

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات


المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية


التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة
ظاهرة الكذب عند الأطفال
المؤلف:
عيسى محسني
المصدر:
أساليب تعديل سلوك الأبناء رؤية إسلامية
الجزء والصفحة:
ص106ــ112
2025-12-23
4487
كذب الأطفال
يعتبر كذب الأطفال إحدى السلوكيات السيئة التي يجب علاجها بشكل مبكر وتعويضها بسلوك معاكس بتعويد الطفل على الكلام المتصف بالصدق والصراحة.
ولا شكّ أنّ للوالدين الدور الأساسي في زرع الصدق عند الأطفال وذلك بالقدوة الحسنة التي يتركها كل واحد منهما أمام الطفل. وأن يتجنبا الأفعال التي تخالف أقوالهما، فلا شك أنّ الطفل إذا شاهد أحد أبويه يكذب، فانه لا يتردد من استخدام السلوك غير الواقعي مع الآخرين كأن يقول الأب للطفل: إذا طرق أحد ما باب المنزل أو اتصل على الهاتف، فقل له: إنّ أبي غير موجود. أو يتكرّر من أبيه أن يعده فيخلف معه وعده... إلخ، فبطبيعة الحال أن الطفل عندما يشاهد هذه التصرفات المخالفة للواقع والحقيقة سوف يتعلمها ويمارس نفس هذا السلوك في الكذب والتزوير والخداع مع الآخرين... تقليداً ومحاكاة لهما. وقد حذر الإمام علي (عليه السلام) تعليم الطفل الكذب والإفتراء فقال (عليه السلام) ((لا يصلح من الكذب جد ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له إنّ الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار))(1).
إن تحلّي الوالدين بالصدق يعتبر من الامور المهمة التي تتبلور مفاهيمها أمام الطفل، ومع مر الزمن سيعرف الطفل أن مفهوم الصدق والأمانة يختلف عن مفهوم الكذب.
ومن الأمور الأساسية في علم التربية التي أكد عليها التربويون والتي ينبغي أن يأخذها الآباء بعين الإعتبار، هو تعليم الطفل كيفية التعامل مع المشاكل من دون اللجوء لإخفاء الحقائق أو تلبيس الأمور، وعلى هذا الأساس سوف يتعلم الطفل أنّ الكذب ليس هو الطريق الناجح للهروب من المتاعب والمآزق، بل لابد من إختيار سلوك آخر للتخلّص من المشاكل التي تظهر أمامه.
أهمية قول الصدق واجتناب الكذب في الإسلام
تعتبر ظاهرة الكذب من أهم الأمور التي حذّرت منها جميع الديانات السماوية فقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ((إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البر والفاجر))(2).
فمن يريد أن يلعب دور المربي ويدرب إبنه على قول الصدق وإجتناب الكذب يجب عليه أولاً أن يكون هو نفسه صادقاً في كلامه ثم يقوم بتعليم ولده على قول الصدق وإن أراد أن يعلم إبنه قبح الكذب فعليه أولاً أن يذكر له الاضرار التي تترتب على قول الكذب، وما ينجم عن ذلك من آثار سلبية، ويبين له أنّ الكذب يعد خيانة للشخص الذي نكذب عليه، فمن كذب على أخيه المؤمن فقد خانه، وهو مفتاح جميع الخبائث.
ثم يتلو عليه بعض الآيات من الذكر الحكيم التي حذرت من قول الزور والكذب مثل قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] وليذكر له بعض الأحاديث المروية عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) كقول الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ((جعلت الخبائث في بيت، وجعل مفتاحه الكذب))(3).
أنواع الكذب عند الأطفال
تختلف أنواع الكذب ودرجاته عند الاطفال، فهناك من الأطفال من يخفي شيئاً من الحقيقة، أي لا يخبر والديه بالقصة الكاملة التي حصلت أو الأمر الواقعي الذي حدث، وهناك نوع آخر من الأطفال، وهو الذي يضيف جزءاً على الحقيقة، كأن يخبر زملاءه في المدرسة أن والده اشترى له ألعاباً كثيرة ومتنوعة؛ في حين أن الأب لم يشترِ إلا لعبة أو لعبتين، كما أن الإبن من الممكن أن يخفي جزءاً من الحقيقة أو أن يخفيها بشكل كامل.
قبح الكذب عند الأطفال
إن الله تعالى خلق الإنسان على فطرة التوحيد، خلقه طاهراً من جميع الأرجاس والأدناس، بعيداً عن الكذب والغش والتزوير و... ولكن حينما يكبر شيئاً فشيئا نجده سوف يتجه إتجاهاً معاكساً لفطرته السليمة التي خلق عليها فيبدأ بممارسة أنواع الخبائث والمعاصي ويتلوث بمختلف الذنوب ومنها الكذب.
أسباب ممارسة الكذب عند الأطفال
إن ممارسة سلوك الكذب والإفتراء عند الأطفال له أسباب ودوافع مختلفة، ولابد للآباء والمربين الذين يحاولون تصحيح سلوك الأبناء وتوجيهها، أن يعرفوا السبب الذي دعا الطفل الى أن يمارس هذا السلوك السيء، ثمّ يقومون بمعالجته، وقد ذكر الخبراء أسباب متعددة لكذب الأبناء، نشير إلى بعضها:
