أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-5-2017
2581
التاريخ: 25-3-2022
2080
التاريخ: 2023-03-16
931
التاريخ: 16-5-2017
3169
|
يعد القبض من الإجراءات الخطيرة في التحقيق الابتدائي ، فهو يضفي على الشخص قرينة الاتهام ويلقي عليه ظلال الإدانة ، ولم يكن القبض معروفة في ظل النظام الاتهامي بل كان المتهم يبقى حرا طليقا حتى يواجهه خصمه بالدليل الذي يدينه ، وعندما حل نظام التحري والتنقيب في القرن الخامس عشر أصبح القبض هو الأساس ، ولهذا كان لابد من وجود ضوابط بين كيفية اللجوء إليه ، وعليه فإن للمتهم جملة من الضمانات التي أقرها القانون أثناء تنفيذ أمر القبض (1) ، لذا سأبين هذه الضمانات من خلال تحديد مفهوم القبض والجهة المختصة في إصداره ، وحالات إصداره ثم أوضح كيفية تنفيذه وكما يأتي :
اولا - تعريف القبض والجهة المختصة بإصداره
1 - تعريف القبض
أورد الفقه والقضاء تعاريف عديدة في معنى القبض ، فقد عرفه الفقه بأنه (الإمساك بالمتهم من قبل المكلف بألقاء القبض عليه ووضعه تحت تصرفه لفترة قصيرة من الزمن تمهيدا لإحضاره أمام سلطة التحقيق لاستجوابه والتصرف بشأنه )(2)، أما على صعيد القضاء فقد عرفته محكمة النقض المصرية بأنه (مجموعة احتياطات وقتية صرف للتحقق من شخصية المتهم وإجراء التحقيق الأولي وهي احتياطات متعلقة بحجز المتهمين ووضعهم في أي محل كان تحت تصرف البوليس لمدة بضعة ساعات كافية لجمع الإستلالات التي يمكن أن يستنتج منها لزوم توقيع الحبس الاحتياطي وصحته قانونا ) (3) ، وأرى هذا التعريف منتقد لسببين :
أولهما : إنه اعتبر القبض من إجراءات الاستدلال ، بينما يكون القبض دائما من إجراءات التحقيق الابتدائي أو القضائي ، لأنه إجراء خطير يتضمن المساس بالحرية الشخصية ، ومناط إصداره حصرة بالقضاء الذي منحه القانون هذ الحق .
ثانيهما : يتعلق بمحل الاحتجاز ، إذ أشار التعريف الى أي محل كان يحتجز المتهم فيه ويوضع تحت تصرف الشرطة ، وهذا مخالف لنص دستوري صريح والذي لا يجيز الحجز في غير الأماكن المخصصة قانونا (4).
ويعرف القبض أيضأ بأنه ( الأمر الصادر لأحد المحضرين أو لأحد رجال السلطة العامة بالقبض على المتهم وإحضاره جبرا إذا اقتضى الحال أمام الأمر به وتجوز عند الضرورة تنفيذه بالقوة أو العنف وبذلك يختلف القبض عن التكليف بالحضور بانه يجيز استخدام القوة وإجبار المتهم على تنفيذه إذا امتنع عن تنفيذه طوعا ) (5)
2 - الجهة المختصة بإصدار أمر القبض
أول ضمانة للمتهم تجاه إجراء القبض ، أن يعهد تقريره الى جهة قضائية مختصة ، فعندما تتولى المحكمة إصدار أمر القبض يكون القرار الصادر عنها في هذا الشأن أقرب للعدالة نظرا لما يتمتع به القضاة من كفاءة وخبرة وحسن تقديره
وكفلت أغلب الدساتير هذا الحق ومنها الدساتير موضوع المقارنة (6)، إذ أشار الدستور الفرنسي لعام 1958 إلى هذا الحق في المادة (7) من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الملحق بالدستور ، وضمن الدستور المصري لعام 1971 هذا الحق إذ نصت المادة (41) الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لامس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد... إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من وسارت التشريعات الجنائية الإجرائية على ذات النهج في إقرار هذا الحق ، فقد أشار إليه قانون الإجراءات الجنائية المصري في المادة (126) ، وأقر المشرع الجنائي اليمني في المادة (172) من قانون الإجراءات الجنائية بهذا الحق ، وضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية
العراقي هذا الحق في المادة (92) ، تجدر الإشارة إلى أن بعض القوانين الجنائية الإجرائية في حالات محددة أجازت القبض على المتهم من قبل الأفراد أو من قبل أعضاء الضبط القضائي ولو بغير أمر صادر من السلطات المختصة ، ولكن يبقى هذا الأمر استثناء والأصل هو صدوره من جهة قضائية مختصة (7) .
