أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-09-2015
![]()
التاريخ: 27-2-2016
![]()
التاريخ: 13-10-2014
![]()
التاريخ: 2024-09-02
![]() |
أهمّية هذا الثنائي في كتابيه المشهورين «البرهان» و«الإتقان» أنّه يقدّم خلاصة استعراضية لما بلغه الفكر القرآني من تطوّر إزاء المسألة التي يبحثها. وهذا ما فعله بشأن مقولة البطون أسوة ببقية ما عرض إليه من مباحث ومقولات.
في أوّل إشارة للزركشي إلى الظاهر والباطن ينقل لنا كلام القاضي أبي بكر بن العربي (468- 543 هـ) عن كتابه «قانون التأويل» من أنّ علوم القرآن هي بعدد كلم القرآن مضروبة في أربعة، لأنّ لكلّ كلمة بالمطلق ظاهر وباطن وحدّ ومطّلع، ممّا يؤدّي أن تكون أعماقه وبطونه ومعانيه وفهومه ما لا يحصاه أحد «ولا يعلمه إلّا اللّه» (1). ثمّ ينعطف بعدئذ لمقاربات اخر مؤدّاها أنّ القرآن يضمّ أمّهات العلوم على اختلاف بين المصنفين في ذكرها، وما دام كذلك : «فإنّ القرآن لا يستدرك، ولا تحصى غرائبه وعجائبه ؛ قال تعالى : {وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ}[ الأنعام : 59] » (2).
في موضع آخر يتوفّر على نقل كلام الغزالي في الموضوع عن كتابيه «جواهر القرآن»، ثمّ الفصل المخصّص للقرآن في المجلد الأوّل من «إحياء علوم الدين» ليخلص في تفسير البطون تبعا له ووفاقا للتكييفات التي مرّت، ومنها أنّ القرآن كلام اللّه، وكلامه صفته، وحيث لا نهاية لصفته ولا أمد لها لأنّها مطلقة، فلا حدّ لكلامه، وبالنتيجة يستبطن هذا الكلام بطونا وفهوما متعدّدة : «لو أعطي العبد بكلّ حرف من القرآن ألف فهم لم يبلغ نهاية ما أودعه اللّه في آية من كتابه، لأنّه كلام اللّه، وكلامه صفته، وكما أنّه ليس للّه نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه». وعلى الغرار ذاته ما يفعله في تفسير البطون على أساس أفعال اللّه وصفاته، من حيث أنّ القرآن شرح للذات والصفات والأفعال، والعلوم كلّها داخلة في أفعال اللّه وصفاته، فهو إذن ينطوي على أعماق وأغوار وبطون لا تنتهي (3).
في المجلد الثاني، تحديدا في النوع المخصّص لتفسير القرآن وتأويله، يرجع الزركشي إلى الغزالي مجدّدا ويخصّص له فصلا يلخّص به لباب أقواله في البطون وما ينطوي عليه القرآن من فهوم إشارات ولطائف وحقائق، ثمّ والأهمّ من ذلك طبيعة العلاقة بين الظاهر والباطن (4).
هكذا نخلص من هذه الإلماعة السريعة إلى هيمنة مشرب الغزالي ومنحاه على معالجة الزركشي لمقولة الظهر والبطن؛ فما ذا عن السيوطي؟
في موضع من أحد موضعين أساسيين تناول فيهما المسألة تابع السيوطي الزركشي في نقل أقوال القاضي ابن عربي وابن جرير وغيرهما (5)، ومع إضافات اخرى من قبيل ما نقله عن الراغب، في قوله : «وجعل من معجزة هذا الكتاب أنّه مع قلة الحجم متضمّن للمعنى الجمّ، بحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه، والآلات الدنيوية عن استيفائه كما نبّه عليه بقوله : {وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ}[ لقمان : 27] » (6).
وما عن أبي نعيم وغيره، قال : قيل لموسى عليه السّلام : «يا موسى إنّما مثل كتاب أحمد في الكتب بمنزلة وعاء فيه لبن، كلّما مخّضته أخرجت زبدته» (7). فهذين النصّين- وغيرهما ممّا ذكر- يثبتان أنّ للقرآن أعماقا وأغوارا وبطونا من دون تحليل الظاهرة إلّا بحملها على معجزة النص القرآني كما عند الراغب، أو بأنّ ذلك
خصلة في بنيته وتكوينه كما في التشبيه الموسوي.
بيد أنّه في الموضع الآخر عمد في البدء إلى نقل الأحاديث التي تنصّ على أنّ لكلّ آية ظهرا وبطنا، ثمّ تناول الوجوه في معناه، وأبرزها ما يلي :
1- إنّك إذا بحثت عن باطنها (الآية) وقسته على ظاهرها، وقفت على معناها.
2- ما من آية إلّا عمل بها قوم، ولها قوم سيعملون بها. والأوّل الظاهر والثاني الباطن.
3- إنّ ظاهرها لفظها، وباطنها تأويلها.
4- ما نقله محكيّا عن ابن النقيب من أنّ ظهر الآية ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظاهر، وبطنها ما تضمّنته من الأسرار التي أطلع اللّه عليها أرباب الحقائق.
5- إنّ ما قصّه اللّه من قصص الأمم الماضية وما عاقبهم به، ظاهره الإخبار بهلاك الأولين وباطنه وعظ الآخرين.
6- الظاهر هو التلاوة، والباطن الفهم.
7- ما نقله عن تاج الدين بن عطاء اللّه (ت : 709 هـ) من أنّ الظاهر هو مراد الآيات بموضوعاتها ودلّت عليه في عرف اللسان، وثمّ وراء ذلك أفهام باطنة تفهم من الآية.
8- يلخّص ما ذكره الغزالي في «الإحياء» من رؤى وأفكاره ونقول ونظرات عن المقولة، وطبيعة العلاقة بين الظاهر والباطن (8).
يبقى أن نشير إلى أنّ الذي قاد السيوطي لفتح ملف الظاهر والباطن في هذا الموضع هو تقويمه لتفسير الصوفية والباطنية وما أثاره من جدل في الفكر القرآني، خاصّة مع احتجاجهم بأحاديث البطون واستنادهم إليها في تبرير أقاويلهم في معاني القرآن، ممّا سنأتي عليه في المحور اللاحق.
أغلب الأقوال التي ذكرها السيوطي تحمل البطون على مقولة المفاهيم، وترجع تفسيرها إلى بنية النص القرآني وتركيبته الخاصّة وما ينطوي عليه من دلالات، مع إيماءات ترجعها إلى مصدر ما ورائي وإلى حقيقة أو سر وراء التكوين الحروفي واللفظي، كما هو الحال في قولي ابن النقيب (الرابع) وابن عطاء (السابع) مضافا إلى الغزالي.
_______________________
(1)- البرهان في علوم القرآن 1 : 38.
(2)- البرهان في علوم القرآن 1 : 42.
(3)- نفس المصدر : 536- 537.
(4)- نفس المصدر 2 : 170 فما بعد.
(5)- الإتقان في علوم القرآن 4 : 37- 48.
(6)- الإتقان في علوم القرآن 4 : 36- 37.
(7)- نفس المصدر : 37.
(8)- نفس المصدر : 225- 227، وما نقله عن الغزالي ملخصا جاء في الصفحة 390.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|