الأزمـة الاقتصاديـة في جـنوب شـرق أسـيا 1997 (بـدايـة مـشاكـل دول النـمور الأسيـوية وبـوادر الأزمـة فـي دول جـنـوب شـرق أسـيـا) |
1315
11:00 صباحاً
التاريخ: 2023-02-19
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-11-2021
1528
التاريخ: 4-7-2019
3893
التاريخ: 11-10-2018
1623
التاريخ: 16-8-2019
3238
|
ثانيا : الأزمة الاقتصادية في جنوب شرق أسيا (1997) :
إن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بدول جنوب شرق أسيا وتحديداً (كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة ، هونج كونج، وتايلاند) كانت بالغة التأثير على مسيرة النمو الاقتصادي في هذه الدول التي خطت خطوات واسعة في طريق النمو الاقتصادي.
وبالرغم من ندرة الموارد الطبيعية فان هذه البلدان التي اعتمدت على العالم الخارجي في توفير كثير من احتياجاتها فأن تجارب النمو في هذه الدول أثارت إعجاب العالم حتى أطلق عليها اسم المعجزة الأسيوية (The Asian Miracle). وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المعجزة قامت على مجموعة أسس أهمها (23) .
أ. دور الدولة الفاعل في خلق بيئة اقتصادية مؤاتية للاستثمار والنمو.
ب. توفر العمالة المحلية الرخيصة.
ج. اعتماد الليبرالية الموجهة لتفعيل آليات السوق والتجارة الحرة مع دور فاعل للدولة في ضبط إيقاع الحركة الاقتصادية.
إن التحدي الكبير أمام هذه البلدان هو كيفية جعل معدل نمو الصادرات أعلى من معدل نمو الواردات، واعتماد التوجه التنموي نحو الخارج بحيث يلعب قطاع الصادرات فيها دور مضخة للنمو. ومن أجل مواجهة هذا التحدي اعتمدت مجموعة من السياسات أبرزها :
أ. توفير حوافز كثيرة للمصدرين، مثل الاهتمام بالموانئ والمطارات وشبكة الاتصالات الداخلية والخارجية والنقل وتوفير التمويل اللازم.
ب. تطبيق سياسات سعر صرف مرنة وواقعية.
ج. إنشاء شبكة من المؤسسات المالية (بنوك، شركات تأمين).
د. إعفاء الاستيرادات من السلع الوسيطة والإنتاجية من الضرائب والرسوم الكمركية.
هـ- خلق بيئة كلية محفزة للاستثمار والتقدم التكنولوجي في قطاع الإنتاج التصديري.
وقد ساعدت في ذلك بيئة دولية ملائمة من استقرار نظام النقد الدولي في الستينات من القرن الماضي إضافة إلى المعونات الغربية وسهولة دخول صادراتها إلى البلدان الصناعية الرأسمالية بدون قيود أو معاملة بالمثل، وكل تلك المساعدات قد تكون من جانب الغرب لإنجاح نموذج نمو رأسمالي بديل للنموذج الاشتراكي لا سيما وان تلك الدول متاخمة للصين وقريبة من الاتحاد السوفيتي السابق.
وفي ظل البيئة الاقتصادية الكلية الملائمة وفي ظل المناخ الدولي الملائم انطلقت تجربة النمور الأسيوية بالتنمية السريعة وحققت الانجازات الآتية (24):
أ. تعديل هيكل الناتج القومي وزيادة نصيب الصناعة التصديرية فيه.
ب. تحقيق تقدم تكنولوجي ومعدلات نمو اقتصادي مرتفعة تتراوح ما بين(5%-8%).
ج. زيادة في معدلات الادخار والاستثمار والنمو وارتفاع كبير في معدل نمو الصادرات.
د. ارتفاع مستوى المعيشة ومتوسط دخل الفرد ووصوله إلى مستوى نظيره في البلدان الصناعية، إذ وصل إلى أكثر من (9000) دولار سنوياً عام (1985)، دون حدوث ضغوط تضخمية أو الوقوع في فخ المديونية الخارجية.
