أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-08-2015
1363
التاريخ: 1-08-2015
2648
التاريخ: 1-07-2015
1611
التاريخ: 1-07-2015
1734
|
[ذُكر] في مباحث الوجود من الأمور العامّة من تحقيق مذهب الحكماء في حقيقة الوجود أنّ للوجود أفرادا حقيقيّة ، وأنّها حقائق مختلفة بالشدّة والضعف ، متّحدة مع الماهيّات في الخارج ، وزائدة عليها بحسب العقل فقط ، لا كما يقوله المتأخّرون من أنّ الوجود مفهوم مصدري اعتباري لا حقيقة له في الخارج ، وأنّ الماهيّة المتحقّقة في الخارج باعتبار صدورها عن الجاعل ونسبتها إليه وارتباطها به منشأ لانتزاع هذا المفهوم الاعتباري ؛ لئلاّ يلزم كونه اعتباريا محضا غير مطابق لما في نفس الأمر (1) ، ولا كما قاله الأشعريّ من كون الوجود مرادفا للماهيّة وعينا لها عينا وذهنا غير زائد عليها حقيقة ومفهوما (2) ، ولا كما نسبه صاحب الإشراق إلى المشّائين من كون الوجود زائدا على الماهيّة في الخارج قائما بها كالسواد والبياض (3) ؛ لفساد كلّ من هذه الثلاثة :
أمّا فساد الأخيرين فهو ظاهر ، ومع ظهوره
مفروغ عنه في مقامه ، وقد مرّ في الكتاب مستقصى هناك.
وأمّا الأوّل فلما أومأنا إليه هناك غير
مرّة.
وممّا يزيده بيانا أنّ حقيقة الجعل والصدور
لا تتصحّح مع اعتباريّة الوجود ؛ لأنّ محصّل ما يتصوّر ويعقل منهما ليس إلاّ الفيض
، ولا معنى لأن يفيض من شيء ما لا يكون هو أو سنخه فيه ، فلا معنى لفيضان ماهيّة
المجعول من ماهيّة العلّة ؛ لأنّ الماهيّات متضادّة متباينة موقوفة كلّ واحدة على
مرتبتها غير قابلة للتشكيك والاختلاف بالشدّة والضعف ليمكن اشتمال ماهيّة على
ماهيّة أخرى أو على سنخها أو شبهها ، فيعقل فيضان الأخرى من الأولى.
وما قالوا من أنّ معنى المجعوليّة هو أن
يجعل الجاعل الماهيّة بحيث ينتزع منها الوجود ، ليس بشيء ؛ لأنّ تلك الحيثيّة إن
كانت اعتباريّة أيضا ، فلا جدوى لها ، وإن كانت حقيقيّة من شأنها أن تفيض عن
الجاعل ، فلا نعني بحقيقة الوجود سوى ذلك ؛ لأنّ التي نقول بها ليست فردا ذاتيّا
للوجود المصدريّ ، بل هي فرد عرضيّ له يكون الوجود المصدريّ وجها من وجوهه ، وهي
متصوّرة لنا بهذا الوجه ، لا بكنه حقيقتها ، والذي لأجله فرّوا من كون الوجود ذا
فرد حقيقيّ هو توهّم قيامه على ذلك التقدير بالماهيّة بحسب الخارج قيام العرض
بالموضوع ، واستحالته ظاهرة على ما سبق. فأمّا إذا قلنا بكونه عين الماهيّة في
الخارج وزيادته عليها في العقل ، فلا مجال لقولهم (4) بالاستحالة.
وفرق بين قولنا : الوجود عين الماهيّة في
الخارج ، وبين قولنا : ليس في الخارج إلاّ الماهيّة ، فليتدبّر. والأوّل هو ما
نقوله. والثاني هو ما يقوله الانتزاعيّون.
فالحقّ الحقيق بالتصديق هو أنّ الفائض عن
العلّة والصادر عنها بالذات إنّما هو وجود المعلول، فإذا فاض الوجود من العلّة
وباينها بالعدد ، يلزم أن يكون له هويّة امتاز بها عن العلّة ، وهذه الهويّة
اللازمة هو المراد من الماهيّة ، فهذا الفائض من الجاعل أمر واحد في الخارج يحلّله
العقل إلى أمرين :
أحدهما : ما يعبّر عنه بالكون وهو المراد
من حقيقة الوجود.
وثانيهما : الكائن بهذا الكون ، وهو المراد
بالماهيّة ، فالمعبّر عنه بمنزلة ذات الشيء الموجود ؛ فإنّ الوجود بهذا المعنى
يرادف الذات ، والمعبّر به من عوارضه ، ولفظ الوجود اسم مشترك بين هذين المعنيين.
