المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

إقامة الصلاة وايتاء الزكاة من علامات المؤمن
2023-11-09
أقارب (وسرحات) من النساء.
2024-07-22
النقد السياسي
24-03-2015
مرض التهاب الجهاز التنفسي المزمن في الدواجن
14-9-2017
مصادر الضغوط النفسية
31-8-2020
قانون حفظ الطاقة – الكتلة Mass – Energy Conservation Law
2023-11-14


الامام منصوب من قبل الله تعالى  
  
1413   08:39 صباحاً   التاريخ: 4-08-2015
المؤلف : الشيخ وحيد الخراساني
الكتاب أو المصدر : مقدمة في أصول الدين
الجزء والصفحة : ص139-153
القسم : العقائد الاسلامية / الامامة / الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها /

لا خلاف بين الخاصة والعامة في ضرورة وجود الخليفة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما الخلاف في أنه منصوب من قبل الله تعالى أو باختيار من الناس.

قال العامة إنه لا حاجة إلى النصب، بل يتعين باختيار الأمة، وقال الخاصة بضرورة النصب والتعيين من الله تبارك وتعالى بواسطة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

والحكم في هذا الاختلاف هو العقل والكتاب والسنة.

حكومة العقل ونكتفي منها بثلاثة وجوه:

الوجه الأول:

لو أن شخصا مخترعا أسس مصنعا ينتج أغلى الجواهر، وكان هدفه أن يستمر المصنع في إنتاجه ولا يتوقف في حضوره أو غيابه وحياته وبعد موته، وكان في المصنع أجهزة معقدة دقيقة، لا يمكن معرفتها إلا بأن يعلم المخترع أحدا على خصائصها وتشغيلها.

فهل يمكن أن نصدق أن ذلك المخترع العاقل الواعي، يعلن للناس أنه سوف يموت في هذه السنة، ثم لا يعين لإدارة المصنع شخصا عالما بأجهزته ، قادرا على تشغيلها واستخدامها للإنتاج، بل يترك اختيار المدير والمهندس لذلك المصنع إلى أناس ليس لهم معرفة بأحوال تلك الأجهزة ودقائق صنعها وظرافة تشغيلها.

فهل أن الدقة والظرافة للمعارف والسنن والأحكام الإلهية لجميع مجالات الحياة، التي هي أجهزة مصنع دين الله أقل من أجهزة ذلك المصنع؟!

وهل أن إنتاجها الذي هو أغلى جواهر الوجود وهو كمال الإنسانية بمعرفة الله تعالى وعبادته، وتعديل شهوة الإنسان إلى العفة، وغضبه إلى الشجاعة، وفكره إلى الحكمة، وإقامة المدينة الفاضلة على أسس العدل والقسط، هل ذلك أقل قدرا من إنتاج مصنع الجواهر؟!

إن الكتاب الذي بعث الله به رسوله ووصفه بأنه {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: 89] , وقال عنه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: 1] ، وقال عنه: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ } [النحل: 64] وضمنه كل ما يحل اختلاف الناس على اختلاف مراتبهم ويميز لهم الحق والباطل، يحتاج إلى مبين يستخرج منه ما هو تبيان له، ولابد أن يكون محيطا بالظلمات الفكرية والأخلاقية والعملية، وما يقابلها من النور، حتى يخرجهم من تلك الظلمات، ويهديهم إلى ذلك النور، ويبين لهم الحق والباطل فيما اختلفوا فيه؟!

ولا مناص من أن يكون عالما بالحق والباطل في كل ما اختلف فيه الناس، لكي يبين لهم الذي اختلفوا فيه، من أعمق المسائل الأصولية في المبدأ والمعاد - التي ما زالت تشغل أفكار نوابغ العلماء في حلها - إلى كل ما يبتلى به في المسائل الفرعية كتنازع المرأتين في رضيع تدعي كل واحدة منهما أنها أمه.

