أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-5-2018
2177
التاريخ: 6-9-2020
2108
التاريخ: 4-3-2018
2571
التاريخ: 2-9-2016
2083
|
إن من العيوب الخلقية والعادات غير المرضية ما يسبب تزلزل أسس المحبة ويجر إلى انقطاع حبل المودة بين الأوداء، فإن ذا الخلق الخشن الذي لا يأتلف ولا يؤتلف يوجد بين نفسه والآخرين جداراً لا يتمكن معه أن يبصر أنوار الوداد. إن سوء الخلق يقلل من قيمة المرء ويحطم أسس سعادته وهنائه.
لا شك أن سيء الخلق ينفر منه كل أحد، فإن الإنسان يتألم من معاشرة من لا يأنس به ولا يتناسب معه وهذا ما يسلب صاحبه إمكانيات كثيرة كان ـ لو لا سوء خلقه - يستطيع أن يستفيد منها في سبيل تقدمه في الحياة.
يجب على الانسان الذي يريد أن يتعاشر مع الآخرين أن يتعرف على أمور تشترط في فن المعاشرة، يجب ان يتعلمها الإنسان مسبقاً ثم يعمل على طبقها في الحياة وينتهي طبقها عن أمور تباين السنن الصحيحة في المجتمع، وبدون ذلك لا يتحقق للفرد أن يعيش بين المجتمع، ولا تتكامل الأخلاق العامة بينهم. إن حسن الخلق أول شروط السعادة بين الناس، وأنه عامل في رفع مستوى شخصية الإنسان إلى أعلى، وهو يتيح للإنسان أن يستفيد من جميع قواه، وله التأثير التام في إدارة حياة المجتمعات، ولا تصل اية صفة أخرى من صفات الإنسان إلى ما عليه هذه الصفة من استجلاب عواطف الآخرين، والتقليل من آلامهم في الحياة.
إن الذي يتمتع بهذه الروحية الإنسانية العالية لا يري الآخرين وجهاً عبوساً يمكنهم أن يبلغوا إلى أغوار آلامه من ورائه، بل أنه يسعى دائماً أن يخلق حوله هالة من النشاط والسرور ينسي الناس بما يخلق لهم من الطمأنينة آلامهم، وهو يحفظ الطمأنينة في نفسه على رغم مشاكل الحياة فيصل بها إلى الفلاح والنجاح.
إن حسن الخلق أقوى عامل له الأثر القاطع في تأمين التوفيق للأفراد في الحياة، فليس بحاجة أن نقول أن تقدم شركة تجارية - مثلا - يرتبط بحسن أخلاق العاملين فيها بنسبة كبيرة.
إن مدير اية مؤسسة لو كان ذا أخلاق طيبة فهو بالإضافة إلى انه يتمتع بقدر كاف من النشاط سوف يجذب إلى نفسه عدداً كبيراً من المراجعين.
يقول حافظ الشيرازي الشاعر الايراني الكبير ما معربه:
بحسن خلقك جادلهم فتصحبهم فلا يصيد ذكي الطير إلاّه
إن حسن الخلق هو سر المحبوبية عند الناس، فإن الناس لا يتحملون سوء خلق أحد مهما كانت منابعه وأسبابه، إنك لو أمعنت النظر في سيرة من يعاشرك التفت إلى السبب الكامن في عدم نفوذ حب بعضهم إلى قلبك، وامتلاك بعضهم الآخر لقلبك بأخلاقهم وصفاتهم.
