أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2020
2144
التاريخ: 2024-02-19
836
التاريخ: 13-12-2016
2221
التاريخ: 2024-11-19
129
|
أنتم تعلمون بأن الإنسان مخلوق محتاج، فهو يحتاج إلى الغذاء ليسدّ به جوعه ويقوّي عوده. كما أنه يحتاج إلى الماء ليطفئ به ظمأه ويحتاج إلى السكن والمأوى لكي يستريح فيه لحظة ويهجع وينام فيه لبعض الوقت. ويحتاج الإنسان أيضاً إلى الملبس ليغطي به جسده ويقيه الحر والبرد. والإنسان يحتاج إلى الهواء الذي يستنشقه في كل لحظة وتبرز لدى الإنسان في كل لحظة مئات المتطلبات والاحتياجات الأكثر أهمية... والإنسان عليه أن يعمل ويسعى ويجد لتلبيتها وتأمين معيشته وعليه أن يزرع بذرة العمل لتنمو في المستقبل ويقطف من أغصانها العالية الفاكهة اللذيذة والزهور العطرة. عليه أن يسعى ليحول الصحراء القاحلة بإذن الله إلى أرض معمورة يعيش في ظل الأشجار والزهور والرياحين التي غرسها وزرعها عزيزا مكرماً مرفوع الرأس كما يجعل الآخرين ينعمون ويتمتعون بهذه الأشجار والزهور. إن الله يحب الأشخاص الخلّاقين المبدعين الساعين المجدّين ويعتبر الأشخاص الذين يقضون أوقاتهم في النوم والبطالة والأشخاص الكسالى والطفيليين أعداءً له لأن البطالة والكسل هما أساس جميع المساوئ والعيوب والقبائح والشرور. إن الكسل يلحق الضرر بإيمان الفرد وأخلاقه وبدنياه وآخرته، لاحظوا هذه الرسالة :
الرسالة:... أقسم بالله إني على وشك أن أصاب بالجنون، الشيطان يريد أن يقودني إلى خيانة الأمانة والسرقة، ماذا أفعل؟ لدي عائلة تحتاج إلى مصروف وأنا عاطل عن العمل، ليس لدي مورد مالي، ماذا أقول؟! كنت أعمل في محل لغسل الملابس، وكنت أحصل على مرتب جيد ولكن لكثرة ما واجهت من انتقادات من الاخرين الذين كانوا يلومونني ويقولون لي بأن عملك ليس له مستقبل مضمون وأنه عمل لا يناسبك ولا يناسب مكانة عائلتنا والعمل في هذا المجل يحط من مكانتنا أمام الآخرين ويجعلهم يستصغرون شأننا، فتركت عملي بدافع من السذاجة وعدم الوعي وبعد أن نفد صبري وضقت ذرعاً بانتقادات الآخرين وأصبحت الآن عاطلاً عن العمل. والآن أي مكان أذهب إليه طلباً للعمل فانهم يقولون لي ليس لدينا عمل لك أو يقترحون عليّ العمل بصورة مؤقتة. وهم غير مستعدين لتوظيفي بشكل دائم، أقسم بالله إن صبري نفد ولم أعد أتحمل... لقد بعت كل ما لدي لتأمين لقمة العيش - الضغوط تنهال علي من كل جانب، فعلي أن أسدد أقساط قرض الزواج وقرض كذا وقرض كذا.. وإيجار البيت ورسوم الماء والكهرباء وعليّ ان اشتري الملابس والأحذية لزوجتي والحليب والدواء لطفلي.. هذه المشاكل باتت تضيّق الخناق عليّ يوما بعد آخر... أنتم تقولون: اعملوا واحصلوا على الرزق الحلال، فاين هو العمل؟! دلوني على عمل يؤمن معيشتي ومستقبلي وأنا على استعداد للعمل بكل رغبة واشتياق، فهل حرام عليّ أن أؤمن حياتي ومعيشتي؟
أيها الأخ الكريم، أولاً لماذا تركت عملك نتيجة سماعك كلام هذا وذاك؟ ولماذا أقدمت على هذا العمل دون أن تفكر بعاقبة الأمر؟ فهل النظافة شيء قبيح لتكون مساعدتك في تأمين النظافة وتوفير الصحة والسلامة للناس أمراً سيئاً؟!