فهل يعقل أن نقول: إن مهمة هذا القرآن في هداية الناس وتربيتهم وحل مشاكلهم ورفع اختلافاتهم قد انتهت برحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!

فهل ترك الله ورسوله هذا الكتاب المبين لكل ما يحتاج إليه البشر، من دون أن يعين له مبينا؟!

ومن هنا، فإن تصور حقيقة القرآن الحكيم المنزل من عند العليم الحكيم على النبي الذي من الله ببعثه على المؤمنين، ليتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، يستلزم التصديق بوجود معلم إلهي، ومفسر رباني، عنده علم الكتاب الذي أنزله الله تبيانا لكل شئ.

وهل يقبل عاقل أن الله ورسوله قد أوكلا تعيين المبين لدين الله إلى الذين يجهلون علوم القرآن وأسراره، وقوانين الإسلام وأهدافه؟!

الوجه الثاني:

إن الإمامة للإنسان عبارة عن الإمامة والقيادة لعقل الإنسان، لأن موضوع بحث الإمامة من يكون إماما للإنسان، وإنسانية الإنسان بعقله وفكره (دعامة الإنسان العقل) (1).

ففي نظام خلقة الإنسان تحتاج قواه وأعضاء بدنه إلى توجيه حواسه، وتحتاج أعصاب حركته إلى أعصاب حسه.. لكن الذي يوجه الحواس ويميز صوابها وخطأها، هو عقله، وهذا العقل ذو إدراك محدود، معرض للخطأ والهوى، فهو يحتاج إلى قيادة عقل كامل محيط بالداء والدواء، وبعوامل نقص الإنسان وتكامله، مصون عن الخطأ والهوى، لكي تتحقق بإمامته هداية عقل الإنسان.

وطريق معرفة هذا العقل الكامل، إنما هي بتعريف الله تعالى.

من هنا، فإن تصور حقيقة الإمامة لا ينفك عن التصديق بضرورة نصب الإمام من الله تعالى.

الوجه الثالث:

بما أن مقام الإمامة مقام حفظ القوانين الإلهية وتفسيرها وتطبيقها، فإن نفس الدليل الذي دل على ضرورة عصمة النبي المبلغ للدين ومطبقه، يدل على ضرورة عصمة خليفته المحافظ على الكتاب والسنة والمفسر لهما ومطبقهما.

وكما أن الخطأ والهوى في المبلغ يبطل الغرض من بعثته، فكذلك الخطأ والهوى في الحافظ المفسر والمنفذ، يوجب ضلال الأمة ونقض الغرض من البعثة، وبما أن الأمة لا يمكنها أن تعرف المعصوم، فلابد أن يعرفها إياه الله تعالى ورسوله.

ب: حكومة الكتاب وللاختصار نشير إلى ثلاث آيات:

الآية الأولى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24].

كل شجرة لابد أن تعرف بمعرفة أصلها وفرعها، وجذرها وثمرها، وقد ذكر الأصل والفرع لشجرة الإمامة الطيبة في هذه الآية من القرآن الكريم.

فأصل الإمامة أعلى مراتب الكمال العقلي، وهو اليقين بآيات الله سبحانه تكوينا وتشريعا، كما هو المستفاد من عموم الجمع المضاف، وفرعها أعلى مراتب الكمال الإرادي وهو الصبر وحبس النفس عن كل مكروه وعلى كل محبوب لله سبحانه، كما هو المستفاد من إطلاق الصبر عن التقييد بمتعلق خاص، فالجملتان في الآية الشريفة تبينان علم الإمام وعصمته.

وأما ثمرة هذه الشجرة الطيبة فهي الهداية بأمر الله التي لا يتيسر إلا لمن يكون واسطة بين عالم الخلق والأمر.

وهذه الثمرة من تلك الشجرة الطيبة تحيى البشرية بالحياة الطيبة من الجهل والهوى.

