أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2018
1496
التاريخ: 7-08-2015
1099
التاريخ: 22-2-2018
1229
التاريخ: 11-4-2017
1079
|
إختلف الناس في وجوب نصب الإمام وعدمه ، والمشهور هو الوجوب ، وقول الفاضل التفتازاني إنه قام الاجماع على أن نصب الإمام واجب ، وإنما الخلاف في أنه يجب على الله تعالى أو على الخلق ، بدليل عقلي أو سمعي ، والمذهب أنه يجب على الخلق سمعا ، لقوله (صلى الله عليه وآله) " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " (1) انتهى . مبني على عدم اعتداده بقول الخوارج بعدم الوجوب ، وما جعله المذهب هو مذهب الأشاعرة ، ونقل عن أكثر المعتزلة والزيدية القول بوجوبه على الخلق عقلا ، وعن الجاحظ والكعبي وأبي الحسين من المعتزلة القول بوجوبه على الخلق عقلا وسمعا .
والإمامية الاثنا عشرية قالوا بوجوبه على الله تعالى ، والدليل عليه أن العقل يحكم بوجوب اللطف ، وهو تقريب المكلفين إلى الطاعة وتبعيدهم عن المعصية على الله تعالى ، بمرشد كامل نبيا كان أو إماما ، إذا لم يكونوا كاملين صالحين لأن يكونوا محل الوحي والإلهام ، مصونين عن الخطأ والعصيان كما هو الواقع .
وليس مرادهم من وجوب اللطف وجوب أي مرتبة من مراتب التقريب فرضت ، حتى يقال : إن من مراتبه جعل كل واحد منهم معصوما ، فيجب عموم العصمة على أصلكم ، بل الوجه أنه إذا كانت حال المكلفين ضعف المدارك عما يليق بهم فعلا وتركا ، وكانت الدواعي الباطلة مستولية على كلهم أو بعضهم ، بحيث لا ينتظم أمور المعاد والمعاش انتظاما حسنا كما هو الواقع ، يحكم العقل على قانون أهل العدل بأنه يجب بحسب الألطاف الكاملة أن يعين لهم كاملا بحسب العلم والعمل ، حتى يكون إطاعته مثمرة لانتظام أمر المعاش ، ويكون وسيلة وافية بينهم وبين الله تعالى في أمر المعاد .
ولما كان اتصاف شخص بالخصلتين الكاملتين حتى يترتب على تبعيته الغايتان النافعتان من الأمور الخفية التي لا تظهر إلا ببيان الله عز وجل ، بواسطة القرآن ، أو بواسطة النبي ، أو بواسطة من علم صدقه بأحدهما ، أو بالمعجزة ، كخفاء ما يستحق به النبوة على الناس ، فلا معنى لحوالة اختيار الإمام إلى آرائهم ، كما لا يصح حوالة اختيار النبي إليها ، والفارق بين المرتبة من اللطف التي أثبتناها ومرتبة العصمة التي ألزمتموها بزعمكم ، حكم العقل بالأولى وعدمه بالثانية .
ويدل على ذلك أيضا ملاحظة كيفية خلق الإنسان ، ورعاية حكم ومصالح في كيفية خلقه الأعضاء بتأليفات تناسب الانتفاع المطلوب منها ، بحيث يبلغ ما دون بعض أرباب علم التشريح على ما نقل خمسة آلاف ، ومن لاحظها وتأمل فيها علم علما يقينيا أن خلقة الأعضاء على ما خلقت عليه لانتفاع خاص يترتب على خلقها بالهيئة المخلوقة .
وهل ينبغي أن يجوز عاقل أن يراعي الله تعالى في خلقة الأعضاء المنافع الجلية والدقيقة والقوية والضعيفة ، لاحتياج كمال الانتفاع إلى الهيئة الخاصة ، ولا يراعي في إرشاد الإنسان إلى الأمور الضرورية في أمر المعاش والمعاد - مع غاية الاحتياج - ما يحتاجون إليه من تعيين مرشد يرشدهم إليها ، ويصير وسيلة بينهم وبين الله تعالى ، حاشاه من ذلك (2) .
