وبناء على هذا فإن الاعتقاد بخالقية وربوبية الله سبحانه المطلقة، بالنسبة إلى عالم الوجود أمر هين، لكن قبول الربوبية الجزئية هو الذي يجعل الإنسان مسؤولاً أمام ربه، وكلام الأنبياء هو أن الإنسان مسؤول أمام الله الخالق وعليه أن يطيعه، وأن الخالق هو الذي يربي الإنسان ويدبر أمره.
والقرآن الكريم أيضاً يثبت التوحيد الربوبي عن طريق برهانين:
البرهان الأول: إن الربوبية على أساس التحليل العقلي هي نوع من (الخلق)، والاعتقاد بأن الله هو الخالق في الحقيقة هو بنفسه اعتقاد بربوبيته.
بيان ذلك: إن الربوبية في الحقيقة هي (إيجاد الروابط بين المستكمل والكمال)، والتربية ليست سوى إعطاء الكمال والصفة للموصوف، مثلاً تربية الشجرة ماهي إلا تنميتها وإيصالها إلى حالة الإثمار، كما أن تربية الإنسان من الناحية الجسمية هي توفير عوامل بلوغه الكمال البدني، والرب هو الذي يوجد العلاقات والروابط بين الكمال والمستكمل ويعطي الكمال للمستكمل والمستعد، وحيث إن الخالق هو (الله) وحده إذن فالرب أيضاً هو هو وحده.
ولذلك فإن القرآن الكريم بواسطة أسلوب الجدال بالأحسن وللاحتجاج على الربوبية فإنه ينتزع الإقرار من المشركين حول أن الله سبحانه هو الخالق. فالمشركون الذين ينكرون الربوبية الجزئية كانوا يقولون: إن الله لم يعطنا شيئا حتى نعبده ونكون مسؤولين أمامه، ولا نرى أنفسنا مسؤولين إلا أمام الأصنام، حيث كانوا يزعمون بأنها هي الأرباب الجزئية، وأنهم مدينون لها ولذلك كانوا يعبدونها (2).
البرهان الثاني: التلازم بين الخالقية والربوبية، إن من يكون خالق فهو حتما الذي يستطيع أن يكون ربا. والذي ليس خالقأ لشيء فهو لايعرف ال شيئا عن نظام وجوده، وليس له القدرة على تدبيره وتربيته أيضا، فإذن الخالق لعالم الوجود هو ربه وحده. والذي يربي أي شيء يجب أن يكون محيطا بجميع أسراره الباطنية، ويجب أن يكون عالما بالأشياء التي لم يرتبط بها، وله القدرة على إيجاد مايلزمه من علاقات مع الأشياء، ومثل هذه المعرفة ملازمة للخالقية، لأت الخالق وحده الذي يعلم بحاجة الشيء وما يلزمه وعلاقاته وانسجامه أو عدم انسجامه مع سائر الموجودات. ولهذا فإن القرآن الكريم يقول بأن التدبير والتربية للعالم هي مهمة الخالق وحده: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50].
فالقرآن الكريم وبأسلوب الجدال بالأحسن، وبالاعتماد على صفة أن الله خالق، وهي التي كان يعتقد بها المشركون يثبت ربوبية الله سبحانه.
وعلى هذا فإن الربوبية ترجع بتحليلين إلى الخالقية وآيات الخلق بهذين التقريرين تدل على إثبات الربوبية وهي سند إثباتها.
وبإثبات التوحيد الربوبي، يثبت التوحيد العبادي أيضا، فإذا لم يكن للعالم رب سوى الله، فليس سواه من معبود أيضا، لأن الدافع إلى العبادة إذا كان هو الخوف من الضرر وترك التدبير والإنعام، أو الطمع والشوق إلى نيل العطاء، فإنه لاتصح العبادة إلا للمربي ومن هو مصدر التدبير، وإذا كان الدافع إلى العباد هو شوق لقاء المعبود، فهذا أيضا صادق" على المنعم ومبدأ الكمال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. راجع سورة لقمان، الآية 25؛ سورة الزمر، الآية 38، وسورة يونس، الآية 31.
2. سورة العنكبوت، الآية 61، سورة لقمان، الآية 25؛ سورة الزمر، الآية 38؛ سورة الزخرف، الآيتان 9 و 87.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|