فبالتدبر في الآية الكريمة يظهر مبدأ الإمامة ومنتهاها، وأن الشجرة التي أصلها اليقين بآيات الله، وفرعها الصبر على مرضاة الله، وثمرتها الهداية بأمر الله، لا يكون غارسها إلا الله، فالإمام منصوب من الله ومن هنا قال عز من قائل: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

الآية الثانية: قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] دلت الآية على أن الإمامة لأجيال الناس مقام رباني عظيم، لم يبلغه نبي الله إبراهيم (عليه السلام) إلا بعد نجاحه في ابتلائه بكلمات، منها امتحانه بإلقائه في نار نمرود، ومنها اسكان زوجته وولده في واد غير ذي زرع، ومنها اختباره باستعداده لذبح ولده إسماعيل.

فبعد أن وصل إبراهيم إلى مراتب النبوة، والرسالة، والخلة، وبعد أن ابتلى بكلمات فأتمهن، قال له الله تعالى: { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا }، وبسبب عظمة هذا المقام طلبه إبراهيم لذريته فأجابه الله تعالى: { لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }.

وعبر الله تعالى عن الإمامة ب‍ (عهد الله) الذي لا يناله إلا المعصوم، إذ لا شك أن إبراهيم لم يسأل الإمامة لجميع ذريته، فإنه لا يمكن أن يسأل خليل الله من العدل الحكيم الآمر بالعدل والإحسان الإمامة للمتلبس بالظلم والعصيان، فكان دعائه للعدول من ذريته، ولما كان طلبه عاما لمن هو عادل بالفعل وإن تلبس بالظلم في الماضي كان المقصود من الجواب عدم الاستجابة بالنسبة إلى هذا القسم من الذرية العدول، فدلت الآية الشريفة أن الإمامة المطلقة مشروطة - بحكم العقل والشرع - بالطهارة والعصمة المطلقة، فهيهات أن ينالها من عبد اللات والعزى، وأشرك بالله العظيم، وقد قال سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].

الآية الثالثة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] ، فقد عطف في الآية " أولي الأمر " على " الرسول "، ومع أن العطف في قوة التكرار لكنه اكتفى ب‍ (أطيعوا) واحدة ولم يكررها، ليبين أن إطاعتهم وإطاعة الرسول من سنخ واحد، وحقيقة واحدة، فكما أن إطاعة الرسول غير مقيدة بقيد ولا شرط في الوجوب، ولا حد في الواجب، فكذلك إطاعة أولي الأمر.

ومثل هذا الوجوب لا يكون إلا مع عصمة أولي الأمر، لأن إطاعة كل أحد مقيدة لا محالة بعدم مخالفة أمره لأمر الله تعالى، وإلا لزم الأمر بعصيان الإله، ولما كان أمر المعصوم - بمقتضى عصمته - غير مخالف لأمر الله تعالى، كان وجوب إطاعته غير مقيد بقيد.

ثم مع الاعتراف بأن الإمامة عند الجميع خلافة للنبي في تطبيق الدين وحفظ كيان الأمة، وأن الإمام واجب الطاعة على جميع الأمة (1)، ومع ملاحظة قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90] ، وقوله: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ } [الأعراف: 157] ، يتضح أن الإمام يجب أن يكون معصوما، وإلا لزم من الأمر بطاعته المطلقة الأمر بالظلم والمنكر، والنهي عن العدل والمعروف، سبحانه وتعالى.

ومن جهة أخرى، إذا لم يكن الإمام معصوما فقد يخالف أمره أمر الله ورسوله، وفي هذه الحالة يكون الأمر بإطاعة الله ورسوله والأمر بإطاعة ولي الأمر، بمقتضى اطلاق الأمر والمأمور به فيهما، أمرا بالضدين، وهو محال، فولي الأمر على الإطلاق عقلا ونقلا لا يكون إلا المعصوم على الإطلاق.