ونعم ما قال الشيخ الرئيس في الشفا ، بعد ما بين احتياج الناس إلى السان : فالحاجة إلى هذا الإنسان في أن يبقى نوع الناس ويتحصل وجوده ، أشد من الحاجة إلى إنبات الشعر على الأشفار وعلى الحاجبين ، وتقعير الأخمص من القدمين ، وأشياء أخرى من المنافع التي لا ضرورة فيها في البقاء ، بل أكثرها مالها أنها تنفع في البقاء (3) انتهى .
وهو وإن قال ما قال في النبوة ، لكن لا يخفى جريانه في الإمامة أيضا إذا ختم النبوة .
_____________
(1) كنز العمال 1 : 103 . وضعف التمسك بهذه الرواية سيظهر قريبا عند بيان كون الإمامة
من الأصول " منه " .
(2) بعد ما ذكرت هذا الباب ظهر لي مقتضى ما جرى بين هشام بن الحكم وعمرو بن
عبيد ، على ما رواه الكليني ( رحمه الله ) في أوائل كتاب الحجة ، وكونه برهانا . ويؤيد كونه برهانا لا خطابة بعد ظهوره بما ذكرته ، سؤال أبي عبد الله ( عليه السلام ) عن هشام بن الحكم عما جرى بينه وبين عمرو بن عبيد ، وقول هشام بعد سؤاله ( عليه السلام ) عنه بعد ما أخبر بما جرى بينهما بقوله : يا هشام من علمك هذا ؟ قلت : شئ أخذته منك وألفته ، وقوله ( عليه السلام ) : هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى . لأن تعظيم هذا الكلام المستفاد من السؤالين ، وحكمه ( عليه السلام ) بكونه مكتوبا في الصحفين ، بل من أحدهما فقط ، لا يليق بغير برهان قاطع ، كما يعرفه العارف بأسلوب الكلام .
فإن قلت : ما وجه عدم اكتفائه ( عليه السلام ) بتصديق ما قال هشام مع كفايته للحضار ، لعلمهم بمرتبته ( عليه السلام ) وإن لم يظهر كون الكلام بتعليمه ( عليه السلام ) وتعلم الله تعالى ، كما يظهر من كونه مكتوبا في الصحفين ، مع مزيد هو كونه أبلغ في تعظيم هشام الحري به .
قلت : كونه بتعليمه ( عليه السلام ) وفي الصحفين يدل على زيادة عظم مرتبة الكلام التي تبعث
السامعين إلى زيادة الاقبال إليه والتأمل فيه ، وهذه الدلالة أهم من الدلالة على تعظيم
هشام بما ذكر ، ويمكن في خصوص كونه في الصحفين منفعة أخرى ، وهي زيادة انتفاع بعض
من سمع هذا الكلام ممن لم يقل بإمامته ( عليه السلام ) لعدم كونه متهما عند كثير من العامة أيضا .
ومع هذا اشتمل ما ظهر منه ( عليه السلام ) على تعظيمه إياه بوجوه : أحدها ضحكه ( عليه السلام ) بعد نقل هشام كلامه المنبئ عن السرور الناشئ عن حسن التكلم الذي بهت به عمرو ، ولم يقدر أن يتكلم في مقابله بشئ .
وثانيها قوله ( عليه السلام ) " من علمك هذا ؟ " لدلالته على اختصاص هشام بين كمل الأصحاب الحاضرين في المجلس بتعليم هذا البرهان .
وثالثها قوله ( عليه السلام ) " هذا والله مكتوب " الخ لدلالته على حسن أخذه وجودة استعماله في موضعه .
والتعظيم بهذه الأمور أحسن من الاكتفاء بالتصديق ، لأنه وإن كان متعلق التصديق حينئذ
حقا ، لكن ربما يتوهم منه الحاضرون أمرا غير واقع " منه " .
(3) الشفاء ص 441 - 442 ، الإلهيات ط القاهرة سنة 1380 ه ق .
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|