أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2015
5825
التاريخ: 16-10-2015
5445
التاريخ: 16-10-2015
3381
التاريخ: 17-04-2015
3187
|
إنّ الحقبة الزمنية التي نشط فيها الإمام الصادق ( عليه السّلام ) لإرساء دعائم منهج أهل البيت ( عليهم السّلام ) ورسم خطوطه التفصيلية تبلغ ثلاثة عقود ونصف عقد تقريبا .
وقد تميّزت بأنها كانت تعاصر نهايات الدولة الأموية وبدايات الدولة العباسية وهي فترة ضعف الدولتين سياسيّا وبالتالي كانت فرصة متميّزة وفريدة لنشر الوعي والثقافة الإسلامية الأصيلة . وقد عرف أتباع أهل البيت ( عليهم السّلام ) بأنهم أتباع وشيعة جعفر بن محمد الصادق ( عليه السّلام ) ، ووسم الشيعي بأنه جعفري ؛ ولهذا الوسام دلالته التأريخية ومغزاه الثقافي .
من هنا نعرف السرّ في عظمة التراث الذي خلّفه لنا الإمام الصادق ( عليه السّلام ) ومدى سعته وثرائه في جانبي الكمّ والكيف معا ، إلى جانب كثرة من تتلمذ على يدي الإمام أبي عبد اللّه الصادق ( عليه السّلام ) ممّن حمل تراثه ورواه إلى الأجيال المتعاقبة . وبهذا الصدد ينقل لنا الشيخ المظفر جملة من الاشادات والتصاريح التي أدلى بها كبار رواة أهل السنّة وعلمائهم بفضل الإمام الصادق ورجوع أئمة المذاهب وأهل الحديث إليه ، وإليك بيانها .
« كان رواة أبي عبد اللّه ( عليه السّلام ) أربعة آلاف أو يزيدون كما أشرنا إليه غير مرّة ، قال الشيخ المفيد طاب ثراه في الإرشاد : فإنّ أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقامات ، فكانوا أربعة آلاف رجل[1]. وذكر ابن شهرآشوب أن الجامع لهم ابن عقدة وزاد غيره أن ابن عقدة ذكر لكلّ واحد منهم رواية ، وأشار إلى عددهم الطبرسي في أعلام الورى ، والمحقق الحلّي في المعتبر ، وذكر أسماءهم الشيخ الطوسي طاب رمسه في كتاب الرجال .
ولا يزيده كثرة الرواة عنه رفعة وجلالة قدر ، وإنّما يزداد الرواة فضلا وعلوّ شأن بالرواية عنه ، نعم إنّما يكشف هذا عن علوّ شأنه في العلم وانعقاد الخناصر على فضله من طلّاب العلم والفضيلة على اختلافهم في المقالات والنحل .
أعلام السنّة الذين أخذوا عن الإمام الصادق ( عليه السّلام ) :
أخذ عنه عدّة من أعلام السنّة وأئمتهم ، وما كان أخذهم عنه كما يأخذ التلميذ عن الأستاذ ، بل لم يأخذوا عنه إلّا وهم متّفقون على إمامته وجلالته وسيادته ، كما يقول الشيخ سليمان في الينابيع ، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات ، بل عدّوا أخذهم عنه منقبة شرّفوا بها ، وفضيلة اكتسبوها كما يقول الشافعي في مطالب السؤل ، ونحن أولاء نورد لك شطرا من أولئك الأعلام .
أبو حنيفة : منهم أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي من الموالي وأصله من كابل ولد بالكوفة ، وبها نشأ ودرس ، وكانت له فيها حوزة وانتقل إلى بغداد وبها مات عام 150 ، وقبره بها معروف ، وهو أحد المذاهب الأربعة عند أهل السنّة ، وحاله أشهر من أن يذكر .
وأخذه عن الصادق ( عليه السّلام ) معروف ، وممّن ذكر ذلك الشبلنجي في نور الأبصار ، وابن حجر في الصواعق ، والشيخ سليمان في الينابيع ، وابن الصبّاغ في الفصول ، إلى غير هؤلاء ، وقال الآلوسي في مختصر التحفة الاثني عشرية ( ص 8 ) : وهذا أبو حنيفة وهو هوبين أهل السنّة كان يفتخر ويقول بأفصح لسان : « لولا السنتان لهلك النعمان » يريد السنتين اللتين صحب فيها - لأخذ العلم - الإمام جعفر الصادق ( عليه السّلام ) .