والنتيجة: أن أمر الله سبحانه بإطاعة (أولي الأمر) بلا قيد ولا شرط، دليل على عدم مخالفة أمرهم لأمر الله ورسوله، وهذا دليل على عصمتهم، وتعيين المعصوم لا يمكن إلا من قبل العالم بالسر والخفيات.

ج: حكومة السنة لا يخفى أن الاستشهاد بالروايات الواردة من طرق العامة في هذه المقدمة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) لإتمام الحجة، والجدال بالتي هي أحسن، وإلا ففي تحقق شروط الإمامة التي يحكم بها العقل والكتاب في نفسه القدسية (عليه السلام)، وانطباق الكبرى عليها قهرا، فيما تواتر من السنة على إمامته غنى وكفاية.

وما أطلقنا عليه الصحيح من روايات العامة هو الصحيح على الموازين الرجالية عندهم، وما أطلقنا عليه الصحيح من روايات الخاصة هو الواجد لشرائط الاعتبار أعم من الصحيح الاصطلاحي والموثق على الموازين الرجالية عندهم.

لا إشكال في وجوب اتباع سنة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، بمقتضى إدراك العقل لزوم اتباع المعصوم وإطاعة أمره، ومقتضى حكم القرآن بذلك {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

ونكتفي بما تواتر صدوره عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واتفق العلماء بأصنافهم من المفسر والمحدث والمؤرخ وأهل الأدب واللغة عليه، ولم تخف على شيخ وشاب، قال ابن أبي الحديد روى سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن قاسم عن عمر بن عبد الغفار أن أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة، ويجلس إليه، فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه، فقال يا أبا هريرة أنشدك الله أسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي بن أبي طالب: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: اللهم نعم. قال: فأشهد بالله لقد واليت عدوه، وعاديت وليه، ثم قام عنه (2).

وقال ابن حجر العسقلاني في شرح صحيح البخاري: وأما حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، فقد أخرجه الترمذي والنسائي، وهو كثير الطرق جدا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان... (3).

نذكر منها واحدا من الصحاح عندهم وهو ما رواه زيد بن أرقم قال:

(لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن، فقال:

كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.

ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي (رضي الله عنه) فقال: من كنت مولاه فهذا وليه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه... وذكر الحديث بطوله) (4).

ونظرا لاهتمامه (صلى الله عليه وآله وسلم) بإمامة الأمة من بعده، لم يقتصر تأكيده عليها في حجة الوداع وحدها، بل أكد عليها في مناسبات متعددة قبل حجة الوداع وبعدها، ومنها في مرض وفاته حيث كان الصحابة مجتمعين عنده فأوصاهم بالقرآن والعترة بتعابير مختلفة.

فتارة بلفظ (إني قد تركت فيكم الثقلين) (5).

وأخرى بلفظ: (إني تارك فيكم خليفتين) (6).

وثالثة بلفظ: (إني تارك فيكم الثقلين) (7).

وفي بعضها: (لن يفترقا) (8).

وفي بعضها: (لن يتفرقا) (9).

وفي بعضها: (لا تقدموهما فتهلكوا ولا تعلموهما فإنهما أعلم منكم) (10).

وفي بعضها: (إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما) (11).

ولا يمكن استيفاء النكات الدقيقة التي تضمنتها بياناته (صلى الله عليه وآله وسلم)، لذا نكتفي بالإشارة إلى بعضها:

(1): تدل جملة (إني قد تركت) على أن الكتاب والعترة تركة وميراث من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أمته، لأن نسبة النبي إلى أمته نسبة الأب إلى ولده، وذلك أن الإنسان موجود مركب من الجسم والروح، ونسبة الروح إلى الجسم نسبة المعنى إلى اللفظ، واللب إلى القشر.

والأب الجسماني واسطة لإفاضة الأعضاء والقوى الجسمانية، والأب الروحاني واسطة لإفاضة القوى والأعضاء الروحانية من العقائد الحقة، والأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة.

