أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2022
1704
التاريخ: 2023-02-26
1335
التاريخ: 18-9-2019
1830
التاريخ: 21-9-2019
9271
|
اقتصاد المعرفة : اقتصاد جديد ومختلف
إن الانتقال من اقتصاد الصناعة، القائم على الماديات، إلى اقتصاد المعرفة القائم على النقيض اللامادي، أدى إلى نقلات نوعية حادة تبلغ درجة التضاد التام في كثير من الأحيان ومن هذه التناقضات ما يلي (1) :
- بينما تنضب الموارد المالية مع استهلاكها، تنمو الموارد المعرفية كلما زاد استهلاكها.
- ينمو سوق الاقتصاد التقليدي بدفع العرض (Supply-Driven)، في حين ينمو سوق اقتصاد المعرفة بدفع الطلب (Demand-Driven).
- تزيد قيمة المنتج المادي مع الندرة وقلة العرض، في حين تزداد قيمة المنتج المعرفي مع وفرته وشيوع استخدامه.
ويمكن تلخيص الاختلافات بين اقتصاد المعرفة والصناعة بما يلي:
1 - اختلاف مفهوم القيمة بين اقتصادي المعرفة والصناعة :
يعد مفهوم القيمة من أهم ركائز المنظومة الاقتصادية، وقد قام اقتصاد عـصـر الصناعة على أساس ثنائية قيمة المنفعة وقيمة التبادل ، في حين يضيف اقتصاد المعرفة إليهما قيمتين - لتصبح هذه الثنائية رباعية - وهما: قيمة المعلومات والمعرفة، بعد أن أصبح بالإمكان قياس كمية المعلومات وتقدير عائدها، وأصبحت المعرفة عنصراً أصيلاً من مكونات الإنتاج لا مجرد عامل إضافي لرفع كفاءته، أما القيمة الرابعة فهي القيمة الرمزية التي تشمل على سبيل المثال: قيمة التهادي، وقيمة الرموز المقدسة والقيم الثقافية وقيم الحضارة والهوية القومية.
إن قيمة الأصول المادية مطلقة في حين أن قيمة الأصول المعرفية قيمة نسبية تتوقف على الهدف وراء اقتناء هذه الأصول، فمعادلة كيميائية المركب معين يمكن أن تكون ذات قيمة عالية بالنسبة إلى عالم متخصص أو لمصنع إنتاج كيماويات، في حين يمكن أن تنعدم قيمتها بالنسبة إلى آخرين.
2 ـ اختلاف مفهوم الملكية بين اقتصاد الصناعة والمعرفة
بينما كانت الملكية المادية من ثروات الأراضي والعقارات والمنقولات وما شابه هي السائدة في اقتصاد ما قبل عصر المعلومات، أصبحت الملكية الفكرية هي محور اقتصاد المعرفة، وعلى خلاف الملكية المادية تتسم الملكية الفكرية بصعوبة تحديدها وتوثيقها ومن ثم حمايتها، ومصدر الصعوبة الأساسي بالنسبة إلى منتجات صناعة المعلومات، بصفتها من أهم صناعات اقتصاد المعرفة، يرجع إلى أن تكنولوجيا المعلومات قد وفرت إمكانات هائلة للنسخ وإعادة الإرسال والتحويل والتحوير، ولا ترتكز المشكلة في حماية الوسيط الإلكتروني كالأقراص المدمجة (Compact Discs) والأقراص المرنة( Floppy Discs)، فهناك وسائل عملية لحمايتها بقدر من النجاح لكن المشكلة تكمن في استخدام الانترنت كأداة التوزيع الأساسية لسلع وخدمات - صناعة المعلومات.
تمثل حقوق النشر وبراءات الاختراع أهم أساليب حماية الملكية الفكرية إلا أن البحث جار عن أساليب مستحدثة لتلاءم الطبيعة الخاصة بالمنتج المعرفي، ويتمتع بحماية الملكية الفكرية نطاق واسع من الإنتاج الإبداعي والبرمجيات وقواعد البيانات والعلامات التجارية ، وهناك توجه لتوسيع نطاق الملكية الفكرية بحيث تغطي كثيراً من الأمور التي ظلت خارج نطاق الحماية.
وضعت منظمة التجارة العالمية اتفاقية الجوانب التجارية الخاصة بالملكية الفكرية TRIPS، والحقتها باتفاقية تحدد أساليب فض المنازعات، وقد انطلقت هذه الاتفاقية من ميثاق بيرن الخاص بالملكية الفكرية، حيث طرحت قضايا مستجدة تحتاج إلى رؤية أكثر شمولاً لأمور الملكية الفكرية، وأكثر تحقيقاً للتوازن بين أصحاب المصلحة الثلاثة صاحب العمل الفكري المتمتع بالحماية، والقائم بتوزيعه ومستهلكه أو مستخدمه.