يذكر أحد علماء الغرب تجربة شخصية في مورد حسن الخلق يقول: (عزمت على تجربة أثر نشاطي وطلاقة وجهي على نفسي - وكنت منذ مدة حزيناً كئيباً - فخرجت بهذا العزم من بيتي، وقلت في نفسي لاحظت مراراً أن نشاط غيري وطلائة وجوههم مما يمنحني قوة ونشاطاً، فعلي أن أعلم هل أستطيع انا ايضاً ان أؤثر هكذا في الآخرين أم لا؟ وكنت في اثناء الطريق أكرر في نفسي عزمي على النشاط وطلاقة الوجه، وكنت أحاول أن أقنع نفسي أني سعيد الحظ جداً، وبتأثير من هذه الايحاءات النفسية أحسست راحة في بدني، وكأني بنفسي أطير فرحاً وسروراً، وأنظر إلى ما حولي مبتهجاً مبتسماً، ولكني كنت أرى حولي وجوهاً قد ارتسم عليها ملامح الأفكار الكئيبة، فكان يتحرق قلبي حزناً عليهم، وأتمنى لو كنت استطيع ان أمنحهم شيئاً مما في قلبي من لمعات النور والضياء دخلت إلى مكتب عملي فسلمت على المحاسب بكل نشاط، وحيث لم أكن قبل هذا اليوم بذلك النشاط فلم أكن في سائر الأيام اسلم عليه هذا السلام حتى ولو كنت أنقذ به حياتي، ولم يتمالك المحاسب إلا أن أبدى لي حرارة وعاطفة شديدة، أحسست من خلال ذلك أن نشاطي قد سرى إليه. وكان رئيس تلك الشركة التجارية التي كنت أعمل فيها من أولئك الذين يلتزمون أعمالهم بحيث لا يرفعون طرفهم إلى من حولهم، وكانت له أخلاق خشنة، فأنبني ذلك اليوم في شأن عملي تأنيباً شديداً لو كان ذلك في غير ذلك اليوم لم أكن أتحمله، إذ كنت رهيف الحس شديد الإحساس، ولكن حيث كنت عزمت ذلك اليوم على أن لا أتأثر من أية حادثة اجبته جواباً بسط من على محياه من التجاعيد ما كان قد قطب به في وجهي، وكانت هذه القضية ثانية الحوادث لي في ذلك اليوم. وإلى المساء من ذلك اليوم حاولت أن أحتفظ بنشاطي لنفسي ولمن حولي من زملائي في العمل. وبنفس هذه الطريقة توفقت أن أجرب هذه العملية في العائلة التي كنت أقيم بينها، فكان أثر تجاربي أن بدى على من لم أكن أشاهد فيه من قبل سوى الفتور والإهمال علائم العواطف والتلاحم. وعلى أثر تجاربي المتعددة اكتشفت أني أستطيع أن أكوّن بهذه الطريقة نشاطا لنفسي وأوحي لمن حولي بذلك أيضاً.
وأنتم أيضاً لو عاشرتم الناس بهذا التفكير رأيتم وجوها من الإبتهاج والفرح تنفتح أمامكم كما تنفتح براعم الزهور في فصل الربيع، ولكسبتم لأنفسكم أصدقاء عديدين، ولساد السلام والوئام على أرواحكم دائماً).
ليس هناك من ينكر تأثير هذه الصفة حتى في إخضاع قلوب الأعداء (إن من البيان لسحراً)، يؤثر في الآخرين، وإن للأدب والإحترام في الكلام دوراً مهما في إخضاع الخصم لما يرام.
يقول احد الكتاب الغربيين: (أن جميع الأبواب مفتحة على الوجه الطلق ذي الخلق الحسن، بينما يضطر ذوو الأخلاق السيئة أن يضغطوا على الأبواب المغلقة لفتحها كالصعاليك أن أحسن الأمور ما تم بالأدب والظرافة وحسن الخلق)، وأضيف أقول: إن حسن الخلق إنما يوجب السعادة ويبلغ بصاحبه إلى الكمال حينما يكون من صميم القلب بعيدا عن كل ما يتعلق به من الرياء والتظاهر، أعني أن ينبع الإحساس بالمحبة من أعماق الروح، فإنه ما لم يصبح الأدب وحسن الخلق من الملكات الباطنة الطاهرة لا يمكن أن يكون له قدر أو اعتبار، فإن حسن الظاهر فحسب ليس دليلا على المزايا الباطنية وطهارة السيرة لأحد، فإنه من الممكن ان تكون الأخلاق الظاهرة مع كل ما فيها من الجمال نابعة من قلب متقلب في الضلال ملوثاً، فما اكثر الشياطين في ملابس الملائكة، الذين يخفون وجوههم الرهيبة الهائلة تحت ستار جميل.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|