ولا تقاس الواسطة في إفاضة السيرة الروحانية والصورة العقلانية بالواسطة في إفاضة الصورة المادية والهيئة الجسمانية، كما لا يقاس اللب بالقشر ولا المعنى باللفظ، ولا اللؤلؤ بالصدف.

هذا الأب العظيم للأمة أخبر أمته عن رحيله، وأن ربه تعالى سيدعوه إلى جواره فيجيبه ويفارقهم (كأني قد دعيت فأجبت) وأكد عليهم أن تركتي فيكم وحصيلة عمري وثمرة وجودي، شيئان (كتاب الله، وعترتي).

فالكتاب هو رابط الأمة بربها، والعترة هي رابطة الأمة بنبيها، فانقطاع الأمة عن القرآن انقطاع عن الله تعالى، وانقطاعها عن العترة انقطاع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والانقطاع عن النبي انقطاع عن الله تعالى.

وقد كان يكفي لبيان عظمة القرآن والعترة مجرد إضافتهما إلى الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأن المضاف يأخذ قيمته من المضاف إليه، لكن مع ذلك وصفهما (صلى الله عليه وآله وسلم) ب‍ (الثقلين) ليدل على جوهرهما الغالي ووزنهما الثقيل، فنفاسة القرآن الكريم، وثقل وزنه المعنوي فوق إدراك العقول، لأن القرآن تجلي الخالق لخلقه، ويكفي لدرك عظمته التأمل في هذه الآيات: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ } [يس: 1، 2] {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1] ، {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77 - 79] ، {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21].

ثم إن وصف العترة بنفس ما وصف به القرآن يفيد أن العترة في كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) عدل للقرآن وشريك للوحي، ولا يمكن أن تكون العترة عدلا للقرآن - في كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو ميزان الحقيقة - إلا إذا كانت العترة، فيما وصف الله الكتاب بقوله: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ } [النحل: 89] شريكا لعلم القرآن، وفيما وصف الله القرآن بقوله:

{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ } [فصلت: 42] شريكا في عصمته.

(2) يدل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) " لن يتفرقا " على التلازم الدائم بين القرآن والعترة، بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر، وذلك أن القرآن الكريم كتاب أنزل لكافة أفراد البشر على اختلاف مستوياتهم وقابلياتهم، فكانت عباراته للعوام، وإشاراته للعلماء، ولطائفه للأولياء، وحقائقه للأنبياء (عليهم السلام).

إنه كتاب يستضئ بنور هدايته أدنى أفراد البشر، الذي لا هم له إلا الأمور المادية، إلى أعلى الأفراد، الذي لا يهدأ اضطراب روحه إلا بالاطمئنان بذكر الله تعالى، ولا ضالة له إلا الأسماء الحسنى والأمثال العليا، وتحمل اسم الله الأعظم.

إن هذا القرآن كالشمس، يستشفي المصاب بالبرد بحرارتها، ويحتاجها الزارع لنمو زرعه، ويبحث العالم الطبيعي في تأثير أشعتها على الأحياء والنبات والمعادن، ويبحث العالم الرباني في تأثيرها على الأرض ومواليدها، وفي السنن والقوانين التي تنظم بعدها عن الأرض وقربها، وطلوعها وغروبها، فيجد ضالته وهو الخالق المدبر للشمس.

إن مثل هذا الكتاب الذي جاء لجميع أفراد البشر، والمتكفل لكل ما تحتاج إليه الإنسانية في الدنيا والبرزخ والآخرة، لابد له من معلم عالم بكل ذلك، فإن الطب بلا طبيب، والعلم بلا معلم ناقص، وكذلك القانون - خاصة القانون الإلهي الذي به نظم أمور المعاش والمعاد - بلا مفسر مناسب له ناقص ومناف لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، وناقض للغرض من نزول هذا الكتاب ويخالف قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ } [النحل: 89]. والحكيم على الإطلاق يستحيل أن ينزل دينا ناقصا، أو ينقض غرضه من تنزيله! ولذا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (لن يتفرقا).