3 ـ اختلاف علاقة العرض والطلب بين اقتصاد المعرفة والصناعة :
في الاقتصاد التقليدي تزداد قيمة المنتجات مع الندرة وقلة العرض، في حين يحدث العكس في اقتصاد المعرفة، حيث تزداد قيمة المنتج المعرفي كلما شاع وتوافر فعلى سبيل المثال تزداد قيمة برنامج الكمبيوتر، كبرنامج نظام التشغيل المعروف ويندوز مع شيوعه واتساع قاعدة مستخدميه حتى يصبح هو النظام القياسي (Standard) لتنزوي البرامج المنافسة التي تقل عنه شيوعاً واستخداماً حتى لو فاقته جودة وقلت عنه سعراً.
إن سوق الاقتصاد التقليدي مدفوعة بقوة العرض، أو أنها تعتمد على إنتاج الممكن تكنولوجياً، وبعدها يجري عرضه وتسويقه بتنمية الطلب عليه هذا الوضع يوشك أن ينقلب إلى نقيضه في ظل اقتصاد المعرفة، وذلك بسبب الإمكانات الهائلة لتكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية التي أصبحت تحول الممكن والمتصور إلى واقعي ملموس ، مما يجعل عملية إنتاج السلع والخدمات في ظل هذه التكنولوجيات العالية القدرة تصبح بمنزلة عملية انتقاء من نطاق واسع من التطبيقات التكنولوجية الممكنة شريطة أن تحظى بالقبول الاجتماعي وتفي بشروط الجدوى الاقتصادية ؛ وذلك يعني أن آليات سوق اقتصاد المعرفة تعمل بدفع الطلب لا بدفع العرض .
4 ـ اختلاف علاقة المنتج بالمستهلك بين اقتصاد المعرفة والصناعة:
هناك فرق بين اقتصاد . عصر الصناعة القائم على طور الإنتاج من الصفر، واقتصاد عصر المعلومات القائم على طور إعادة الإنتاج ويقصد به تكرار الإنتاج بالنسخ دون حاجة إلى التصنيع من الصفر، فكل ما ينتجه مجتمع المعلومات قابل للنسخ أو إعادة الإنتاج، لا ينطبق ذلك على السلع المعلوماتية من نصوص وصور وأفلام وموسيقى وبرامج، بل أصبح بالإمكان إعادة إنتاج الخبرات والخبراء أنفسهم، عن طريق النظم الخبيرة (Expert Systems) أما على مستوى الاستهلاك فقد قلب اقتصاد المعرفة العلاقة بين الموارد واستهلاكها فبينما تنضب الموارد المادية مع استهلاكها تنمو الموارد المعرفية كلما زاد معدل استهلاكها.
لقد كان التصميم في الصناعات التقليدية لصيقاً بالإنتاج، وكان الاستهلاك لصيقاً بالتوزيع؛ فاستهلاك الطعام مثلاً يتطلب أن يكون لصيقاً بمستهلكه، وطالب الخدمة لا بد أن يذهب فعلياً إلى مكان تقديمها، أما بالنسبة إلى منتجات اقتصاد المعرفة فيمكن فصل شق التصميم عن شق الإنتاج، ويمكن أيضاً استهلاكها أو استخدامها من بعد.
5 ـ اختلاف مؤشرات التقييم الاقتصادي بين اقتصاد المعرفة والصناعة:
يقاس أداء مؤسسات الإنتاج في الاقتصاد التقليدي بمؤشرات محسوسة مثل طاقة الإنتاج وقيمة المخزون السلعي وحجم الأسواق، أما مؤسسات اقتصاد المعرفة فتقيم على أساس مدى سلامة المنطلقات العلمية والتكنولوجية القائمة عليها وقدرتها المعرفية الكامنة وقابليتها للتوسع والاندماج مع التكنولوجيا الأخرى. ترتكز مقومات التوسع لمؤسسات الاقتصاد التقليدي على عوامل مادية كإضافة خطوط إنتاج جديدة، أو فتح منافذ جديدة لتوزيع السلع والخدمات، في حين تقاس قابلية مؤسسات اقتصاد المعرفة للتوسع على توافر البنى التحتية من شبكات اتصالات وبحوث وتطوير وقواعد معارف وما شابه ، وجميعها أمور تحدد مستوى الذكاء الجمعي للمؤسسة ككل، وذلك الذكاء ناتج عن التفاعل الديناميكي بين العاملين والوحدات التنظيمية داخل المؤسسة.
إن المنتج المعرفي إذا ما قورن بمنتجات الصناعة التقليدية، يتسم بمرونة هائلة من حيث قابليته للتوسع والإضافة، ومثال ذلك ما يجري حالياً في تطوير الأسلحة الذكية، حيث وجد أن فاعلية هذه الأسلحة، ومدى دقة تصويبها، وقدرتها الهجومية أو الدفاعية، ومجالات استخداماتها، يمكن تحسينها وتوسيع نطاقها دون أي مساس بشق العتاد المادي؛ وذلك بإدخال تغييرات على الشق المعرفي اللامادي والمتمثل ببرامج التحكم فيها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نبيل علي، الثقافة العربية وعصر المعلومات، 1990، ص 400-412 .
|
|
يجب مراقبتها بحذر.. علامة في القدم تشير إلى مشاكل خطيرة
|
|
|
|
|
العلماء يحلون لغز بركان أدى إلى تجمد الأرض قبل 200 عام
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تبحث آلية إقامة الأسبوع الثقافي مع جامعة الموصل
|
|
|