وحرصت المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان على النص والتأكيد على قانونية إصدار أمر القبض ، فقد جاء في المادة (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 ( لكل شخص الحق .... في الحرية والأمن الشخصي ) ، كما جاء في المادة (9) ( لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا .... ) ، وأكدت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950 على هذا الحق في المادة (5) منها ، وحرص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية العام 1966 على ض مان هذا الحق ، إذ نصت المادة (9) ( لكل فرد الحق بالحرية والأمن لشخصه .... ولا يمكن حرمان أحد من حريته إلا لأسباب وطبقا لإجراء يحدده القانون ) ، وسارت على ذات النهج الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969 إذ منعت المادة (7) حرمان أي شخص من حريته إلا للأسباب المحددة سلفا في الدساتير وحددت أيضا الإجراءات الواجب إتباعها عند القيام بأمر القبض .
ولم تشذ المحاكم الدولية الجنائية عن هذه القاعدة ، فقد أناط النظام الأساسي لمحكمتي يوغسلافيا ورواندا مهمة إصدار أمر القبض بحق المتهمين بالمحكمة ، فلا يحق للمدعي العام إصدار أو إلغاء أمر القبض على المتهمين بل هي مهمة القاضي في دائرة المحكمة (8).
وأولى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عناية واضحة ومميزة لهذا الإجراء ، فلم يجز إصدار أمر القبض إلا من قبل الدائرة التمهيدية بعد الشروع في التحقيق وبناء على طلب مقدم من قبل المدعي العام ، والذي يتضمن أسبابة معقولة وضرورية (9) .
أما المحكمة الجنائية العراقية العليا ، فيلحظ بأن قانون المحكمة رقم (10) لسنة 2005 قد أناط مهمة إصدار أمر القبض يقاضي التحقيق (10)، كذلك أشارت قواعد الإجراءات وجمع الأدلة الى أن أمر إلقاء القبض يجب أن يوقع من قاضي التحقيق وأن يحمل ختم المحكمة الجنائية العراقية العليا ويرفق به ما نسب للمتهم من فعل جرمي والمادة القانونية أو لائحة الاتهام وبيان حقوق المتهم (11) ويستنتج من ذلك إن أمر القبض يجب أن يصدر من جهة قضائية لما يوفره ذلك من ضمانة مهمة للمتهم من عدم المساس بحريته الشخصية إلا إذا توفرت أدلة تؤثر في أصل البراءة ، وتقدير ذلك متروك للقضاء ، وان الدساتير والمواثيق الدولية والأنظمة الأساسية للمحاكم الدولية الجنائية قد أكدت على ذلك ، وسار قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا على ذلك النهج .
ثانيا - حالات إصدار أمر القبض
فيما يتعلق بحالات إصدار أمر القبض ، لا يجوز اللجوء الى هذا الإجراء إلا في أضيق الحدود وبما يكفل للمقبوض عليه ض مانات كافية تجاهه لأنه من التدابير المؤقتة التي أجيزت على خلاف الأصل .