وما تواطئوا عليه ـ من كون الوجود مقولا بالتشكيك ـ هو الوجود بهذا المعنى لا
الوجود الانتزاعيّ ؛ إذ لا معنى لكون الكون المصدريّ قابلا للتشكيك ، بل هو في
الكلّ على السواء كما لا يخفى على الخبير ، فلنكتف هاهنا بهذا القدر من البيان ،
ومن أراد الاستقصاء فليراجع ما حقّقناه في تضاعيف مباحث الوجود ...
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الوجود العلّة أشدّ
لا محالة من الوجود المعلول.
والمراد من الشدّة هو كون الشيء بحيث ينتزع
منه أمثال شيء آخر ، فيكون الشيء الأوّل هو الشديد ، والثاني هو الضعيف ، فالأشدّ
ما كأنّه يشتمل على عدّة أمثال الأضعف ، فالوجود العلّة ـ لكونه أشدّ من الوجود
المعلول ـ يكون مشتملا على الوجود المعلول مع زيادة ، فالعلّة ـ التي هي مبدأ
للعلل كلّها وينتهي إليها جميع المعلولات ـ كأنّها تشتمل على المعلولات كلّها ، فهي
المعلولات كلّها بعنوان الوحدة ، وإذا صدرت عنها المعلولات وتباينت وتمايز بعضها
عن بعض، كانت جميعها هي العلّة بعنوان الكثرة من دون أن ينتقص من العلّة شيء ؛ إذ
المعلول ليس جزءا من العلّة وبعضا منها حقيقة ، بل إنّما هو أثر منها ، وظلّ لها ،
وما من المعلول في العلّة إنّما هو أصله وسنخه ؛ إذ فرق بين أن يفيض من شيء شيء ،
وبين أن يقسّم شيء إلى شيء ، ومفاد العلّيّة والتأثير إنّما هو الأوّل لا الثاني ،
فالوجود الواجبيّ يشتمل على جميع وجودات الممكنات التي هي عبارة عن ذواتها ، لا
أقول : عن ماهيّاتها إذ فرق بين الماهيّة والذات على ما عرفت ، فعلمه تعالى بذاته
عين العلم بجميع ذوات الأشياء ، وهذا هو المراد من كون ذاته تعالى علما إجماليّا
بالأشياء وعقلا بسيطا لها على معنى ما حصّلناه من كلام الشيخ ...
فظهر أنّه لا يعزب عن هذا العلم ـ الذي هو
عين ذاته ـ مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء بلا تكلّف وتجوّز ، لكن لمّا لم
يمكن التميّز بين أمثال الضعيف التي يشتمل عليها الشديد في الخارج؛ لكونها متّحدة
بحسبه ، بل هي ـ من حيث هي متميّزة ـ إنّما هي في العقل ، لم يكف هذا العلم في
صدور النظام من حيث هو نظام ؛ لاستدعائه التفصيل كما عرفت أيضا وإن كان هذا العلم
علما بالماهيّات أيضا من وجه لكن ليس علما بها من حيث هي ماهيّات ؛ حيث لم تتميّز
الماهيّة عن الوجود بحسب الخارج ، بل إنّما يتميّز عنه في العقل فقط ، وفي العقل
البسيط لا يكون تميّز أصلا لا بين وجود ووجود ، ولا بين وجود وماهيّة ، فبالاضطرار
لزم القول بالعقل التفصيليّ المتحقّق بحصول صور الماهيّات في العاقل متميّزا بعضها
عن بعض وعن الوجود في علمه تعالى بالأشياء.
وهذان العلمان هما المشار إليهما بالكلّ
الأوّل والكلّ الثاني في كلام الفارابيّ في الفصوص على ما نقلناه (5).
وينبغي أن يعلم أنّ هذا الحصول ليس هو
بالمعنى المشهور ؛ فإنّ المتبادر من الحصول في المشهور هو أن يكون الصور حاصلة من
الأشياء في العاقل وفيما نحن فيه الأشياء حاصلة من الصور في الخارج ، وجميع
المفاسد ـ التي أوردوها على القول بالعلم الحصوليّ في الواجب ـ مبنيّة على
الاشتباه بين هذين المعنيين للحصول ، فعلى هذا لو قال قائل : إنّ علمه تعالى
بالأشياء ليس حصوليّا كما أنّه ليس بحضوريّ ، لكان صوابا من هذا الوجه.
__________________
(1) هذا القول للسهرورديّ وأتباعه. انظر « شرح حكمة
الإشراق » لقطب الدين الشيرازيّ : 185 ـ 191 ؛ « التلويحات » ضمن « مصنّفات شيخ الإشراق
» 1 : 39 و 411 ؛ « شرح المنظومة » قسم الحكمة : 10 ـ 11.
(2) « المباحث المشرقيّة » 1 : 130.
(3) « حكمة الإشراق
» ضمن « مجموعة مصنّفات شيخ الإشراق » 2 : 65 ـ 66.
(4) في « شوارق الإلهام » : « لتوهّم » بدل « لقولهم ».
(5) انظر ص 192 من هذا الجزء.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|