_______________________

(1) شرح المواقف ج 8 ص 345.

(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 ص 68، الإيضاح ص 496.

(3) فتح الباري ج 7، ص 61.

(4) المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 109.

(5) فضائل الصحابة ص 15، المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 109، مسند أحمد ج 3 ص 26، جامع المسانيد والسنن ج 19 ص 137، مجمع الزوائد ج 9 ص 163، السنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 45 و ص 130، البداية والنهاية لابن كثير ج 5 ص 228، سيرة ابن كثير ج 4 ص 416، ينابيع المودة ج 1 ص 105 و 115 و 121، ومصادر أخرى للعامة.

بصائر الدرجات ص 434 الجزء الثامن باب 17 ح 4 - كمال الدين وتمام النعمة ص 236 و 238 - لمناقب ص 154 - العمدة ص 71، الطرائف ص 114 و 116 و 122 ومصادر أخرى للخاصة.

(6) مسند أحمد ج 5 ص 182 و 189 - في مصنف ابن أبي شيبة ج 7 ص 418، (الخليفتين)، كتاب السنة للشيباني ص 629، رقم 1545، و ص 336 رقم 754، مجمع الزوائد ج 9 ص 162، الجامع الصغير ج 1 ص 402، الدر المنثور ج 2 ص 60، كنز العمال ج 1 ص 172 و 186، ينابيع المودة ج 1 ص 119 ومصادر أخرى للعامة.

كمال الدين وتمام النعمة ص 240 - العمدة ص 69 - سعد السعود ص 228 ومصادر أخرى للخاصة.

(7) فضائل الصحابة ص 22، مسند أحمد ج 3 ص 14 و 17 و ج 4 ص 371، المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 148، سنن الدارمي ج 2 ص 432 - السنن الكبرى للبيهقي ج 7 ص 30 و ج 10 ص 114 - مجمع الزوائد ج 9 ص 163 - مسند ابن الجعد ص 397 - مصنف ابن أبي شيبة ج 7 ص 176 - السنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 51 - خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) ص 93 - مسند أبي يعلى ج 2 ص 297 و 303 - صحيح ابن خزيمة ج 4 ص 63 - تفسير ابن كثير ج 4 ص 122 - المعجم الصغير ج 1 ص 131 و 135 - المعجم الأوسط ج 3 ص 374 و ج 4 ص 33 - المعجم الكبير ج 3 ص 66 و ج 5 ص 154 و 166 و 170 و 182 و... الطبقات الكبرى ج 2 ص 194 - تاريخ مدينة دمشق ج 19 ص 258 و ج 41 ص 19 و ج 54 ص 92 - سير أعلام النبلاء ج 9 ص 365. ومصادر أخرى للعامة.

بصائر الدرجات ص 432 الجزء الثامن باب 17 ح 3 و ح 5 و ح 6 - دعائم الإسلام ج 1 ص 28 - الأمالي للصدوق ص 500 المجلس الرابع والستون ح 15 - كمال الدين وتمام النعمة ص 234 و... معاني الأخبار ص 90 - كفاية الأثر ص 87 و 137 و 163 - روضة الواعظين ص 273 مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) ج 2 ص 112 و 116 و 135 و 140 و...، المسترشد ص 559، شرح الاخبار ج 1 ص 99 و ج 2 ص 479 و 481 و...، ومصادر أخرى للخاصة.

(8) البداية والنهاية ج 5 ص 228 و ج 7 ص 386، الطبقات الكبرى ج 2 ص 194، مسند أبي يعلى ج 2 ص 297، و ص 376، جواهر العقدين ص 231 و 232 و 233، مسند ابن الجعد، ص 397، خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام)، ص 93، مسند أحمد ج 3 ص 14، و ص 17 و 26 و 59 - مجمع الزوائد ج 9 ص 163 - المعجم الصغير ج 1 ص 131 و 135 - المعجم الكبير ج 3 ص 65 - نظم درر السمطين 232 - كنز العمال ج 1 ص 172 - الطبقات الكبرى ج 2 ص 194 - السيرة النبوية لابن كثير ج 4 ص 416 ومصادر أخرى للعامة.