وقد حرصت التشريعات الجنائية المقارنة على تحديد حالات إصدار أمر القبض ، فقد حدد قانون الإجراءات الجنائية المصري في المادة (130) الحالات التي يجوز فيها إصدار أمر القبض بالنص ( إذا لم يحضر المتهم بعد تكليفه بالحضور دون عذر مقبول أو إذا خيف هروبه أو إذا لم يكن له محل إقامة معروف أو إذا كانت الجريمة في حالة تلبس ، جاز لقاضي التحقيق أن يصدر أمر بالقبض على المتهم وإحضاره ولو كانت الواقعة مما لا يجوز فيها حبس المتهم احتياطية ) ، وسار على ذات النهج قانون الاجراءات الجنائية اليمني في المادة (175) ، ونص قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي النافذ في المادة (99) ( يحضر المتهم بإصدار أمر القبض إذا كانت الجريمة معاقبة عليها بالحبس مدة تزيد على سنة إلا إذا استصوب القاضي إحضاره بورقة تكليف بالحضور ، غير انه لا يجوز إصدار ورقة تكليف بالحضور إذا كانت الجريمة معاقبة عليها بالإعدام أو السجن المؤبد) ، كذلك يلجا القاضي الى إصدار أمر القبض إذا لم يحضر المتهم بعد تبليغه بورقة تكليف بالحضور دون عذر مشروع ، أو إذا خيف هروبه أو تأثيره على سير التحقيق أو لم يكن له محل سكني معين (12) أما موقف المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ، فلم يبين الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 الحالات التي يجوز فيها إصدار أمر القبض ، وكان من الأفضل بيان هذه الحالات بشيء من التفصيل لأنه إجراء خطير يسلب الحرية الشخصية ويجب أن يحاط بضمانات تكفل عدم المساس بها ، أما الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1950 فقد كانت أكثر نضوجا إذ حددت الحالات التي يمكن فيها تجريد الشخص من حقوقه الواردة في المادة الخامسة والتي من بينها الاعتقال ومن هذه الحالات بإلقاء القبض على الشخص لمخالفته أمرا صادرة من محكمة طبقا للقانون ، وكذلك إلقاء القبض على الشخص طبقا للقانون تمهيدا لتقديمه الى السلطة الشرعية ، أو بناء على اشتباه معقول في ارتكابه الجريمة ، أو حجز الأشخاص لمنع انتشار مرض معد ،أو إلقاء القبض على الشخص لمنع دخوله غير المشروع الى أراضي الدولة ، ولم يشر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 لهذا الأمر . وحرص التنظيم القانوني للمحاكم الدولية الجنائية على تحديد الحالات التي يجوز فيها القبض على المتهم ، فقد عالجت القواعد الإجرائية لمحكمتي يوغسلافيا ورواندا الحالات التي تبرر إصدار أمر القبض ، وتتمثل هذه الحالات بوجود ضرورة ملحة تستدعيها القضية التي يجري التحقيق فيها وفي هذه الحالة يطلب المدعي العام من الدولة التي يوجد فيها المتهم إلقاء – القبض عليه مؤقتا ، أو للحفاظ على الأدلة المادية ، أو أن القبض على المتهم يعد ضروريا لمنعه من الهرب أو إلحاقه الأذى بالضحايا والشهود ، أو طمس أدلة الإثبات أو أي حالة أخرى تر بسير التحقيق (13) و لا يختلف الأمر كثيرا في نظام المحكمة الجنائية الدولية ، إذ تصدر الدائرة التمهيدية في أي وقت بعد الشروع في التحقيق بناء على طلب المدعي العام أمرأ بالقبض على المتهم ، إذا اقتنعت بوجود أسباب معقولة تدعو للاعتقاد بأن المتهم قد ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة ، أو لمنعه من الاستمرار في ارتكاب تلك الجريمة ، أو أية جريمة أخرى ذات صلة بها تدخل في اختصاص المحكمة وتنشأ عن الظروف ذاتها ، أو أن القبض على المتهم يعد ضروريا الضمان حضوره أمام المحكمة أو لضمان عدم قيامه بعرقلة التحقيق أو المحاكمة أو تعريضها للخطر (14).