1- بداية مشاكل دول النمور الأسيوية
منذ منتصف الثمانينات تقريباً بدأت معدلات الاستثمار والنمو والتصدير في التراجع، وظهر العجز في الموازنات العامة وبدأ التضخم يلوح في الأفق، وكان مصدر تلك المشاكل مجموعة عوامل منها :
أ. ظهور مشاكل ما بعد التوظف الكامل من ارتفاع الأجور وظهور الضغوط التضخمية.
ب. ظهور الحمائية الجديدة في الثمانينات في الدول الصناعية ضد صادرات الدول النامية.
ج. مشاكل الأزمات النقدية العالمية (تقلبات أسعار الصرف وأسعار الفائدة واضطراب السيولة الدولية). ولمواجهة تلك المتاعب فرضت بعض دول النمور جملة من الضرائب على الاستهلاك وعلى دخول الشركات الأجنبية، الأمر الذي خفض معدلات الربح المتوقعة وبالتالي حدث انخفاض في وتيرة جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة .
2- بوادر الأزمة في دول جنوب شرق أسيا :
إن بداية نشوء الأزمة كانت بسبب الانهيار في أسعار صرف عملات هذه الدول وفي أسعار الأوراق المالية، وعلى هذا الأساس يجب أن نبين العلاقة بين سوق الصرف الأجنبي وسوق الأوراق المالية.
في البداية عندما يفتح بلد ما أسواقه أمام رؤوس الأموال الأجنبية فلابد من وجود آلية لتحويل العملة المحلية إلى عملات أجنبية حتى وان لم يتم تحرير حساب رأس المال بالكامل لضمان التحويل للمستثمر الأجنبي وقتما يشاء. فإذا حدث عجز كبير في ميزان المدفوعات فسيؤدي ذلك إلى انخفاض في قيمة العملة الوطنية مما يدفع الأفراد إلى بيع أوراقهم المالية تجنباً للخسارة المتوقعة، وإذا زاد الإقبال على بيع الأوراق المالية في السوق المالية وتحويل قيمتها من العملة المحلية إلى العملة الأجنبية (كالدولار مثلاً)، فستحدث زيادة في عرض العملة المحلية وينخفض سعر صرفها، كما أن كثرة بيع الأوراق المالية سيسهم في تدهور أسعارها. وقد يتدخل البنك المركزي من خلال الاحتياطات لدعم العملة المحلية، لكن لأمد محدود وقد يستنزف احتياطياته، مما يضعف الثقة الدولية في اقتصاد البلد وبالتالي تضعف قدرته في الحصول على الائتمانات من السوق الدولية فيزداد الأمر تدهوراً.
شكل (20) كيفية حدوث الأزمة المالية في دول جنوب شرق آسيا
وما تطرقنا إليه سابقاً حدث أيضاَ في تايلاند حيث اندلعت الأزمة فيها ، ثم سرعان ما انتقلت إلى بلدان النمور الأخرى لتشابك اقتصادياتها ، فلقد ازداد العجز التجاري وارتفع حجم المديونية عام (1996-1997) في تايلاند وتوقع المتعاملون انخفاض سعر الصرف (البات التايلندي)، فقاموا ببيع كميات كبيرة من الأوراق المالية وشراء الدولار، مما دفع بسوق الأوراق المالية وسوق الصرف إلى التدهور والوقوع في الأزمة رغم أن السلطات النقدية فكت ارتباط البات بالدولار وقامت بتعويمه.
والأزمة ذاتها انتقلت إلى ماليزيا وحاولت الحكومة هناك التدخل من خلال البنك المركزي ففقدت (20) مليار دولار من احتياطياتها خلال أسبوع بدون جدوى ثم انتقلت الأزمة إلى البيزو الفلبيني والى الروبية الاندونيسية وكان الانهيار حاداً، وبالطبع صاحب ذلك هبوط حاد في أسواق الأوراق المالية والبورصات في تلك الدول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
23- فلند شتاین مارتن "الاقتصاد الأمريكي يدور في حلقة مفرغة" .
24- حسين شحالة "الأزمة الاقتصادية.. الأسباب والبدائل " .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|