أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2016
2320
التاريخ: 3-7-2022
1507
التاريخ: 25-8-2022
1404
التاريخ: 21-11-2020
2838
|
أدب الطفل عمل إبداعي(1)، هادف يحتاج إلى موهبة مدربة، تستعين بالعلم والدراسة، وتعرف قواعد هذا العمل الذي تمارسه، مع وضوح الهدف الذي تسعى إليه.
وهناك فنون كثيرة في أدب الأطفال. منها القصة، والشعر، والمقالة، والحوارية (المسرحية)، والسيرة وغير ذلك من الأشكال الأدبية، وسوف نستعرض في هذا الفصل أهم هذه الفنون.
القصة من الأشكال الفنية المحببة للطفل، لأنها تتميز بالمتعة والتشويق، مع السهولة والوضوح.
وللقصة أهداف كثيرة: عقدية، وتربوية، وتعليمية، وترفيهية.. شريطة نجاحها أسلوباً ومضموناً في كسب شغف الطفل واهتمامه، وإثارة التفكير والبحث عنده، ولهذا فإن المسلمين قد اعتنوا بالقصة، واستخدموها في مجال التربية والتعليم(2).
وبدأ القصص منذ سنة 38هـ في مصر، حيث يرى أحد الباحثين أن فن القصة فن قديم عرفته العربية قبل الإسلام وبعده، إذ أن (حركة التاريخ والقصص كانت واحدة من الحركات الفنية والعلمية التي نبعت كضرورة حتمية لمحاولة فهم القرآن وشرح آياته والتعرف على أحكامه)(3).
ويرى أن ما عرف في العربية من قصص في الجاهلية والإسلام أقدم مما عرفته أوربا، وأنه يدخل في مفهوم فن القصة، ولكنه نشأ في بيئة إسلامية واتخذ منهجاً بذاته، كما اتخذ هذا الفن في أوروبا منهجاً مغايراً، وأن كل مرحلة من المراحل كانت تتخذ للفن ذاته منهجاً يغاير ما يتخذه في مرحلة أخرى كما حدث في أوربا من تطور لقواعد فن القصة منذ بدايات القرن التاسع عشر إلى اليوم(4).
والقصة تساعد - بما فيها من أشخاص وأحداث - على تقريب المفاهيم المجردة التي تهتم بها التربية، ويحرص عليها الدين الحنيف لتبرزها بصورة مجسدة حية(5)، فهي من العوامل التربوية العقلية التي تساعد على تقديم العقيدة الإسلامية، والخلق السليم بأسلوب قصصي بما يتناسب ومستوى الإدراك الطفولي بصورة متدرجة نامية(6)، من خلال سرد القصص المناسبة للموقف، ولا سيما قصص الأنبياء التي تتمثل فيها نماذج رائعة للتربية بجميع أنواعها، وهذا لن يتأتى للكاتب ما لم تكن له معرفة واسعة بقصص الأنبياء وصحابتهم، ومثال على ذلك:
طاعة الله وامتثال أمره (قصة أم موسى وأخته)، وكيف استجابت الأم لأمر الله (عز وجل)، ووضعت طفلها بالتابوت ثم ألقته في اليم.
الصبر (قصة سيدنا أيوب)، مع الرضاء بقدر الله والصبر على أنواع الابتلاءات(7).
ولا ينحصر تأثير القصة في نفوس الأطفال من خلال سردها أو قراءتها بل إنهم كثيراً ما يقلدون أقوال ما يجري في القصة وما فيها من أحداث وسلوك وأخلاق. والقصة تحرر السامع من واقعه وحدوده إلى عوالم أخرى فسيحة يرى ويسمع ويشاهد بيئات وصنوفاً كثيرة من الناس الذين يرى الطفل فيهم المثل والقدوة، فمثلا يمكنه بواسطة القصة الناجحة أن يعيش مجالس النبوة، ويحضر أحداث السيرة(8).
ولقد داخل القصة كثير من المفاهيم الخاطئة كما داخل عدداً من الفنون الأدبية الأخرى، إذ ادعى كثيرون أنها فن جديد عرف عند الغرب في القرنين الأخيرين، وأن له قواعد وأصولاً محددة، هذه القواعد هي، التي تعارف عليها الغرب، وادعى أنها تحدد حدود هذا الفن، وسار أكثر الأدباء العرب على ذلك، ورددوا ما قيل عن القصة الغربية، وأخذوا قواعدها، وساروا على منوالها، ثم أنكروا على أحد أن يقول بغير ما قاله الغربيون مع العلم بأن القواعد التي يدعون إلى احترامها ليست ثابتة، فما كان منها في القرن التاسع عشر قد تغير تغيراً كاملاً، بل ولعله تحطم على أيدي الكثيرين من رواد القصة وكتّابها في نهايات القرن العشرين التي نشهدها هذه الأيام، فلا يستطيع أحد أن يقول: إن منهج (ديستوفيسكي)، في الرواية هو نفسه منهج (هوجو)، أو هو ذاته منهج (كامي)، أو هو منهج كتّاب الموجة الجديدة في فرنسا وإنجلترا مثلاً، إن الشكل يتغير بتغير الإنسان المتلقي، والإنسان الكاتب وبتغير روح العصر، ومتطلبات روح العصر، ومتطلبات العصر(9).