أما التنظيم القانوني للمحكمة الجنائية العراقية العليا ، فيلحظ بأن قواعد الإجراءات وجمع الأدلة قد أجازت في القاعدة ( 24/ أولا / ج) ( لقاضي التحقيق أن يأمر أي جهة حكومية ذات علاقة على تنفيذ الأمر بما يلي إن رأى ذلك مناسبا ج- اتخاذ التدابير المناسبة للحيلولة دون هروب المشتبه به أو المتهم أو دون إيذاء أو ترهيب الضحية أو الشاهد أو دون طمس أو ضياع الأدلة ، ويجب على قاضي التحقيق أن يشير في هذا الأمر التحريري الى الأسس التي استند إليها ، وأن يذكر فيه التهمه الأولية مع موجز بمقوماتها التي تم الاعتماد عليها ... ).
ثالثا - تنفيذ أمر القبض والطعن به
أ- تنفيذ أمر القبض
إن مسألة تنفيذ أمر القبض تحتل جانبا كبيرا من الأهمية في المحاكم الدولية الجنائية ، ففيما يتعلق بمحكمتي يوغسلافيا ورواندا ، نلحظ أن المدعي العام لا يملك أية من سلطات التحقيق المتاحة عادة للسلطات الوطنية في التحقيقات الجنائية كالقبض على المتهمين لذلك فعلى المدعي العام أن يعول على تعاون الدول وحسن نية السلطات الوطنية في تنفيذ أمر القبض (15)، فضلا عن أن قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بأنشاء كل من المحكمتين يتضمن عبارات تأكيدية التعاون الدول (16)، وفيما يخص محكمة يوغسلافيا ، فإن هذه الالتزامات أكثر ما تطبق على الدول والكيانات المؤلفة ليوغس لافيا السابقة ، ففي حالة عدم التزام الدول الأوامر المحكمة ومنها تنفيذ أمر القبض ، يتولى رئيس المحكمة إبلاغ مجلس الأمن الدولي بذلك (17) وسارت المحكمة الجنائية الدولية على ذات النهج فقد نصت المادة (86) من النظام الأساسي للمحكمة ( تتعاون الدول الأطراف ، وفقا لأحكام هذا النظام الأساسي تعاون مع المحكمة فيما تجريه في إطار اختصاص المحكمة من تحقيقات في الجرائم والمقاضاة عليها ) ، لذلك كان النص على مبدأ التكامل القضائي بين المحكمة الجنائية الدولية وبين القضاء الجنائي الوطني للدول الأطراف أكثر صراحة ووضوحا من حالات التكامل الأخرى ، كالتكامل القانوني والتكامل التنفيذي (18).
ووفقا للإجراءات الدولية الاتهامية التي اشتهرت بها المحاكم الدولية الجنائية والتي تتميز بعلنية إجراءاتها ، يتولى المدعي العام الإعلان عن قرار الاتهام بعد التصديق عليه من المحكمة (19).
وأعتقد إن هذه الإجراءات توفر ضمانة للمتهم ، إذ إن الإعلان عن أمر القبض يوفر للمتهم فرصة كافية لإعداد دفاعه ، وفي الحقيقة إن هذا الأمر يستخدم لأغراض سياسية باعتباره العصى لمن عصى سياسة الدول الكبرى لاسيما سياسة الولايات المتحدة الأمريكية (20).