إن العمل الذي يكون بهدف خدمة الناس ويؤدى بصدق وإخلاص ودقة وأمانة، ليس قبيحاً ولا حقيرا أبداً. ومن المناسب أن نشير هنا إلى قصة عيسى عليه السلام وحوارييه. أتعلمون من هم الحواريون؟ الحواريون هم أول من آمن بعيسى عليه السلام، أتعرفون لماذا؟ لأنهم كانوا من الأصحاب الأوفياء لعيسى بن مريم عليه السلام وهاجروا معه إلى أماكن مختلفة وساعدوه في مهمة التبليغ ونشر دين الله وهداية الناس ولم يكونوا يقومون بعمل آخر غير هذا... فعندما كانوا يجوعون كانوا يخبرون عيسى عليه السلام بالأمر وكان عليه السلام يضرب بيده الأرض أينما كان في سهل أو في جبل فتظهر وبمعجزة من الله مائدة فيها خبز، رغيفان لكل منهم، فكان عيسى عليه السلام يعطي كل واحد من حوارييه حصته من الخبز فيأكل. وعندما كانوا يعطشون يقولون له، يا روح الله إننا نشعر بالعطش فكان عيسى عليه السلام أينما كان في سهل أو في جبل يضرب بيده الأرض فيخرج منها ماء زلال فيشربون، هذا النمط من العيش، العيش مع نبي لله وتناول رغيف من الخبز والشرب من ينبوع الإعجاز الإلهي أوجد فيهم حالة من الغرور والاعتداد بالنفس فقالوا له: يا روح الله! هل هناك من هم أفضل منا؟ إذا جعنا أكلنا رغيفاً من الخبز وإذا عطشنا شربنا الماء الزلال، إضافة إلى أننا آمنا بك وصدقناك واتبعناك، فمن هو أفضل منا؟؟ وكأنهم كانوا يتصورون أن ليس هناك على هذه الأرض من هو أفضل منهم. فقال لهم عيسى عليه السلام: أفضل منكم من يعمل ويأكل طعامه من تعبه وكد يمينه وعرق جبينه. بعد سماعهم هذا الكلام بدأ هؤلاء الحواريون يعملون ويشتغلون فكانوا يجمعون ملابس الناس الوسخة ويذهبون إلى ضفة النهر فيغسلونها حتى تصبح نظيفة ثم يعيدونها إلى أصحابها ويتقاضون أجرتهم على ذلك(1). فالحواري هو الذي يغسل الملابس ولهذا السبب سموا بالحواريين، وبهذا تلاحظون أن عيسى عليه السلام هذا النبي العظيم يقدس العمل ويحذر أصحابه من أن يأكلوا ويشربوا من غير كدّ وعمل وسعي ولذلك فإنهم بدأوا فورا بغسل الملابس دون أن يشعروا بأي خجل أو استصغار لشأنهم.
فهل العمل هو الذي يجعل الشخص يشعر بالخجل أمام الآخرين أم البطالة والفقر والفاقة؟!
إذا كنت أيها الأخ الكريم ترغب حقاً في العمل ولا تريد أن تقطف الثمر من شجرة لم تزرعها بيدك، فإن العمل متوفر في هذه اللحظة بالذات، وإذا بدأت بالعمل وأتقنت عملك وأظهرت الصدق والأمانة فيه فسوف تنمو وتتقدم وعندها ستتمكن من العيش بعزة وكرامة وقناعة. ولكني أستنتج من رسالتك بأنك تنفق راتبك قبل أن تحصل عليه وتحمّل نفسك أكثر من طاقتها، لماذا تشتري كل هذه الأشياء بالتقسيط؟! لماذا تجعل نفسك غارقاً في الديون لدرجة أنك تشعر الآن بالذل وعدم القدرة على تسديدها؟؟! لماذا تقول في رسالتك:
إذا لم أحصل على عمل بعد خمسة وعشرين عاماً عشتها بصدق وأمانة وبعد ثلاثة عشر عاماً من الدارسة والتحصيل العلمي، فقد ألجأ إلى السرقة وخيانة الأمانة وأضحي بكرامتي وسمعتي. أقسم بالله إني حتى الآن لم أمد بدي إلى أحد ولم أخن الأمانة ولم أظهر ضيق حالي ومسكنتي أمام أحد من الناس... إني أطلب العون منكم. لا أطلب منكم أذ تساعدوني مادياً! لا! بل أطلب منكم أن تنصحوني لكي لا يخدعني الشيطان. اطبوا من المسؤولين أن يؤمنوا لي عملاً ما، كما أرجو أن تنصحوا عائلتي وزوجتي بأن لا تلقي باللائمة عليّ ولا توجه لي الانتقادات اللاذعة وأن تقلل من طلباتها ولا تتوقع مني الكثير...
من... المسكين العاطل عن العمل - م
كلا! فأنت لست مسكيناً، المسكين الحقيقي هو الذي يبيع جوهرة الأمانة الثمينة للشيطان ويجعل نفسه يعيش حياته الخالدة (يوم القيامة) يواجه العذاب الدائم في نار جهنم. تصوراً منه في الوصول إلى حياة سعيدة وعيشة رغيدة هانئة في دار الدنيا. لأن الذي يخون الأمانة ويمارس السرقة فإنه يحشر يوم القيامة مع تلك الأشياء التي يسرقها ويفتضح أمره أمام الجميع وتسحبه ملائكة العذاب سحباً إلى جهنم، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 161]. كما أن اليد العاطلة عن العمل التي تمتد للسرقة جزاؤها أن تقطع بقوة القانون، وتدفن إلى الأبد، فالإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقول ما مضمونه: «خيانة الأمانة هي من أقبح الأخلاق والصفات»(2).
وجاء في الحديث أيضاً ما مضمونه: «الأمانة تجلب الغناء، والخيانة تجلب الفقر(3). فاتخذ أيها الأخ الكريم قرارك وعد إلى عملك السابق أو إلى أي عمل آخر، ففي الوقت الحاضر هناك إمكانية للعمل في المزارع. في مجال الأراضي وتمهيدها وزراعتها وبإمكانك أن تحصل على ضعف الأجر الذي تحصل عليه من قبل. المهم أن تكون مستعداً للقيام بعمل مفيد ونافع وتقديم لا تخلو من التعب والمشقة، تقديمها بدقة وصدق وأمانة وأن تحزم أمرك ولا تلتفت إلى ما يقوله الآخرون عنك ولتكن ثقتك بالله كبيرة، وكن على يقين بأنك إذا ما بدأت في السعي والعمل فإن جميع مشاكلك ستحل الواحدة تلو الأخرى وبكل سهولة ويسر.
_____________________________________
(1) راجع بحار الأنوار ، ج١٤ ص ٢٧٦ باب حواريي عيسى.
(2) غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي، عن أمير المؤمنين عليه السلام.
(3) بحار الأنوار ، ج75 ، ص114 باب50 ح6.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|