ولهذا فليس لنا أن نسلم بقواعد هذا الفن، أو نخضع دراساتنا لمقولات الغربيين وأتباعهم، ولنا على ضوء أهدافنا، ومتطلبات واقعنا، وحقائق الفطرة ونواميس الكون، والثوابت في حياتنا أن نصنع قواعد فنوننا، نأخذ من هنا ومن هناك، ثم نخضع كل ذلك لأصولنا وعلومنا وأذواقنا، لنخرج عصارة صافية، بعد أن تصفت من الخبث والجراثيم، والروح الغربية المريضة. ولنا مثل سامق في القصص القرآني، الذي سبق كل ما عرف من قصص مكتوبة، هذا القصص يمثل النموذج الإسلامي الكامل في الأداء الفني للقصة، مع المحافظة على الهدف النفسي والعقيدي والتربوي والحركي لهذا النموذج(10).
وفي القرآن الكريم عدد كبير من القصص القرآني. القصير الذي يشبه الومضة إلى الطويل الذي يستغرق سورة كاملة (سورة يوسف)، ووردت الألفاظ الدالة على القصة والقصص في كتاب الله مرات كثيرة جداً وفي عدد كبير من السور القرآنية (النساء، الأنعام، الأعراف، هود، يوسف، الكهف، طه، النمل، القصص، غافر)، بينما وردت القصص في سور كثيرة جداً وفي كل أجزاء القرآن الكريم.
وقصة يوسف تمثل النموذج الكامل لمنهج الإسلام في الأداء الفني للقصة، والمعرض المتخصص في عرض هذا المنهج من الناحية الفنية للأداء(11).
(فهي تعرض شخصية يوسف - عليه السلام - وهي الشخصية الرئيسة في القصة عرضاً كاملاً في كل مجالات حياتها، بكل جوانب هذه الحياة، وبكل استجابات هذه الشخصية في هذه الجوانب وتلك المجالات).
(وإلى جانب عرض الشخصية الرئيسة تعرض الشخصيات المحيطة بدرجات متفاوتة من التركيز، وفي مساحات متناسبة من رقعة الأرض)، (وتتعامل القصة مع النفس البشرية في واقعيتها الكاملة، متمثلة في نماذج متنوعة).
(وهي تمثل هذا المنهج الفني الإسلامي الصادق الرائع بصدقه العميق وواقعيته السليمة، المنهج الذي لا يهمل خلجة بشرية واقعية واحدة، وفي الوقت ذاته لا ينشىء مستنقعاً من الوحل يسميه الواقعية، كالمستنقع الذي أنشأته الواقعية الغربية الجاهلية).
(وظلت القصة صورة نظيفة للأداء الواقعي الكامل مع تنوع الشخصيات وتنوع المواقف)(12).
(والواقعية الصادقة الأمينة النظيفة السليمة في الوقت نفسه لا تقف عند واقعية الشخصيات الإنسانية التي تحفل بها القصة في هذا المجال الواسع على هذه المستوى الرائع، ولكنها تتجلى كذلك في واقعية الأحداث والسرد والعرض وصدقها، وطبيعتها في مكانها وزمانها، وفي بيئتها وملابساتها)(13).
(والقصة ترسم ظلال الفترة التاريخية التي تجري فيها أحداث القصة وتتحرك فيها شخصياتها الكثيرة، وتسجل سماتها العامة)(14)، (وعلى وجه الإجمال فإن القصة غنية بالعناصر الفنية، غنية كذلك بالعنصر الإنساني، حافلة الانفعال والحركة، وطريقة الأداء، تبرز هذه العناصر إبرازاً قوياً، فضلاً على خصائص التعبير القرآنية الموحية المؤثرة ذات الإيقاع الموسيقي المناسب لكل جو من الأجواء التي يصورها السياق)(15).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ أدب الطفل في ضوء الإسلام: د. نجيب الكيلاني، 41.
2ـ الخطط للمقريزي: 2 / 253.
3ـ الرواية العربية: فاروق خورشيد، ط 3، 1402هـ، دار الشروق/ 77.
4ـ المصدر السابق / 225.
5ـ الرسول العربي المربي: د / عبد الحميد الهاشمي، ط1، 246، دار الثقافة للجميع - دمشق.
6ـ دور الأم في تربية الطفل المسلم / 118، ط2، 1406هـ، دار المجتمع جدة. وانظر قصص الأطفال المروية وأهميتها لنمو الطفل: شريفة الشملان - المجلة العربية العدد 89 جمادي الآخرة 1405هـ، ص106.
7ـ المصدر السابق / 119.
8ـ الرسول العربي المربي / 247.
9ـ الرواية العربية: فاروق خورشيد / 225.
10ـ في ظلال القرآن: للشهيد سيد قطب، ج12، 1951، ط، دار الشروق 1396هـ ـ 1976م.
11ـ المصدر السابق / 1915، ج2، سورة يوسف.
12ـ المصدر السابق / 1952 - 1954.
13ـ المصدر السابق / 1959.
14ـ المصدر السابق / 1959.
15ـ المصدر السابق / 1962، وهذه المقتطفات مما كتبه الشهيد سيد قطب في مطلع تفسيره لسورة يوسف لا تغني عن قراءة هذه الصفحات الرائعة في قصة سيدنا يوسف (عليه السلام)، لتبين ملامح مهمة من ملامح القصة الإسلامية، وللالتفات إلى القصة القرآنية ثم القصة في الحديث الشريف لدراستها، واستخلاص قواعد إسلامية ذاتية لهذا الفن. وانظر كتاب القصص في الحديث النبوي للدكتور محمد بن حسن الزير. وكتاب (بناء الشخصية في القرآن الكريم)، للدكتور مصطفى عليان. و (قصص القرآن في مواجهة أدب الرواية والمسرح)، لإحمد موسى سالم.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|