أما المحكمة الجنائية العراقية العليا ، فقد أناطت ق واعد الإجراءات وجمع الأدلة الملحقة بقانون المحكمة مهمة تنفيذ أمر القبض بالجهات الحكومية ذات العلاقة بعد تلقيها أمرأ من قاضي التحقيق في المحكمة فقد نصت القاعدة (24/ أولا) ( يجوز لقاضي التحقيق أن يأمر أي جهة حكومية ذات علاقة على تنفيذ الأمر بما يلي إن رأى ذلك مناسبا : أ- القبض على المتهم 000)، وأشارت القاعدة (35/ثانيا ) بأن يتم تبليغ الجهات الحكومية ذات العلاقة بأمر القبض بواسطة مدير الدائرة الإدارية ، وألزمت القاعدة (36) أولا) السلطة المختصة التي حولت لها مذكرة القبض عندما تكون غير قادرة على التنفيذ بتقديم تقرير الى مدير الدائرة الإدارية بين فيه أسباب عدم التنفيذ ، وأرى أن الإجراءات التي تمت وقبض فيها على المتهم صدام من قبل القوات الأمريكية لو أنها حصلت في ظل قانون المحكمة النافذ لكانت باطلة (21)
ب- الطعن في أمر القبض
تفاوتت الأنظمة الأساسية للمحاكم الدولية الجنائية في موقفها تجاه الطعن في أمر القبض فقد تضمنت القواعد الإجرائية للمحكمة الجنائية الدولية في القاعدة (3/117 ) ضمانة حق الطعن في مدى سلامة إصدار أمر القبض ،إذ يقدم هذا الطعن إلى الدائرة التمهيدية التي عليها إشعار المدعي العام به ، كي تتلقى بعد ذلك رأيه فيما ورد من صحة في أسباب الطعن ، ومن ثم تقوم الدائرة المذكورة بإصدار قرار بخصوص هذا الطعن من دون تأخيره أما محكمتا يوغسلافيا ورواندا فإنهما اتخذتا موقفا سلبية من مسألة الطعن في أمر القبض فقد ص مت النظام الأساسي والقواعد الإجرائية للمحكمتين ولم يبين هذا الأمر ، ومن الناحية العملية رفضت دوائر محكمة يوغسلافيا الطلبات المتعلقة بالطعن في أساليب تنفيذ الاعتقال التي تقوم بها ( قوة تثبيت الاستقرار في البوسنة والهرسك ) والتي تقدم بها المتهمون ، أما فيما يتعلق بتنفيذ أمر القبض في محكمة رواندا فلم تسجل أية نتائج سلبية لحد الآن (22).
أما المحكمة الجنائية العراقية العليا ، فلن قواعد الإجراءات وجمع الأدلة أجازت في القاعدة (68/ أ) الطعن تمييز" بقرار قاضي التحقيق - ومنها قراره بإصدار أمر القبض - أمام الهيأة التمييزية خلال مدة (15) يوما تبدأ من تاريخ التبليغ به أو اعتباره مبلغا ، مع ملاحظة إن مقدمة القاعدة (68) قد أوجبت أن تكون الإجراءات التمييزية ومدد الطعن التمييزي وفقا لقانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005 وقانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971 وبالرجوع الى هذين القانونين أجد أن قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا في المادة (25) أجاز للهيأة التمييزية نقض قرار قاضي التحقيق إذا صدر مخالفة للقانون أوشابه الخطأ في تفسيره ، أو الخطأ في الإجراءات ، أو حصول خطأ جوهري في الوقائع يؤدي الى الإخلال بالعدالة ، أما قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي فقد أجاز أيضأ للمتهم الطعن تمييزا لدى محكمة الجنايات بصفتها التمييزية بقرار قاضي التحقيق (23).
يستنتج من ذلك أن قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا قد انتهج نهج النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في إجازة الطعن تميزه بقرار قاضي التحقيق الصادر بالقبض على المتهم ونقضه في حالة مخالفته للقانون وفي ذلك ضمانة للمتهم من إساءة استخدام هذا الإجراء ، إذ إن بطلان القبض لعدم مشروعيته ينبني عليه عدم التعويل في الإدانة على أي دليل يكون مترتبة عليه أو مستمدة منه ، وتقرير الصلة بين القبض الباطل وبين الدليل الذي تستند إليه سلطة الاتهام أيا كان نوعه يعد من المسائل التي تفصل فيها محكمة الموضوع (24) ، وبذلك يكون قانون المحكمة قد تفوق على النظام الأساسي لكل من محكمتي يوغسلافيا ورواندا حيث لم ينص الأخير على الطعن بالقرار الصادر بالقبض ضد المتهم إذا كان مخالفة للقانون .
_______________
1- ينظر: الأستاذ عبد الأمير العكيلي ، أصول الإجراءات الجنائية في قانون أصول المحاكمات الجزائية ، ج 1، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1975 ، ص 355 .