بصائر الدرجات ص 433 و 434 الجزء الثامن باب 17 - الكافي ج 2 ص 415 - الخصال ص 65 - الأمالي للصدوق ص 616 المجلس التاسع والسبعون ح 1 - كمال الدين وتمام النعمة ص 64 و 94 و 234 و... - كفاية الأثر ص 92 الاحتجاج ج 1 ص 75 و 217 و 391 و ج 2 ص 147 و 252 - العمدة ص 68 و 71 و 83 و...، تفسير القمي ج 1 ص 172 - التبيان ج 1 ص 3 - مجمع البيان ج 1 ص 33 و ج 2 ص 356 و ج 7 ص 267 و ج 8 ص 12 ومصادر أخرى للخاصة.

(9) سنن الترمذي ج 5 ص 622، رقم 3788، كتاب السنة للشيباني ص 629، رقم 1553، و ص 630، 1554، المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 109 و 148، المعرفة والتاريخ ج 1 ص 536 و 537، وفضائل الصحابة ص 15، مسند أحمد ج 5 ص 182، مجمع الزوائد ج 1 ص 170 و ج 9 ص 163 و 165، مصنف لابن أبي شيبة ج 7 ص 418، السنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 45 و 130، المعجم الأوسط ج 3 ص 374، المعجم الكبير ج 5 ص 154 و 166 و... الجامع الصغير ج 1 ص 402، شواهد التنزيل ج 2 ص 42، الدر المنثور ج 2 ص 60، تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 220 و ج 54 ص 92 ينابيع المودة ج 1 ص 345 ومصادر أخرى للعامة.

روضة الواعظين ص 94، مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) ج 1 ص 148، المناقب ص 154، تفسير القمي ج 2 ص 447 في تفسير سورة الفتح، تفسير فرات الكوفي ص 17 ومصادر أخرى للخاصة.

(10) العبارة المذكورة والقريب منها: راجع المعجم الكبير ج 3 ص 66 و ج 5 ص 167، كنز العمال ج 1 ص 186 و 188، الدر المنثور ج 2 ص 60، ينابيع المودة ج 1 ص 74 و 109 و 112 و 116 و 121 و 133 و ج 2 ص 438، مجمع الزوائد ج 9 ص 164 - الصواعق المحرقة ص 150 و 328 ومصادر أخرى للعامة.

تفسير العياشي ج 1 ص 4 و 250 - تفسير القمي ج 1 ص 4، تفسير فرات الكوفي ص 110، الإمامة والتبصرة ص 44، الكافي ج 1 ص 209 و 287 و 294، الأمالي للصدوق ص 616 المجلس التاسع والسبعون ح 1، كفاية الأثر ص 163، مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) ج 2 ص 376، المسترشد ص 401 و 467، الارشاد ج 1 ص 180 ومصادر أخرى للخاصة.

(11) جامع الأحاديث: المستدرك على الصحيحين ج 1 ص 193 و ج 3 ص 110 ج 3 ص 430، رقم 9591، ينابيع المودة ج 1 ص 161، تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 216، كنز العمال ج 1 ص 187، وقريب منه في مسند أحمد ج 3 ص 59، سنن الترمذي ج 5 ص 328 و 329، السنن الكبرى ج 1 ص 114، منتخب مسند عبد بن حميد ص 108، المعجم الصغير ج 1 ص 135 ومصادر أخرى للعامة.

كمال الدين وتمام النعمة ص 235 و ص 237 و... كفاية الأثر ص 265، تحف العقول ص 458، مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) ج 2 ص 105 ص 113 و... و ص 141 و ص 177، شرح الأخبار ج 1 ص 105 ومصادر أخرى للخاصة.

 

 

 

 

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.