أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-05-2015
3630
التاريخ: 21-05-2015
3987
التاريخ: 21-05-2015
6758
التاريخ: 21-05-2015
3360
|
لقد كان الإمام الجواد ( عليه السّلام ) شابا في مقتبل العمر ، وكان المأمون يغدق عليه الأموال الوافرة وقد بلغت مليون درهم . وكانت الحقوق الشرعية ترد إليه من الطائفة الشيعية التي كانت تعتقد بإمامته بالإضافة إلى الأوقاف التي كانت في قم وغيرها إلّا أنّه لم يكن ينفق شيئا منها في أموره الخاصّة وإنّما كان ينفقها على الفقراء والمعوزين والمحرومين . . وقد رآه الحسين المكاري في بغداد ، وكان محاطا بهالة من التعظيم والتكريم من قبل الأوساط الرسمية والشعبية فظنّ انّ الإمام ( عليه السّلام ) سوف لا يرجع إلى وطنه يثرب بل يقيم في بغداد راتعا في النعم والترف ، وعرف الإمام قصده ، فانعطف عليه وقال له :
« يا حسين ، خبز الشعير ، وملح الجريش في حرم جدّي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أحب إليّ ممّا تراني فيه . . »[1].
إنّه لم يكن من طلاب تلك المظاهر التي كانت تضفيها الدولة ، وإنّما كان كآبائه الذين طلّقوا الدنيا ، واتّجهوا صوب اللّه تعالى لا يبغون عنه بديلا .
1 - السخاء :
كان الإمام أبو جعفر ( عليه السّلام ) من أندى الناس كفّا وأكثرهم سخاء ، وقد لقّب بالجود لكثرة كرمه ومعروفه وإحسانه إلى النّاس وقد ذكر المؤرّخون قصصا كثيرة من كرمه .
منها : ما روى المؤرّخون من أنّ أحمد بن حديد قد خرج مع جماعة من أصحابه إلى الحجّ ، فهجم عليهم جماعة من السرّاق ونهبوا ما عندهم من أموال ومتاع ، ولما انتهوا إلى يثرب انطلق أحمد إلى الإمام محمّد الجواد وأخبره بما جرى عليهم فأمر ( عليه السّلام ) له بكسوة وأعطاه دنانير ليفرقها على جماعته ، وكانت بقدر ما نهب منهم[2].
وبهذا أنقذهم الإمام من المحنة وردّ لهم ما سلب منهم بسخاء وافر .
واشتهر أنّ كرم الإمام ومعروفه قد شمل حتى الحيوانات ، فقد روى محمّد ابن الوليد الكرماني أنّه قال : أكلت بين يدي أبي جعفر الثاني ( عليه السّلام ) حتى إذا فرغت ورفع الخوان ذهب الغلام ليرفع ما وقع من فتات الطعام فقال ( عليه السّلام ) له : « ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة ، وما كان في البيت فتتبعه والقطه »[3].
لقد أمره ( عليه السّلام ) بترك الطعام الذي في الصحراء ليتناوله الطير وسائر الحيوانات التي ليس عندها طعام .
2 - الإحسان إلى الناس :
أمّا الإحسان إلى الناس والبرّ بهم فإنّه من سجايا الإمام الجواد ومن أبرز صفاته ، وقد سجل التاريخ قصصا كثيرة من إحسانه منها :
ما رواه أحمد بن زكريا الصيدلاني عن رجل من بني حنيفة من أهالي بست وسجستان[4] قال : رافقت أبا جعفر في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم فقلت له : وأنا على المائدة : إنّ والينا جعلت فداك يتولاكم أهل البيت يحبّكم وعليّ في ديوانه خراج ، فإن رأيت جعلني اللّه فداك أن تكتب إليه بالإحسان إليّ ، فقال ( عليه السّلام ) : لا أعرفه ، فقلت : جعلت فداك انّه على ما قلت : من محبيّكم أهل البيت ( عليه السّلام ) ، وكتابك ينفعني واستجاب له الإمام فكتب إليه بعد البسملة :
« أمّا بعد : فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا ، وإنّ مالك من عملك إلّا ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى اخوانك واعلم أنّ اللّه عزّ وجلّ سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل . . »[5].
ولما ورد إلى سجستان عرف الوالي وهو الحسين بن عبد اللّه النيسابوري انّ الإمام قد أرسل إليه رسالة فاستقبله من مسافة فرسخين ، وأخذ الكتاب فقبّله ، واعتبر ذلك شرفا له ، وسأله عن حاجته فأخبره بها ، فقال له : لا تؤدّ لي خراجا ما دام لي عمل ، ثمّ سأله عن عياله فأخبره بعددهم فأمر له ولهم بصلة ، وظلّ الرجل لا يؤدّي الخراج ما دام الوالي حيّا ، كما انّه لم يقطع صلته عنه[6] كلّ ذلك ببركة الإمام ولطفه .