مالك بن أنس : ومنهم مالك بن أنس المدني أحد المذاهب الأربعة أيضا ، قال ابن النديم في الفهرست : هو ابن أبي عامر من حمير وعداده في بني تيم بن مرّة من قريش ، وحمل به ثلاث سنين ، وقال : وسعى به إلى جعفر بن سليمان العبّاسي وكان وإلي المدينة فقيل له : إنّه لا يرى ايمان بيعتكم . فدعى به وجرّده وضربه أسواطا ومدّده فانخلع كتفه وتوفى عام ( 179 ه ) عن ( 84 ) سنة ، وذكر مثله ابن خلكان .
وأخذه عن أبي عبد اللّه ( عليه السّلام ) معلوم مشهور ، وممّن أشار إلى ذلك النووي في التهذيب ، والشبلنجي في نور الأبصار ، والسبط في التذكرة ، والشافعي في المطالب ، وابن حجر في الصواعق ، والشيخ سليمان في الينابيع ، وأبو نعيم في الحلية ، وابن الصبّاغ في الفصول ، إلى ما سوى هؤلاء .
سفيان الثوري : ومنهم سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ، ورد بغداد عدّة مرّات ، وروى عن الصادق ( عليه السّلام ) جملة أشياء ، وأوصاه الصادق بأمور ثمينة مرّت في الوصايا ، وناظر الصادق في الزهد كما سلف ، وارتحل إلى البصرة وبها مات ( 161 ه ) ، وولادته في نيف وتسعين ، قيل شهد وقعة زيد الشهيد وكان في شرطة هشام بن عبد الملك .
جاء أخذه عن الصادق ( عليه السّلام ) في التهذيب ، ونور الأبصار ، والتذكرة ، والمطالب ، والصواعق ، والينابيع ، والحلية ، والفصول المهمة ، وغيرها ، وذكره الرجاليون من الشيعة في رجاله ( عليه السّلام ) .
سفيان بن عيينة : ومنهم سفيان بن عيينة بن أبي عمران الكوفي المكّي ولد بالكوفة عام ( 107 ه ) ومات بمكّة عام ( 198 ه ) ، ودخل الكوفة وهو شاب على عهد أبي حنيفة .
ذكر أخذه عن الصادق ( عليه السّلام ) في التهذيب ، ونور الأبصار ، والمطالب ، والصواعق ، والينابيع ، والحلية ، والفصول ، وما سواها ، وذكر ذلك الرجاليون من الشيعة أيضا .
يحيى بن سعيد الأنصاري : ومنهم يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري من بني النجّار تابعي ، كان قاضيا للمنصور في المدينة ، ثم قاضي القضاة ، مات بالهاشميّة عام ( 143 ه ) .
انظر المصادر المتقدّمة في روايته عن الصادق ( عليه السّلام ) وما عداها كما ذكر ذلك الرجاليّون من الشيعة .
ابن جريح : ومنهم عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح المكّي ، سمع جمعا كثيرا من العلماء ، وكان من علماء العامّة ، الذين يرون حلية المتعة كما رأى حلّيتها آخرون منهم ، وجاء في طريق الصدوق في باب ما يقبل من الدعاوى بغير بيّنة ، وجاء في الكافي في باب ما أحلّ اللّه من المتعة سؤال أحدهم من الصادق ( عليه السّلام ) عن المتعة فقال : « الق عبد الملك بن جريح فاسأله عنها فإنّ عنده منها علما » ، فأتاه فأملى عليه شيئا كثيرا عن المتعة وحلّيتها .
وقال ابن خلكان : عبد الملك أحد العلماء المشهورين ، وكانت ولادته سنة ( 80 ه ) وقدم بغداد على أبي جعفر المنصور ، وتوفى سنة ( 149 ه ) وقيل ( 150 ه ) ، وقيل ( 151 ه ) .
وذكرت المصادر السابقة أخذه عن الصادق ( عليه السّلام ) ، كما ذكرته رجال الشيعة .
القطّان : ومنهم أبو سعيد يحيى بن سعيد القطّان البصري ، كان من أئمة الحديث بل عدّ محدّث زمانه ، واحتجّ به أصحاب الصحاح الستة وغيرهم ، توفى عام ( 198 ه ) ، وحكي عن ابن قتيبة عداده في رجال الشيعة ، ولكن الشيعة لا تعرفه من رجالها .