2- ينظر: عبد الأمير العكيلي و د. سليم حرية ، أصول المحاكمات الجزائية ، ج 1، مصدر سابق ، ص 142 ، ومن التعريفات التي أوردها بعض الباحثين بأنه ( إجراء من إجراءات التحقيق ، يرمي الى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتقييد حرية المقبوض عليه ووضعه تحت تصرف الجهة المخولة بألقاء القبض عليه لمدة زمنية مؤقتة بهدف منعه م ن الفرار تمهيدا لاستجوابه من قبل السلطة المختصة ) ، ينظر: ناصر کريمش ، عقوبة الإعدام في التشريع العراقي ، رسالة ماجستير ، جامعة بابل ، كلية القانون ،2003، ص 77 .
3- ينظر: عبد الرحمن محمد سلطان ، سلطة التحقيق ومسؤوليتها الجزائية عن الجرائم المرتكبة ضد المتهم أثناء مرحلة التحقيق ، رسالة ماجستير ، جامعة بغداد ، كلية القانون ،2002، ص 135 .
4- ينظر بدأ مأمون سلامة ، شرح قانون الإجراءات الجنائية المصري ، مطبعة دار الشعب ، القاهرة ، 1973 ، ص 353 ، المادة (42) من الدستور المصري لعام 1971 .
5- وليس من الضروري أن يتم مسك المراد القبض عليه أو ملامسته ، فقد يكون هنالك قبض بكلمات مجردة ، بأن يقول المكلف بأمر القبض للمتهم ( أنا أعتقلك ) بدون ملامسة شريطة أن يذعن المتهم ويذهب مع المكلف بألقاء القبض واذا لم يرافقه فعندئذ يؤخذ بالقوة و ينظر : جارلس ديك بروسر ، البوليس والقانون ، ترجمة عبد العزيز السهيل ، مطبعة اسعد ، بغداد ، 1985 ، ص 13
6- ينظر: المادة ( 2/13) من الدستور الايطالي لعام 1947 ، التعديل الرابع من الدستور الأمريكي 1787، المادة (31) من الدستور السويسري لعام 1999 ، المادة (37) من الدستور الصيني لعام 1982 0 القاضي المختص أو النيابة العامة ،ووفقا للقانون 000)، وسار الدستور اليمني لعام 1994على ذات النهج وجاء بنص مشابه في المادة (48/ب) منه ، وكفل الدستور العراقي لعام 2005 هذا الحق إذ نصت المادة (15) ( لكل فرد الحق في 000الأمن 000، ولا يجوز الحرمان من هذا الحقوق أو تقييدها إلا ووفقا للقانون وبناء على قرار صادر عن جهة قضائية مختصة ).
7- ينظر : المادتان (102) ، (103) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي
8- ينظر: المادتان ( 4/18 )، (19) من النظام الأساسي لمحكمة يوغسلافيا ، المادتان( 4/17 ) (18) النظام الأساسي لمحكمة رواندا .
9- تنص المادة (1/55/د) ( لا يجوز إخضاع الشخص للقبض ... إلا وفقا للإجراءات المنصوص عليها في النظام الأساسي ) ، وتنص المادة ( 1/58 )تصدر الدائرة التمهيدية في أي وقت الشروع في التحقيق وبناء على طلب المدعي العام أمر القبض على الشخص إذا اقتنعت بما يأتي بعد فحص الأدلة أو المعلومات الأخرى المقدمة من المدعي العام : أ- وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الشخص قد ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة بان القبض على الشخص يبدو ضروريا: 1- لضمان حضوره أمام المحكمة أو 2- لضمان عدم قيامه بعرقلة التحقيق أو إجراءات المحاكمة أو تعريضها للخطر أو 3-حيثما كان ذلك منطبقا لمنع الشخص من الاستمرار في ارتكاب تلك الجريمة أو لمنع ارتكاب جريمة ذات صلة تدخل في اختصاص المحكمة وتنشأ عن الظروف ذاتها ) .
10- ينظر: المادة (20 أولا) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا .
11- ينظر: القاعدتان (24) ، (35) من قواعد الإجراءات وجمع الأدلة في المحكمة الجنائية العراقية العليا .
12- ينظر : المادة (97) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي .
13- ينظر: القاعدة (40) من قواعد محكمة يوغسلافيا ، القاعدة (40) من قواعد محكمة رواندا .