1. سلوك الوالدين
قد يكون السبب في ممارسة الكذب عند الطفل هو سلوك الوالدين وأفراد الأسرة المتصف بالكذب والبعيد عن الواقع والحقيقة وقد أشارت روايات أهل البيت (عليهم السلام) إلى هذا السبب فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله: ((كُلُ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ))(4).
فإن الطفل الذي يشاهد أفراد الأسرة يمارسون الكذب فيما بينهم، سوف يتعلم منهم ذلك السلوك من دون حياء وخجل، وقد تقدم حديث الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في ما يرتبط بهذا الشأن حيث قال: ((إِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَيَشْتَغِلَ لُبُّك))(5).
2. عدم وعي الطفل لقبح الكذب
وقد تكون ممارسة الولد للكذب لأجل عدم فهمه وإستيعابه قبح الكذب، وذلك بسبب صغره، فإن الطفل حتى سن الخامسة من عمره لا يستطيع أن يميز بين الصدق والكذب وإن حدث أنه يكذب في حديثه فهو غير مقصود، فلا ينبغي أن نصفه بالكذب ونلقبه بالكاذب وذلك لعدم تمييزه بين الواقع وغير الواقع، فإنّ الطفل قد يتكلم بكلام غير واقعي بدافع ومبرر غير شرعي كإرضاء الوالدين حيث يزعم أن كل ما يرضيهما فهو أمر مستحسن وأن ما يغضبهم فهو أمر غير مقبول وإن كان كذبا غير واقعي.
3. تجنب العقاب
يعتبر الخوف من العقاب من أهم أسباب الكذب عند الأطفال فإن الكثير من الأولاد يميل إلى الكذب تجنّباً للعقاب، لاسيما إذا كان العقاب أو جزاء الفعل قاسياً مثل الضرب والحرمان أو السخرية وغير ذلك من العقوبة التي لا يتحملها الطفل، خصوصاً إذا كانت أمام الآخرين كالأصدقاء والأقران مما يؤدي إلى جرح كرامته أمامهم، وفي هذه الحالة يجب إعطاء الطفل فرصةً حتى يكون أكثر إستعداداً للإجابة، يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ((إذا عاتَبتَ الحَدَثَ فَاترُك لَهُ مَوضِعا مِن ذَنْبِهِ لِئَلَّا يَحْمِلَهُ الإِحْرَاجُ عَلَى المُكابَرَةِ))(6) فيجب أن يكون العقاب المفروض يناسب الخطأ الذي إرتكبه الولد وأن لا يكون هناك إسراف في معاقبته.
4. إثارة الإعجاب
يعاني بعض الأطفال من انعدام الأمن أو نقص في الشخصية فيدفعهم ذلك إلى إستخدام الكذب وربّما يبالغ فيه أيضاً، كقول الطفل مثلاً أنه نال أعلى درجة في الفصل في مادةٍ صعبة على الرغم من أنه لم ينلها محاولةً منه مجاراة أقرانه، وفي هذه الحالة يجب على الأهل أن يشجعوه ويحترموه، وهكذا يجب عليهم أن يكثروا الإعتناء به ويظهروا له الحب والود وأن ينصتوا له عندما يتكلم ولكن في نفس الوقت يحذروه من العواقب السيئة للكذب وأنه من الممكن أن يتواصل مع الآخرين من دون الحاجة للكذب وتشجيعه والثناء على الجهد الذي بذله لفعل شيء معين بغض النظر عن النتيجة النهائية لذلك العمل.
إن تشجيع الطفل على الجهد الذي بذله من جهة، وتحذيره من العواقب السيئة للكذب من جهة أخرى، يساعد الآباء على تخفيف ظاهرة الكذب عندهم.
5. عدم تلبية حاجات الأبناء
قد يلجأ الطفل الى الكذب بسبب عدم تلبية حاجاته النفسية والجسمية و... ومن أهم تلك الحاجات هي حاجته إلى اللعب لاسيما في الأماكن المخصصة لذلك كمدينة الألعاب والمتنزهات فإنّ الأطفال بأمس الحاجة إلى الحضور والتواجد في هذه الأماكن، وربّما لا يسكن ولعهم للمرة الواحدة والمرتين، ولذلك قد ينكر الطفل حضوره سابقاً في ذلك المتنزه ويقول لهما أنني لم أذهب حتى الحين إلى ذلك المكان الجميل ثم يريد منهم أن يذهبوا به ولم يكن هذا الإنكار إلا لأنه لم يرتو عطشه في المرة السابقة، فلا بد للآباء من تلبية حاجات الطفل النفسية والجسدية والاجتماعية؛ حتى لا يلجأ إلى الكذب لإشباعها، مع المرونة والتسامح لأسلوب الأطفال وبناء علاقة ودية معهم.
______________________________
(1) أمالي الصدوق: ص 419.
(2) الكافي: ج 2 ص 104.
(3) نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: ص 145.
(4) إعتقادات الإمامية للصدوق: ص 36.
(5) نهج البلاغة: ص393.
(6) شرح نهج البلاغة ابن ابي الحديد: ج 20 ص 333.
الاكثر قراءة في مشاكل و حلول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة
الآخبار الصحية

قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاباً يوثق تاريخ السدانة في العتبة العباسية المقدسة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)