ذكره في رجال الصادق ( عليه السّلام ) التهذيب ، والينابيع ، وغيرهما من السنّة ، والشيخ ، وابن داود ، والنجاشي ، وغيرهم من الشيعة .
محمّد بن إسحاق : ومنهم محمّد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي والسير ، ومدنيّ سكن مكّة ، أثنى عليه ابن خلكان كثيرا ، وكان بينه وبين مالك عداء ، فكان كلّ منهما يطعن في الآخر ، قدم الحيرة على المنصور فكتب له المغازي .
وقدم بغداد وبها مات عام ( 151 ه ) على المشهور ، ذكر أخذه عن الصادق ( عليه السّلام ) في التهذيب ، والينابيع ، وغيرهما من السنّة ، والشيخ في رجاله ، والعلّامة في الخلاصة ، والكشي في رجاله ، وغيرهم من الشيعة .
شعبة بن الحجّاج : ومنهم شعبة بن الحجّاج الأزدي كان من أئمة السنّة وأعلامهم وكان يفتي بالخروج مع إبراهيم بن عبد اللّه بن الحسن ، وقيل كان ممّن خرج من أصحاب الحديث مع إبراهيم بن عبد اللّه .
وعدّه في أصحاق الصادق ( عليه السّلام ) جماعة من السنّة منهم صاحب التهذيب ، والصواعق ، والحلية ، والينابيع ، والفصول ، والتذكرة وغيرها ، وذكرته كتب الشيعة في رجاله أيضا .
أيوب السجستاني : ومنهم أيوب بن أبي تميمة السجستاني البصري ، وقيل السختياني ، والأول أشهر ، مولى عمّار بن ياسر وعدّوه في كبار الفقهاء التابعين ، مات عام ( 131 ه ) بالطاعون بالبصرة عن ( 65 ه ) سنة .
عدّه في رجال الصادق ( عليه السّلام ) في نور الأبصار ، والتذكرة ، والمطالب ، والصواعق ، والحلية ، والفصول ، وغيرها ، وذكرته كتب رجال الشيعة في أصحابه أيضا .
وهؤلاء بعض من نسبوه إلى تلمذة الصادق ( عليه السّلام ) من أعلام السنّة وفقهائهم البارزين ، وقد عدّوا غير هؤلاء فيهم أيضا ، انظر في ذلك حلية الأولياء ، على أن غير أبي نعيم أشار إلى غير هؤلاء بقوله وغيرهم ، أو ما سوى ذلك ممّا يؤدّي هذا المفاد »[2] [3].
إنّ الحضارة الإنسانية اليوم - بما فيها الحضارة الاوربيّة - مدينة إلى تراث الإمام الصادق ( عليه السّلام ) بشكل خاص ، باعتبار عنايته الفائقة بجملة من العلوم الطبيعية التي لاحظنا نماذج منها خلال بحوث هذا الكتاب .
إن التراث الذي جمعه علماء مدرسة أهل البيت ( عليهم السّلام ) والذي رووه عن الإمام الصادق ( عليه السّلام ) يفوق تراث كلّ واحد من المعصومين من حيث الكمّ ومن حيث الاهتمام بشتّى العلوم الإنسانية والطبيعية جميعا .
وقد وقفنا على شيء من اهتماماته الواسعة في بحوث سبقت في هذا الكتاب ، مثل : جامعة أهل البيت ( عليهم السّلام ) والجماعة الصالحة . وإتماما للفائدة واتّساقا مع سائر أجزاء هذه الموسوعة سوف نلمّ بطرف آخر من رواياته وتراثه في شتّى فروع المعرفة الإسلامية .
[1] الارشاد للمفيد : 271 .
[2] الإمام الصادق ( عليه السّلام ) ، محمد حسين المظفر : 127 - 130 .
[3] ورغم اعترافات علماء أهل السنّة وأشاداتهم بالإمام الصادق ( عليه السّلام ) وانّ أئمة مذاهبهم وكبار علمائهم قد تتلمذوا على يديه ونقلت الرواة ما يملئ الخافقين من الأحاديث ، نجد البخاري الذي يروي للخوارج والفساق والمجاهيل لم يرو عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السّلام ) ولا حديثا واحدا .
|
|
أهمية مكملات فيتامين د خلال فصل الشتاء.. 4 فوائد رئيسية
|
|
|
|
|
علماء: قرص الشمس سيبدو أكبر في عام 2025
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تختتم مجلسها العزائي المركزي بذكرى شهادة الإمام الهادي (عليه السلام)
|
|
|