14- ينظر : المادة (58/ 1/أ ، ب ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
15- ينظر: د علي عبد القادر القهوجي ، القانون الدولي الجنائي ، ط1 ، منشورات ، بيروت ، 2001 ، ص 276
16- ينظر: قرار مجلس الأمن الدولي رقم (827) عام 1993 المتضمن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في يوغسلافيا ، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (955) عام 1994 الخاص بأنشاء المحكمة الجنائية الدولية في رواندا .
17- ينظر: القاعدة (7) من قواعد محكمة يوغسلافيا ، القاعدة (7) قواعد محكمة رواندا .
18- ينظر: بهاء الدين عطية ، مبدأ التكامل في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، أطروحة دكتوراه ، جامعة الموصل ، كلية القانون ، 2005، ص 104
19- ينظر :القاعدة (60) من قواعد محكمة يوغسلافيا ، القاعدة (60) من قواعد محكمة رواندا
20- فتحت مذكرة القبض للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني البشير الباب للحقوقيين وخبراء القانون الدولي والسياسيين للكتابة والمناظرة ، وما جعل القضية تكتسب طابعا أكثر عالمية اعتقال قوات الأمن الصربية ( رادوفان كرادتش ) مقابل موقف أوروبي من طلب صربيا الالتحاق بالاتحاد الأوروبي ، الأمر الذي همش السبب الأساسي لملاحقة زعيم صرب البوسنة وتسليمه الى المحكمة بعد (13) سنة من ملاحقته ، وكان العالم السياسي حريصا دوما على تأكيد تفوقه على العالم القضائي ، يأتي الرئيس الفرنسي ساركوزي ليؤكد يوم الجمعة 2008/7/25 على ذلك عندما دعا الرئيس السوداني للقيام بالجهود الضرورية وإعطاء الإشارات المطلوبة كي يفهم المجتمع الدولي انه أدرك الرسالة التي وجهها له المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ، معتبرا مذكرة القبض بحق البشير رسالة سياسية قوية ، وقبل ذلك كان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ( شون ماكورماك) قد انتزع من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أسبقية تعريف العالم بمذكرته ، فإلى متى ستبقى هذه السلطة التنفيذية الوطنية والدولية تتدخل باستقلال القضاء ، ولماذا مازالت الكتلة البشرية الأكبر اليوم ( الصين والهند وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية 000) ترفض التصديق على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية إذن يجب على العالم السياسي أن يثبت احتراما للقضاء بأدلة ملموسة وليس بمجرد كلمات.
ينظر : هيثم مناع ، المحاكم الجنائية الدولية بين السياسة والعدالة ،بحث منشور على الأنترنت و Owww.annida.org
21- قال الجنرال شانشز ( قائد قوات الاحتلال في العراق ) في مؤتمر صحفي عقده يوم الأحد 2003/12/14 مع السفير بول بريمر وعدنان الباجة جي رئيس مجلس الحكم الانتقالي بالنيابة ( ليلة أمس حوالي الساعة الثامنة مساء استطاعت قوات الفرقة الرابعة بقيادة الميجر ( رايموند اودیرنو ) وقوات خاصة قامتا بعملية ( الفجر الأحمر) إلقاء القبض على صدام حسين في مزرعة بالقرب من قضاء الدور في محافظة صلاح الدين وقد وجد مختبأ في سرداب تحت الأرض ، وظهر صدام بائسا وحيدا وذو لحية كثيفة وطويلة وتم فحصه من قبل طبيب الجيش الأمريكي اخبر منشور على موقع الأنترنت www.CNN .net .
22- ينظر: بهاء الدين عطية ، ضمانات المتهم في اجراءات ما قبل المحاكمة في القضاء الدولي ، رسالة ماجستير ، جامعة بابل ، كلية القانون ، 2000، ص 47
23- ينظر: المادتان (249) ، ( 265 ) من قانون أصول الحاكمات الجزائية العراقي .
24- ينظر: معوض عبد التواب ، الحبس الاحتياطي علما وعم ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1987 ، ص 77 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|