3 - المواساة للناس :
وواسى الإمام الجواد ( عليه السّلام ) الناس في البأساء والضرّاء ، فقد ذكروا : أنه قد جرت على إبراهيم بن محمّد الهمداني مظلمة من قبل الوالي ، فكتب إلى الإمام الجواد ( عليه السّلام ) يخبره بما جرى عليه ، فتألّم الإمام وأجابه بهذه الرسالة :
« عجّل اللّه نصرتك على من ظلمك ، وكفاك مؤنته ، وابشر بنصر اللّه عاجلا إن شاء اللّه ، وبالآخرة آجلا ، وأكثر من حمد اللّه . . »[7].
ومن مواساته للناس : تعازيه للمنكوبين والمفجوعين ، فقد بعث رسالة إلى رجل قد فجع بفقد ولده ، وقد جاء فيها بعد البسملة :
« ذكرت مصيبتك بعليّ ابنك ، وذكرت أنّه كان أحبّ ولدك إليك ، وكذلك اللّه عزّ وجلّ إنّما يأخذ من الولد وغيره أزكى ما عند أهله ، ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة ، فأعظم اللّه أجرك ، وأحسن عزاك ، وربط على قلبك ، إنّه قدير ، وعجّل اللّه عليك بالخلف ، وأرجو أن يكون اللّه قد فعل إن شاء اللّه . . . »[8].
وأعربت هذه الرسالة الرقيقة عن مدى تعاطف الإمام مع الناس ، ومواساته لهم في البأساء والضرّاء .
ومن مواساته للناس : أنّ رجلا من شيعته كتب إليه يشكو ما ألمّ به من الحزن والأسى لفقد ولده ، فأجابه الإمام ( عليه السّلام ) برسالة تعزية جاء فيها :
« أما علمت أنّ اللّه عزّ وجلّ يختار من مال المؤمن ، ومن ولده أنفسه ليؤجره على ذلك . . »[9].
لقد شارك الناس في البأساء والضرّاء ، وواساهم في مصائبهم ومحنهم ، ومدّ يد المعونة إلى فقرائهم وضعفائهم ، وبهذا البرّ والإحسان احتلّ القلوب وملك العواطف وأخلص له الناس واحبّوه كأعظم ما يكون الإخلاص والحبّ .
لقد كان الإمام الجواد ( عليه السّلام ) يمثل أروع صور الفضيلة والكمال في الأرض ، فلم ير الناس في عصره من يضارعه في علمه وتقواه وورعه ، وشدّة تحرّجه في الدين ، فقد كان نسخة لا ثاني لها في فضائله ومآثره التي هي السرّ في إمامته .
لقد أعجبت الأوساط الإسلامية بالإمام الجواد ( عليه السّلام ) لما عرفوا مواهبه ، وملكاته العلمية التي لا تحدّ ، وهي ممّا زادت الشيعة إيمانا ويقينا بصحّة ما تذهب إليه وتعتقد به من أنّ الإمام لا بدّ أن يكون أعلم أهل زمانه وأفضلهم واتقاهم[10].
[1] إثبات الهداة : 6 / 185 .
[2] الوافي بالوفيات : 4 / 105 ، بحار الأنوار : 12 / 109 .
[3] وسائل الشيعة : 6 / 499 .
[4] قال محمّد بن بحر الرهني : سجستان : إحدى بلدان المشرق ، لم تزل لفاحا على الضيم ممتنعة من الهضم منفردة بمحاسن ، متوحدة بمآثر لم تعرف لغيرها من البلدان ، ما في الدنيا سوقة أصحّ منهم معاملة ، ولا أقلّ منهم مخاتلة ، وأضاف في تعداد مآثرها أنّه لعن عليّ بن أبي طالب على منابر الشرق والغرب ، ولم يلعن على منابرها إلّا مرّة ، وامتنعوا على بني اميّة حتى زادوا في عهدهم أن لا يلعن على منبرهم أحد . . وأي شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) على منبرهم ، وهو يلعن على منابر الحرمين مكّة والمدينة ؟ - معجم البلدان : 3 / 190 - 191 .
[5] بحار الأنوار : 50 / 86 .
[6] بحار الأنوار : 12 / 129 .
[7] بحار الأنوار : 12 / 126 .
[8] وسائل الشيعة : 2 / 874 .
[9] وسائل الشيعة : 2 / 893 .
[10] راجع حياة الإمام محمد الجواد ( عليه السّلام ) : 70 - 75 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|