أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-12-2015
![]()
التاريخ: 10-12-2015
![]()
التاريخ: 27-12-2021
![]()
التاريخ: 10-1-2016
![]() |
ورد هذا الاستعمال في القرآن الكريم اكثر من أربعين مرّة ولم يرد العقل كاسم في الكتاب المجيد، والسر هنا نفسه في موضوع التفكر الذي سبق وان اشرنا اليه. وقبل ان نلج في صميم الموضوع نطرح الملاحظات التالية.
الاولى : يرد هذا الاستعمال في القرآن الكريم ضمن منظومة الطرق المعرفيّة الاخرى التي يتبناها القرآن الكريم (يتفكرون، يعلمون، يسمعون ...).
قال تعالى : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل : 10 ، 11]، {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل : 12] ، {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} [النحل : 13]
وعلى هذا المنحى (الروم، 20، 21، 22، 23، 24)، (الرعد 3، 4) ومواضع اخرى من القرآن ضمن عرض كوني حاشد بالمشاهد والظواهر الكونية والتاريخيّة والحياتية، حيث نلتقي بنسيج متشابك ومتعاضد من وظائف ونشاطات وفاعليات جهاز التفكير الخالد، أي العقل الانساني.
الثانية : ويرد هذا الاستعمال في سياق كيانه المتفرد، وفي هذا آيات قرآنية كثيرة نذكر بعض الامثلة السريعة :
قال تعالى : {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [القصص : 60]
وقال تعالى : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت : 63]. أي لا يعقلون حق التعقل.
وقال تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف : 2]
الثالثة : ويرد هذا الاستعمال وقد مهّد له بذكر الحواس، مما يكشف عن نظرة قرآنيّة متماسكة للعلاقة الجدليّة بين العقل والحواس.
قال تعالى : {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [البقرة : 171]، { إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال : 22]
وقبل ان نودع هذه الفقرة ندرج الاشارات الضرورية الآتية لفهم الموضوع الذي نحن في صدد بيانه وفهمه.
ملاحظة اولى :
ان (يعقلون) قد يأتي بمعنى يفهمون كما في قوله تعالى : {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة : 58]، وكما في قوله تعالى : {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت : 63].
ملاحظة ثانية :
ان (لا يعقلون) لا تنفي وجود العقل، كما انها لا تنفي عملية التفكير أو التعقل، وانما تشير الى عدم الفهم، أو التفكير بصورة خاطئة أو بطريقة غير سليمة {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [البقرة : 171]، والا فهم يسمعون ويتكلمون وينظرون.
ملاحظة ثالثة :
ان التعقل الدقيق والذي يؤدي الى نتائج مضبوطة وناضجة وذات مستوى رفيع على صعيد الفكر يستوجب وعيا بالحقائق والمعطيات، وهذا ما تكشفه الآية الكريمة ... { وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } [العنكبوت : 43].
الرابعة : وكما ان عمليّة التعقل تحتاج أو تمارس بواسطة العقل والحواس من خلال تفاعل جدلي ومتداخل بين الجانبين، فانها تحتاج الى مادّة جاهزة تتحرك على ساحتها وبدون هذه المادّة تستحيل عمليّة التعقل هذه.
المادّة هذه يعبر عنها القرآن الكريم ب (الآيات).
قال تعالى : { يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [البقرة : 242]
الخامسة : ان عملية التعقل هذه ممارسة اختياريّة، أي منوطة بإرادة الانسان واصراره، والانسان مزود بكل الاجهزة والشروط والضرورات التي تمكنه من هذه العمليّة ... {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
لو نظرنا في هذه المصفوفة من الملاحظات في خصوص (التعقل) لوجدنا أنها نشاط عقلي محفوف بكل لوازمه وشروطه، فهو في القرآن عمل عظيم ذو نتاج رائع اذا روعيت الحكمة واتبع في ذلك ميزان دقيق، ولكي تتضح الصورة اكثر نجيب عن السؤال التالي :
ما هي موضوعات التعقل في القرآن؟
أولا : مظاهر الحياة الدنيا حيث يفيد الوعظ والارشاد والتبصر.
ثانيا : احكام الشريعة ومقاصدها الاجتماعيّة والفردية.
ثالثا : صلاحيّة الكون للانسان (التسخير).
رابعا : تنوع الحياة النباتيّة وتسببها عن الماء (يسقى بماء واحد).
خامسا : إحياء الارض بعد موتها بالماء وهو غير انبات الزرع كما هو معلوم. راجع (الروم 24، البقرة 164، العنكبوت 63، الجاثية 5) وهناك آية تجعل هذا الموضوع ميدانا لغير التعقل وهي قوله تعالى {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [النحل : 65].
ولكن نحن نعلم ان السمع والتعقل كثيرا ما يتعاطفان في الآية الواحدة في الموضوع الواحد بواسطة الحرف (او) الامر الذي يفيد التقارب والتماس في المعنى والمهمّة. (الملك 10، الفرقان 44، يونس 42).
سادسا : الاجرام العلوية والارض مما تشتمل عليه تراكيبها من بدائع الخلق وعجائب الصنع، من صور تقوم بها أسماؤها ومواد تتألف منها ذواتها وتحوّل بعضها الى بعض. وهو المستفاد من قوله {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة : 164]
سابعا : حركة الخلق الانساني (المخلوق الانساني) وتطوره المذهل البقرة 164. عبر مقاصد جوهرية في تكوينه العضوي والروحي غافر/ 67.
اذن التعقل عملية فكريّة تشمل أو يمكن ان تشمل أهم مفردات الوجود، عمليّة فكريّة آلتها الحس والعقل ، ميدانها الكون والتاريخ والحياة والأخلاق ، تبدأ من امور معلومة واضحة للوصول الى نتائج غائبة . وهو بهذا كالتفكر، ولكن كما يبدو انه أعمق منه ، وسنعود الى هذا الموضوع .
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|